«برنارد ليون» والقرد الذهبي في الإمارات

الثلاثاء 16 فبراير 2016 11:02 ص

بعد أن سجلت اسمها في صدر قائمة الدول الأكثر عداء للربيع العربي الذي مثل تطلعات الشعوب من خلال جهودها لتقويض القوى الثورية في مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا ومعاداتها للدول الداعمة لها مثل تركيا وقطر، ودعمها للقوى المضادة للثورات في هذه البلدان ما زالت الإمارات تدير ظهرها للشعوب العربية وتستمر في سياستها العدائية.

ففي الوقت الذي تعتقل فيه عددا من الناشطين الإسلاميين من مواطنيها ومن مواطني دول أخرى مثل ليبيا، وتقضي بأموالها على آمال سكان بلدان الربيع العربي، فها هي تفتح مراكز تسوقها لاحتفالات الربيع الصيني، وتعلق صور القرد الذهبي والفوانيس الحمراء احتفاء بهذه المناسبة، ويأتي هذا بعد مزيد من الانفتاح على الهند وإقامة أول معبد للهندوس في أبوظبي، والذين يبلغ عددهم أكثر من 2 مليون في الإمارات ويمارسون فيها طقوسهم الدينية بحرية.

ترقيعات داخلية

أما داخليا، فتعمل الإمارات على إحداث تغييرات استعراضية للتغطية على حجم ما تقوم به أذرع سياستها الخارجية في البلدان العربية والإسلامية، فقد قامت باستحداث تغييرات هيكلية في الحكومة الاتحادية، وأضافت وزارات للتسامح والسعادة، وعينت ثمانية وزراء جدد. ولكن هذا يبقى أمرا استعراضيا لأنه لا يمت بصلة للخيار الديمقراطي أو الانتخابي الذي يعتمد على آراء المواطنين، فقد نظمت الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي الانتخابات الاتحادية في البلاد. والعجيب أن المجلس الاتحادي يتكون من 40 عضوا، نصفهم يصبح عضوا بالتعيين والنصف الآخر يتم انتخابه من لجان انتخابية يتم اختيار أعضائها أيضا وفق شروط معينة. هذا فضلا عن كون كل ما يقوم به هذا المجلس هو دور استشاري وليس إلزامي.

السياسة الخارجية

وبالعودة إلى السياسة الخارجية التي تصب فيها حكومة أبوظبي كل جهودها وتسخر كل طاقتها، فإن الساحة الدولية اليوم لا حديث لها إلا عن التدخل السعودي والتركي العسكري البري المحتمل في سوريا وآفاقه وسيناريوهاته وانعكاساته وردود الأفعال الدولية حوله، وقد كان من المتوقع من الإمارات كدولة حليفة للسعودية في مجلس التعاون وكدولة تقول أنها ضد نظام «الأسد» أن تعلن عن مساندة السعودية في هذه الخطوة إلا أن الإمارات اختارت موقفا ضبابيا كالعادة، حيث قال «أنور قرقاش» وزير الدولة للشئون الخارجية: «إن الإمارات ثابتة على موقفها بدعم القوات التي تحارب داعش.. لا أتحدث عن آلاف القوات.. أتحدث عن قوات تقدم الدعم للقوات التي تقاتل على الأرض حال رأى التحالف ذلك. على أن تلعب الولايات المتحدة دورا قياديا في ذلك الأمر».

ويبدو أن «قرقاش» لا يريد أن يقول بصراحة أنه يتحدث عن مئات أو عشرات، ربما يكون بعضهم موجودا في الأردن أو بغداد التي أكد «قرقاش» بغرابة على ضرورة مشاركتها، وهي التي استنفرت قوات وميليشيات الحشد الشعبي فيها وأرسلتهم مدججين بالأسلحة إلى الحدود السعودية فور الإعلان عن مناورات رعد الشمال.

