استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

طوفان الأقصى وعدم اليقين بمستقبل الكيان الصهيوني

الخميس 19 أكتوبر 2023 07:16 ص

طوفان الأقصى وعدم اليقين بمستقبل الكيان الصهيوني

هل نحن على اعتاب تحول استراتيجي وعميق في وجود وبقاء هذا الكيان بكل ارتباطاته الداخلية والاقليمية والعالمية؟

معركة طوفان الأقصى فتحت جميع تلك الاسئلة الكبرى في كل ما يتعلق بعدم اليقين بمستقبل الكيان الصهيوني فعلا وبمختلف الاتجاهات.

"فقدان اليقين بمستقبل اسرائيل" من قبل المواطن الإسرائيلي نفسه له تداعيات خطيرة وجذرية على مستقبل الكيان الصهيوني بكل تأكيد.

أسئلة "فقدان الثقة واليقين" ستثور في ذهن دول الغرب الحليفة والداعمة لدولة الكيان، وعن إمكانية استمرارها في حماية وتحقيق مصالح الغرب فعلًا!

عدم يقين المستوطنين بمستقبلهم وأمنهم بالكيان الصهيوني، ليس بغلاف غزة فقط، بل في كل فلسطين التاريخية بما فيها الضفة الغربية والشمال، لم يعد أحد بمأمن.

خيبة أنظمة عربية طبعت طمعا بقوة وقيمة "الرضى" الاسرائيلي ولو خالف وناقض وجدان شعوبها التي تدفقت بالملايين لتعلن تضامنها ودعمها وتأييدها لحماس والمقاومة.

إذا كانت "اسرائيل" لم تصمد أمام المقاومة الفلسطينية، فما قيمة ووزن تهديداتها لإيران الدولة الكبيرة؟ وكيف ستنظر ايران بأذرعها ومليشياتها الى أي منازلة او حرب محتملة معها؟!

* * *

بعد أسبوعين من معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد الممارسات الاجرامية للحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي يكثر الحديث عن هذه المعركة بمختلف الزوايا والاتجاهات.

منها ما يتعلق باستشراف نهايتها، ومنها ما يتعلق بطريقة سيرها وإمكانية توسيع نطاقها لتكون حربا اقليمية قد تدخل فيها ايران وحزب الله كطرف مباشر وليس مجرد داعم ومساند ، ومنها ما يتعلق بالمعطيات التي فرضتها في المعادلة العربية واتفاقات أبراهام للتطبيع.

سأتخطى كل ذلك على أهميته، وأتحدث عن اليقين المفقود بـ"مستقبل المشروع الصهيوني" بعد هذه الجولة من المنازلة العسكرية، وهي مسألة استراتيجية تضرب في عمق بقاء واستمرار المشروع الصهيوني اليوم.

من الواضح أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لا زالت تعتبر "اسرائيل" المحطة المتقدمة في الشرق الأوسط والتي تحفظ مصالحهم في المنطقة، وأنها رغم تطرف قيادتها ويمينيتها المفرطة إلا أنها هي الابنة المدللة للعالم الغربي.

والتي تحظى بالرعاية والدعم والاهتمام بكافة صوره واشكاله، ولا أدل على ذلك من جلب حاملات طائراتهم وبوارجهم الحربية إلى شرق المتوسط على وجه السرعة، وتقاطر المسؤولين الغربيين بكل مستوياتها لإظهار الدعم والإسناد، وتزويد جيش الاجرام الصهيوني بكل ما تتطلبه المعركة من ذخائر واسلحة لضرب غزة التي انهكها الحصار منذ اكثر من 16 سنة.

باعتقادي أن القراءة الأعمق في المشهد وفي اليوم التالي لليوم الذي تضع الحرب فيها اثقالها ستحمل في ثناياها وبالاً بل زلزالاً على دولة الكيان من حيث "الثقة واليقين" بمستقبله؛ وذلك على عدة أصعدة:

الأول: داخلي يتعلق بمزيد من الانقسام الذي احدثته حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا في المجتمع الاسرائيلي؛ بسبب تعنتها في تمرير ما يسمى "خطة الإصلاح القضائي"، وأن هذا الانقسام سيتطور الى إسقاط هذه الحكومة التي اخذت على عاتقها توفير اقصى درجات الأمن والحماية للمستوطنين، واطلاق العنان للمتدينين المتطرفين ليفعلوا ما يريدون.

