الصين تعزز وجودها في الشرق الأوسط.. هل تهدد أمريكا؟

السبت 9 سبتمبر 2023 08:30 ص

في ديسمبر/كانون الأول 2022، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ السعودية، ووعد "بالدخول في حقبة جديدة" في العلاقات الصينية العربية.

وبعد مرور ما يقرب من عام، يمكن القول إن الصين نجحت، فقد نما نفوذ بكين في الشرق الأوسط، وخاصة في الخليج، بشكل كبير، مع عواقب وخيمة محتملة على الولايات المتحدة وحلفائها، وبالكاد أخفت الصين طموحاتها في خلق شرق أوسط يتمحور حول بكين.

وفي الواقع، وحسب تحليل لصحيفة "واشنطن إيكسيمنر" الأمريكية وترجمه "الخليج الجديد"، فقد تحولت المملكة الوسطى إلى ماض متخيل إلى حد كبير، في محاولاتها للوقوف في وجه المستقبل.

وخلال زيارة شي، على سبيل المثال، أصدرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية بيانا صحفيا أعلنت فيه أن "الصين والسعودية أعجبتا ببعضهما البعض وأجرتا تبادلات ودية منذ العصور القديمة.. قال النبي محمد: اطلبوا العلم ولو إلى الصين".

ولكن ليست المعرفة أو التفاهات هي ما تبيعه بكين، وبدلا من ذلك، تأمل الصين في تقويض النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في حين تحصد الموارد والحلفاء للصراعات المقبلة، وقد حصدت جهودها ثمارها بالفعل.

وفي 6 مارس/آذار، التقى ممثلون عن إيران والسعودية في بكين لإجراء محادثات.

وبعد 4 أيام، أعلنت طهران والرياض أنهما قررتا تطبيع العلاقات، ما أنهى على ما يبدو حرباً باردة استمرت عقوداً بين القوتين.

وتساءل بعض المعلقين عما إذا كان التقارب الذي تم بوساطة صينية يعني "نظاما جديدا في الشرق الأوسط"، وزعموا أن الصين "حطمت افتراض الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط".

وأشاروا إلى أن بكين كانت تستعرض عضلاتها وتوضح أنها قوة عالمية، ذات امتداد ونفوذ يمتد بعيدًا عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وبدا التناقض مع الولايات المتحدة واضحا أيضا، حيث تضع الصين نفسها علنا كوسيط، وتبدو قادرة على إحلال السلام بين الخصمين اللدودين.

ولقد تجنبت الصين منذ فترة طويلة الانحياز إلى أي طرف في المنطقة المعرضة للصراع.

وفي الواقع، تهدف سياسة "أصدقاء الجميع" التي تنتهجها بكين في المنطقة إلى كسب الأصدقاء وتجنب تكوين أعداء، وبات بوسعها أن تزعم أن جهودها كانت تؤتي ثمارها.

ويشكل الاتفاق الذي توسطت فيه الصين انقلابا لشي وحزبه الشيوعي الصيني، بعدما صورت دعاية الحزب منذ فترة طويلة الولايات المتحدة باعتبارها قوة ذات تأثير مزعزع للاستقرار.

ويزعم أن الولايات المتحدة لم تجلب سوى الاضطرابات إلى الشرق الأوسط، وغير جديرة بالثقة، وتقدم محاضرات حول حقوق الإنسان وتميل إلى الانقلاب على حلفائها، من القاهرة إلى الرياض.

في حين تقدم الصين السلام والتنمية، وتنتظر على أهبة الاستعداد، على استعداد لإقراض الأموال النقدية لحفائها دون شروط.

من جانبها، سعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى التقليل من أهمية ما كان من الواضح أنه نجاح في السياسة الخارجية للصين.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين: "في النهاية، إذا أمكن الحفاظ على هذا الاتفاق، بغض النظر عن الدافع أو من يجلس إلى الطاولة... فنحن نرحب بذلك".

وأضاف: "إن أي جهد لتهدئة التوترات هناك في المنطقة هو في مصلحتنا".

ويتفق معه الأصوات الأخرى ذات التفكير المماثل، وقال مارتن إنديك المبعوث السابق للشرق الأوسط في إدارتي الرئيسين الأمريكيين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون: "يجب على الولايات المتحدة أن تنظر إلى وساطة الصين في الاتفاق السعودي الإيراني على أنها مربحة للمصالح الأمريكية".