وفي الحقيقة لا يبدو هذا غريبا إذا دققنا النظر في السياسة الإماراتية تجاه سوريا منذ بداية الثورة وعملها ضد فصائل وقوى الثورة من خلال وجودها في غرفة العمليات الدولية المشتركة، وتشكيل خلايا تابعة لها ومن هذه الخلايا من اتهم بتنفيذ اغتيالات لبعض القيادات الثورية.

أما في اليمن فإن وجود «أحمد علي عبد الله صالح» وإقامته في الأمارات قد أثار الكثير من الشبهات والتساؤلات في البداية عن حقيقة دور الإمارات، والتي يعتقد أنها شاركت في عاصفة الحزم لتكون قريبة من التأثير على القرار، ولتكون عقبة أمام وصول حزب الإصلاح اليمني، التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وسيطرته على بعض المناطق أو حصوله على استحقاقات سياسية.

«برنارد ليون» كلمة السر

وكما أشار السياسي المصري «محمد البرادعي» في وقت ستبق إلى الخطة التي وضعها «برنارد ليون» سرا للإطاحة بـ«مرسي» من الحكم ولقاءاته السرية في مصر في عهده، فقد تبين لاحقا علاقة «ليون» المشبوهة بحكام الإمارات بعد أن عرض عليه العمل كرئيس للأكاديمية الدبلوماسية فيها كمكافأة على أدواره المشبوهة في ليبيا كمبعوث للأمم المتحدة، وقد تكشفت حديثا معلومات جديدة حول دوره في التنسيق مع الإمارات لتعيين السفير الليبي السابق في الإمارات «عارف النايض» كمرشح لرئاسة حكومة التوافق الليبية، بالإضافة لمناقشته مع مجلس الأمن القومي التابع للإمارات حول كيفية إدارة القوات المسلحة الليبية.

ويمكن إضافة العديد من الأسماء التي لعبت مع الإمارات أدوارا مشبوهة مثل «توني بلير» و«خالد التويجري» و«محمد دحلان» و«أحمد شفيق» وغيرهم والقائمة تطول، ويبدو أنها لن تتوقف في ظل استمرار ضخ الأموال لتثبيت المكاسب التي تعتقد الإمارات أنها حققتها.

ربما ستتكشف المزيد من الحقائق حول خفايا الأدوار الإماراتية في المنطقة خاصة مع تراجع الموقف الأمريكي، وشعور عدة دول بالخديعة والحاجة الماسة للتدخل بنفسها، وعندها ستكون في مواجهة مع الإمارات التي تجد نفسها الآن مضطرة وفق نصائح المستشارين الغربيين أن تقوم بإصلاحات استعراضية وإغراءات للمواطنين من أجل تحسين صورتها الداخلية، وكذلك من خلال الانفتاح على مزيد من الدول من خارج العالم العربي وتوسيع الاستثمارات وتنويعها وتعزيز العمل الدبلوماسي الاحترافي من أجل تحسين صورتها الخارجية.

لكن على مستوى العالم العربي والإسلامي، فربما لن تنجح الإمارات في تحسين صورتها. وهي وإن كانت قد استطاعت وأد موجة من موجات الربيع العربي كانت بعيدة عنها بشكل كبير، فإنها ربما لن تستطيع الثبات أمام أمواج قادمة قد تقع في القلب منها مطالبات بحسابها على أدوارها في تأخير تحقيق المطالب الشعبية ورفع معاناة المواطنين في الدول العربية من الشرق إلى الغرب.

 

 

 

  كلمات مفتاحية

الإمارات الربيع العربي برنارد ليون لييبا تونس

«الغارديان»: إيميلات جديدة تفضح تآمر المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا مع الإمارات

«ليون» سيطلب توضيحا من الإمارات بشأن مزاعم نقلها أسلحة إلى ليبيا

عضو في «الشيوخ الإيطالي» يتهم الإمارات بدعم «الحرب الأهلية» في ليبيا

«الغارديان»: الإمارات وظفت المبعوث الأممي إلى ليبيا براتب 35 ألف جنيه شهريا

سياسة الإمارات تجاه الربيع العربي .. نجاح بطعم الإخفاق