استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بين الأصل والتفرعات: والتفرعات أصول!

الأحد 14 فبراير 2016 03:02 ص

ثمة حملة شعواء يثيرها البعض في الغرب ضد الإسلام باعتباره الأساس والمرجعية التي تولدت منها حركات يصفها بالإرهابية، أو أية حركة متطرفة حتى لو كانت عصابة إجرام عادي.

وهنالك من يذهبون هذا المذهب من بعض العلمانيين في بلادنا ليس بالنسبة إلى الحركات العنفية المتطرفة فحسب وإنما أيضا يرجعون كل تخلف تعاني منه أمة العرب أو المسلمين، بعامة، إلى الإسلام نفسه.

وقد تجد هذا النهج مستخدما في الصراعات الأدنى، إذ يصار إلى اعتبار تنظيم بعينه، أو مفكر، أو عالم بعينه، مسؤولا عن كل ما يمكن أن يكون تفرع منه أو مر به، أو نقل عنه، أو انتسب إليه من حركات واتجاهات. وهذا ما نجده عند الذين يحملون حركة الإخوان المسلمين، مثلا، مسؤولية كل فرد أو مجموعة سبق ومرت بها ثم خرجت منها، أو حتى لو خرجت عليها، وهو ما ينطبق كذلك على إعادة عشرات الحركات إلى فكر سيد قطب، أو كتاب له مثل "معالم في الطريق"، وعليه قس.

وهو ما حدث شبيه له في التجربة الأوروبية بالنسبة إلى ماركس وهيغل والماركسية والحركات اليسارية والاشتراكية، بل تراه يتكرر عند كثيرين ممن يدرسون الفكر الفلسفي أو الاجتماعي أو السياسي، وما يتفرع من مدارس فكرية.

إن هذه العلاقة التي تقوم بين الأصل والفرع، أو بين مصدر وتداعياته، أو بين حالة وما تنتسب إليه بحق أو بلا حق، يمكن أن تناقش من زاويتين: الأولى الزاوية المعرفية الصرف لتحديد العلاقة وطبيعتها، والثانية أغراض الاستخدام الذي يذهب إلى الطعن بالابن أو الحفيد (مع فارق الشبه) من خلال الطعن بالجد، أو العكس فيحمل الجد المسؤولية من خلال الطعن بالابن والحفيد.

طبعا لندع الزاوية الثانية جانبا، لأننا هنا أمام حالة استخدام، ولسنا أمام حالة بحث معرفي أو بحث عن حقيقة، وقد قالت العرب قديما: "الغرض مرض". والمرض في هذه الحالة عضال ولا يحتمل المناقشة.

ولهذا إن هذه الظاهرة (تفرع عن أصل أو الانتساب إليه) تكاد أن تكون عامة لا يفلت منها دين، أو مذهب، أو فكر، أو نظرية، أو مدرسة ثقافية، أو سياسية، أو اجتماعية، وكذلك يكاد لا يفلت منها حزب أو حركة، فالقانون الجاري العام هو أن حدوث التفرع من أصل، أو مصدر، أو قل صدور فكر ما عن فكر سبقه: تخرج حالة مختلفة ويجب أن تعامل كذلك.

ولو أخذنا حالات، الانشقاق والارتداد والانحراف، مثلا وهي التعبيرات التي يطلقها الأصل على فرع منه خرج عليه للمسنا المغايرة بوضوح. ولكن هذه الأوصاف تكشف كم الانفصال عميق وحاد. وهو عكس نهج الذين يربطون الفرع بالأصل أو الأصل بالفرع ربطا يهدف إلى التوحيد بينهما وهنا يدخل الغرض في أغلب الحالات.

من يدقق في هذه الظاهرة يمكنه أن يلحظ أن كل تفرع حين يصل إلى حد التبلور يتمايز تماما، ويجب أن يعامل باعتباره منظومة قائمة بذاتها، وتحاسب على ما هي عليه، ولا يؤخذ الأصل الذي تفرعت عنه بجريرتها، ولا أن يعتبر الأصل هو المسؤول عنها فتقرأ من خلالها. وهو ما ينسجم مع محاسبة كل إنسان في الآخرة فردا.

فالمنهج السليم هنا، مثلا، ألا تقرأ الجماعات الإسلامية أو التيارات التي تفرعت عن الإخوان باعتبارها امتدادا "شرعيا" أو "مشروعا" لهم، فيحملون وزرها، أو تحمل وزرهم، فالمنهج الصحيح أن تقرأ كل حالة باعتبارها منظومة قائمة بذاتها، ولا يصار إلى البحث عن العائلة والأنساب ويبنى عليها كما يحدث في الحياة الاجتماعية عند المصاهرة أو الزواج. فالقانون الحاكم هنا غير القانون الحاكم هناك.

إن مجرد خروج فرد أو جماعة عن الإطار الذي تكون فيه تبدأ عملية التمايز والإفتراق، وإذا تبلور هذا "الجديد": الإبن أو الحفيد، بعد حين يبين كيف أننا أصبحنا أمام حالتين مغايرتين أو في الأقل أمام حالتين يتوجب قراءة كل منهما باعتبارنا أمام منظومتين.

