التطبيع السعودي الإسرائيلي.. الاتفاق مسألة وقت وبن سلمان غير متعجل

الأربعاء 4 أكتوبر 2023 03:54 م

سلط مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، كريس دويل، الضوء على الاتفاق المزمع لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، مشيرا إلى أن الزيارة الأولى لوزير في الحكومة الإسرائيلية إلى السعودية أدت إلى تصاعد الثرثرة والتكهنات بشأن اقتراب الاتفاق.

وذكر دويل، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن سؤال الصفقة السعودية الإسرائيلية هو: متى ستتم؟ ومن سيكون مهندسها؟ وليس ما إذا كانت ستتم من عدمه، خاصة أن الأطراف الثلاثة للصفقة (السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة) ليست في حالة صداقة حميمة.

وأضاف أن بعض المراقبين يرون أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يريد أن يكون داعما للاتفاق، ويعتبره نجاحا حيويا في سياسته الخارجية قبل انتخابات عام 2024، إذ ليس لديه الكثير ليقدمه للناخبين المتشككين، كما لا يريد أن يرى السعودية تقترب أكثر من الصين.

 فيما يعتقد آخرون أن بايدن قد لا يكون يائسا كما يتصور البعض، ويتساءلون: هل يهتم الناخبون الأمريكيون بالتطبيع السعودي الإسرائيلي إلى هذا الحد؟ فضلا عن شعور الكثيرين منهم بالقلق إزاء احتمال تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.

ويلفت دويل، في هذا الصدد، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يريد صفقة التطبيع ليضيفها إلى إرثه التاريخي، ما يسمح له بالظهور كزعيم أبرم صفقة مع واحدة من أغنى القوى في العالم العربي، مضيفا دفعا صاروخيا لعملية التطبيع، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أبعد من ذلك.

ومن شأن إبرام الصفقة أيضا أن يجدد علاقات حكومة نتنياهو مع الولايات المتحدة، بعد أن استغرق رئيس الوزراء الإسرائيلي 9 أشهر لعقد اجتماع مباشر مع بايدن، ومن شأنه أيضًا أن يصرف الانتباه عن مشاحناته القانونية المستمرة، بحسب دويل.

أما بالنسبة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فإن لديه قائمة أهداف مفصلة للغاية، بما في ذلك الأسلحة الأمريكية المتقدمة، واتفاقية دفاع وبرنامج نووي مدني.

وعلى النقيض من الزعيمين الآخرين، فلا يبدو بن سلمان يائسا؛ بل هو "قادر على التحلي بالصبر، وهي صفة لم تكن ظاهرة عندما صعد لأول مرة إلى قمة السياسة السعودية" بحسب دويل، مشيرا إلى أن ولي العهد السعودي لا يواجه انتخابات (كما هو حال بايدن) أو خطر انفكاك تحالف حكومي متطرف وغير مستقر، أو احتمال الذهاب إلى السجن (كما هو حال نتنياهو)، ولا يبدو أنه سيندفع بشكل أعمى إلى أي صفقة مع إسرائيل.

مطالب كبيرة

كما أن نظرة سريعة على استطلاعات الرأي الأخيرة ستذكّر بن سلمان بأن الخليفة المحتمل لبايدن هو الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي تربطه به علاقات وطيدة، بخلاف بايدن، الذي اضطر للذهاب إلى جدة والسلام مع ولي العهد السعودي بقبضة اليد سيئة السمعة بسبب الوضع الاقتصادي الأمريكي وأسعار النفط.

وكان على بايدن أن يواجه الجناح ذو النفوذ المتزايد في الحزب الديمقراطي الذي لا يحب السعودية ولا إسرائيل، ولذا ربما يسأل بن سلمان نفسه: لماذا يمنح أي جوائز لبايدن؟

وهنا يشير دويل إلى أن الالتزام الإسرائيلي الكامل بشأن مستقبل المسجد الأقصى يجب أن يكون حجر الزاوية في أي اتفاق، وقد شجع بن سلمان ذلك على رفع سقف مطالبه، واختبار مدى رغبة بايدن في إبرام الصفقة، وإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للموافقة على شروطه، خاصة السماح للسعودية بامتلاك برنامج نووي مدني واتفاق دفاعي كامل، فقد يمضي بن سلمان قدما.

أما إذا رفض بايدن، فستتكيف القيادة السعودية وفقًا لذلك وتبقي خياراتها الأمنية طويلة المدى مفتوحة، بحسب دويل.

