استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أنقـذوا مجلـة «العربي»

الأحد 14 فبراير 2016 07:02 ص

كنت أتوقع مسبقاً نجاح الوسم (الهاشتاغ) الذي أطلقته، قبل أيام، على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، بهدف إلقاء الضوء على المشكلات التي تعاني منها مجلة «العربي»، ومحاولة البحث عن حلول لها، لكنني لم أتوقع أن يكون الإقبال عليه بهذا الشكل الذي فاق توقعاتي المتفائلة.

ما أن كتبت الوسم هكذا؛ #أنقذوا_مجلة_العربي، حتى انهمر طوفان من التغريدات أغرق موقع تويتر بسيول من الحنين تجاه هذه المجلة العريقة، وبدا وكأن كل قارئ لها يحاول أن ينقذها فعلاً بكلماته، وبتذكّر حكايته، أو حكاية والده، أو والدته أو جده أو جدته معها، حتى بدا وكأن لكل قارئ عربي بداية مميزة، وحكاية لا تنسى، مع مجلة العربي التي ليست مجرد مجلة، بل هي مشروع حضاري واسع المدى، أطلقته الكويت قبيل استقلالها بسنوات.

صدر عددها الأول في ديسمبر/كانون الأول من العام 1958 رسالة كويتية المنشأ، عربية الهوى والهدف واللسان. ولم تكد تمضي سنة واحدة من عمر العربي، حتى صارت أشهر مجلة عربية على مدى نصف قرن، بما يقرب من ربع مليون نسخة شهرية، تتلقفها أيدي القراء العرب، بسعرٍ يقل عن سعر تكلفتها بكثير، ما ساهم بانتشارها، وانتشار الثقافة الصحفية الرفيعة معها، قاضية بذلك على فكرة أن العرب لا يقرأون، إلا ما هو تافه وسطحي من المنشورات الصحفية.

لكن "العربي" التي حافظت على تألقها سنوات طويلة، ولم تتخل عن تقاليدها العريقة، في التحرير والكتابة واختيار الموضوعات وارتياد المناطق غير المكتشفة على نطاق واسع، وبقيت شابةً، حتى، وهي تتخطى عقدها الرابع، دب الهرم فجأة بين صفحاتها، وعانت من الوهن المباغت، والذي استشعره قراؤها الأوفياء، حتى في ظل محاولات إنقاذ بادر إليها بعضهم فرديا.

ومن المفارقات المحيّرة أن هذه المجلة التي لم تتوقف عن الصدور أبداً، وحتى في ظل الاحتلال العراقي للكويت في العام 1990، والذي استمر سبعة شهور، بل بقيت من الأيقونات الحضارية والجمالية التي حملت هوية الكويت، واتكأ عليها عرب كثيرون مؤيدون للحق الكويتي آنذاك، باعتبار الكويت وطن المجلة الأشهر والأكثر عراقة وأهمية وانتشاراً في الوطن العربي.

ها هي الآن تقف على بعد خطوات قليلة من الموت النهائي، بعد فترة احتضار موجعة لها، ولأهلها ولقرائها، بدأت بتقليص الأعداد المطبوعة منها إلى أقل من نصف العدد المعتاد، والذي لم يكن يكفي القراء العرب أصلاً، ثم توقف موقعها الإلكتروني الذي كان من أوائل المواقع الإلكترونية الصحفية العربية. وكان المؤمل أن يضم كل أرشيفها الضخم، كأكبر مكتبة استطلاعات مصورة للوطن العربي في القرن العشرين.

وبعدها أهملت تلك الاستطلاعات الفريدة من نوعها، والتي لم تنافسها فيها مطبوعة عربية أخرى حتى الآن، حيث وصل محررو العربي ومصوروها إلى مناطق عربية، لم يسبقهم إليها صحفي، وعادوا بحصيلة نادرة من الصور والمعلومات والحكايات التي ما زال يتندّر بها كثيرون من أهل تلك المناطق، ويستحضرونها باعتبارها تاريخهم الصحفي الأول. وتتابعت مآسي "العربي" بعد ذلك، حتى وصلت هذا العام إلى إلغاء ندوتها السنوية، والتي تعتبر أحد أهم ندوات العرب الثقافية منذ سنوات.

أما لماذا تدهورت أحوال المجلة التي كانت حضناً دافئا لأقلام أهم المفكرين والكتاب والشعراء العرب وأشهرهم في القرن العشرين، ومنهم طه حسين وبدر شاكر السياب ونزار قباني ونازك الملائكة ويوسف إدريس وفؤاد زكريا ومحمد مهدي الجواهري ونجيب محفوظ، وغيرهم كثيرون، فهو السؤال الذي ظل بلا إجابة شافية.

ففي حين تبحث بلاد محيطة بالكويت عمّا يعزّز صورتها الثقافية عربياً وعالمياً بمشروعات جاهزة ومستوردة، شكلاً وموضوعاً، وتهتم بها بكل السبل الممكنة دعائياً، تفرط الكويت بمشروعها الثقافي الأصيل، المتمثل في مجلتها الرائدة عشوائياً، وبدلاً من التفكير الجدي في استثمار مكانتها التاريخية العالية، بمحاولة إدراجها في قائمة التراث العالمي.. تهملها ذلك الإهمال الذي سيودي بها إلى الموت البطيء حتماً.

* سعدية مفرح كاتبة وشاعرة وصحافية كويتية

  كلمات مفتاحية

مجلة العربي الكويت الثقافة التراث الثقافي العالمي