وكانت النتيجة ما فعلته كتائب القسام بهم من أكبر هزيمة لحقتهم في تاريخ الكيان منذ انشائه وصناعته، هذا بكل تأكيد سيفتح أبواب التنافس والمزايدة على مصراعيها في أوساط النخب السياسية والعسكرية الحاكمة في الكيان، وربما المحاسبة والمحاكمة ايضا.

هذه واحدة، والثانية: "عدم يقين" المستوطنين بمستقبلهم وأمنهم في دولة الكيان، ليس في غلاف غزة فحسب، وانما في كل انحاء فلسطين التاريخية بما فيها الضفة الغربية وفي الشمال، لم يعد أحد في مأمن اليوم .

"فقدان اليقين بمستقبل اسرائيل" من قبل المواطن الاسرائيلي نفسه له تداعيات خطيرة وجذرية على مستقبل الكيان بكل تأكيد.

البعد الثالث يتعلق بأسئلة "فقدان الثقة واليقين" ستثور في ذهن الدول الغربية الحليفة والداعمة لدولة الكيان، وعن إمكانية استمرارها في حماية وتحقيق مصالح الغرب فعلًا!

فإذا كان فصيل مقاوم مسلح مثل كتائب القسام تمكن من تمريغ أنفه بالتراب بهذا الشكل الذي شهده وشهد به العالم، واسقط انظمته الاستخبارية وجدرانه المحصنة بأكثر التقنية العسكرية تقدما وتطورا قد سقط بين يدي أبطال القسام خلال ساعة من الزمن، واعملت فيه جرافاته هدما وتخريبا، فكيف سيُعتَمد عليها في قادمات الأيام ؟!

والبعد الرابع المتعلق "بفقدان الثقة وسقوط الهيبة وقوة الردع" ستكون بعيون "محور المقاومة والممانعة" (أعرف أن هذا التوصيف قد لا يعجب الكثيرين، ولكن على أرض الواقع لا يمكن تجاهله مهما تعددت القراءات والاجتهادات) فإذا كانت "اسرائيل" لم تصمد أمام قوة حماس وهو فصيل فلسطيني واحد، فما قيمة وما وزن تهديداتها لإيران الدولة الكبيرة؟ وكيف ستنظر ايران بأذرعها ومليشياتها الى أي منازلة او حرب محتملة معها؟!!!

لقد سقطت تهديدات نتيياهو لإيران وفقدت قيمتها منذ اللحظة الاولى لمعركة طوفان الأقصى، وهذه احدى أهم فوائد المعركة لإيران.

ثم وفوق كل ذلك: "فقدان ثقة واعتماد" الدول العربية التي طبعت وسارت في ركب التطبيع بناء على قوة وقيمة "الرضى" الاسرائيلي حتى لو خالف وناقض وجدان الشعوب العربية والاسلامية والتي تدفقت بالملايين وبشكل غير مسبوق لتعلن تضامنها ودعمها وتأييدها لحماس وللمقاومة.

فهل بعد هذا المد الشعبي الجارف تستطيع أنظمة وحكومات الدول العربية أن تستمر بذات النهج الذي يخالف شعور ورضى شعوبها تجاه اقدس قضاياها وأكثرها مركزية ، أم انها ستعيد حساباتها بالذات تجاه التعامل والتعاطي مع قيادة حركة حماس والمقاومة وتجعل منها مفردة من مفردات الانسجام والتصالح مع شعوبها ؟!

خلاصة الكلام: معركة طوفان الأقصى فتحت جميع تلك الاسئلة الكبرى في كل ما يتعلق بعدم اليقين بمستقبل الكيان الصهيوني فعلا وبمختلف الاتجاهات.

فهل نحن على اعتاب تحول استراتيجي وعميق في وجود وبقاء هذا الكيان بكل ارتباطاته الداخلية والاقليمية والعالمية؟!

باعتقادي أن الجواب: نعم.

*د. رامي العياصرة كاتب وباحث سياسي أردني

المصدر | لسبيل

  كلمات مفتاحية

فلسطين المستوطنين إسرائيل طوفان الأقصى عدم اليقين فقدان الثقة سقوط الهيبة قوة الردع مستقبل الكيان الصهيوني