ولعل مثل خروج داعش من القاعدة يقدم نموذجا صارخا كيف أننا أمام حالتين مختلفتين كيفيا حتى لو أدرجتا بسبب سياسات معينة في إطار الإرهاب كما يفعل الكثيرون في وضعهما في ذاك الإطار، وليس أدل مما وقع ويقع من حرب بينهما على أننا أمام حالتين ليستا مختلفتين فحسب وإنما أيضا متحاربتين. فكيف لا يراد أن يرى أن كلا منهما يقوم بذاته، ومن ثم فإن كل خلط من خلال محو الحدود بينهما لا يفيد المعرفة الصحيحة وحتى لا يخدم حسن إدارة الصراع.

هذا حدث في الإسلام مثلا أو في المسيحية بالنسبة إلى ما تشكل من مذاهب وطوائف، وحدث مثله في داخل المذهب الواحد والطائفة الواحدة. كما له أمثلة في التجربة الماركسية والقومية والليبرالية، وفي أغلب الحركات والثورات والأحزاب والمدارس والفلسفات، بل وحتى في مجالات الشعر والأدب والفن فقد تجد شاعرا تأثر بشاعر آخر ولكن برغم ذلك نكون أمام شاعرين مختلفين، وعليه قس.

المشكلة في منهج الذين يستخدمون القانون الذي يتحكم بالسلالات والتناسل في دنيا البشر والحيوان أو النبات ليطبقوها حرفيا على عالم العقائد والأفكار والفلسفات والحركات والأحزاب والمذاهب والاتجاهات والجماعات، أو يسحبون القوانين الحاكمة مجالات العلوم الرياضية والطبيعية أو التكنولوجيا وتطورها على مجالات العقائد والفلسفات والمذاهب والأفكار.

فعلى سبيل المثال إن الجماعات التي تخرج من بعضها ليست مثل الهواتف الذكية التي تتناسل جيلا بعد جيل في حالة من التراكم والبناء طبقة على طبقة، ففي حالة المدارس والأفكار والجماعات فالقانون لا يقوم على التراكم والبناء طبقة على طبقة، وإنما على التعدد والتنوع والتصارع والتضاد (وحتى إسالة الدماء).

طبعا هنالك مناهج حاولت أن تجد علاقة تراكمية أو طبقية (بناء طبقة فوق طبقة) في عالم الأفكار والسياسة أو بين القيادات، والعهود، انطلاقا من تشابه عهدين في الحكم أو في بعض الحالات الإيجابية وليس في حالات التضاد والاختلاف والسلب. ولكن حتى في الحالات التي ورث عهد عن عهد سبقه لم يدم التراكم أكثر من عهدين وفي أحسن الحالات ثلاثة عهود في تاريخ الثورات والدول والأنظمة.

ولكن مع ذلك عند التدقيق، وعلى المستوى المعرفي يجب قراءة كل عهد كمنظومة قائمة بذاتها لها خصوصيتها. ومن ثم يصار إلى إثبات الرابطة التي أخذت شكلا تراكميا أو بنت طبقة على طبقة في عالم الدول والعهود والأزمنة.

على أن المنهج السليم كقانون عام هو أن لا يصار إلا الربط الآلي أو التناسلي أو التناسخي بين الأصل وتفرعاته أو يصار إلى الدمج بينهما ليصبحا واحدا إذ لكل منظومته. وإذا ما بدا تشابه أو تقاطع في نقطة ما او جانب ما فلا يعني أنهما أصبحا واحدا. لأن ما هو شبيه يعمل ضمن منظومة متكاملة أخرى بما لا يجعل الشبيهين واحدا. فاستخدام العنف، مثلا هنا وهناك ليس واحدا، وإن حمل الاسم نفسه لأن فعل كل منهما يجب أن يرى ضمن منظومته، ويقرأ على ذلك الأساس.

يروى عن كارل ماركس أنه دعي لمحاضرة يلقيها شاب مفكر عن الماركسية، وبعد انتهاء المحاضرة التي لقيت استحسانا سئل ماركس عن رأيه فقال: أنا سعيد لأنني لست ماركسيا.

هذه الحادثة تؤكد أن انتقال فكر من مصدره ولو على سبيل الشرح يخرج شيئا آخر فكيف حين لا يكون شرحا وإنما جماعة جديدة في زمان آخر وفي مكان آخر وفي ظروف أخرى؟ الأمر الذي يوجب أن يعامل بدرجة عالية من الاستقلالية أو الامتداد عن الأصل، فلا يحمل الأصل ما قد يقترف من أخطاء أو خطايا فكيف إذا كانت جرائم لا تغتفر.

  كلمات مفتاحية

الغرب العرب الإسلام الإرهاب العلمانية داعش القاعدة

حول ظاهرة «داعش»

دعاية «داعش»

لأوهام الانتصار على "داعش" آلاف الآباء!

كيف يعيش تنظيم «داعش»؟!

«داعش» حافز دولي لإنهاء أزمات سوريا واليمن وليبيا!