ولكن ما هو موقع الفلسطينيين من ذلك؟ يجيب مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني بأن اتفاقيات إبراهيم تميزت بالغياب التام للمساهمة الفلسطينية في كل مرحلة، وجاءت الصفقة بمثابة صدمة للقيادة الفلسطينية، التي لم تكن تعلم شيئًا عن المحادثات ولم تكن لها علاقة بإدارة ترامب في ذلك الوقت.

ولم تظهر الإمارات والبحرين أي ميل لإدراج الشأن الفلسطيني في اتفاق التطبيع، ودفعتا علاقاتهما مع إسرائيل إلى الأمام إلى درجة غير عادية، وكان الشرط الوحيد هو أن تتخلى إسرائيل عن خططها لضم أراضي الضفة الغربية المحتلة رسميا، وهو ما كان نتنياهو على استعداد تام للقيام به، نظرا لأنه يعتقد أن الضم الفعلي أصبح في متناول اليد وأن الضم الرسمي هو مجرد مسألة وقت.

تحول ذو مغزى

ومن الواضح أن القيادة الفلسطينية متوترة بشأن خطط السعودية للتطبيع، وقد أوضحت الرياض أنها تتوقع تحركاً كبيراً في الملف الفلسطيني، رغم أن ما يعنيه ذلك غير واضح.

لكن القيادة الفلسطينية منخرطة في كواليس التطبيع السعودي الإسرائيلي على الأقل، حتى لو لم تكن بالفعالية التي قد يرغب بها الكثيرون، بحسب دويل.

وزار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، السعودية في أبريل/نيسان، وأجرى محادثات مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، وفعلت حركة حماس الشيء نفسه، كما عينت السعودية أول سفير غير مقيم لها لدى السلطة الفلسطينية.

غير أن دويل يصف القضية الفلسطينية بأنها "خطر على القيادة السعودية"، إذ يشكل مستقبل القدس، وخاصة المسجد الأقصى، قضية حساسة بالنسبة لبلد يفتخر بكونه موطن مكة والمدينة.

فالالتزام الإسرائيلي الكامل بشأن مستقبل الأقصى يجب أن يكون حجر الزاوية في أي اتفاق للتطبيع، ويأمل العديد من الفلسطينيين أن تلتزم السعودية بخطوط مبادرة السلام العربية، التي تتطلب الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة مقابل السلام الكامل.

وهنا يشير دويل إلى أن الائتلاف الإسرائيلي الحالي هو الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد، وأن أمثال وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، ووزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، سيدمرون الائتلاف بدلاً من التنازل عن أي شيء ذي معنى للفلسطينيين، لأنهم يريدون تفكيك السلطة الفلسطينية، في حين يريد نتنياهو أن تظل السلطة بمثابة الذراع الأمنية لإسرائيل لحماية الاحتلال.

لكن إذا انهار الائتلاف الإسرائيلي، فهل سيتشكل ائتلاف جديد من يمين الوسط للمضي قدماً في التوصل إلى اتفاق مع السعودية؟ يتشكك دويل في ذلك، مشيرا إلى أن انعدام الثقة في نتنياهو سيكون هو العقبة الرئيسية أمام هكذا سيناريو على نطاق واسع.

ويخلص دويل إلى أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع، وأن إسرائيل والسعودية ليستا في حالة حرب، ولديهما علاقات معقولة تحت الطاولة ومصالح مشتركة، "لكن السلام الحقيقي المستدام الذي يمكن أن يشهد تحولاً حقيقياً وهادفاً في المنطقة يتطلب وضع حد للقمع المنهجي للشعب الفلسطيني، وإزالة نظام الفصل العنصري الذي يعاني منه كل يوم".

كما يجب على القيادة الأمريكية، بحسب دويل، أن تفهم ذلك أيضًا، وإذا كان الهدف هو مكافأة حليفيها بسخاء، فلابد أن يكون ذلك من أجل التوصل إلى حل طويل الأمد، وليس "سلام المسرح الدبلوماسي الذي لا معنى له" حسب تعبيره.

المصدر | كريس دويل/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إسرائيل التطبيع جو بايدن نتنياهو محمد بن سلمان

لأول مرة.. وزير إسرائيلي يلقي خطابا بمؤتمر دولي في السعودية (فيديو)

هكذا وضع بن سلمان صيغة جديدة للتعاون السعودي -الأمريكي