تحليل: لهذه الأسباب لجأت روسيا لاتباع نهج متوازن بعلاقاتها مع الخليج وإيران

الجمعة 13 أكتوبر 2023 08:36 م

سلطت الأكاديمية ديانا جاليفا الضوء على لجوء روسيا لإتباع نهج عملي يهدف لتحقيق مصالحها، يتمثل في موازنة علاقاتها بين حلفائها الذين بينهم عداوات، بدلا من تشكيل تحالفات قوية معهم قد تأتي على حساب أي طرف من الأطراف المتخاصمة.

واستشهدت جاليفا، في تحليل نشرته بمنتدى الخليج الدولي، على هذا النهج بالإعلان موسكو المفاجئ في يوليو/تموز الماضي، دعم كافة الجهود السلمية بما في ذلك مبادرة الإمارات للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، في إطار القانون الدولي من خلال المفاوضات الثنائية.

واعتبرت جاليفا أن الإعلان الروسي كان بمثابة محاولة من موسكو لتحقيق التوازن بين علاقاتها بين إيران من جهة ودول الخليج من جهة أخرى، حيث أن كفة إيران أرجح في هذا الصدد.

وعلى الرغم من أن هذا البيان يبدو في ظاهره محايدا بشأن أزمة الجزر المتنازع عليها بين إيران والإمارات، إلا أن دعم موسكو لاقتراح الوساطة الإماراتية - الذي رفضته إيران رفضًا قاطعًا - اعتُبر في طهران بمثابة ازدراء دبلوماسي، يستوجب ردا علنيا.

وبالفعل دعت إيران في المقابل كل من روسيا واليابان إلى حل خلافاتهما بشأن جزر الكوريل عبر الحوار، كما استدعت طهران سفير موسكو لديها للاحتجاج على دعم بلاده للإمارات في قضية الجزر.

وتؤكد اليابان تمسكها بجزر الكوريل، التي تخضع لسيطرة روسيا، وتصفها طوكيو بـ"المناطق الشمالية"، فيما تشدد موسكو على أنها لا تقبل النقاش في سيادتها على هذه الجزر.

أهمية اقتصادية متزايدة

ورأت جاليفا أنه على الرغم من تغير بعض الديناميكيات في المنطقة في الوقت الحالي، على سبيل المثال تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، لكن النهج الروسي ضروري بالنظر إلى علاقات إيران مع المملكة وغيرها من الجيران تظل متوترة بشكل أساسي، والثقة عبر الخليج محدودة في الدولة الفارسية.

وإضافة لذلك، فهناك العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دورا في محاولة روسيا موازنة علاقاتها بين إيران ودول الخليج، في مقدمتها تمتع الأخيرة بنفوذ كبير في تجارة الطاقة كما تمثل فرصا استثمارية كبيرة لروسيا، بالإضافة إلى قوتها الناعمة الدينية في المنطقة والعالم.

ومع استمرار روسيا في مواجهة العقوبات الدولية المشددة والاقتصاد المتدهور طوال الصراع الأوكراني، أصبح كلا جانبي الخليج يشكلان أهمية خاصة لتحقيق أهداف الكرملين؛ وتظل إيران شريكًا عسكريًا وتجاريًا رئيسيًا، لكن دول مجلس التعاون الخليجي وموقعها في أسواق الطاقة العالمية، أصبحت أيضا ذات أهمية متزايدة للاقتصاد الروسي.

بالرغم من العلاقات الاستراتيجية الوثيقة بين إيران وروسيا، وتعزيز الأزمة الأوكرانية لهذه العلاقة، فإن القوة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي أصبحت في الوقت ذاتها أساسية للاقتصاد الروسي.

ووفق أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، فإن الأزمة الأوكرانية تمثل حافزا كبيراً للتعاون الاقتصادي بين روسيا والخليج، إذ لا تستطيع إيران وحدها أن تنقذ روسيا، لأن حجم التجارة الثنائية بين البلدين لا يزال صغيراً خارج المجال العسكري.

ولإنقاذ الاقتصاد الروسي في ظل العقوبات الغربية الشديدة بسبب الحرب الأوكرانية، كانت صفقات الطاقة حاسمة لموسكو، وهذا يعني الاقتراب وعقد مزيد من صفقات مع دول مجلس التعاون الخليجي.

على سبيل المثال، من الواضح أن قرار تحالف "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا بخفض الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول 2022 وأبريل/نيسان 2023 كان لصالح المصالح الروسية في الحفاظ على أسعار النفط العالمية المرتفعة.

 وقد استفادت دول مجلس التعاون الخليجي من ارتفاع الأسعار، لكن الفوائد التي تعود على روسيا أكبر بكثير، حيث خففت تأثير العقوبات من التخفيض المتوقع بنسبة 15% في الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023 إلى تخفيضات تقدر بنحو 7 إلى 10 % فقط.

ووفق الكاتبة فقد مكنت الإجراءات التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي روسيا من الحفاظ على دخلها المهم من الغاز والنفط، في حين أنشأت طرق تصدير بديلة لسلاسل التوريد الغربية.

علاقات مختلفة

وقالت جاليفا إن العلاقات التاريخية والطويلة الأمد بين روسيا وإيران عززت الثقة والتعاون الوثيق والتفاهم على مستوى النخبة، لكن على النقيض من ذلك، وبالنظر إلى أن دول الخليج أقامت علاقات طويلة الأمد مع الغرب، فإن تبني علاقات أوثق بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا دون شك كان أمرًا صعبًا بالنسبة لكلا الجانبين.

وقالت جاليفا إنه يمكن اعتبار إعلان موسكو في يوليو/تموز الماضي الداعم للإمارات مثالا على النهج الروسي لموازنة العلاقات، لكن الفاعلية ذاتها شملت أشكالا أخرى للتعاون وتطوير العلاقات بين موسكو والعواصم الخليجية.

فقد اتفق الجانبان الروسي والخليج على تطوير شراكات جديدة في العديد من المجالات (بما في ذلك تغير المناخ، وشؤون البيئة والموارد الطبيعية، والزراعة، والصحة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والتبادل الثقافي والتعليمي، والسياحة، والدبلوماسية الشعبية)

وأشارت المحللة إلي أن المبادرات العديدة الموجودة في المراحل المحتملة أو المبكرة تشكل أهمية حيوية بالنسبة للكرملين لبناء روابط وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه بدورها يمكن أن تستفيد بشكل كبير من الخبرات الأكثر تنسيقا.

المصدر | ديانا جاليفا - منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

نهج متوازن العلاقات الخليجية الروسية العلاقات الروسية الإيرانية

إيران تستكمل ترتيبات شراء مقاتلات روسية وطائرات هليكوبتر