كما أكد مات دوس مستشار السياسة الخارجية السابق للسيناتور بيرني ساندرز: "أي شيء يقلل من فرص الصراع بين إيران والسعودية هو شيء جيد.. بغض النظر عمن توسط فيه".

ومع ذلك، فإن نوايا بكين في الشرق الأوسط ليست حميدة، وبعيداً عن الترحيب بالتقدم الذي يحققه خصمها الجيوسياسي الرئيسي، ينبغي للولايات المتحدة أن تعارضه.

وقد تزعم وسائل الإعلام الرسمية الصينية، أن "الصين لا تسعى إلى تحقيق أي مصلحة أنانية على الإطلاق في الشرق الأوسط"، ولكن الأحمق فقط هو الذي قد يصدق كلام الحزب الشيوعي الصيني.

وتنظر الصين إلى الشرق الأوسط، الذي ظل لفترة طويلة ساحة معركة رئيسية لمنافسة القوى العظمى، باعتباره تربة خصبة لمواجهة الولايات المتحدة، وقد قامت منذ فترة طويلة بتنمية السعودية والخليج.

وتنظر بكين إلى السعودية وترى فرصة، وهي فرصة قدمتها الولايات المتحدة على طبق من فضة.

وفي حملته الانتخابية عام 2020، أدان بايدن المملكة، واصفًا الحليف القديم للولايات المتحدة بـ"دولة منبوذة"، وبعد وقت قصير من تنصيبه، أنهى بايدن مبيعات الأسلحة الهجومية للسعودية وضغط عليها للسماح لإيران بتحقيق النصر في اليمن.

كما قامت الإدارة الأمريكية بإزالة الحوثيين، الوكيل المدعومين من إيران، من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية المحددة.

وعندما نفذت الجماعات التي تمولها وتدعمها طهران هجمات على المراكز الصناعية والنفطية الكبرى في السعودية والإمارات، لم تقدم إدارة بايدن سوى إدانات روتينية.

وفي الواقع، واصلت الإدارة التواصل مع إيران بينما كان النظام يخطط وينفذ الهجمات.

وكانت هذه الخطوات، بمثابة رسائل بصوت عال وواضح بوعي أو بغير وعي للرياض، حيث كانت واشنطن تقوم بمراجعة العلاقة التي كانت قائمة منذ أكثر من نصف قرن.

وفي فجر الحرب الباردة الأخيرة، أقامت الولايات المتحدة تحالفا مع السعودية كان يرتكز إلى حد كبير على مبدأ "النفط مقابل الأمن".

ووفرت الولايات المتحدة الأمن للسعودية، التي بدورها قدمت النفط.

وسبق أن سلطت الحرب العالمية الثانية الضوء على أهمية الطاقة في الجغرافيا السياسية، وكانت واشنطن تدرك تمام الإدراك الدور الذي سيلعبه النفط في المنافسة الجارية مع الاتحاد السوفييتي على التفوق.

ومن غير المستغرب، في بعض الأحيان، أن يكون التحالف بين الملكية الإسلامية والديمقراطية الغربية عاصفاً.

وربما كانت السعودية، الوصية على المدينتين المقدستين في مكة والمدينة، حليفاً غير كامل، لكن هذا لا يشكل حالة شاذة في عالم السياسة الدولية العنيف.

وفي السنوات الأولى من الحرب الباردة، فشلت محاولات التودد إلى قوى إقليمية عظمى أخرى مثل مصر، ولم يكن الحلفاء مثل تركيا وإسرائيل وإيران يمثلون الشرق الأوسط العربي الأوسع.

وفي عام 1955، توسطت الولايات المتحدة في إنشاء نسخة شرق أوسطية من حلف شمال الأطلسي (CENTO)، لكنها أصبحت هيكلًا خارجيًا في حد ذاتها عندما تمت الإطاحة بالعضو العربي الوحيد، النظام الملكي الهاشمي في العراق، في عام 1958.

لكن ابتداءً من إدارة أوباما، تزايد الشعور بأن واشنطن لم تعد بحاجة إلى الرياض بقدر ما كانت في السابق.

وزعم البعض أن استقلال أمريكا المتنامي في مجال الطاقة وانتقال الطاقة أعطى الولايات المتحدة قدرًا أكبر من النفوذ والحرية.

وفي كتابه "إعادة ضبط: إيران وتركيا ومستقبل أمريكا" الصادر عام 2010، قال الصحفي ستيفن كينزر إن الولايات المتحدة بحاجة إلى تغيير نظام تحالفها بشكل كبير في الشرق الأوسط، والابتعاد عن إسرائيل والسعودية والاتجاه نحو إيران وتركيا.

