هل تتحول عضوية 3 دول عربية في بريكس إلى ميثاق فاوست مع الصين؟

السبت 16 سبتمبر 2023 03:45 م

اعتبر أليستر نيوتن، وهو دبلوماسي بريطاني سابق (1985-2005) أن عضوية كل من السعودية والإمارات ومصر في مجموعة بريكس يمكن أن تتحول إلى ميثاق فاوست مع الصين، بالنظر إلى ما يطمح الأعضاء الجدد في الحصول عليه وما يمكن أن تقدمه الصين على أرض الواقع.

واشتهر ميثاق فاوست، برائعة جوته الشهيرة والتي تحكي قصة الدكتور فاوستوس الذي باع روحه للشيطان مقابل تزويده بالمعرفة اللامحدودة، بينما يكون للشيطان الحق في أن يقبض روحه عند الاخلال بشروط التعاقد.

وكان التكتل الاقتصادي الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا أعلن في 24 أغسطس/آب الماضي أن الإمارات والسعودية وإيران ومصر وإثيوبيا والأرجنتين يمكن أن تنضم رسميًا إلى الكتلة الموسعة في يناير/كانون الثاني 2024.

وفي تحليله الذي نشره موقع فير أوبزرفر الأمريكي وترجمه الخليج الجديد، قال نيوتن إن الدول العربية صاحبة العضوية الجديدة، بالتكتل الاقتصادي الذي ظل هادئا منذ سنوات ولم يتم تنشيطه سوى إلا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، تسعى للحصول على حوافز تعرضها بريكس والدول التي تقودها وفي مقدمتها الصين.

وذكر أن الصينيون يعرضون بريكس باعتبارها نظام عالمي بديل يستطيع من خلاله المستبدون أن يشعروا بالأمن والأمان في بلدانهم. وبوسعهم أن يجدوا اتجاهاً بديلاً للتنمية من دون الاضطرار إلى قبول الشروط التي تفرضها القوى الديمقراطية الأمريكية والأوروبية.

وأوضح أن الدول العربية الثلاثة صاحبة العضوية الجديدة بالمجموعة تعتبر أنظمة استبدادية بموجب أي تعريف سياسي معقول.

دوافع متباينة

وعلى الرغم من ذلك، وبعيداً عن هذا الهدف المشترك لكل من الإمارات والسعودية ومصر المتمثل في توثيق العلاقات الاقتصادية مع الصين كثقل موازن للولايات المتحدة، فإنهم يظهرون اختلافات مهمة في دوافعهم للانضمام لبريكس.

فمصر على سبيل المثال في موقف صعب على جميع الأصعدة، فمن ناحية، كانت منذ فترة طويلة من أكبر الدول المتلقية للمساعدات الأمريكية.

ومن ناحية أخرى، كان اعتمادها على الدولار سبباً في تفاقم العواقب الاقتصادية الوخيمة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وذلك بفضل اعتمادها على الطاقة والغذاء المستوردين.

فقد سحب المستثمرون الأجانب مليارات الدولارات مع انهيار العملة، وفرضت دول الخليج التي قدمت الدعم في الأيام الأولى لانقلاب السيسي مؤخرًا شروطًا أكثر صرامة، ويأتي قرض صندوق النقد الدولي الذي تصل قيمته 3 مليارات دولار مع متطلبات إصلاح صارمة.

ومن شأن عضوية بريكس أن تسهل التجارة مع الأعضاء الآخرين بالعملات المحلية وينبغي أن تساعد في جذب المزيد من الاستثمارات منهم.

الإمارات بدوره، استفادت على الرغم من استفادتها بشكل كبير من الاستثمار الروسي وعلاقاتها التجارية المزدهرة مع روسيا والصين والهند (التي وضعت معها للتو اللمسات الأخيرة على صفقة للتجارة بالعملات المحلية)، فإن الدافع الرئيس وراء تطبيقها لمجموعة بريكس هو سياسي.

فالإمارات لا تزال قريبة من الولايات المتحدة فيما يتعلق بالضمانات الأمنية، لكن ثقة القادة الإماراتيون في حماية من قبل واشنطن تراجعت ويجادلون أنها لم تفعل ما يكفي لردع التهديدات الإيرانية.

