تحليل: المأزق الفلسطيني لا يزال عائقا أمام توسيع اتفاقيات إبراهيم

الثلاثاء 12 سبتمبر 2023 09:19 ص

سلط الزميل غير المقيم في المركز العربي بواشنطن، جريجوري أفتانديليان، الضوء على تداعيات اتفاقيات إبراهيم على القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن توقيع تلك الاتفاقيات لم يسفر عن دبلوماسية فعالية لتعزيز السلام الحقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين.

وذكر أفتانديليان، في تحليل نشره بموقع المركز وترجمه "الخليج الجديد" أن الحركة لتوسيع اتفاقيات إبراهيم تباطأت مع تزايد العنف الإسرائيلي الفلسطيني، ما يجب أن يدفع صناع السياسة الأمريكيين إلى التوقف عن تعليق آمالهم على الدول العربية الأخرى التي تنضم إلى الاتفاقيات، خاصة المملكة العربية السعودية.

وأضاف أن سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للتطبيع مع الدول العربية دون أي تنازلات بشأن القضية الفلسطينية، ليس سرا، رغم أن مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي طرحتها السعودية بالجامعة العربية أيدت مفاوضات السلام مع إسرائيل فقط إذا تم حل القضية الفلسطينية.

ومع ذلك، فإن دخول الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إلى المكتب البيضاوي قدم لنتنياهو وفرة من الهدايا، دون توقع أن تقوم إسرائيل بتحسين معاملة الفلسطينيين.

ففي عهد ترامب، اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقلت السفارة الأمريكية إليها، واعترفت بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وأغلقت القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية التي كانت تخدم المجتمع الفلسطيني في المقام الأول، واقترحت "خطة سلام" بدون التشاور مع الفلسطينيين.

وكان نتنياهو سعيدًا بتوجهات ترامب، وظهر معه جنبًا إلى جنب على لوحات إعلانية كبيرة في إسرائيل خلال حملته السياسية عام 2019.

وبالإضافة إلى كونها مفيدة لإسرائيل، كانت اتفاقيات إبراهيم بمثابة تبرير لنتنياهو شخصيا: فمن خلال إقناع الإمارات والبحرين بالتوقيع، نجح في فصل القضية الفلسطينية عن قضية التطبيع.

وفي حين عارض بايدن خطة ترامب للسلام، وكان يُنظر إليه على أنه أكثر توازنا في نهجه تجاه القضية الفلسطينية، فإنه لم يتراجع عن أي من قرارات ترامب تجاه إسرائيل؛ ولا تزال سفارة الولايات المتحدة في القدس مفتوحة، ولم يتم إلغاء اعتراف الولايات المتحدة بمرتفعات الجولان.

وتسببت اتفاقيات أبراهام في معاناة عميقة في الأراضي الفلسطينية، حيث اعتبرتها أغلبية واضحة من الفلسطينيين من مختلف الانتماءات السياسية خيانة لقضيتهم من قبل بعض الدول العربية، بتحريض من الولايات المتحدة.

وفي نظر عديد الفلسطينيين، يعد التطبيع العربي مع إسرائيل ورقة رابحة لا ينبغي استخدامها إلا في نهاية عملية سلام حقيقية.

وحتى الأردن، الذي أقام علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 1994، كان غير مرتاح بشأن اتفاقيات إبراهيم، وتعاملت الحكومة الأردنية بحذر شديد مع هذه القضية، نظراً لأن 60% من المواطنين الأردنيين هم من أصل فلسطيني.

عواقب التصعيد

ومع ذلك، يرى أفتانديليان أن ظهور حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بعد فوز نتنياهو الانتخابي في ديسمبر/كانون الأول 2022، أدى إلى تعقيد اتفاقيات إبراهيم.

وأوضح أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، اليميني المتطرف في حزب القوة اليهودية، تسبب في إلحاق ضرر استثنائي بعلاقات إسرائيل العربية الجديدة من خلال مسيرته إلى الحرم الشريف في يناير/كانون الثاني 2023 (ومرة أخرى في يوليو/تموز 2023)، ما تسبب في غضب واسع النطاق ليس فقط بين الفلسطينيين ولكن أيضًا بين المسلمين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 وإضافة لذلك، توجهت الحكومة الإسرائيلية نحو بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، الذي يشرف عليه وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريش، وتصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، ما تسبب في غضب مماثل.

ودفعت هذه الأفعال دولة الإمارات إلى إدانة السياسات الإسرائيلية. ومنذ بداية العام، انتقدت أبو ظبي بشدة تصرفات بن غفير، وبناء المستوطنات الإسرائيلية، والغارة الأخيرة على مخيم اللاجئين الفلسطينيين في جنين، شمالي الضفة الغربية.

وانضمت إلى الإمارات العديد من الدول العربية الأخرى، بما في ذلك السعودية، وتسببت الأحداث في قيام السلطات الإماراتية بتعليق دعوة نتنياهو لزيارة البلاد في زيارة رسمية.

وفي حين أن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية لا تزال ثابتة، حيث من المقرر أن يزور نتنياهو دبي لحضور مؤتمر المناخ "كوب 28" في نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أن التطورات الأخيرة خففت من زخم توسيع اتفاقيات إبراهيم.

وهنا يشير أفتانديليان إلى أن الهدف الأسمى لنتنياهو من اتفاقيات إبراهيم هو انضمام السعودية، وصبت الكثير من التكهنات بأن مثل هذا الإنجاز أصبح "في المتناول" بمساعدة واشنطن، خاصة بعدما أوردت عديد التقارير أن ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للمملكة، وضع مطالب للولايات المتحدة كي تؤتي جهود التطبيع هذه ثمارها، مثل الموافقة على رغبة المملكة في تطوير برنامج نووي مدني.

لكن في خضم كل هذه التكهنات تغيب حساسيات السعودية العميقة بشأن القضية الفلسطينية. وباعتبارها الزعيمة التي نصبت نفسها للعالم الإسلامي، لا تستطيع الرياض ببساطة أن تتجاهل الاستفزازات الإسرائيلية في القدس، التي تستضيف ثالث أقدس موقع في الإسلام، ولا يمكنها أن تتجاهل محنة الفلسطينيين.

ولذا صرح متحدث باسم السفارة السعودية بواشنطن صراحة في يونيو/حزيران 2023 بأن المملكة لن تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى يتم إنشاء دولة فلسطينية.

ولهذه الأسباب، فإن التفاؤل في عام 2020 بأن اتفاقيات إبراهيم ستبشر بعصر جديد في العلاقات العربية الإسرائيلية قد أفسح المجال لتقييم أكثر واقعية للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.

ويخلص أفتانديليان إلى أن القضية الفلسطينية لاتزال هي حجر العثرة الرئيسي أمام التطبيع الإسرائيلي العربي، و"لا يمكن لأي مناشدات أمريكية للدول العربية المحتملة للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم أن تغير هذا الواقع حتى تكون الحكومة الإسرائيلية المستقبلية مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة".

المصدر | غريغوري أفتانديليان/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين جو بايدن اتفاقيات إبراهيم نتنياهو التطبيع إيتمار بن غفير

اتفاقيات إبراهيم بعد حرب غزة.. بوابة التوسع السعودية لاتزال مفتوحة