كارثة الزلزال.. ظهور محدود لملك المغرب وتهميش واضح لمناطق فقيرة

السبت 16 سبتمبر 2023 09:53 م

"حين هز زلزال مدمر جبال الأطلس الكبير بالمغرب، في 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، التمس سكان المناطق الفقيرة التي ضربها الزلزال المساعدة من الدولة وملكها محمد السادس، الذي يتمتع بسلطات واسعة، ولكنه ظل بعيدا عن الأنظار"، بحسب أيدان لويس في تحليل لوكالة "رويترز" ترجمه "الخليج الجديد".

لويس أضاف أن الملك "لم يظهر سوى ثلاث مرات منذ الزلزال، إذ ترأس اجتماعين للاستجابة لحالات الطوارئ مع المسؤولين في (العاصمة) الرباط، وزار مستشفى بمدينة مراكش (وسط) القريبة من منطقة الكارثة وتبرع بالدم هناك بعد نداء وطني للتبرع".

وتابع أن "الملك يحافظ عادة على مسافة ملكية تفصله عن الجمهور، وينأى بنفسه عن الخلافات السياسية، ولم يزر المنطقة الأكثر تضررا التي قُتل فيها أكثر من 2900 شخص جراء الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة، في أكثر الكوارث حصدا للأرواح في المغرب منذ عام 1960".

و"نهج الابتعاد عن الظهور الإعلامي هو السمة المميزة لحكم محمد السادس منذ أن خلف والده على العرش وعمره 35 عاما في 1999، مضطلعا بمسؤولية المملكة الواقعة في شمال أفريقيا، والتي كانت فقيرة وتعاني من الركود الاقتصادي والقمع السياسي"، كما أردف لويس.

وزاد بأن "تعامل الملك محمد السادس مع المعارضة كان أكثر رفقا من تعامل والده الحسن الثاني معها، وأجرى إصلاحات اقتصادية اجتذبت مستثمرين أجانب ووسعت القاعدة الصناعية، مما جعل المملكة قوة اقتصادية في أفريقيا".

و"لكن العاهل المغربي، ومن ألقابه أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وأمير المؤمنين، توخى الحذر تجاه التغيير السياسي، ولم يتخل إلا عن القليل من السلطة، وهو ما يقول منتقدون إنه يكبل مبادرة الحكومة حتى في الأزمات"، كما استدرك لويس.

واعتبر أبو بكر الجامعي، وهو أستاذ في الكلية الأمريكية للبحر الأبيض المتوسط ​​في فرنسا، أنه "حين لا يكون الملك موجودا، لا تتوقف الحكومة عن العمل فحسب، لكن حتى حين يتعلق الأمر بالأزمات الكبيرة، فإن الدولة لا تقوم بعملها".

في المقابل، قال مصدر حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له التحدث إلى وسائل الإعلام، إن "المغرب لديه مؤسسات وجماعات مجتمع مدني قادرة على التصرف دون أوامر من القصر، وقد أطلقت السلطات استجابة منسقة وسريعة في ظروف الزلزال الصعبة من الناحية اللوجيستية".

تحول محدود

لويس قال إنه "حين اندلعت احتجاجات حاشدة في تونس ومصر عام 2011، وأسقطت حاكمين مستبدين، احتشدت جماعات مؤيدة للديمقراطية في أنحاء من المغرب للمطالبة بالتغيير، وحينها سلّم العاهل المغربي مزيدا من السلطات إلى البرلمان المنتخب، لكن ذلك لم يكن سوى تحول محدود".

وأضاف أن "الملك احتفظ بالحق في اختيار رئيس الوزراء من الحزب الحائز على أكبر عدد من المقاعد، وبحق نقض التعيينات الوزارية، وترشيح مسؤولين غير منتخبين لوزارات محورية".

ويقول محللون وجماعات حقوقية إن "الطبقة السياسية تم تحييدها إلى حد كبير، بينما لا تزال السلطة الحقيقية في قبضة الملك محمد السادس و"المخزن"، وهو السلطة السياسية في المغرب"، مضيفين أن "عددا كبيرا من المنتقدين إما غادروا المغرب أو سُجنوا"، وفقا للويس.

وأردف أنه "في الوقت نفسه، تتجنب وسائل الإعلام المغربية انتقاد المواضيع الحساسة في تغطياتها، مثل أي قرار يعلنه الملك". وعادة ما تقول الحكومة إن المغاربة يتمتعون بالحريات السياسية.

واستدرك: "لكن الزلزال، أظهر تفاوتا في التنمية الاقتصادية في المغرب، إذ يربط قطار فائق السرعة بين (مدينتي) طنجة والدار البيضاء في الشمال، لكن في منطقة الزلزال جنوبا، لا توجد وسيلة لعبور المسارات الجبلية سوى بركوب الحمير لتوصيل الإمدادات إلى القرى الفقيرة النائية التي عزلها الزلزال".

وتابع: "ويشكو البعض في القرى الأمازيغية أو البربرية من التهميش والعزلة، فيما تقول الحكومة إنها تعمل على تعزيز الاستثمار ودعم التنمية المستدامة في المناطق الأكثر فقرا والنائية، وإنه لا توجد سياسة تمييزية".

من أغنياء أفريقيا

و"صنفت مجلة فوربس الملك محمد السادس في 2015 ضمن أغنى رجال أفريقيا وقدرت ثروته الشخصية بأكثر من 5 مليارات دولار"، كما تابع لويس.

وأضاف أنه منذ توليه العرش، زادت شركة "المدى" القابضة الملكية من حجم استثماراتها التي تشمل حصصا في مشاريع للتعدين والخدمات المصرفية والتجزئة والطاقة المتجددة والاتصالات في المغرب وعبر أفريقيا، وقد أصدر الملك قرارا أمر فيه الشركة بالتبرع بمليار درهم (100 مليون دولار) لصندوق الاستجابة للزلزال".

وزاد لويس بأن "ظهور الملك في المناسبات العامة أمر نادر الحدوث خلال فترة حكمه، واقتصر بشكل أساسي على المشاركة في عدد قليل من المناسبات الاحتفالية السنوية، وكثيرا ما يسافر في رحلات خاصة إلى الخارج، بما في ذلك فرنسا الحاكم الاستعماري السابق للمغرب، ولم يجر أي مقابلة إعلامية منذ سنوات".

واستطرد: "ورغم عدم ظهور ملك المغرب سوى في مرات قليلة منذ وقوع الزلزال، فإن المسؤولين الحكوميين ظلوا أيضا بعيدين عن الأنظار، وظهر المتحدث باسم الحكومة مرة واحدة فقط ليدلي ببيان حول إنشاء صندوق للضحايا".

وفي منشور على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي، قال المنار السليمي، وهو أستاذ جامعي عادة ما تُنشر تصريحاته في وسائل الإعلام المؤيدة للسلطة في المغرب: "يجب أن يخرج الوزراء (إلى الناس) من الوزارات المعنية المسؤولة عن الصحة والإسكان والتجهيز والمياه والغذاء".

المصدر | أيدان لويس/ رويترز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المغرب الملك محمد السادس الزلزال تهميش

المغرب.. نصب خيام تعليمية لطلبة المناطق المتضررة من الزلزال