75 عاما على محاولات السلام.. إسرائيل رفضت كل العروض لإقامة دولة فلسطينية

الجمعة 1 ديسمبر 2023 05:41 م

سلط الكاتب الصحفي، جون شوارتز، الضوء على مسيرة إسرائيل في رفض السلام على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مستعرضا تاريخ عقود من عروض التسوية التي قدمتها أطراف فلسطينية وعربية ودولية مختلفة دون أدنى استجابة من دولة الاحتلال.

وذكر شوارتز، في تقرير نشره موقع "ذي إنترسبت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن إسرائيل تعرضت لإدانة واسعة النطاق بسبب عدوانها الوحشي على غزة، بينما العديد من مؤيديها في الولايات المتحدة يردون على الانتقادات بسؤال: ما الذي يجب على "دولة محاصرة" أن تفعله؟

وأضاف شوارتز أن الجواب بسيط، وهو أن تفعل إسرائيل ما لم تفعله من قبل قط: الموافقة على إقامة دولة فلسطينية على أساس القانون الدولي، لكن هذا الجواب نادر في الثقافة السياسية الأمريكية السائدة.

ففي خطابات السياسيين ومقالات الرأي في الصحف الأمريكية، من المسلمات أن "إسرائيل كانت تتوق دائمًا إلى السلام ولكن الفلسطينيين يرفضونها باستمرار، ويفضلون التمسك بحلم تدمير إسرائيل".

لكن الحقيقة، بعيداً عن الخطاب السياسي الأمريكي، بحسب شوارتز، هي أن إسرائيل كان بإمكانها تحقيق السلام مرات عديدة خلال الأعوام الخمسة والسبعين الماضية، لكن هذا السلام كان سيتطلب تخليها عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتحديدا غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وهو ما رفضته إسرائيل.

ويشبه شوارتز الموقف السائد بالولايات المتحدة إزاء اتهام إسرائيل بأنها تشكل عقبة كبيرة أمام السلام، على رفض إقامة الدولة الفلسطينية بأنه مشابه للوضع قبل غزو العراق، عندما كان هناك اتفاق موحد عبر الطيف السياسي الأمريكي على أن العراق يمتلك ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل، وكان يُنظر إلى أي ادعاءات تقول عكس ذلك على أنها مثيرة للسخرية.

قصة البداية

ويؤكد شوارتز أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس بالأمر الصعب فهمه، فهي معركة على الأرض، حسب توصيفه، مشيرا إلى أن هذه المعركة تعود إلى زمن تكليف لجنة بيل البريطانية بالتحقيق في الاشتباكات العنيفة بين العرب واليهود في فلسطين الانتدابية.

واقترحت اللجنة في عام 1937 تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولة يهودية تشكل حوالي 17% من المساحة، ودولة عربية تمثل 75% من المساحة.

وفي عام 1947، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية والمحرقة اليهودية، وافقت الأمم المتحدة على خطة تقسيم أخرى، ما أعطى إسرائيل 56% من المنطقة، والأمة الفلسطينية 43%.

وفي الرواية الأمريكية المعتاد ترديدها: قبلت الحركة الصهيونية حل الدولتين، ورفضها العالم العربي، وفي الواقع: لم يقبلها أي من الطرفين.

فقد رفض الجانب العربي قرار التقسيم الأممي رسميًا، كما رفضتها الحركة الصهيونية سرا وإن قبلتها علنا، فقد اتفق مؤسسو إسرائيل سراً على أنه بمجرد ظهور الدولة، فإنهم سيعززون سلطتهم ثم يستولون على أكبر قدر ممكن من الأراضي الإضافية.

وقد عبر ديفيد بن غوريون، الذي سيصبح أول رئيس وزراء لإسرائيل، عن الأمر على هذا النحو في رسالة شهيرة وجهها إلى ابنه عام 1937: "إن قيام دولة يهودية على جزء فقط من الأرض ليس النهاية بل البداية. إن إنشاء الدولة، حتى ولو على جزء من الأرض، هو أقصى تعزيز لقوتنا في الوقت الحاضر ودفعة قوية لمساعينا التاريخية لتحرير البلاد بأكملها".

