لتعنت القاهرة.. أطفال مصريون في تركيا بلا وثائق هوية

الأحد 17 سبتمبر 2023 03:26 م

منذ ولادته قبل أكثر من عامين، يعيش زياد ابن يمنى في تركيا دون أي جنسية، على الرغم من استحقاقه للجنسية المصرية بحكم والديه، وفقا لشيماء الحديدي، في تقرير بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد".

وزياد هو واحد من تسع حالات وثقها الموقع، وربما واحدة من عشرات الحالات الأخرى لأطفال من أصول مصرية ولدوا في تركيا ويكافحون للحصول على شهادات ميلاد تؤكد جنسيتهم المصرية.

وتمتلك القاهرة سجلا حافلا في اعتقال مَن تعتبرهم معارضين سياسيين لدى وصولهم إلى مصر، لاسيما القادمين من تركيا التي سافر إليها العديد من المصريين عقب انقلاب عام 2013 الذي أطاح بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، بحسب شيماء.

وأضافت أن "القاهرة تشترط أن يتم إصدار شهادات الميلاد من قِبل سلطاتها في مصر لمعالجة حالة الجنسية للمواطن المولود في الخارج، ما يضع الأسر في وضع محفوف بالمخاطر، إذ لا تستطيع السفر إلى مصر وتسجيل أطفالها للحصول على الخدمات في البلد المضيف".

وتابعت أن "الإقامة التركية والمواطنة النهائية تتطلبان وثائق من البلد الأصلي لمقدم الطلب، وحتى الأطفال المولودون لأبوين أضفوا الطابع الرسمي على إقامتهما يحتاجون إلى وثائق من البلد (الأصلي) الذي يحملون جنسيته".

والمادة السادسة من الدستور المصري تنص على أن "الجنسية حق لمن ولد لأب مصري أو أم مصرية، والاعتراف القانوني بهم ومنحهم الوثائق الرسمية التي تؤكد بياناتهم الشخصية حق يكفله القانون وينظمه"، بحسب شيماء، التي أضافت أنه "يبدو أن هذا الحق لا ينطبق على العديد من الأطفال المولودين في تركيا".

موافقة أمنية

يمنى قالت إنه "على الرغم من هذه الجهود، لم يتم إصدار شهادة ميلاد لابني.. وعندما استفسر والدي عن حالة الأوراق خلال زيارته الأخيرة (لمصر)، قيل له: "الأمر ليس في أيدينا، بل مع (جهاز) الأمن الوطني. أذهب إليهم."

وتتسم متابعة القضية في مصر بالتعقيد بسبب أن والد يمنى اعتقل سابقا لمشاركته في الاحتجاجات بعد انقلاب 2013.

ووفقا لشيماء، هذه القضية ليست نادرة، إذ قالت مصرية أخرى مقيمة في تركيا تدعى إيمان إنها لم تتمكن بعد من الحصول على شهادة ميلاد لابنتها البالغة من العمر عامين.

ومثل يمنى، اضطرت إيمان إلى الاستعانة بأقارب لها داخل مصر لمتابعة الأمر، دون أن يحالفها الحظ أيضا، وقالت: "توقفنا عن المتابعة في (مركز الإصدار الرئيس للشهادات في منطقة) العباسية (بالقاهرة) بسبب إرهاق والدتي المسنة من الرحلة.. شهادة ميلاد ابنتي عالقة في مرحلة التصريح الأمني".

وفي حين أن العديد من الحالات  قد تنطوي على عنصر سياسي، إلا أن إيمان قالت: "لا أنا ولا زوجي لدينا أي مشاكل سياسية تسبب هذا التأخير".

وفي حالة يمنى، وبما أن جواز سفرها منتهي الصلاحية، فسيتعين عليها السفر إلى مصر بوثيقة سفر مؤقتة، وهذا في حد ذاته سيستدعي إجراء فحوصات أمنية إضافية عند الوصول إلى القاهرة، كما أوضحت شيماء.

وباعتبارها ابنة معتقل سياسي سابق له سجل في العمل من أجل قضايا حقوق الإنسان، فإن التهديد بالسجن هو احتمال واضح في نظرها، وقالت: "حرفيا، نحن عالقون".

خدمات صعبة

وكما تظهر حالة يمنى وزياد، فإن مشكلة الحصول على شهادة ميلاد لا تمثل سوى عقبة واحدة، إذ قالت سيدة مصرية أخرى إنها لا تواجه مشكلة في الحصول على شهادة ميلاد لطفلها، لكن ثبُت أن الحصول على جواز سفر أصعب بكثير.

وأوضحت: "حصلت على شهادة ميلاد ابني من مصر خلال 14 يوما فقط، لكن للأسف حاولت التقديم على جواز سفر له في القنصلية المصرية بإسطنبول منذ عامين، لكنه لا يزال معلقا لعدم وجود موافقة أمنية".

وحتى التصريح الأمني لا يضمن الحصول على جواز سفر، كما ظهر في حالة جدة طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، إذ قالت إن طلب الحصول على جواز سفر له، بعد الحصول على التصريح، استغرق حتى الآن أربعة أشهر.

وبدون أوراق جنسية سليمة، فإنه حتى الحصول على العلاج في مستشفى حكومي بتركيا يكون محفوفا بالصعوبة، بحسب شيماء.

وقالت يمنى: "قمنا بتطعيم (زياد) في عيادة صحية رسمية لمدة ستة أشهر، لكنهم رفضوا ذلك لاحقا لعدم وجود تصريح إقامة، وقد شرحت وضعنا السياسي. وفي أحيان أخرى، توسلت لهم".

واضطرت الأم إلى تأخير بعض تطعيمات طفلها حتى يتم إضفاء الطابع الرسمي على إقامة زياد، بموجب تصريح الإقامة الإنسانية، والذي استغرق وصوله سنة ونصف.

وفي حالة أخرى، لم تتمكن زهرة، وهي طفلة تبلغ من العمر ست سنوات، من الالتحاق بالمدرسة؛ لأن أسرتها لم تتمكن من الحصول على الوثائق الخاصة بها، كما تابعت شيماء.

المصدر | شيماء الحديدي/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر أطفال تركيا وثائق رسمية شهادات ميلاد