ويمكن القول إن الانضمام إلى مجموعة بريكس لن يكون أكثر من أحدث مثال على كيفية أن الشيخ محمد بن زايد "زعيم شرق أوسطي تعتبره حكومة الولايات المتحدة شريكًا مهمًا" ينطلق بشكل متزايد في طريقه الخاص.

ووفق نيوتن فإن السعودية ربما تكون الأكثر إثارة للاهتمام بين الأعضاء الثلاثة الجدد في بريكس، إذ اتسمت العلاقات بين الرياض وواشنطن بالتوتر منذ دخول جو بايدن البيت الأبيض.

 وعلى الرغم من أن هذه العلاقات سوف تتحسن بشكل كبير إذا فاز دونالد ترامب في انتخابات عام 2024، فمن غير المرجح أن يطمئن السعوديون بشأن الضمانات الأمنية الأمريكية، لا سيما في ضوء فشل ترامب في التصرف بشأن هجوم عام 2019 على منشآت أرامكو في المنطقة الشرقية بالسعودية.

ومن هنا، انفتحت الرياض على التقارب مع طهران بوساطة بكين في وقت سابق من هذا العام، وهو ما ساعد بدوره في فتح باب بريكس لكل من المملكة الخليجية وإيران.

ومع ذلك، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، على هامش قمة بريكس أن بلاده غير ملتزمة بالانضمام إلى بريكس قبل أن يكون لديها الوقت للنظر في الشروط، وبما أنه لا توجد معايير محددة للعضوية تتجاوز الاتفاق بالإجماع بين الأعضاء الحاليين، فإن هذا أمر معقول في حد ذاته.

ومع ذلك، قد يعني ذلك أيضًا أن الرياض تستخدم عضوية بريكس كوسيلة ضغط لمحاولة انتزاع المزيد من التنازلات من واشنطن في محادثاتها بشأن صفقة كبرى تجتاح التطلعات النووية المدنية للمملكة، ومبيعات الأسلحة والعلاقات مع إسرائيل.

ميثاق فاوست

ورأي نيوتن إن الصين ليست كما تبدو، فبعد كل ذلك، فإن الوهم الأكبر على الإطلاق قد يكون الاعتقاد السائد بين السعودية والإمارات ومصر بأن عضوية بريكس ستكون بمثابة نعمة كبيرة للعلاقات الاقتصادية مع الصين.

وأوضح أن بكين ذاتها تعاني من رياح اقتصادية معاكسة، علاوة على ذلك، وعلى الرغم من دورها المهيمن في قمة مجموعة بريكس، فقد كانت الصين تتجه على نحو متزايد نحو الداخل منذ بدأ الرئيس شي جين بينج حملته نحو الاكتفاء الذاتي في مسعى شامل للحفاظ على قبضة الحزب الشيوعي الصيني على السلطة إلى الأبد.

وبالتالي فإن الهدف الرئيسي لبكين في الترويج لمجموعة بريكس هو العمل مع الأنظمة الاستبدادية الأخرى في الترويج لنموذج الحكم الخاص بها على المستوى الدولي، ومن الأفضل الدفاع عنه محليًا.

وذكر نيوتن إن توسيع عضوية بريكس لن يكون علامة على النفوذ الدبلوماسي المتنامي للمجموعة - بل على العكس تماما، في الواقع، لأن العثور على قاسم مشترك سيصبح أكثر صعوبة، بل إن التوسع سيكون انعكاسا لنفوذ الصين المتزايد عند تحديد مستقبل الكتلة.

وخلص نيوتن إلى أن الدول العربية الثلاث الطامحة من المفيد أن نفكر ملياً فيما إذا كان من الممكن أن تتحول عضويتها في بريكس بسهولة إلى ميثاق فاوست جديد.

 

 

 

المصدر | أليستر نيوتن/ فير أوبزرفر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بريكس عضوية بريكس السعودية مصر الإمارات العلاقات السعودية الأمريكية الصين الأزمة المصري

محللون: هكذا يعزز توسيع بريكس تأثيرها بأسواق الطاقة العالمية