وأدى اعتماد الأمم المتحدة لخطة التقسيم في نوفمبر/تشرين الأول 1947 إلى حرب بين السكان اليهود والعرب. ثم خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 بعد إعلان استقلال إسرائيل، احتلت الدولة الجديدة 78% من فلسطين، تاركة 22% في أيدي العرب.

وسيطرت مصر على غزة، وسيطرت الأردن على الضفة الغربية والقدس الشرقية، وشهد الفلسطينيون النكبة، حيث طرد أو هرب 700 ألف شخص، ودُمرت 500 قرية فلسطينية.

وبحسب شوارتز، فإن التاريخ اللاحق يُظهر أن بن غوريون وغيره من القادة الإسرائيليين كانوا يقصدون ما قالوه. وفي عام 1956، انضمت إسرائيل إلى فرنسا والمملكة المتحدة لغزو غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية، على الرغم من أنها اضطرت في النهاية إلى الانسحاب بضغط من إدارة أيزنهاور.

وفي حرب عام 1967، استولت إسرائيل على سيناء وغزة مرة أخرى، بالإضافة إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان في سوريا.

واضطرت إسرائيل في نهاية المطاف إلى إعادة شبه جزيرة سيناء في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، لكنها احتفظت بكل شيء آخر منذ ذلك الحين.

السنوات الأولى

ومن المعتقد بشكل عام في الولايات المتحدة وأوروبا أنه بعد تأسيس إسرائيل، أمضى العالم العربي عقودًا من الزمن مكرسًا لتدميرها، لكن ليس كذلك، حسبما يؤكد شوارتز، موضحا: "هناك بالتأكيد فصائل في السياسة العربية ترغب في عكس اتجاه إنشاء إسرائيل. لكن العديد من قادة الدول المعنية في أوقات مختلفة، بما في ذلك سوريا ومصر والأردن، أظهروا أنهم يفهمون توازن القوى وكانوا على استعداد للنظر في التوصل إلى حل وسط".

ومع ذلك، كتب بن غوريون في مذكراته عام 1949 أن أبا إيبان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، "لا يرى حاجة للسعي وراء السلام. تكفينا الهدنة؛ إذا ركضنا خلف السلام فإن العرب سيطالبوننا بثمن: الحدود أو اللاجئين أو كليهما. فلننتظر بضع سنوات".

وفي ذلك العام، قال بن غوريون أيضًا لحكومته، كما وثق المؤرخ البريطاني الإسرائيلي، آفي شلايم: "مع مرور الوقت، سيعتاد العالم على حدود إسرائيل الحالية، وينسى حدود الأمم المتحدة وفكرة الأمم المتحدة الخاصة بدولة فلسطينية مستقلة".

ودفعت الولايات المتحدة إسرائيل للمشاركة في مؤتمر السلام بسويسرا في منتصف عام 1949، وكان الموقف العربي هو أن حدود إسرائيل يجب ألا تكون خطوط الهدنة التي تمنحها 78% من فلسطين، بل حدود خطة التقسيم التي تمنحها 56%، كما طالب المشاركون العرب بتمكين اللاجئين من المناطق المخصصة للدولة العربية من العودة إلى ديارهم.

ورفضت إسرائيل كلا الطرحين، وأشار أحد المندوبين الإسرائيليين إلى أن حكومة بلاده "تعتقد أنها تستطيع تحقيق السلام دون دفع أي ثمن، سواء كان الحد الأقصى أو الحد الأدنى".

وأكدت برقية من مندوب وزارة الخارجية الأمريكية أنه "لم يكن هناك وقت [خلال المفاوضات] لم يكن فيه الموقف السخي وبعيد النظر من جانب اليهود سيفتح الباب للسلام. كمدافع عن الدولة الجديدة، آمل أن يصلوا إليها في نهاية المطاف. وإلا فلن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط".

وتأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وكانت تمثل التماسك المتزايد للوعي الوطني الفلسطيني. وفي أعقاب حرب عام 1967، أصبح الإجماع الدولي تدريجياً على أن السلام يتطلب إنشاء دولة فلسطينية.

وفي الوقت نفسه، قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بأن الحرب الشاملة قد انتهت، وأن الفلسطينيين خسروا: ولذلك كانوا على استعداد لصنع السلام مقابل إقامة دولة على 22% من فلسطين التي تشكل غزة والضفة الغربية.

