استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لو كانت الحكومات جادة في محاربة الغلاء!

الجمعة 22 سبتمبر 2023 01:00 م

لو كانت الحكومات جادة في محاربة الغلاء

الرواتب في سورية ارتفعت بنسبة 100% مرة واحدة، لكن زيادة الأسعار تجاوزت كثيرا تلك النسبة.

إذا كانت الحكومات جادة في رد الاعتبار لآدمية المواطن وإنسانيته، فعليها أولا أن تكون بمثابة جهاز إطفاء لنيران الأسعار المستعر.

التضخم الجامح يدهس المواطن السوري ويزيده فقرا وبؤسا خاصة مع مواصلة الليرة تهاويها مقابل الدولار، وتآكل القدرة الشرائية للمستهلك.

يتكرر البؤس في لبنان بزيادة حدة الفقر والبطالة و"دولرة" الاقتصاد والفساد المالي والاستيلاء على أموال المودعين من قبل البنوك وهروب الأموال.

لا يعقل أن يكون جيب المواطن الممول الأول للخزانة العامة وتسدد أعباء الديون من جيوب الفقراء وتحصل الحكومة على ما تبقى لبناء مدن جديدة وفنادق وقصور وقطارات فارهة.

* * *

دعنا نتفق بداية على أن زيادة الأجور والرواتب وبدل غلاء المعيشة لن تجدي نفعا في ظل تضخم جامح وقفزات متواصلة في الأسعار وخفض مستمر في قيمة العملة المحلية والاعتماد على الخارج، سواء في تموين الأسواق المحلية أو سد الفجوات التمويلية وعجز الموازنة.

ولن تكون لزيادة الأجور آثار إيجابية على المواطن وشريحة المستفيدين منها سواء من موظفي الدولة أو قطاع الأعمال العام إذا تركت الحكومة المستهلك نهبا للتضخم والمحتكرين وتجار الأزمات والأسعار المتقلبة. أو لم يطبق القرار على موظفي القطاع الخاص وهم العدد الأكبر بين الموظفين.

ولنا في التجارب العربية، وفي مقدمتها مصر وسورية ولبنان وتونس والجزائر والسودان واليمن والعراق، عبرة، فالرواتب في سورية زادت قبل أيام بنسبة 100% مرة واحدة، لكن زيادة الأسعار تجاوزت كثيرا تلك النسبة.

فعقب زيادة الرواتب أصدرت الحكومة السورية، ستة قرارات رفعت فيها أسعار المازوت والبنزين الحر والمدعوم بنسبة زادت عن 150%، كما رفعت أسعار سلع أخرى بنسب قياسية.

وبات التضخم الجامح يدهس المواطن السوري ويزيده فقرا وبؤسا خاصة مع مواصلة الليرة تهاويها مقابل الدولار، وتآكل القدرة الشرائية للمستهلك.

يتكرر المشهد في لبنان مع زيادة حدة الفقر والبطالة و"دولرة" أنشطة الاقتصاد والفساد المالي والاستيلاء على أموال المودعين من قبل البنوك وهروب الأموال.

وفي مصر لا تتوقف أسعار الزيوت والسكر والدقيق والفول والعدس واللحوم والدواجن وغيرها من السلع الغذائية عن الارتفاع بشكل شبه يومي، ولا تتوقف الحكومة عن زيادة أسعار السلع الرئيسية، وحذف الأرز وغيره من السلع الأسرية من بطاقة التموين.

وبالتالي فإن الأهم من زيادة الأجور والرواتب وصرف بدلات استثنائية هو العمل على تحسين الدخول، وهذا يتطلب كبح الأسعار أولا والعمل بكل الطرق على خفضها عبر آليات عدة، منها زيادة المعروض من السلع في الأسواق ومحاربة الاحتكارات ومواجهة التضخم الجامح عبر زيادة سعر الفائدة.

فأي زيادة في الرواتب تلتهمها الأسعار على الفور إذا لم يصاحبها استقرارا للعملة وخفضا للتضخم كما يحدث في عدة أسواق منها مصر، وأي زيادة في الأجور يعقبها تعويم للعملة المحلية وخفض قيمتها مقابل الدولار لن تؤتي ثمارها.

لأن التعويم يشعل نار الأسعار ويسكب الزيت الحارق على كل الأسعار سواء كانت سلعا رئيسية كالأغذية والسلع التموينية والبنزين والسولار، أو خدمات مثل الكهرباء والمياه وغاز الطهي والمواصلات والاتصالات وغيرها.

وقبل التفكير في زيادة الرواتب والأجور يجب بداية رد الاعتبار للمواطن المقهور ماليا والمضغوط معيشيا، والرد يبدأ من إعادة التوازن المالي لحياته وتحسين معيشته، وأن تكون السلع الحياتية في متناول يده، مع المحافظة على الطبقة المتوسطة عماد أي اقتصاد.

وأن يكفي دخل المواطن لتغطية مصروفاته والتزامات أسرته سواء الروتينية مثل الغذاء وإيجار السكن، أو نفقات العلاج والتعليم والمواصلات وغيرها، وأن تتوقف الحكومة عن الاستهداف المتواصل لجيب المستهلك المخروم، وعدم وضعه تحت ضغط مالي متواصل وأقساط وألتزامات لا تنتهي.

وإذا كانت الحكومة، أي حكومة، جادة في رد الاعتبار لآدمية المواطن وإنسانيته، فعليها أن تكون بمثابة جهاز إطفاء لنيران الأسعار المستعر، والمتصدي الأول للاحتكارات، وأن تتوقف عن زيادة كلفة المعيشة، والتوقف أيضاً عن زيادة الضرائب والرسوم الحكومية.

فليس من المعقول أن يكون جيب المواطن هو الممول الأول للخزانة العامة في مصر وسورية والأردن وغيرها من البلدان العربية، وليس من المنطقي أن يتم سداد أعباء الديون الخارجية والداخلية من جيب الموظفين البسطاء والفقراء، وأن تحصل الحكومة على ما تبقى في هذا الجيب لبناء مدن جديدة وفنادق وقصور وقطارات فارهة لا يعرف أماكنها وخدماتها سوى طبقة الأثرياء وكبار المسؤولين.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

غلاء التضخم الديون الخزانة العامة جيب المواطن غلاء المعيشة ارتفاع الأسعار الليرة السورية الليرة اللبنانية