خطر يمتد لعقود.. جنود اليمن الأطفال بذور لحروب مستقبلية

الثلاثاء 12 سبتمبر 2023 11:24 ص

"بغض النظر عن كيفية أو موعد انتهاء الصراع الحالي، فإن الجنود الأطفال لن يختفوا ببساطة، وهذه المشكلة ستؤثر على اليمن وجيرانه لعقود قادمة، فهؤلاء الجنود الأطفال هم بذور حروب اليمن المستقبلية".

هذا التحذير أطلقه جريجوري جونسون، وهو عضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وزميل غير مقيم في "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW)، وذلك عبر مقال ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ أشهر، يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

جونسون تابع أنه "يتم استهداف الأطفال وتجنيدهم وتدريبهم، ثم تحويلهم إلى جنود، ويتم إضفاء الطابع المؤسسي على هذه العملية في الوقت الذي يتم فيه تمجيد الجنود الأطفال".

وأضاف أن تقريرا حديثا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وجد أن "جميع الأطراف في اليمن، السعودية والإمارات والحوثيين والحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة ومليشيات أخرى، مذنبون بتسليح الأطفال ووإرسالهم إلى القتال، لكن الحوثيين هم أكبر منتجي الجنود الأطفال في اليمن".

الخطوط الأمامية

و"تشير معظم التقارير، وبينها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول "الأطفال والنزاع المسلح" وتقارير فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن وتقارير فريق الأمم المتحدة المنحل من الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين، إلى أن الحوثيين مسؤولون عن أكثر من ثلثي الأطفال الجنود في اليمن"، كما تابع جونسون.

وأضاف أن "الحوثيين دأبوا على دفع الأطفال إلى الخطوط الأمامية، لا سيما في (محافظة) الحديدة (غرب) وما حولها عامي 2018 و2019 وفي مأرب (وسط) عامي 2020 و2021، كوسيلة لتعويض نقص القوات، كما جندوا واستخداموا الفتيات الصغيرات لزرع الألغام الأرضية وكطاهيات وجواسيس".

واستطرد: "بنهج تجنيد الأطفال، يعيد الحوثيون تشكيل المجتمع اليمني، فأولا، تستغل الجماعة الفقر، الذي يعد الدافع الأكبر لتجنيد الأطفال في اليمن، والاقتصاد السيئ في البلاد".

و"عندما بدأت الحرب في 2014، كان يتم تداول الريال اليمني بسعر 250 إلى 1 مقابل الدولار الأمريكي، أما اليوم، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يبلغ سعر الريال حوالي 650 مقابل 1 مقابل الدولار. ولم تتغير الرواتب بالنسبة للقلة التي ما زالت تتقاضاها، لكن ما يشتريه الريال انخفض بشكل كبير"، بحسب جونسون.

وزاد بأن "ذلك أدى إلى معاناة العديد من الأسر من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يستغله الحوثيون من خلال الوعد بتقديم سلال غذائية للعائلات التي تساهم بجنود، بما في ذلك الأطفال، فالحوثيين يستخدمون المساعدات الإنسانية كسلاح".

ضربية تعليمية

وفي الوقت نفسه، وفقا لجونسون، "تبخرت الفرص التعليمية في اليمن. والعديد من المعلمين  لا يحصلون على رواتبهم، ويتم تحويلهم في وقت ما للانضمام إلى الميليشيات".

وتابع أنه "في حالات أخرى، لم يتم إعادة بناء المدارس التي تعرضت للقصف، كما بدأ الحوثيون في فرض ما يرقى إلى ضريبة على الأطفال الملتحقين بالمدارس الحكومية، وهو مبلغ إضافي حوالي 1000 ريال يمني شهريا، ما يكفي لإثناء بعض الأسر عن إرسال أطفالها إلى المدرسة".

وزاد بأنه "إذا لم ينجح ذلك، فإن مجندي الحوثيين يهمسون في آذان الآباء أنه بدلا من دفع الرسوم المدرسية، يمكن أن تحصل العائلات على المال والدفاع عن اليمن إذا انضم أطفالهم للقتال فقط".

و"في أبريل/ نيسان 2022، وبالتزامن مع الهدنة، وقَّع الحوثيون اتفاقا مع الأمم المتحدة بالتوقف عن تجنيد الأطفال، لكن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وجد أن الحوثيين واصلوا التجنيد وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال في المعسكرات الصيفية"، كما أردف جونسون.

وقال إن "الكتب المدرسية الحوثية تحتوي الآن على أقسام عن "الشهداء" الأطفال الذين قاتلوا وماتوا في الحرب الحالية، وغالبا ما تحمل جدران المتاجر في شوارع صنعاء ومدن أخرى في الشمال ملصقات لجنود أطفال".

"وهذا هو مستقبل اليمن: الأولاد والبنات الذين تم تلقينهم والكذب عليهم والتلاعب بهم لحمل السلاح.. هؤلاء هم الشباب والشابات الذين سيخوضون حروب اليمن القادمة"، كما ختم جونسون.

وحتى الآن، لم يرق الحراك في ملف اليمن إلى مستوى إحلال السلام الذي تصاعدات آمال اليمنيين في حدوثه منذ أن استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في الشرق الأوسط.

المصدر | جريجوري جونسون / معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن أطفال تجنيد تسليح حروب الفقر

بين الأمل والتردد.. هل تؤدي هدنة اليمن الهشة إلى حل سياسي؟