تهافت علمي على تمويل سعودي "سخي" لأبحاث الشيخوخة

الجمعة 1 سبتمبر 2023 07:30 ص

سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على تخصيص المملكة العربية السعودية مبالغ ضخمة لأبحاث الشيخوخة، التي تهدف إلى إطالة عمر الإنسان، مشيرة إلى أن ولي عهد المملكة الأمير، محمد بن سلمان، اعتمد أكثر من مليار دولار لهذا الغرض.

وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الأبحاث الممولة سعوديا موكلة لمؤسسة "هيفوليوشن" لتطوير علاجات جديدة للشيخوخة، ما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في التمويل العالمي المتاح للأبحاث المتعلقة ببيولوجيا طول العمر، والذي يموله الآن بشكل رئيسي المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة.

وأضافت أن احتمال حدوث زيادة هائلة في التمويل في هذا المجال، الذي تتضاءل ميزانياته مقارنة بالأبحاث المتعلقة بأمراض مثل السرطان، يثير ضجة بين العلماء الذين يدرسون الشيخوخة، ومنهم ستيفن أوستاد، الباحث بجامعة ألاباما في برمنجهام والمدير العلمي الأول في الاتحاد الأمريكي لأبحاث الشيخوخة.

وقال أوستاد: "العاملون في هذا المجال يحبسون أنفاسهم ليروا كيف سيتم إنفاق الأموال"، مشيرا إلى أن الاتحاد الأمريكي لأبحاث الشيخوخة (منظمة غير ربحية) تلقى تمويلًا بقيمة 7.76 مليون دولار من مؤسسة هيفوليوشن.

يقول الرئيس التنفيذي للمؤسسة، محمود خان، إن الكثير من أموال المنح الأولية من المرجح أن ينتهي بها الأمر في الجامعات والشركات الناشئة في الولايات المتحدة، "حيث يحاول العلماء تطوير علاجات تبطئ أو تمنع أو حتى تعكس عملية الشيخوخة لدى البشر".

ويقول مارتن بورش جنسن، كبير المسؤولين العلميين في شركة جورديان للتكنولوجيا الحيوية، ومقرها سان فرانسيسكو، ورئيس مجموعة نورن، وهي منظمة أمريكية غير ربحية لها برنامج منح ساهمت فيه شركة هيفوليوشن بمبلغ 7 ملايين دولار: "إن ذلك يخلق وضعًا تمويليًا أكثر مثالية".

والتحدي الأكبر الذي يواجه شركة هيفوليوشن هو كيفية إنفاق أموالها في مجال لا يزال صغيرًا نسبيًا وفي عالم ينظر فيه الكثيرون إلى أي شيء تفعله المملكة العربية السعودية بعين الريبة، ولذا كان بعض الباحثين مترددين في إقامة علاقات مع النظام الملكي المطلق الذي لا يتسامح مع أي معارضة في الداخل، ورفضه الغرب بعد مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، وتقطيع أوصاله في عام 2018.

وعزز من هذا التردد الضخ الأخير للأموال السعودية في لعبة الجولف الأمريكية الذي أثار اتهامات بأن المملكة تستخدم ثروتها للتستر على انتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز صورتها العالمية.

انتقادات متوقعة

ومن المرجح أن يواجه مشروع هيفوليوشن انتقادات مماثلة، لكن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، ولم يجذب اهتمامًا واسع النطاق بعد، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وأشارت إلى أن مجلس إدارة الاتحاد الأمريكي لأبحاث الشيخوخة ناقش الأمر، العام الماضي، قبل قبول التمويل السعودي لـ 18 مشروعًا بحثيًا في بيولوجيا الشيخوخة أو علم البيئة، لكنه جدد منذ ذلك الحين شراكته لجولة ثانية من المنح.

وفي السياق، تقول ستيفاني ليدرمان، المديرة التنفيذية للاتحاد: "في البداية، كان الناس متشككين، لكنني أعتقد أن الكثير من ذلك قد اختفى (..) نريد تمويل هذا العلم، فهو مهم حقًا للجنس البشري."