وجادل كينزر بشكل مثير للفضول بأنهم حلفاء ديمقراطيون طبيعيون.

وكانت إدارة أوباما لها رأي مماثل، حيث دعت إلى "ضوء النهار" في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتواصلت بحماس مع إيران، وهي دكتاتورية ثيوقراطية سعت إلى تدمير إسرائيل والولايات المتحدة.

وكما قال مايكل دوران نائب مساعد وزير الدفاع السابق والباحث في معهد هدسون، بشكل مقنع في ذلك الوقت، فإن أوباما آنذاك كان يسعى بثبات إلى إعادة تنظيم صفوفه في الشرق الأوسط، وهي عملية يتم من خلالها منح إيران المزيد من القوة والنفوذ.

ولا مفر من أن يكون ذلك على حساب حلفاء أمريكا القدامى في المنطقة.

وكان سعي الإدارة الامريكية حينها لتحقيق ما يسمى بصفقة إيران، أو خطة العمل الشاملة المشتركة، أساسيا لتحقيق هذا الهدف.

وعلى الرغم من وصفها بأنها محاولة لإحباط محاولات طهران للحصول على أسلحة نووية، إلا أن شروط خطة العمل الشاملة المشتركة نفسها كرسّت إيران كقوة نووية مستقبلية، وتضمن بنودها وأحكامها أن النظام سيحصل في يوم من الأيام على أسلحة نووية.

وبنت الإدارة الأمريكية سياستها في الشرق الأوسط بأكملها على تحقيق هذه الصفقة، حتى أنها قامت بتسليح الوكلاء المعتمدين من طهران في حربها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسوريا.

وكان الحلفاء من أنقرة إلى القدس إلى الرياض في حيرة من أمرهم، لقد نشأ فراغ، في وقت لم تهدر بكين الكثير من الوقت في استغلاله.

عندما تصبح الدول قوى عالمية، تتوسع مصالحها وشهواتها بشكل كبير، لكن طموحات الصين أكبر من معظمها.

ولقد اعتادت الصين على النظر إلى نفسها باعتبارها مركز العالم، وعانت من قرون من الركود قبل أن يتم تقسيمها من قبل القوى الأجنبية، وتعاني من حروب أهلية حصدت أرواح الملايين.

وفي عهد ماو تسي تونغ، مؤسس جمهورية الصين الشعبية، كان يقود الأمة رجل مجنون كان يدعو علناً إلى حرب نووية وقتل الملايين من مواطنيه في المجاعات والفوضى التي تسببت فيها الحكومة.

وتعرض تقدم الصين لمزيد من التقزم، ولم تتشكل قوة البلاد حقا إلا في العقود القليلة الماضية.

وقد كان الحزب الشيوعي الصيني الذي قاده ماو ذات يوم ويحكمه الآن شي جين بينغ، يعادي بشدة النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

فالصين، التي يعتبرها البنتاغون "التحدي الرئيسي الذي يواجهها"، منخرطة في أكبر حشد عسكري في التاريخ الحديث.

وربما تعتقد الولايات المتحدة أنها انتصرت في الحرب الباردة ضد الشيوعية، ولكن بالنسبة لشي، فإن الحرب الباردة لم تنته أبدا، والحزب الشيوعي الصيني يحتاج إلى الشرق الأوسط.

تقول زينب ريبوا الباحثة في معهد هدسون، إن "طموح الصين هو أن تحل محل النفوذ الأمريكي في المنطقة، الذي يتقلص بالفعل، ولا يمكنها تحقيق ذلك دون مغازلة مركز العالم الإسلامي والعربي".

والصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم، وعليه فإن العلاقات مع السعودية طبيعية، وباتت المملكة أكبر مورد عالمي للنفط الخام إلى الصين.

وتعد بكين الشريك التجاري الأول للرياض، بما في ذلك الصناعة الكيميائية المهمة في السعودية، بعدما شهدت التجارة الثنائية بين البلدين ارتفاعا كبيرا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1990.

ولعبت عدة عوامل دورًا في التقريب بين البلدين، خاصة بعد رؤية "السعودية 2030" التي تعد بمثابة خطة تنمية طموحة تسعى إلى دعم القطاع الخاص وتعزيز التنويع الاقتصادي.

