مصر تواجه مشكلات اقتصادية عدة.. هذه تداعياتها

السبت 2 سبتمبر 2023 07:32 ص

ماذا يعني أن دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 113 مليون نسمة تقترب من الانهيار الاقتصادي؟، وعلى من يحمل المصريون مسؤولية الأزمة؟.

أسئلة عدة طرحها تقرير لموقع "سي إس مونيتور"، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن اللوم يقع على عاتق الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي استولى على السلطة في ثورة مضادة عام 2013، ووعد بالاستقرار والازدهار، دون أن يحقق ذلك.

وسجلت مصر في يوليو/تموز، معدل تضخم سنوي قياسي بلغ 38.2%، بعد أن سجلت الرقم القياسي السابق (36.8%) في يونيو/حزيران، وذلك بعد أن شهد الجنيه المصري سقوطا حرا، فقد خلاله نحو 50% من قيمته مقابل الدولار، منذ مارس/آذار 2022.

كما تعاني مصر من نقص في العملة، مع استمرار ارتفاع تكلفة السلع المستوردة، وخاصة القمح.

ويرى التقرير أنه مع أن اللحوم والدواجن والبيض أصبحت الآن بعيدة عن متناول الأسرة المتوسطة، فإن الحكومة تشجع المواطنين على تناول أقدام الدجاج، والتي قد يكون من الصعب العثور عليها في بعض الأحيان بسبب الطلب.

وينوه أن البلد المثقل بالديون، وأكبر مقترض من صندوق النقد الدولي، أصبح على حافة التخلف عن السداد، حيث أن 40% من موازنة مصر تخدم ديونها.

ويتعثر تسلم قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وهو قرض تشتد الحاجة إليه، بسبب رفض الحكومة تنفيذ الإصلاحات.

وكذلك كان انسحاب روسيا من صفقة حبوب البحر الأسود الشهر الماضي، بمثابة ضربة أخرى لبلد حصل على 80% من الحبوب والقمح من أوكرانيا وروسيا.

وكان الجنرال السيسي شرع في تنفيذ سلسلة من المشاريع الضخمة الطموحة والمكلفة، حيث استخدم الأموال المقترضة، في بناء مدينة إدارية في الصحراء بقيمة 58 مليار دولار، ووسع قناة السويس بتكلفة 8.2 مليارات دولار، بالإضافة إلى الطرق السريعة والمناطق السياحية الساحلية.

ويقول المحللون إن هذه المشاريع أفادت الشركات المملوكة للجيش وحلفائه، مما عزز شبكة محسوبيته وقبضته على السلطة.

ومع عبء الديون الثقيل وانكماش القطاع الخاص، كانت البلاد عرضة للصدمات الاقتصادية الناجمة عن وباء (كوفيد-19) وحرب أوكرانيا.

ومع ارتفاع معدلات الفقر ونضال الأسر من أجل إطعام نفسها، بلغت الانتقادات الموجهة للرئيس أعلى مستوياتها على الإطلاق.

ويشير التقرير إلى تكاثر المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي والكتابات على الجدران التي تنتقد السيسي، وهي أفعال يعاقب عليها بالسجن مدى الحياة.

وتحث شخصيات عامة السيسي على عدم الترشح لولاية ثالثة، كما تنتقد الصحف الموالية للنظام والنقاد وحتى أعضاء البرلمان سياساته الاقتصادية علناً، مما دفع الرئيس إلى الاتصال ببرامج حوارية للدفاع عن سجله.

ومع ذلك، لا يرجح التقرير أن ينتفض المصريون ضد السيسي، فقد تم حظر الجماعات السياسية وجماعات المجتمع المدني والناشطين أو نفيهم أو سجنهم أو قتلهم.

في المقابل، شهد عام 2022 بالفعل رقما قياسيا بلغ 22 ألف مصري يهاجر إلى أوروبا، معظمهم عن طريق القوارب، حتى باتت مصر أكبر بلد منشأ للهجرة غير النظامية إلى أوروبا، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

ويقول الخبراء إن هذا الرقم من المقرر أن يتم تجاوزه في عام 2023.

ووفقا لخبراء "يبدو الوضع ميئوسا منه على نحو متزايد، ولهذا السبب نشهد زيادة طفيفة في الهجرة غير الشرعية من مصر، وهو أمر لم نشهده من قبل على الإطلاق".

وفي يونيو/حزيران، كان ما يقدر بنحو 200 مصري من بين أكثر من 600 شخص لقوا حتفهم في مأساة انقلاب قارب أدريانا بالقرب من اليونان، وهي أعنف كارثة لقوارب المهاجرين في التاريخ الحديث.

وفي إشارة لسوء الأوضاع، يفيد التقرير أنه بالرغم من الوفيات في البحر، ما زال المصريون يبيعون المنازل والأراضي ويأخذون القروض لدفع رسوم تتراوح بين 4000 إلى 5000 دولار للمهربين لتهريبهم من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.

وأمام ذلك، يصر صندوق النقد الدولي ودول الخليج على أن تقوم مصر بإصلاحات هيكلية وإدخال سعر صرف مرن قبل تزويدها بأموال إضافية، وهي إجراءات لا يستطيع السيسي القيام بها أو لا يرغب في القيام بها.

ويشير التقرير أنه بدلاً من تخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد، وهو متطلب أساسي لصندوق النقد الدولي، تعمل الحكومة على التوسع، حيث اشترت الشركات التابعة للجيش مؤخراً حصة قدرها 20% في شركة الطاقة المحلية.

وفي هذا السياق تحجم دول الخليج، التي ضخت 40 مليار دولار إلى مصر منذ صعود السيسي إلى السلطة، عن شراء أصول الدولة في البلاد لتكافح مصر من أجل جمع الأموال.

ووفقا لخبراء فإنه من الصعب إعطاء الأموال لـ"نظام فاسد" أشعل النار في مبلغ هائل من المال، ولم يُظهر سوى القليل من الاهتمام بتغيير نهجه، وهي الخطوة الأساسية نحو الإصلاح.

وبدلا من ذلك، أبدى الحلفاء والدول المجاورة استعدادا لتقديم ما يكفي من المساعدات لتفادي الانهيار، ولكن ليس بما يكفي لتمكين سياسات السيسي.

ويورد التقرير عددا من أمثلة هذه المساعدات مثل الاتفاق مع صندوق أبوظبي للتنمية في الإمارات للحصول على منحة بقيمة 400 مليون دولار للمساعدة في دفع ثمن واردات القمح خلال الخريف.

ومع ذلك، فإن الكثير من هذه المساعدات يقابلها جزئياً ارتفاع بنسبة 8.6% في أسعار القمح العالمية، بسبب انسحاب روسيا من صفقة الحبوب المدعومة من الأمم المتحدة.

ومع عدم وجود منقذين بقيمة مليار دولار في الأفق، فإن مقولة ما إذا كانت مصر "أكبر من أن يُسمَح لها بالإفلاس" ستكون موضع اختبار في الأشهر المقبلة، وكذلك الحال مع صبر المصريين.

المصدر | تايلور لاك/ سي إس مونيتور – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الاقتصاد الجيش السيسي