هيمنة أمريكا والدولار.. أيهما الدجاجة وأيهما البيضة؟ خبير يجيب

الاثنين 9 أكتوبر 2023 11:50 ص

هيمنة الولايات المتحدة وهيمنة الدولار هما وجهان للظاهرة نفسها، ولن تتمكن أي قوة خارجية في الوقت الحالي من إنهاء هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وهو ما يُعرف بـ"الدولرة".

ذلك ما خلص إليه أندرياس كلوث، وهو كاتب وخبير، في مقال بوكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg) ترجمه "الخليج الجديد"، بعد أن طرح سؤالين بشأن إن كانت هذه "الدولرة" مفيدة أم مضرة لكل من الولايات المتحدة والعالم.

كلوث أردف أن زعماء دول مجموعة بريكس، وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، يرغبون في أن تحل محل الدولار وسائل تبادل دولية أخرى أو عدة بدائل في وقت واحد.

وتابع: "من الواضح أن المال يلعب دورا ضخما في الزعامة الأمريكية العالمية، فالهيمنة في نهاية المطاف تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد لعب دور الشرطي العالمي، وتتضمن الحفاظ على قدر من النظام في كل شيء من التجارة إلى التمويل".

وأضاف أن "البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لا تزال تحتفظ بمعظم احتياطياتها من النقد الأجنبي بالدولار، ويحب المصدرون في كل مكان إصدار الفواتير بالدولار، فاليورو لا يتفوق على الدولار إلا في أوروبا نفسها".

و"لعل الأمر الأكثر دلالة هو أن الأفراد خارج الولايات المتحدة يخزنون ما يقدر بنحو تريليون دولار من الأوراق النقدية بالدولار كما لو كانت سبائك ذهبية"، كما زاد كلوث.

الملاذ الآمن

وبالنسبة للسؤال الأول، قال كلوث إن "الولايات المتحدة تستفيد من هيمنة عملتها، ولكن ربما ليس بالقدر الذي يتصوره منتقدوها، فمثلا لا يتعين عليها أن تدفع فائدة لكل الأجانب الذين يكتنزون أوراق الدولار، كما لو كانوا يحتفظون بسندات أمريكية".

و"لكن هذا لا يوفر للولايات المتحدة سوى نحو 48 مليار دولار سنويا أو 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي"، وفقا لستيفن كامين، وهو خبير في معهد "أميركان إنتربرايز" والمدير السابق للتمويل الدولي في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وأردف كلوث أن "الفائدة الأكبر هنا هي أن الولايات المتحدة قادرة على الاقتراض من العالم بأسعار فائدة أقل من تلك التي قد تقترضها باستخدام عملة أقل أهمية؛ فالجميع يريدون الاحتفاظ بأصول بالدولار. ومع ذلك، فإن ألمانيا واليابان اقترضتا على مدى العقد الماضي بتكلفة أقل".

وزاد بأنه "خلافا لأغلب الدول الأخرى، فإن الولايات المتحدة قادرة على الاستمرار في إدارة العجز التجاري إلى أجل غير مسمى؛ فالأجانب سيكونون دائما سعداء بالاحتفاظ بدولاراتهم، وبالتالي إبقاء الدولار باهظ الثمن والواردات الأمريكية رخيصة، وبعبارة أخرى، تستطيع الولايات المتحدة أن تعيش بما يتجاوز إمكانياتها، وهي تفعل ذلك بالفعل".

ومضى قائلا إن "هيمنة الدولار تعزل الولايات المتحدة عن الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية حتى تلك التي تسببها واشنطن  نفسها، فلأن عملتها تعتبر "الملاذ الآمن"، يندفع العالم إليها كلما حدثت اضطرابات من حروب إلى أزمات مالية".

عملة أخرى

أما بخصوص إن كانت هيمنة الدولار مفيدة أم مضرة للعالم، فقال كلوث إنه "على الجانب السلبي، لا يحدد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة الخاصة به فحسب، بل في الواقع أسعار الفائدة في الاقتصادات الأخرى أيضا".

وتابع: "وعندما تشدد الولايات المتحدة سياساتها، فإن الاقتراض يصبح أكثر تكلفة بالنسبة للآسيويين وأمريكا اللاتينية أيضا، سواء شاءوا ذلك أم لا، والعكس صحيح".

وزاد بأنه "لأن العديد من الدول تدير تجارتها بالدولار، فإن ارتفاع الدولار، طوعا أو كرها، يجعل صادراتها أقل قدرة على المنافسة". وكما قال وزير خزانة أمريكي ذات يوم أمام مجموعة من وزراء المالية الأوروبيين: الدولار عملتنا، ولكنه مشكلتكم".

و"على الجانب الإيجابي، فإن القبول شبه العالمي للدولار يقلل أيضا من تكاليف المعاملات في التجارة والاستثمار الدوليين. وفي الواقع فإن الدولار هو وسيلة التبادل العالمية ووحدة الحساب ومخزن القيمة"، كما أردف كلوث.

وأضاف أنه "إذا فقد الدولار هذه المكانة في أي وقت، فسيتعين على عملة أخرى أن تحل محله.. وهيمنة الولايات المتحدة وهيمنة الدولار هما وجهان لنفس الظاهرة، ولا أستطيع أن أحدد أيهما الدجاجة وأيهما البيضة".

واعتبر أنه "لا يمكن لأي قوة خارجية، لا تكنوقراطي شيوعي صيني ولا تكنولوجيا البلوكتشين ولا قمة مجموعة البريكس، أن تُسقط الدولار في الوقت الحالي".

المصدر | أندرياس كلوث/ بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أمريكا الدولار هيمنة العالم دولارة