لـ5 أسباب مهمة.. هذه القوى الدولية والإقليمية تتودد لموريتانيا

السبت 23 سبتمبر 2023 05:49 م

يسعى كل من حلف شمال الأطلسي (الناتو) والصين وروسيا والقوى الإقليمية إلى تعزيز علاقاته مع موريتانيا؛ لكونها دولة مستقرة في منطقة غرب أفريقيا المضطربة، وتتمتع بإمدادات طاقة حيوية وموقع ذي قيمة استراتيجية وسجل في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.

ذلك ما خلص إليه صموئيل راماني، وهو محلل جيوسياسي، في تحليل بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية (Foreign Policy) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أنه في 28 يوليو/تموز الماضي، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ بنظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في مدينة تشنغدو الصينية.

وتابع: "كان لقاء شي مع الغزواني هو الثاني خلال ثمانية أشهر، حيث التقى الزعيمان في قمة الصين والدول العربية بالرياض في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وبعد اجتماعهما، وقَّع البلدان اتفاقية تعاون شملت قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والطاقة الخضراء ومنحت الصين 21 مليون دولار لتخفيف عبء الديون عن موريتانيا".

وأضاف راماني أن "لقاء شي مع الغزواني يبدو روتينيا، إذ انضمت موريتانيا (نحو 4.6 مليون نسمة) إلى مبادرة الحزام والطريق (الصينية لتعزيز التجارة) في 2018 (...)، لكن توقيت تودد الصين (المنافس الاستراتيجي للغرب بقيادة الولايات المتحدة) لموريتانيا كان لافتا إذ حدث ذلك بعد ساعات فقط من قيام الجنرال عبد الرحمن تشياني بانقلاب ضد الرئيس محمد بازوم في النيجر (في غرب أفريقيا)".

استقرار نسبي

و"هذه الاجتماعات تؤكد مكانة موريتانيا باعتبارها المعقل الوحيد للاستقرار السياسي النسبي في منطقة الساحل (غرب أفريقيا)، التي تتكون من أنظمة يقودها المجلس العسكري في مالي وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر"، بحسب راماني.

وأردف: "كما أنها تلخص تكثيف المنافسة الجيوستراتيجية في موريتانيا، وهي منافسة تدور حول احتياطيات موريتانيا من الغاز الطبيعي وإمكانات الطاقة الخضراء التي توفرها تضاريسها الصحراوية الشاسعة، ناهيك عن موقعها الاستراتيجي على ساحل المحيط الأطلسي".

وأضاف أنه "على الرغم من تاريخها الحافل بالانقلابات واستمرار العبودية (منذ الاستقلال عن فرنسا في 1960)، كانت حملة مكافحة الإرهاب والتحول الديمقراطي في موريتانيا من بين قصص النجاح القليلة في منطقة الساحل".

ولفت إلى أنه "منذ أن اختطف مقاتلو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضابط الشرطة أعلي ولد مختار في بلدة حدودية بين موريتانيا ومالي في ديسمبر (كانون الأول) 2011، لم تشهد موريتانيا أي هجمات إرهابية".

الأمن والهجرة

"مع تحسن الوضع الأمني في موريتانيا وتحول نظامها السياسي إلى شبه ديمقراطي، تعززت علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي بشكل كبير، وقام الحلف بتدريب أفراد عسكريين موريتانيين وأنشأ أربعة مراكز لإدارة الأزمات في البلاد، مما ساعد في قدرتها على مكافحة التهديدات للأمن والصحة العامة"، كما زاد راماني.

ولفت إلى أنه "في يناير/ كانون الثاني 2021، أصبح الغزواني أول رئيس موريتاني يزور مقر الناتو (في بروكسل)، وقد استقبله الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بترحيب حار، ووصف موريتانيا بأنها "قائدة في مجموعة الساحل الخمس" ضد الإرهاب، وتعهد بتعميق التعاون الأمني على الحدود".

وتابع أن "دعوة موريتانيا لحضور قمة مدريد في يونيو/حزيران 2022، باعتبارها شريكا من خارج الناتو، أثارت تكهنات بإمكانية إنشاء قاعدة للحلف على ساحلها الأطلسي ذو القيمة الاستراتيجية".

وأوضح أن "توسيع التعاون الأمني بين الناتو وموريتانيا مدفوع أيضا برغبة الدول الأوروبية في كبح جماح تدفقات الهجرة غير الشرعية من منطقة الساحل، إذ تعد موريتانيا طريق عبور شهير للمهاجرين الأفارقة الذين يسعون إلى دخول أوروبا عبر جزر الكناري".

مصدر للطاقة

ومع سعي الدول الأوروبية للبحث عن موردي الطاقة البديلة، بحسب راماني، "اكتسبت موريتانيا أهمية استراتيجية جديدة، ومن المقرر أن تصبح موريتانيا مصدرا للغاز الطبيعي إلى أوروبا بحلول نهاية العام الحالي، مع اكتمال المرحلة الأولى من مشروع تورتو أحميم الكبرى، بقيادة شركة بريتيش بتروليوم وشركة كوزموس إنرجي".

وتابع أنه "يمكن لموريتانيا أيضا أن تضع نفسها بسهولة كمركز للطاقة المتجددة في غرب إفريقيا، حيث تمتلك 700 ألف كيلومتر مربع من الأراضي المتاحة لوضع ألواح شمسية وتوربينات رياح".

ولفت إلى أنه "في مارس/ آذار 2023، وقَّعت شركة Conjuncta الألمانية لتطوير المشروعات مذكرة تفاهم مع شركة Infinity المصرية لتوفير الطاقة وشركة مصدر الإماراتية لإقامة مشروع هيدروجين أخضر بقيمة 34 مليار دولار في موريتانيا يمكن أن ينتج نحو 8 ملايين طن متري من الهيدروجين الأخضر سنويا".

و"بما أن موريتانيا يمكن أن تساعد في عرقلة استخدام روسيا لصلاح الطاقة ضد أوروبا ومنح الناتو موطئ قدم بجوار عمليات مجموعة (مرتزوقة) فاجنر (الروسية) في مالي، فقد وسع  الكرملين تعاملاته مع نواكشوط"، كما أردف راماني.

وزاد بأنه "على الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية الروسية مع موريتانيا كان يقودها تقليديا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إلا أن رئيسه سيرجي لافروف قام بزيارة تاريخية إلى نواكشوط في فبراير (شباط) الماضي".

ويفرض الغرب عقوبات على صادرات روسيا، لاسيما من الطاقة؛ على خلفية حرب تشنها في أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022؛ وتبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى "الناتو"، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.

كما لفت راماني إلى علاقات وثيقة بين نواكشوط ودول أخرى في الشرق الأوسط، لاسيما السعودية والإمارات وقطر وتركيا، وبعض هذه الدول ضخت استثمارات في موريتانيا وتسعى إلى تعزيز التبادل التجاري.

المصدر | صموئيل راماني/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج

  كلمات مفتاحية

موريتانيا الصين الناتو روسيا علاقات