ن. تايمز: واشنطن كانت على علم بقتل حرس الحدود السعودي للمهاجرين الأفارقة منذ 2022

الأحد 27 أغسطس 2023 08:22 ص

كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة تلقت معلومات عبر الأمم المتحدة وآخرين، خلال الخريف الماضي، عن استخدام حرس الحدود السعودي، والذي يتلقى أسلحة وعتادا أمريكيا بانتظام، كانوا  يستخدمون القوة المميتة ضد المهاجرين الأفارقة الذين كانوا يحاولون دخول المملكة من اليمن، ما يعني أن واشنطن كانت على علم بكل التفاصيل التي نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤخرا وأثارت جدلا حقوقيا حول العالم.

وأوضح التقرير، الذي كتبه كل من بن هوبارد وإدوارد وونج وأسهم فيه شعيب الموساوي ومارك مازيتي، أن الدبلوماسيون الأمريكيون حصلوا على معلومات في ديسمبر/كانون الأول الماضي من طرف خبراء بالأمم المتحدة قدموا لهم وقائع تفيد بإطلاق القوات السعودية النار على مهاجرين أفارقة وقصفهم بالمدفعية، ما خلف العديد من القتلى والجرحى، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وشخص حضر الاجتماعات، وجميعهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى الصحفيين.

وتقول الصحيفة إنه في الأشهر التي تلت ذلك، لم ينتقد المسؤولون الأمريكيون سلوك السعوديين علنًا، على الرغم من أن مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية قالوا، الأسبوع الماضي، في أعقاب تقرير "هيومن رايتس"، إن الدبلوماسيين الأمريكيين أثاروا القضية مع نظرائهم السعوديين وطلبوا منهم التحقيق.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت تلك المناقشات قد أثرت على التصرفات السعودية.

ومن بين الذين أطلعهم مسؤولو الأمم المتحدة على جريمة القتل في ديسمبر الماضي، كان ستيفن فاجن، سفير الولايات المتحدة إلى اليمن، وفقًا لشخص كان حاضرًا.

وقال هذا الشخص إنه في ذلك الوقت، شاركت الأمم المتحدة أيضًا المعلومات مع آخرين في وزارة الخارجية ومع دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وهولندا والسويد والاتحاد الأوروبي.

إشارة سابقة

وأوضحت "نيويورك تايمز" أنه في يناير/كانون الماضي، أشار ريتشارد ميلز، نائب ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بشكل غير مباشر إلى هذه القضية، قائلاً في مؤتمر صحفي لمجلس الأمن حول اليمن: "إننا لا نزال نشعر بالقلق إزاء الانتهاكات المزعومة ضد المهاجرين على الحدود مع المملكة العربية السعودية".

وأضاف ميلز: "إننا نحث جميع الأطراف على السماح لمحققي الأمم المتحدة بالوصول إلى جانبي الحدود لإجراء تحقيق شامل في هذه الادعاءات"، دون الإشارة إلى أن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين والأمم المتحدة علموا مؤخرًا أن العديد من الأفارقة قُتلوا على حدود المملكة.

وقالت الصحيفة إن وزارة الخارجية الأمريكية أرسلت بيانا إليها، عقب نشر المقال، قالت فيه إن واشنطن  علمت باتهامات محددة بعد أن نشرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان علنًا رسائل أرسلتها بشأن هذه القضية إلى المملكة العربية السعودية والمسؤولين الحوثيين في اليمن في أواخر عام 2022.

وأضاف البيان: "سارعت الولايات المتحدة إلى التواصل مع كبار المسؤولين السعوديين للتعبير عن قلقنا"، مضيفة أن المسؤولين الأمريكيين "واصلوا إثارة مخاوفنا بانتظام مع الاتصالات السعودية"، بما في ذلك في الإحاطة الإعلامية لمجلس الأمن في يناير.

توتر أمريكي سعودي

وأشارت الصحيفة إلى أنه في أواخر العام الماضي، وفي الوقت الذي كان فيه الدبلوماسيون الأمريكيون على علم بالعنف على الحدود، اتهم بايدن السعودية بالعمل ضد المصالح الأمريكية في قضايا أخرى.

وكان القادة السعوديون قد خفضوا إنتاج النفط، مما أثار مخاوف من اشتعال أسعار النفط العالمية قبل الانتخابات النصفية، واعتقد مسؤولو إدارة بايدن أنهم توصلوا إلى اتفاق سري للسعوديين لزيادة الإنتاج، وتعهد بايدن بفرض "عواقب" على الرياض.

ومما زاد من توتر العلاقات أن السعودية رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، علاوة على أن واشنطن اعتبرت أن قرار خفض إنتاج النفط يدعم الاقتصاد الروسي الذي يعتمد على صادرات النفط والغاز.

لكن في الأشهر الأخيرة، تحدث بايدن ومساعدوه مع المسؤولين السعوديين حول إقامة بلادهم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهو ما سيكون بمثابة انقلاب جيوسياسي كبير.

وفي تلك المناقشات، طلب السعوديون من الولايات المتحدة ضمانات أمنية، وأسلحة أكثر فتكا، والمساعدة في برنامج للطاقة النووية.

