تفوقت على الجميع.. فورين بوليسي: كيف تحولت قطر إلى وسيط لا غنى عنه في حرب غزة؟

الأحد 29 أكتوبر 2023 12:21 م

إن الشخص الذي يحمل مفتاح أزمة الأسرى في غزة غير العادية في الشرق الأوسط ليس إسرائيلياً ولا فلسطينياً، بل هو حاكم قطر الشاب قليل الكلام.

هكذا بدأت أنشال فوهرا، كاتب العمود في مجلة "فورين بوليسي" مقالها الذي نشرته المجلة بعنوان: "كيف أصبحت قطر الوسيط الذي لا غنى عنه في الشرق الأوسط؟" لتلقي الضوء على دور قطر المتصاعد في مجال الوساطة في أحد أكثر ملفات المنطقة توترا الآن، وجهود أمير البلاد تميم بن حمد في هذا الإطار.

وقالت الكاتبة إن الحرب الحالية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منحت فرصة جديدة للأمير تميم لتعزيز مكانة بلاده المتميزة في الجغرافيا السياسية بالمنطقة.

نفوذ الأمير تميم

وتضيف: على عكس جيرانه في المنطقة، فهو لا يشعر بالقلق من حدوث انتفاضة أو تحدي لحكمه من قبل الإسلاميين السياسيين.

وبدلا من ذلك، فهو يستضيف مكاتب سياسية لجماعات إسلامية مسلحة، مثل "طالبان" و"حماس"، إلى جانب مكتب تجاري إسرائيلي وآلاف من القوات الأمريكية في قاعدة العديد الجوية، التي تنفذ منها الولايات المتحدة بشكل روتيني عمليات في المنطقة.

وتشير إلى أنه لا شك في أن تعاطف أمير قطر موجود دائما لصالح الفلسطينيين، حيث ألقت وزارة خارجيته اللوم على إسرائيل فقط فيما حدث منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ومع ذلك، فإن نفوذ الدوحة على "حماس" قد يكون الأمل الوحيد للعائلات الإسرائيلية اليائسة في لم شملها مع ذويها الأسرى في غزة، وغيرهم من أحبائهم، كما تقول الكاتبة.

وفي عام 2012، مع احتدام الحرب في سوريا ومعارضة قيادة "حماس" للنظام السوري، قدمت الدوحة لها المأوى. وقال قطريون إن القرار اتخذ بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبمباركة الولايات المتحدة آنذاك. الرئيس باراك أوباما.

وتشير أنشال إلى أن "حماس" تشعر أيضا بالامتنان لقطر بعد تمويل الدوحة بملايين الدولارات لمساعدة الفقاء في قطاع غزة، ودفع تكاليف الطاقة التي يتم تزويد القطاع بها.

نجاح قطري

وحتى الآن، تمكنت قطر من إقناع "حماس" بالإفراج عن أربعة أسرى إسرائيليين، جميعهم من النساء.

وقبل يوم واحد من إطلاق سراح الإسرائيليين، قال مسؤول كبير مطلع على المفاوضات الجارية لمجلة "فورين بوليسي" إنه سيتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين غير العسكريين في الأيام المقبلة.

وقال المسؤول: "إنها تتحرك بشكل أبطأ مما توقعنا".

وأضاف أن "قصف المستشفى أدى إلى تأخير المفاوضات"، في إشارة إلى استهداف إسرائيل للمستشفى الأهلي العربي المعمداني في مدينة غزة.

مهارات الوساطة القطرية

ومع ذلك، كانت هناك حركة إيجابية، حيث أرادت "حماس" في البداية صفقة تبادل كامل للأسرى، بما في ذلك المدنيين لديها، لكنها الآن لا تمانع إطلاق سراح غير العسكريين مقابل لا شيء.

وعزا المسؤول ذلك التحول إلى "مهارات الوساطة القطرية".

وتعتقد دولة الاحتلال والعديد من حلفائها الغربيين أن آل ثاني يمارس نفوذاً على "حماس" أكبر بكثير مما يسمح به على الأرجح.

ويمكن القول إنه يستطيع ممارسة المزيد من الضغوط على قادتها لتحرير الأسرى.

ويشعر القطريون بالقلق من أنه إذا استمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في إسقاط القنابل وشعرت "حماس" بأنها تقترب من نقطة حرجة، فقد تنهار المفاوضات، كما أدى ارتفاع عدد الشهداء في غزة والخوف من احتمال مقتل الأسرى إلى زيادة الدعوات إلى "الهدنة" الإنسانية.

منافسة مع دول أخرى

وتشير الكاتبة إلى وجود رغبة لدى أطراف أخرى،  غير قطر، للعب دور وساطة في هذا الملف، حيث عرضت تركيا المساعدة بما تمتلكه أيضا من نفوذ على "حماس"، لكن العرب ربما ما زالوا يفضلون زعيماً عربياً يتولى القيادة، وهو ما يرجح كفة قطر.

أيضا هناك سلطنة عمان، التي تمتلك اتصالات متقدمة مع إيران، والأخيرة تعتبر من ممولي "حماس"، لكن عمان ليس لها تأثير يذكر على "حماس" مثل قطر.

التحدي من مصر

التحدي الأصعب الذي يواجه قطر في هذا الملف، بحسب الكاتبة، ينبع من مصر، حي تختلف القاهرة والدوحة منذ فترة طويلة حول الأولوية الدبلوماسية في المنطقة، والتي لعبت أيضًا دورًا في إطلاق سراح أسيرتين إسرائيليتين وتوسطت في عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس" في اشتباكات سابقة.

لكن سلطان بركات، الأستاذ في جامعة حمد بن خليفة التابعة لمؤسسة قطر، يعتقد أن فرصة الدوحة أكبر من القاهرة هذه المرة، ليس فقط للتوسط في إطلاق سراح الرهائن ولكن أيضًا في وقف إطلاق النار الدائم، حيث باتت نصر طرفا غير مباشر في الصراع، بعد الموقف الإسرائيلي الراغب في دفع أهالي غزة للنزوح إلى سيناء، وهو ما ترفضه القاهرة.

وقد تواصلت العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي بشكل بارز مع قطر، بدلاً من مصر، على أمل تحرير مواطنيها المحتجزين كرهائن.

السعودية ودول التطبيع

من جانبها، فقدت السعودية بعض مصداقيتها كوسيط مع الفلسطينيين، حيث يبدو أنها وجهت معظم طاقتها الدبلوماسية في الفترة التي سبقت هذه الحرب لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.

وفي الوقت نفسه، تحظى إيران بازدراء معظم العرب، أما أولئك الذين وقعوا على "اتفاقيات أبراهام" مع إسرائيل في عام 2020 استبعدوا أنفسهم كمحكمين.

ومع ذلك، فقد نجحت قطر، وهي دولة صغيرة ذات ثروات هائلة، في المناورة بشكل مطرد للوصول إلى موقع يمكنها من التحدث مع تب أبيب مع أخذ مصالح الفلسطينيين في الاعتبار.

المصدر | أنشال فوهرا / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر حماس غزة وساطة قطر الأمير تميم بن حمد تبادل أسرى

سفير قطر بواشنطن: وجود مكتب حماس بالدوحة لا يعني أننا نؤيدها

كيف أصبحت قطر دولة لا غنى عنها في المحادثات مع حماس؟

وول ستريت جورنال: وساطات قطر الدولية فتحت لها فرصا استثمارية.. فنزويلا مثالا