ودعا مشروع قرار صدر عام 1976 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى ذلك، ونص على أنه يجب على إسرائيل "الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ يونيو/حزيران 1967"، وأيدت منظمة التحرير الفلسطينية القرار، وصوتت كل دولة في مجلس الأمن لصالحه، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان والسويد، باستثناء الولايات المتحدة.

لكن إسرائيل لم تكن مهتمة بالاقتراح، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده، وبدلاً من تشجيع منظمة التحرير الفلسطينية على المزيد من الاعتدال، غزت إسرائيل لبنان عام 1982 لتحقيق عدة أهداف، على رأسها تدمير منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي القومية الفلسطينية، وفقاً لزئيف ماعوز، وهو مؤرخ إسرائيلي خدم في الجيش خلال 3 حروب خاضتها الدولة العبرية.

فشل كلينتون

وفي عام 1981، أيدت منظمة التحرير الفلسطينية رسميًا اقتراحًا سوفييتيًا يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية و"أمن وسيادة جميع دول المنطقة بما في ذلك دولة إسرائيل". وفي عام 1988، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية رسميًا بإسرائيل وقبلت بحقها في الوجود بسلام وأمن.

ومع ذلك ظلت إسرائيل غير مهتمة بإقامة دولة فلسطينية. ومع بداية إدارة كلينتون في عام 1993، لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية كما كانت في السابق، وكان مقرها الرئيسي في تونس، ولم تكن تحظى باحترام كبير من جانب الفلسطينيين الشباب الذين قادوا الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينيات.

وجعل ضعف منظمة التحرير الفلسطينية زعيمها، ياسر عرفات، حريصاً على قبول صفقة اتفاقيات أوسلو عام 1993. وبينما استقبلتها وسائل الإعلام الأمريكية بنشوة، لم يكن فيها أي شيء من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى إنشاء دولة فلسطينية وإحلال السلام.

بل إن أحد الموقعين على الاتفاقية، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، سرعان ما أوضح: "نحن لا نقبل الهدف الفلسطيني المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة بين إسرائيل والأردن. نعتقد أن هناك كيانًا فلسطينيًا منفصلاً لا يرقى إلى مستوى الدولة".

ولاحقا تولت منظمة التحرير الفلسطينية بشكل أساسي مسؤولية الأمن في حوالي 18% من الأراضي المحتلة، فيما سيطرت إسرائيل فقط على حوالي 60%.

ولكن بحلول نهاية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، في صيف عام 2000، كان حريصا على ترك إرث آخر غير علاقته مع مونيكا لوينسكي، وتملق عرفات للقدوم إلى كامب ديفيد للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك، على أمل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع.

وكان الموقف الفلسطيني هو أنهم قدموا بالفعل تسوية كبيرة من خلال قبول 22% فقط من فلسطين التاريخية كدولة لهم. وكانوا على استعداد لتقديم المزيد من التنازلات، ولكن ليس أكثر من ذلك بكثير، ولم يكن لدى باراك أي فهم لهذا الأمر.

وفي كامب ديفيد، عُرض على الفلسطينيين ما كان في الأساس 3 بانتوستانات منفصلة بالضفة الغربية، أي ما يعادل "أوطان" السود المنفصلة في نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بحيث تحتل إسرائيل وتسيطر على الحدود مع الأردن.

وحاول كلينتون الضغط على عرفات ليقبل ذلك، لكنه لم يفعل، وبعد فترة طويلة قال شلومو بن عامي، المفاوض الإسرائيلي الرئيسي في المحادثات: "إن كامب ديفيد لم يكن الفرصة الضائعة للفلسطينيين، ولو كنت فلسطينياً، لكنت رفضتها".

وكان كلينتون قد وعد عرفات بأنه لن يلومه إذا فشلت المحادثات، ثم تراجع بعد انتهاء القمة. ومع ذلك، استمر الإسرائيليون والفلسطينيون في التفاوض خلال الخريف وضاقت الخلافات بينهما.

