استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بايدن «واللاعودة»!

الخميس 16 نوفمبر 2023 05:44 ص

بايدن «واللا عودة»!

«كل أشكال المقاومة الفلسطينية لا يجوز على الإطلاق مساواتها بعنف المستوطنين وقوات الاحتلال بل وجهاز الدولة الإسرائيلى».

المسألة لم تتوقف عند الاحتجاج فى الشوارع. فحملات مقاطعة بضائع ومؤسسات أمريكية داعمة للاحتلال يقودها ناشطون شباب ليسوا عربًا ولا مسلمين.

انطلقت المظاهرات الداعمة لفلسطين والمحتجة على السياسة الأمريكية فى كبريات المدن الأمريكية، حتى طالت الولايات الجنوبية، معقل الصهيونية المسيحية.

كان صحفىا يهوديا أمريكيا فضح قيام إسرائيل، لا حماس، بتفجير منازل الإسرائيليين على رؤوسهم فى الأيام الأولى لمجرد الشك فى أن عناصر حماس داخل المبنى!

التحولات الكبرى في تاريخ أمريكا لم تأتِ من أعلى بل بفعل حركات اجتماعية تُرغم الساسة على تغيير المسار مما يتطلب تراكمًا ووقتًا لن يطول إذ برزت إرهاصات التحول.

لغة الخطاب تغيرت ودخلت مفردات جديدة القاموس الأمريكى، بدءًا بـ«المقاومة الفلسطينية»، ومرورًا بـ«الاحتلال الاستيطانى»، والتوسع فى استخدام «الأبارتهايد».

* * *

عندما قال بايدن الأسبوع الماضى إنه «لا عودة لما كان عليه الحال» قبل 7 أكتوبر الماضى، كان يقصد فلسطين. لكن الواقع يشير إلى أن اللا عودة تتعلق بالمجتمع الأمريكى لا بفلسطين!

ففي الأيام الأولى صدرت تصريحات وزيارات رسمية أمريكية تمنح إسرائيل شيكًا على بياض لتفعل ما تريد فى غزة. لكن ما هي إلا أيام قليلة حتى انطلقت المظاهرات الداعمة لفلسطين والمحتجة على السياسة الأمريكية فى كبريات المدن الأمريكية، حتى طالت الولايات الجنوبية، معقل الصهيونية المسيحية.

أما مظاهرة واشنطن العاصمة، التى قالت «نيويورك تايمز»، المنحازة أصلًا لإسرائيل، إنها تخطت الخمسين ألف شخص، وقالت مواقع أمريكية أخرى إنها تخطت المائتى ألف، فكانت الأكبر على الإطلاق فى التاريخ الأمريكى دعمًا لفلسطين.

والمسألة لم تتوقف عند الاحتجاج فى الشوارع. فحملات المقاطعة للبضائع والمؤسسات الأمريكية الداعمة للاحتلال يقودها ناشطون شباب ليسوا عربًا ولا مسلمين.

ولغة الخطاب نفسها تغيرت. فقد دخلت مفردات جديدة القاموس الأمريكى، بدءًا «بالمقاومة الفلسطينية»، ومرورًا «بالاحتلال الاستيطانى»، ووصولًا للتوسع فى استخدام «الأبارتهايد».

أما التشهير بالداعمين لفلسطين من جانب إسرائيل وأنصارها فلم يعد يُخيف أحدًا وصار يُدان علنًا. فالبيان الذى أصدرته الجمعية الأمريكية للدراسات الأمريكية أدان حكومة الولايات المتحدة «لتمكينها للأبارتهايد الإسرائيلى» كما أدان «تحويل معارضة الاستعمار الاستيطانى إلى معاداة للسامية».

وقد وقَّع ما يزيد على مائة من الكتاب والأدباء الأمريكيين خطابًا مفتوحًا لزملائهم فرّقوا بين اليهودية كدين والصهيونية كأيديولوجيا، وقالوا إن «كل أشكال المقاومة الفلسطينية لا يجوز على الإطلاق مساواتها بعنف المستوطنين وقوات الاحتلال بل وجهاز الدولة الإسرائيلى»، ثم دعوا زملاءهم لمقاطعة جوائز أدبية وفنية كبرى ذكروها بالاسم تنظمها مؤسسات يهودية أمريكية لأنها تتبنى الصهيونية.

وأعداد متزايدة من اليهود الأمريكيين كانوا طرفًا فاعلًا فى مناصرة فلسطين. مثلًا وقّع 1800 من الشخصيات العامة اليهودية الأمريكية خطابًا مفتوحًا يؤكد أن «انتقاد إسرائيل ليس معاداة السامية»، بل وكان صحفى يهودى أمريكى هو الذى فضح قيام إسرائيل، لا حماس، بتفجير منازل الإسرائيليين على رؤوسهم فى الأيام الأولى لمجرد الشك فى أن عناصر حماس داخل المبنى!

ويتساءل الكثيرون حول جدوى ذلك كله بينما السياسة لم تتغير. ولهم أقول إن كل التحولات الكبرى فى تاريخ أمريكا لم تأتِ من أعلى وإنما بفعل الحركات الاجتماعية التى تُجبر الساسة إجبارًا على تغيير المسار. وتلك مسألة تتطلب وقتًا وتراكمًا حتى تطال السياسة. لكن يبدو أن ذلك الوقت لن يطول. إذ برزت الإرهاصات الأولى للتحول.

ففى مجلس الشيوخ طالب أغلبية الديمقراطيين بايدن بمعلومات عن «الآليات التى وضعتها أمريكا لضمان التزام إسرائيل بالقانون الدولى، والالتزام بأن استخدامها السلاح الأمريكى لا ينتهك القانون الأمريكى».

وفى وزارة الخارجية انقسام حاد، فعشرات المذكرات والرسائل كتب أغلبيتها الأجيال الأحدث لرؤسائهم رفضًا لسياسة الإدارة، ومطالبين «بوقف فورى لإطلاق النار».

وكتابة مثل تلك المذكرات معتادة بالوزارة لكن الكل يلتزم بسريتها. أما هذه المرة فقد نشرها أصحابها مؤكدين أنهم «لم يعد بإمكانهم الصمت». وأكثر من ألف من العاملين بهيئة المعونة حرروا خطابًا مفتوحًا لبايدن يطالبونه بوقف فورى لإطلاق النار.

أكثر من ذلك، ولأول مرة فى حدود علمى المتواضع، نظم أكثر من مائة من العاملين بالجهاز الفنى للكونغرس يعملون بخمسين من مكاتب أعضاء المجلسين وقفة احتجاجية قالوا خلالها إن الأعضاء «لا يستمعون لمن يمثلونهم» من الأمريكيين. مؤكدين أنهم من يتلقون اتصالات أهالى الدوائر التى تطالب بوقف فورى لإطلاق النار.

أمريكا هى التى صارت بالفعل عند نقطة اللاعودة!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمريكا إسرائيل أبارتهايد بايدن 7 أكتوبر لاعودة المقاومة الفلسطينية الاحتلال الاستيطانى معاداة السامية الحركات الاجتماعية التحولات الكبرى