كيف خدعت حماس إسرائيل وتمكنت من مفاجأتها بطوفان الأقصى؟

الاثنين 9 أكتوبر 2023 12:12 م

أدت حملة خداع دقيقة إلى مفاجأة الاحتلال الإسرائيلي، عندما شنت حركة المقاومة الإسلامية حماس هجومها المدمر، ما مكن قوة تستخدم الجرافات والطائرات الشراعية والدراجات النارية من التغلب على أقوى جيش في الشرق الأوسط.

هكذا يصف تقرير لوكالة "رويترز"، وترجمه "الخليج الجديد"، العملية العسكرية التي أطلقتها كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس" الفلسطينية، فيما مثل "أسوأ اختراق لدفاعات الاحتلال الإسرائيلي منذ أن شنت الجيوش العربية الحرب عام 1973".

ويشير التقرير إلى أن هذه الخدعة، جاءت بعد عامين من الحيل التي قامت بها حماس شملت إبقاء خططها العسكرية طي الكتمان، وإقناع الاحتلال بأنها لا تريد القتال.

وتقول "رويترز"، إنه بينما كان الاحتلال الإسرائيلي يعتقد أنه يحتوي حماس التي أنهكتها الحرب من خلال توفير حوافز اقتصادية للعمال في غزة، كان مقاتلو الجماعة يتلقون التدريب، وغالبا على مرأى من الجميع.

وقدم مصدر فلسطيني مقرب من حماس، العديد من التفاصيل بشأن رواية الهجوم، وكيفية التحضير له.

كما ساهمت في هذه الرواية ثلاثة مصادر داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، طلبوا مثل آخرين عدم الكشف عن هويتهم.

يقول المصدر الفلسطيني: "حماس أعطت الاحتلال الإسرائيلي انطباعا بأنها غير مستعدة للقتال"، واصفا خطط الهجوم الأكثر رعبا منذ حرب يوم الغفران قبل 50 عاما، عندما فاجأت مصر وسوريا دولة الاحتلال، وجعلتها تقاتل من أجل نجاتها.

ويضيف: "لقد استخدمت حماس تكتيكاً استخباراتياً غير مسبوق لتضليل الاحتلال خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع عام بأنها غير مستعدة للدخول في قتال أو مواجهة مع الاحتلال أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة".

ويعترف الاحتلال بأنه تفاجأ بالهجوم الذي تزامن مع يوم السبت اليهودي وعطلة دينية.

واقتحم مقاتلو حماس البلدات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 700 إسرائيلي واختطاف العشرات، وقتل الاحتلال أكثر من 500 فلسطيني في رده على غزة منذ ذلك الحين.

ووصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نير دينار، الهجوم بالقول: "هذا هو 11 سبتمبر/أيلول (2001)" مضيفا: "لقد تمكنوا منا".

وتابع: "لقد فاجأونا وجاءوا بسرعة من مواقع عدة؛ سواء من الجو أو الأرض أو البحر".

بينما يقول ممثل حماس في لبنان أسامة حمدان، إن الهجوم يظهر أن الفلسطينيين لديهم الإرادة لتحقيق أهدافهم "بغض النظر عن قوة الاحتلال الإسرائيلي وقدراته العسكرية".

فيما يشير المصدر المقرب من حماس، إلى أنه في أحد العناصر الأكثر لفتًا للانتباه في استعداداتها، قامت حماس ببناء مستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة حيث تدربت على الإنزال العسكري وتدربت على اقتحامها، مضيفًا أنهم قاموا بتصوير مقاطع فيديو للمناورات.

ويتابع المصدر: "من المؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي رآهم، لكنهم كانوا مقتنعين بأن حماس لم تكن حريصة على الدخول في مواجهة".

وفي الوقت نفسه، سعت حماس إلى إقناع الاحتلال بأنها مهتمة أكثر بضمان حصول العمال في غزة، وهو شريط ضيق من الأرض يسكنه أكثر من مليوني نسمة، على فرص العمل عبر الحدود، وليس لديها مصلحة في بدء حرب جديدة، وفق المصدر.

ويزيد: "لقد تمكنت حماس من بناء صورة كاملة بأنها غير مستعدة لمغامرة عسكرية ضد الاحتلال".

ومنذ حرب عام 2021 مع حماس، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى توفير مستوى أساسي من الاستقرار الاقتصادي في غزة من خلال تقديم حوافز تشمل آلاف التصاريح حتى يتمكن سكان غزة من العمل في إسرائيل أو الضفة الغربية، حيث يمكن أن تصل الرواتب في وظائف البناء أو الزراعة أو الخدمات إلى 10 أضعاف مستوى الأجور في غزة.

واعترف متحدث آخر باسم الجيش الإسرائيلي، بالقول: "اعتقدنا أن حقيقة مجيئهم للعمل وجلب الأموال إلى غزة ستخلق مستوى معيناً من الهدوء ولكننا كنا مخطئين".

كما يعترف مصدر أمني إسرائيلي، بأن حماس خدعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وقال: "لقد جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال".

مضيفًا: "طوال الوقت كانوا يشاركون في التدريبات حتى قاموا بأعمال شغب".

