سلسلة حروب بالوكالة تلوح في الأفق خلف غزة.. ما الحل؟

السبت 18 نوفمبر 2023 01:56 م

أي صراع إقليمي تقريباً يكتسب تلقائياً بُعداً بالوكالة، وبدلا من العمل معا لإطفاء مثل هذا الصراع لصالح الاستقرار، فإن الجهات الفاعلة الخارجية القوية لا تؤدي إلا إلى صب الزيت على النار عندما تحاول استغلال أي فرصة لتقليص النفوذ الدولي لبعضها البعض وسط التحولات البنيوية والشكوك.

ويرى الأكاديمي والباحث ياوهيني بريهرمان، مؤسس ومدير مجلس حوار مينسك للعلاقات الدولية، في تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد" أن الحرب الحالية في غزة ينطبق عليها هذا المفهوم بشكل كبير.

وبالإضافة إلى مستويات العنف القصوى، تبدو ردود الفعل الدولية أيضاً مختلفة عن الروتين الدبلوماسي الذي ساد في العقود الماضية.

ومن المؤكد أن الولايات المتحدة والقوى الأجنبية الأخرى تبحث عن مفاتيح دبلوماسية لمنع المزيد من التصعيد الرأسي والأفقي للحرب، وتدعو الأطراف المتحاربة إلى الحد من إراقة الدماء، كما يقول الكاتب.

التحفز بين القوى العظمى

ومع ذلك، فإن مثل هذه الدعوات تضيع خلف الخطاب المحمل بالجيوسياسية والافتقار إلى التعاون بين القوى العظمى.

ويقول: بدلاً من العمل معاً لمعالجة التحديات على المستوى الأرضي بين إسرائيل وغزة بهدف إنهاء القتال، تنشغل القوى العالمية باتهام بعضها البعض بتسهيل الحرب والاستفادة منها.

روسيا والصين وإيران مقابل أمريكا والغرب

فمنذ اليوم الأول، لم تتردد الأصوات الغربية في تسمية إيران وروسيا والصين بالأسماء كمسؤولين مشاركين فيما حدث، وعلى الطرف الجيوسياسي المعاكس، يركز السرد على "المصلحة الأنانية" للغرب ودوره الخبيث في عملية السلام التي استمرت لعقود من الزمن في الشرق الأوسط.

كما تترسخ المواقف المتضاربة في الخطابات حول الحقائق الأساسية للصراع.

وهكذا، على المستوى الخطابي، أصبحت الحرب بين إسرائيل وغزة على الفور حرباً بالوكالة.

وقد تم ترجمة ذلك دبلوماسيا في العجز اليائس الذي يعاني منه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تتناوب القوى التي تمتلك حق النقض في عرقلة قرارات بعضها البعض.

ويرى الكاتب أنه كلما طال أمد القتال في غزة، كلما زاد احتمال أن يشق العنصر الوكيل طريقه إلى ساحة المعركة وينتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ويردف: في الواقع، نشهد بالفعل أعدادًا متزايدة من الهجمات بالطائرات بدون طيار والصواريخ والغارات الجوية في سوريا والعراق، والتي تتجاوز حتى مستوى الوكيل وتتورط فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر.

أوكرانيا مثالا

على سبيل المثال، وبسبب ذلك، فشلت المحاولات الغربية المتعددة لإقناع بكين بلعب دور سلمي في الحرب الروسية الأوكرانية، وسوف تظل محكوم عليها بالفشل طالما استمر السباق الجيوسياسي نحو القاع.

كما أن بكين لن تتسامح مع هزيمة روسية كبرى، سواء في ساحة المعركة أو دبلوماسية، وهو ما يمكن أن تنسب إليه الولايات المتحدة الفضل. ونتيجة لذلك، فإن هذه الاعتبارات الجيوسياسية الأساسية تتفوق على مخاوف الصين الأخرى تجاه الصراع في أوكرانيا.

روسيا وحرب غزة

وبالمثل، فإن موقف موسكو تجاه الحرب في الشرق الأوسط يتشكل الآن في المقام الأول من خلال التفكير الجيوسياسي الكبير، حيث يبدو أن عرقلة النفوذ الدولي الغربي واستنزاف الموارد الأمريكية (لصرف انتباه واشنطن عن أوكرانيا) هي الأهداف الأساسية.

ومن ثم، وبغض النظر عن التقدم في العلاقات بين إسرائيل وروسيا في العقود الأخيرة والعلاقات الشخصية الدافئة على ما يبدو بين فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو، فإن موسكو تتصرف وفقًا لمنطقها الجيوسياسي الشامل وتنظر إلى الحرب بين إسرائيل وغزة من خلال عدسات بالوكالة، كما يقول الكاتب.

تأطير الصراع بين الديمقراطية والاستبداد

علاوة على ذلك، يرى الكاتب أن إدارة بايدن مخطئة في الاعتقاد بأن ربط الصراعات الإقليمية المختلفة في إطار واحد "الديمقراطيات مقابل الأنظمة الاستبدادية" سيساعد في تعزيز المصالح الغربية.

فمعظم الدول غير الغربية ببساطة لا تصدق هذه الرواية وستحاول تجنب الانحياز إلى أي طرف إذا توسعت سلسلة الوكلاء.

ونتيجة لذلك، فبدلاً من تعبئة الأغلبية العالمية للانضمام إلى المعسكر الديمقراطي، يعمل هذا النهج على تحفيز المنافسين الجيوسياسيين الرئيسيين لواشنطن ــ الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية ــ على مضاعفة جهودهم في ترسيخ تحالف متوازن ضد الولايات المتحدة.

وفي ظل هذه الظروف، فلابد من إعادة إضفاء الشرعية على الدبلوماسية باعتبارها السبيل الوحيد للمضي قدماً في وقت حيث تستنتج أعداد متزايدة من الجهات الفاعلة في مختلف أنحاء العالم أن القوة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافها، كما يقول الكاتب.

لذلك، يثني بريهرمان على المحاولات الأخيرة التي بذلتها الحكومتان الأمريكية والصينية لإحياء الحوار رفيع المستوى والسيطرة على الأضرار.

وأخيرا، ينبغي للدول الأصغر حجما، وخاصة تلك الأكثر عرضة للصراعات القائمة أو المحتملة بالوكالة، أن تمارس أقصى قدر من الضغط الدبلوماسي على القوى العظمى لحملها على تبني سلوك جيوسياسي أقل خطورة.

ويختم الكاتب بالقول: "لهذا السبب، فقد حان الوقت للبدء في نسخة القرن الحادي والعشرين من حركة عدم الانحياز".

المصدر | ياوهيني بريهرمان / مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب غزة حرب بالوكالة إيران روسيا الصين الولايات المتحدة قوى عظمى

تضامنا مع غزة.. عُمان تلغي احتفالاتها باليوم الوطني

لتحقيق توازن بين فلسطين وأمريكا.. قمة الرياض تظهر الاختلافات

رسميا.. حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة ترتفع إلى 12 ألفا و300