وطرح كلينتون ما أسماه معايير حل الدولتين في ديسمبر/كانون الأول 2000. وبعد عدة أسابيع أعلن أن "رئيس الوزراء باراك والرئيس عرفات قد قبلا هذه المعايير كأساس لمزيد من الجهود، كما أعرب كلاهما عن بعض التحفظات".

وواصل الإسرائيليون والفلسطينيون المحادثات في أواخر يناير/كانون الثاني 2001 في طابا بمصر، ولم يكن الفلسطينيون هم الذين أنهوا المناقشات في 27 يناير/كانون الثاني، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الإسرائيلية، بل باراك.

وأصدر المفاوضون بيانا مشتركا مفاده أن الجانبين "لم يقتربا قط من التوصل إلى اتفاق، وبالتالي فإن اعتقادنا المشترك أنه يمكن سد الفجوات المتبقية من خلال استئناف المفاوضات".

وكان هذا صحيحاً في الواقع، بحسب شوارتز، إذ تظهر سجلات محادثات طابا أن الإسرائيليين والفلسطينيين قد اقتربوا من حلول محددة لما ستكون عليه أراضي الدولة الفلسطينية وما إذا كان يمكن لأي لاجئ فلسطيني العودة إلى إسرائيل وكيف، مع إحراز تقدم أقل في المفاوضات بشأن من سيسيطر على أي أجزاء من القدس.

لكن باراك تعرض للهزيمة بالانتخابات أمام أرييل شارون، الذي لم يكن يريد دولة فلسطينية ولم يستأنف المحادثات. وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن معايير كلينتون "ليست ملزمة للحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في إسرائيل".

وفي الأعوام الـ 22 التي تلت ذلك، كذب كلينتون مراراً وتكراراً بشأن ما حدث، مدعياً أن عرفات هو الذي رفض التسوية، وأقنع ذلك الإسرائيليين والأمريكيين على حد سواء بأن كلينتون بذل كل جهد ممكن لمنح الفلسطينيين دولة.

لكن ذلك كان غير صحيح، لأنه لم يكن هناك "شريك للسلام" مع الفلسطينيين، بحسب شوارتز، مشيرا إلى أن هيلاري كلينتون، التي انتخبت لعضوية مجلس الشيوخ عام 2000 وأصبحت فيما بعد وزيرة للخارجية، انضمت إلى حملة الخداع.

وفي عام 2002، اقترحت المملكة العربية السعودية حلاً للصراع يُعرف باسم مبادرة السلام العربية، التي دعت إلى تسوية على أساس الخطوط القياسية التي كانت معروفة منذ عقود: انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 مع بعض التعديلات الطفيفة، وتقسيم عادل للقدس، و"حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين".

وأيدت الدول الـ 22 في جامعة الدول العربية المبادرة، وكذلك منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة، أما إسرائيل، في ظل قيادة شارون، فقد تجاهلتها.

عرض أولمرت

واقترب الجانبان مرة أخرى بعد إصابة شارون بجلطة دماغية موهنة ووفاة عرفات. أصبح إيهود أولمرت رئيسًا لوزراء إسرائيل. كان أولمرت يمينياً، لكنه أصبح مقتنعاً بأن على إسرائيل أن تسوي الصراع مع الفلسطينيين من أجل سلامتها.

ووفقاً للسرد الأميركي المعتاد، قدم أولمرت عرضاً رائعاً لخليفة عرفات، محمود عباس، ورفضه عباس أو لم يستجب له على الإطلاق. في الواقع، عقد أولمرت وعباس 36 لقاءً سريًا بين عامي 2006 و2008.

ومع ذلك، استقال أولمرت، الذي يخضع للتحقيق بتهمة قبول الرشاوى، من منصبه في عام 2008. وقال في وقت لاحق: "لو بقيت رئيسا للوزراء لمدة أربعة إلى ستة أشهر أخرى، أعتقد أنه كان من الممكن التوصل إلى اتفاق. الفجوات كانت صغيرة".

وخلف أولمرت كرئيس للوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي ظل يعارض بشكل ثابت إقامة دولة فلسطينية طوال حياته المهنية ولم يكن لديه أي اهتمام بمواصلة المحادثات مع عباس.