وكجزء من حيلتها في العامين الماضيين، امتنعت حماس عن القيام بعمليات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حتى عندما شنت حركة الجهاد الإسلامي سلسلة من الهجمات أو الهجمات الصاروخية الخاصة بها.

ويقول المصدر إن ضبط النفس الذي أبدته حماس أثار انتقادات علنية من بعض المؤيدين، بهدف خلق انطباع بأن حماس لديها مخاوف اقتصادية، وليست حربا جديدة في ذهنها.

وفي الضفة الغربية، التي يسيطر عليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجماعته "فتح"، كان هناك من سخروا من "حماس" بسبب التزامها الصمت.

وفي بيان لحركة "فتح"، نُشر في يونيو/حزيران 2022، اتهمت الحركة قادة "حماس" بالفرار إلى العواصم العربية للعيش في "فنادق وفيلات فاخرة"، تاركين شعبهم للفقر في غزة.

ويقول مصدر أمني إسرائيلي ثان، إنه كانت هناك فترة اعتقد فيها الاحتلال الإسرائيلي أن زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار كان منشغلا بإدارة غزة "بدلا من قتل اليهود".

ويضيف أنه في الوقت نفسه، حولت "تل أبيب" تركيزها بعيدا عن حماس في الوقت الذي دفعت فيه للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية.

ولطالما تفاخر الاحتلال الإسرائيلي بقدرته على اختراق الجماعات الإسلامية ومراقبتها، ونتيجة لذلك، يقول المصدر المقرب من حماس، إن جزءا حاسما من الخطة، هو تجنب التسريبات.

ويضيف أن العديد من قادة حماس لم يكونوا على علم بالخطط، وأثناء التدريب، لم يكن لدى المقاتلين الألف المنتشرين في الهجوم أي فكرة عن الغرض الدقيق من التدريبات.

وعندما جاء اليوم، تم تقسيم العملية إلى 4 أجزاء، كما قال مصدر حماس، واصفًا العناصر المختلفة.

ويشرح المصدر أن الخطوة الأولى تمثلت في إطلاق وابل من 3 آلاف صاروخ من غزة، تزامنت مع توغلات قام بها مقاتلون طاروا بطائرات شراعية عبر الحدود.

وقال الاحتلال في وقت سابق إنه تم إطلاق 2500 صاروخ في البداية.

وبمجرد وصول المقاتلين على الطائرات الشراعية إلى الأرض، وفق المصدر، قاموا بتأمين الأرض حتى تتمكن وحدة كوماندوز من النخبة من اقتحام الجدار الإلكتروني والإسمنتي المحصن الذي يفصل غزة عن المستوطنات والذي بناه الاحتلال لمنع التسلل.

واستخدم المقاتلون المتفجرات لاختراق الحواجز ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية ووسعت الجرافات الفجوات ودخل المزيد من المقاتلين بسيارات رباعية الدفع، وهي المشاهد التي وصفها الشهود.

ويضيف المصدر، أن وحدة كوماندوز هاجمت مقر قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب غزة، وشوشت على اتصالاته، ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض.

ويتابع: "الجزء الأخير شمل نقل الرهائن إلى غزة، وهو ما تم تحقيقه في الغالب في وقت مبكر من الهجوم".

وفي إحدى عمليات احتجاز الرهائن التي حظيت بتغطية إعلامية جيدة، اختطف المقاتلون رواد الحفل أثناء فرارهم من حفلة بالقرب من كيبوتس رعيم بالقرب من غزة.

وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، عشرات الأشخاص يركضون في الحقول وعلى الطريق مع سماع أصوات أعيرة نارية.

ويعلق المصدر الأمني ​​الإسرائيلي على ذلك بالقول: "كيف يمكن أن يحدث هذا الحفل بهذا القرب (من غزة)؟".

ويضيف أن القوات الإسرائيلية لم تصل إلى كامل قوتها في الجنوب قرب غزة، بسبب إعادة انتشار بعضها في الضفة الغربية لحماية المستوطنين الإسرائيليين، بعد تصاعد أعمال العنف بينهم وبين نشطاء فلسطينيين.

ويتابع المصدر: "إنهم (حماس) استغلوا ذلك".

من جانبه، قال الجنرال المتقاعد ياكوف عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للصحفيين الأحد، إن الهجوم يمثل "فشلا كبيرا لنظام المخابرات والجهاز العسكري في الجنوب".

وأضاف عميدرور، الذي كان رئيسا لمجلس الأمن القومي من أبريل/نيسان 2011 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وهو الآن زميل كبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن بعض حلفاء إسرائيل كانوا يقولون إن حماس اكتسبت "المزيد من المسؤولية".

وتابع: "لقد بدأنا بغباء نعتقد أن هذا صحيح.. لذلك ارتكبنا خطأ.. لن نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى وسندمر حماس ببطء ولكن بثبات".

المصدر | رويترز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حماس إسرائيل القسام طوفان الأقصى خداع فشل استخباراتي

مسؤول استخباراتي مصري: حذرنا إسرائيل من "شيء كبير" لكنها لم تستمع

جيروزاليم بوست: حماس مارست "خداعا مثاليا" للاستخبارات الإسرائيلية