وتشعر الحكومة السعودية بالقلق إزاء الآثار طويلة المدى لتنويع مصادر الطاقة والبيروقراطية المتضخمة، في وقت تعد بكين باستثمارات تساعد في التغلب على هذه العقبات.

لكن لدى الصين أهداف تتجاوز التجارة.

من جانبها، لا تحتاج الصين إلى النفط فحسب، بل إنها تريد أيضاً مراكمة النفوذ وسندات الدين، وكلاهما قد يكون مفيداً إذا قام الحزب الشيوعي الصيني بغزو تايوان، وهو الاحتمال الذي يرى بعض المحللين أنه مرجح على نحو متزايد.

ومن غير المرجح أن تدعم الدول التي تحتاج إلى الصين فرض عقوبات على المملكة الوسطى أو معارضتها.

فباختصار: تشتري الصين فعلياً التأمين ضد الغزو، في حين تعمل على الضغط على الولايات المتحدة لإخراجها من المنطقة التي تظل مهمة للعديد من البلدان الفقيرة بالنفط، بما في ذلك جيران الصين وحلفاء أمريكا.

يشار إلى أنه خلال الحرب الباردة، كانت حاجة الولايات المتحدة إلى خام الشرق الأوسط أقل لنفسها وأكثر لحلفائها في أوروبا وآسيا، حيث لم تكن أمريكا تعتمد بعد على النفط الأجنبي لتلبية احتياجاتها المحلية، ولكنها كانت السلعة ضرورية لخطة مارشال والتعافي بعد الحرب.

وكان النفط يعني النفوذ، وكانت واشنطن تعلم أن امتلاكه، حتى بالوكالة، قد يكون حاسماً، وهذا الدرس ينطبق اليوم، فقد ترى الولايات المتحدة مستقبلاً حيث تحتاج إلى قدر أقل من النفط الأجنبي، ولكن حلفائها وحلفائها المحتملين، بما في ذلك جيران الصين، سوف تكون لهم احتياجات مختلفة.

ومن المؤكد أن الصين تواجه عقبات هائلة في سعيها لتحل محل الولايات المتحدة، وقد استثمرت واشنطن بعمق في العلاقات مع الرياض، بما في ذلك التعاون العسكري.

وتزود الولايات المتحدة النظام الملكي الخليجي بالتدريب والتكنولوجيا الدفاعية الرئيسية التي يعتمد عليها السعوديون، في الوقت الحالي على الأقل، ولا يمكن التراجع عن عقود من العلاقات الوثيقة بين عشية وضحاها.

لكن الصين تمسك بيد قوية، فتعطش بكين للنفط وثرواتها يجعلها عميلاً جذاباً.

والأمر نفسه ينطبق على شراكة الصين مع إيران، والتي تزود المملكة الوسطى بنفوذ هائل.

فإيران هي الحليف الأول للصين في الشرق الأوسط، وقد تزايدت العلاقات بين الاثنين بسرعة، ويتقاسم البلدان مصلحة في قلب النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وفي الواقع، وفقًا لدراسة أجرتها لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية عام 2021، فإن بكين "ترى أن معارضة طهران للولايات المتحدة تزيد من نفوذ الصين العالمي المتزايد".

يمكن لإيران أن تعمل كقوة إقليمية قادرة على تشتيت انتباه الولايات المتحدة وحلفائها وإعاقتها، كما يمكنها أيضًا أن تهدد ممرات الشحن الرئيسية، وهي خطوط التجارة التي تعتبر ضرورية في المنافسة العالمية الناشئة بين الولايات المتحدة والصين.

كما تعمل شبكة وكلائها في العراق واليمن ولبنان وسوريا وغزة على توسيع نطاق وصولها.

وأمام كل ذلك، يمكن لإيران أن تشتت انتباه الولايات المتحدة وتهاجمها، وهي جوانب تؤكد أهميتها بالنسبة لبكين، وتزود العلاقات بين طهران والحزب الشيوعي الصيني.

ومن الأهمية بمكان أن يبدو أن بكين تفهم ما نسيته واشنطن، وهو أن السعوديين يمتلكون نفوذاً يتجاوز حدودهم بكثير، فتعتبر الرياض محركًا رئيسيًا في الشرق الأوسط، حيث تتمتع بنفوذ على العديد من الدول في الخليج وخارجه.

ومن خلال تحقيق تقدم مع أوصياء الرياض، تزيد الصين من تأثيرها بشكل كبير في المنطقة.

تقول ريبوا، إن "القوة الناعمة للمملكة الخليجية في المنطقة يمكن أن تصنع النفوذ الصيني أو تكسره".