وقد يتحدث بايدن مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية، على هامش قمة القيادة لمجموعة العشرين الشهر المقبل في نيودلهي، الهند، كما يقول التقرير.

وانتقد بعض أعضاء الكونجرس، ومعظمهم من الديمقراطيين، السعودية بشدة بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك حربها المستمرة منذ سنوات في اليمن.

ويقول التقرير إنه من المؤكد أن هؤلاء المشرعين سيثيرون المزيد من الشكوك حول بيع المزيد من الأسلحة إلى المملكة أو العمل معها في برنامج نووي مدني، والذي يخشى بعض المسؤولين الأمريكيين أن يكون غطاءً لبرنامج أسلحة نووية.

لغة المال

وتقول "نيويورك تايمز" إن انتهاكات الحقوق، مهما كانت جسيمة، نادرا ما تحظى بالأولوية عندما يتعامل الدبلوماسيون مع نظرائهم من الشركاء الأثرياء مثل السعودية.

وتدعو معظم الجهود الرامية إلى المساءلة أولاً السعودية إلى التحقيق مع نفسها، وهو ما لم تبدِ استعداداً كبيراً للقيام به.

وما يحد من الاهتمام بعمليات القتل هو موقعها، في منطقة حدودية يتعذر الوصول إليها، حيث لا يستطيع الصحفيون والناشطون وغيرهم من المراقبين المستقلين مشاهدة الأحداث.

ويلعب التعب بين المانحين والجمهور من حرب اليمن المعقدة المستمرة منذ ثماني سنوات دورًا أيضًا، وكذلك حقيقة أن المهاجرين الإثيوبيين الذين يعبرون اليمن من غير المرجح أن يظهروا في أوروبا، حيث يتعامل الغرب مع الأمر على أنه ليس أولوية.

توثيقات سابقة

وقد وثّقت جماعات حقوق الإنسان منذ فترة طويلة التهديدات التي يواجهها المهاجرون من شرق أفريقيا الذين يعبرون خليج عدن إلى اليمن ويتجهون شمالاً نحو  السعودية، حيث يأملون في العثور على عمل أو الهروب من الاضطهاد السياسي.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أفادت مواطنة أنه تم العثور على جثث نحو 30 مهاجراً يمنياً وإثيوبياً، في 12 مايو/أيار 2022، في الجانب السعودي من الحدود، وبعضهم يحمل آثار طلقات نارية أو آثار تعذيب.

وقد ذكر تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول تصرفات السعودية في عام 2022 شهادة تلك المواطنة في فقرة.

وخلص مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة إلى أن ما لا يقل عن 788 مهاجرا لقوا حتفهم بالقرب من الحدود السعودية في عام 2022، معظمهم بسبب المدفعية أو إطلاق النار. وقالت المنظمة إن العدد الفعلي للقتلى من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واجه فريق من خبراء الأمم المتحدة السعودية بتقارير مشابهة لما كشفت عنه "هيومن رايتس ووتش" لاحقا.

وأشاروا إلى مزاعم بأن حرس الحدود أطلقوا النار على المهاجرين، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 430 شخصًا في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022، واغتصبوا النساء والفتيات، وأعادوا بعضهم إلى اليمن عراة.

وقال الخبراء إنه إذا تأكدت هذه الحوادث، فإنها تشير إلى "سياسة متعمدة لاستخدام القوة المميتة على نطاق واسع وعشوائي ومفرط" لردع المهاجرين، وحثوا السعودية على كبح جماح قواتها.

ونفت المملكة هذه المزاعم وقالت إنها بحاجة إلى مزيد من التفاصيل من أجل التحقيق.

صعوبة في الضغط

وقالت نادية هاردمان، الباحثة الرئيسية في تقرير هيومن رايتس ووتش، إن الحكومات الغربية تجد صعوبة في كيفية الضغط على السعودية بشأن حقوق الإنسان.

وفي مقابلة هاتفية، قال موريس تيدبول بينز – المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً – وهو أحد الموقعين على رسالة الخبراء الموجهة إلى الحكومة السعودية، إنه لم يتفاجأ بأن هذه القضية لم تحظ باهتمام كبير .

وأضاف أن الأحداث وقعت في مكان بعيد، "حيث لا تُعرف السلطات بالتزامها الكبير باحترام وحماية حقوق الإنسان".

لكنه قال إنه يأمل أن تؤدي زيادة التدقيق العام إلى إحداث فرق.

وعن الرد السعودي، قال بينز: "رد الفعل الفوري بالإنكار هو رد فعل نموذجي، لكنني ما زلت آمل أن نرى بعض التحسينات فيما يتعلق باحترام، إن لم يكن حماية، هؤلاء المهاجرين".

المصدر | نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الأمريكية حرس الحدود السعودي مهاجرون إثيوبيون مهاجرون أفارقة الحدود اليمنية السعودية

سيناتور بالكونجرس يطالب بتحقيق أمريكي في اتهامات قتل السعودية لمهاجرين أفارقة