فرص حماس

وبعد تأسيس حركة حماس في عام 1987، كانت هناك دلائل واضحة على أن الحركة كانت معتدلة ومنفتحة على اتفاقيات طويلة الأمد مع إسرائيل. وفي عام 1997، عرض خالد مشعل، الزعيم الأعلى لحركة حماس، على إسرائيل وقف إطلاق النار لمدة 30 عامًا. ولم ترد إسرائيل، لكنها حاولت على الفور اغتيال مشعل في الأردن.

وفي عام 2004، دعا الشيخ أحمد ياسين، الزعيم الديني الرئيسي لحركة حماس، إلى هدنة لمدة 10 سنوات مع إسرائيل إذا عادت إلى حدود ما قبل عام 1967، واغتالته إسرائيل بعد شهرين.

وفي عام 2006، فازت حماس بالانتخابات الفلسطينية على حركة فتح التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكتب رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، زعيم حماس، إسماعيل هنية، سراً إلى الرئيس جورج دبليو بوش: "نحن قلقون للغاية بشأن الاستقرار والأمن في المنطقة لدرجة أننا لا نمانع في إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعرض هدنة لسنوات عديدة".

كما كتب هنية مقالة افتتاحية لصحيفة واشنطن بوست، قال فيها إن أولويات الفلسطينيين "تشمل حل قضية اللاجئين منذ عام 1948؛ استعادة جميع الأراضي المحتلة عام 1967؛ ووقف الهجمات الإسرائيلية"، ولم ترد إدارة بوش.

وفي عام 2009، كتب إفرايم هاليفي، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي، الموساد، أن حماس أدركت أن "هدفها الأيديولوجي ليس قابلاً للتحقيق ولن يتحقق في المستقبل المنظور"، ولكن "إسرائيل، لأسباب خاصة بها لم تكن مهتمة بمثل هذه المناقشة".

وفي العام نفسه، أفاد المعهد الأمريكي للسلام، وهو مركز أبحاث تموله الحكومة الفيدرالية، أن حماس "أرسلت إشارات متكررة بأنها قد تكون مستعدة لبدء عملية تعايش مع إسرائيل".

ويؤكد شوارتز بأن هناك العديد من الأمثلة على ذلك، ومع ذلك ظل عدم الاهتمام الإسرائيلي قائما، وبأكثر الطرق تطرفاً.

ففي عام 2012، أصبح رئيس الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، مقتنعا بأن الفلسطينيين يجب أن يتفاوضوا على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وفي نفس اليوم الذي كان فيه يراجع مسودة اقتراح لمثل هذه الهدنة، اغتالته إسرائيل.

ويرى شوارتز أنه من المستحيل الآن على إسرائيل أن تصنع السلام، بفضل عقود من الدعاية القومية، التي اعتقد فيها معظم الإسرائيليين من يسار الوسط حتى قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول أنه لا توجد طريقة لصنع السلام مع الفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه، يريد القوميون اليمينيون والمحافظون الدينيون الاحتفاظ بالضفة الغربية، وبالتالي لن يصنعوا السلام حتى لو ظنوا أنه ممكن.

وبعد عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حماس، يبدو الوضع غير قابل للحل، فأي زعيم إسرائيلي يحاول القيام بما هو ضروري لحل الدولتين، وخاصة سحب المستوطنين من الضفة الغربية، سيواجه باحتمال تمرد فصيل من الجيش الإسرائيلي وستكون حياته الشخصية في خطر، بحسب شوارتز.

ولاتزال المعاناة المروعة التي يعيشها الفلسطينيون على حالها منذ 75 عاماً: جرح دموي، في مركز الشرق الأوسط، بحسب توصيف شوارتز، محذرا: "إذا لم يتم علاج هذه المشكلة أبداً، فسنواجه باستمرار احتمال نشوب حروب إقليمية أو حتى حروب أكبر"، ولذا فإن أول شيء يتعين على المسؤول الأمريكي وكل مسؤول آخر فعله هو "مواجهة الواقع".

المصدر | جون شوارتز/ذي إنترسبت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين حماس منظمة التحرير ياسر عرفات أحمد ياسين المقاومة الفلسطينية إيهود باراك نتنياهو أولمرت محمود عباس مصر سيناء الأردن بيل كلينتون كامب ديفيد