وتقول أديتي جوركار، الأستاذة المساعدة في معهد الشيخوخة بجامعة بيتسبرغ، إنها تريثت قبل التقدم بطلب للحصول على منحة الاتحاد الأمريكي لأبحاث الشيخوخة الممولة من مؤسسة هيفوليوشن ولكنها مضت قدمًا في النهاية بسبب النهج التعاوني والعالمي الذي تتبعه المنظمة السعودية في علوم الشيخوخة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، حصلت أديتي على منحة قدرها 375 ألف دولار لتدرس مع أحد علماء الفيزياء كيف يمكن لجسيمات النانو أن تساعد في اكتشاف شيخوخة الخلايا، وهي العملية التي تتوقف فيها الخلايا عن الانقسام.

وتشير أديتي إن فكرة البحث مبتكرة، وكان من الصعب تأمين تمويلها من المصادر التقليدية في الولايات المتحدة.

عندما أعلنت مجموعة "نورن" عن تمويل هيفوليوشن، اعترض بعض الباحثين على العلاقات السعودية، كما يقول جنسن، لكنه تجاوز ذلك لمراعاة الهدف المشترك لمؤسسات البحث العلمي، وهو ما عبر عنه قائلا: "ينصب تركيزنا على تحقيق هذه المهمة وتحسين صحة الإنسان وازدهاره، وهو ما نلتزم به مهما كانت حالة الرأي العام".

وهنا تشير الصحيفة الأمريكية إلى بعض المخاوف من أن السياسة المضطربة في الشرق الأوسط أو التغيير الحاد في الميول الشخصية لولي العهد السعودي يمكن أن يؤدي إلى قطع التمويل بشكل غير متوقع.

تأثير عالمي

وتهدف هيفوليوشن إلى إحداث تأثير عالمي، إذ تتطلع السعودية إلى توسيع نفوذها حول العالم تحت قيادة زعيمها البالغ من العمر 37 عامًا، ويمكن أن يتردد صدى مهمتها أيضًا في الداخل، حيث راهن بن سلمان على تحسين نوعية الحياة لمملكة غالبية سكانها من الشباب وبناء صناعات جديدة بعيدًا عن النفط.

وتأسست هيفوليوشن كمنظمة غير ربحية في عام 2018 بموجب مرسوم ملكي سعودي، ولا تجري أبحاثها الخاصة، لكنها تهدف بدلاً من ذلك إلى العمل مع المؤسسات البحثية القائمة لضخ الأموال في مجالات الدراسة التي تعاني من نقص التمويل.

وكان كبير المسؤولين في المؤسسة، فيليبي سييرا، يدير قسم بيولوجيا الشيخوخة في المعهد الوطني للشيخوخة لأكثر من عقد من الزمن، ويضم مجلسها الاستشاري، توماس راندو، الذي يدير مركز أبحاث الخلايا الجذعية في جامعة كاليفورنيا.

ومنذ بدء عملياتها في يوليو/تموز 2022، ركزت المؤسسة السعودية في الغالب على ترسيخ وجودها فقط، وضخت تمويلات بأقل من 20 مليون دولار.

ويتوقع خان أن يصل هذا المبلغ إلى مليار دولار خلال السنتين إلى الأربع سنوات القادمة، مشيرا إلى أن هذه الأموال ستذهب في البداية إلى الأبحاث، و"لكن الهدف في نهاية المطاف هو تقسيم الاستثمارات بالتساوي تقريبًا على الشركات الناشئة لمكافحة الشيخوخة"، حسب قوله.

وأضاف خان: "نحن لا نقول أن إعادة البرمجة اللاجينية هي أولويتنا الأولى أو أن الالتهام الذاتي هو أولويتنا الأولى أو أن الشيخوخة هي أولويتنا الأولى"، في إشارة إلى 3 عمليات خلوية يربطها العديد من العلماء بالشيخوخة، مضيفا: "نحن ننظر إليها جميعًا".

ويطمح خان في أن يرى هيفوليوشن مساهمة في تحديد المؤشرات الحيوية لتتبع الشيخوخة وكذلك تمويل التجارب البشرية المبكرة لأدوية علاجها، وكلا المجالين يتطلب تمويلا كبيرا، ومن غير المرجح أن يحققا أرباحا سريعة.

يشار إلى أن هيفوليوشن قامت مؤخرًا بتعيين شريكين استثماريين وتخطط للإعلان عن أول استثمار مباشر لها قبل نهاية العام بعد مراجعة أكثر من 100 فرصة محتملة.

المصدر | وول ستريت جورنال/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية أبحاث الشيخوخة محمد بن سلمان هيفوليوشن جامعة ألاباما جمال خاشقجي