لقد أصبحت الأدلة على قوة الصين غير قابلة للدحض، ومن المؤكد أن بكين لا تخفي ذلك.

وفي أبريل/نيسان 2023، اكتشفت المخابرات الأمريكية أعمال بناء في منشأة عسكرية صينية مشتبه بها في الإمارات، بعد عام واحد من إعلان حليف واشنطن الغني بالنفط عن وقف المشروع بسبب مخاوف الولايات المتحدة"، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".

وبحسب ما ورد تأمل بكين في استخدام الميناء القريب من أبوظبي كجزء من مبادرة تسمى المشروع 141، حيث يخطط جيش التحرير الشعبي الصيني لبناء شبكة عسكرية عالمية تضم ما لا يقل عن 5 قواعد خارجية و10 مواقع دعم لوجستي بحلول عام 2030، العديد منها في الصين وأفريقيا والشرق الأوسط.

في المقابل، تشعر واشنطن بالقلق من ميل أبوظبي نحو بكين، حيث قال مسؤول في إدارة بايدن لصحيفة "واشنطن بوست" في أبريل/نيسان 2023 إن قادة الإمارات "يعتقدون أن الصين مهمة للغاية في الوقت الحالي وتصعد في الشرق الأوسط.. والولايات المتحدة محقة في أن تشعر بالقلق".

كما سبق أن تمت ملاحظة وجود أفراد من جيش التحرير الشعبي في القواعد العسكرية الإماراتية داخل البلاد، وهي القواعد التي تشغل الطائرات بدون طيار وأنظمة الصواريخ الباليستية.

وفي أوائل أغسطس/آب، أُعلن أن الصين والإمارات ستجريان "أول تدريب عسكري مشترك على الإطلاق"، والذي حذر بعض الخبراء من أنه "رسالة" إلى الولايات المتحدة.

وستُجرى التدريبات، التي يطلق عليها اسم "فالكون شيلد 2023"، في شينجيانغ، ذلك الجزء من الصين الذي انخرط فيه الحزب الشيوعي الصيني في اضطهاد الأقلية المسلمة.

من الآمن أن نفترض أن الصين باختيارها شينجيانغ كانت تتباهى بحقيقة لا لبس فيها، فيبدو أن معظم الدول الإسلامية لا تهتم بأن الصين تقضي بشكل منهجي على مسلميها.

وفي الواقع، أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار تزايد الدعم للصين في العالم العربي على الرغم من تصرفات بكين.

ووفقاً لاستطلاع "باروميتر العربي" لعام 2023 الذي شمل 23 ألف مقابلة، كانت الصين "أكثر شعبية من الولايات المتحدة"، في 8 من الدول الـ9 التي شملها الاستطلاع.

فالقوة، سواء العسكرية أو الاقتصادية، مهمة، وكذلك الإرادة أيضًا، وهناك عدد قليل من "المكاسب" في منافسات الحرب الباردة مع الديكتاتوريات المناهضة لأمريكا.

ويبدو أن الولايات المتحدة تدرك، ولو متأخراً، أنها تخسر أرضها في الشرق الأوسط لصالح بكين، ومن أجل مكافحة القرصنة الإيرانية في البحار، تفيد التقارير أن الإدارة تدرس وضع أفراد عسكريين أمريكيين على متن سفن أجنبية.

ويعلق التحليل على ذلك بالقول: "من المحتمل أن تكون هذه محاولة لتهدئة السعوديين والإماراتيين، ولكن للقيام بذلك حقاً، يجب على واشنطن أن تظهر أنها تستطيع التمييز بين الصديق والعدو في المنطقة".

ويضيف: "الفشل في ذلك لن يؤدي إلا إلى توفير الفرص للحزب الشيوعي الصيني، فالقوى العظمى التي تكافئ الأعداء وتعاقب الحلفاء لا تبقى قوى عظمى لفترة طويلة".

ويختتم: "القاعدة الأولى في السياسة الخارجية بسيطة إلى حد مذهل: أولاً لا تلحق الضرر.. وبدلاً من ذلك، تركت الولايات المتحدة ندوباً وفراغاً يستغله عدونا الرئيسي بنجاح كبير".

المصدر | واشنطن إيكسيمنر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين أمريكا الشرق الأوسط إيران الخليج السعودية الإمارات

مع الصين.. عقلية الحرب الباردة لا تزال تطارد الولايات المتحدة