على غرار الأسرى الإسرائيليين.. المصريون يأملون بالتوصل لاتفاق يطلق سراح سجناء السيسي 

الخميس 7 ديسمبر 2023 08:10 م

"إذا كان السيسي يستطيع التوسط بصفقة لإطلاق سراح أسرى إسرائيليين وفلسطينيين وسط الحرب بين الجانبين، فلماذا لا يبرم اتفاقا مماثلا لتطهير سجونه من آلاف الأبرياء المعتقلين منذ سنوات دون ارتكاب أي جريمة؟ وما هو المقابل الذي يريده للقيام بذلك؟ ومن هو الوسيط الذي يستطيع حل هذه القضية المعقدة؟  

هكذا تساءلت آلاف العائلات المصرية الذين يقبع ذويهم داخل السجون المصرية وهم يشاهدون وساطة السيسي الناجحة (بمشاركة قطرية) التي حظيت بحفاوة دولية لاسيما من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن وأهالي الأسري الإسرائيليين المفرج عنهم. 

بالرغم من أن الأسرى الإسرائيليين المفرج عنها لم يمر عليهم سوى أقل من شهرين من الاحتجاز لدى حماس في غزة، فإن آلاف من السجناء المصريين يقبعون خلف القضبان في سجون السيسي منذ انقلابه على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 2013، وسط غياب أي دلالات على نية النظام لإطلاق سراحهم، حتى لو بمقابل سياسي أو مالي.   

وبموجب وساطة مصر وقطر في اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس، تم إطلاق سراح إطلاق سراح 105 مدنيين من أسر حماس في غزة (81 إسرائيليا، و23 مواطنا تايلانديا، وفلبيني واحد) فيما أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيرا فلسطينيا من سجونها (71 أسيرة و169 طفلا). 

120 ألف سجين 

وبينما لا توجد أي أرقام أو إحصاء رسمي بشأن عدد السجناء في مصر، تقدر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (غير حكومية/مقرها القاهرة) السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية مارس/آذار 2021 بنحو 120 ألف سجين. 

وذكرت المنظمة أن عدد السجناء المذكور بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالي 54 ألف سجين ومحبوس جنائي، ونحو ألف محتجز لم تتوصل لمعرفة أسباب احتجازهم.  

 كما قدرت أن عدد السجناء المحكوم عليهم إجمالا بلغ نحو 82 ألف سجين، فيما يبلغ عدد المحبوسين احتياطيا حوالي 37 ألف محبوس. 

ولا تشمل هذه التقديرات المعتقلين في عامي 2022 و2023، كما أنها لا تشمل المعتقلين في السجون السرية. أو المختفين قسريًا دون عرضهم على النيابة العامة أو اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. 

وتشمل قوائم المحتجزين سياسيين بارزين، ومرشحين رئاسيين سابقين، وصحفيين، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، وأكاديميين، ونساء وأطفال، وجميعهم محتجزون بتهم ذات طبيعة سياسية، مثل محاولة قلب نظام الحكم، والانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. 

وكانت مسألة التكتم الرسمي حول أعداد المعتقلين في مصر في عهد السيسي، هي الشغل الشاغل لتسع منظمات حقوقية، التي أصدرت بيانا في فبراير/شباط الماضي تحت عنوان "مصر: يجب الإعلان عن أعداد السجناء". 

وطالبت المنظمات السلطات المصرية بزيادة الشفافية من خلال الإعلان عن عدد المعتقلين والسجناء وكذلك الكشف عن عدد المعتقلين مؤخرا بسبب معارضتهم للنظام. 

وتثير مسألة التكتم الحكومي بشأن هذه القضية مخاوف متزايدة بشأن حجم الانتهاكات المرتكبة ضد المعارضين السياسيين للسيسي. بحسب تقارير حقوقية، فقد بني السيسي منذ توليه منصبه المزيد من السجون، إذ بلغ عدد مراكز الاحتجاز الرسمية في عام 2021، 168 مركزا، إضافة إلى مراكز الشرطة. 

ورقة العفو الرئاسي  

وبحسب ميدل إيست مونيتور، فإن السيسي يلعب بين الحين والآخر بورقة العفو الرئاسي، وإطلاق وعود بتحقيق انفراج سياسي، لكن مثل هذه الإجراءات لا يستفيد منها سوى بضع عشرات من الأشخاص الذين كانت أحكامهم على وشك الانتهاء. 

ويقبع خلف القضبان شخصيات سياسية وإعلامية، أبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح، وحازم أبو إسماعيل، وعلاء عبد الفتاح، ومحمد عادل، وهدى عبد المنعم، ومروة عرفة، وهالة فهمي.  

ومنذ إطلاق لجنة العفو الرئاسي قبل أكثر من عام، أفرجت السلطات المصرية عن 1151 شخصًا. وفي الفترة نفسها، تم اعتقال 3666 آخرين، وفقاً للجبهة المصرية لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة). 

ووفق الموقع البريطاني، عرض معارضو النظام المنتمون للتيار الإسلامي على نظام السيسي أكثر من مرة عدم الترشح للرئاسة، أو حتى اعتزال العمل السياسي لمدة عشر سنوات، مقابل إطلاق سراح المعتقلين، بل وصل الأمر لعرض دفع 1000 دولار نظير كل معتقل يتم الإفراج عنه لكن دون جدوى. 

وفي عام 2019، تم طرح مبادرة غير رسمية تقضي بدفع كل معتقل تبرع بقيمة 5آلاف دولار لصندوق تحيا مصر الحكومي كبادرة حسن نية لدعم الاقتصاد المصري، مقابل إطلاق سراحهم والتعهد باعتزال السياسة. 

وجاءت هذه المقترحات في الوقت الذي كان النظام يبحث فيه عن طرق لزيادة احتياطيات العملات الأجنبية، والتي تضمنت منح الجنسية المصرية للأجانب مقابل إيداع بنكي بالدولار الأمريكي، والسماح للمواطنين المصريين الذين يعيشون في الخارج بدفع تعويضات بالدولار بدلاً من الخدمة العسكرية. 

وقد باءت هذه المحاولات بالفشل، لأسباب ليس أقلها رغبة الأجهزة الأمنية في إبقاء أيدي المعارضة مقيدة بالمعتقلين، علاوة على ذلك، هناك مخاوف حقوقية من أن مثل هذه المبادرات قد تؤدي إلى المزيد من الاعتقالات بغرض مبادلة المعتقلين بأوراق الدولار. 

ثمن باهظ 

ويرى بعض الخبراء أن الثمن الذي ستدفعه صفقة مصرية لتفريغ السجون من المعتقلين سيكون باهظا، خاصة بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، وقد يصل إلى حد حل الجماعة، وإغلاق منصاتها الإعلامية في الخارج، وتسليم قادتها إلى السلطات. 

ومن المرجح أيضًا أن يكون الاعتراف بشرعية الرئيس السيسي أحد المطالب التي يبدو من المستحيل تلبيتها. 

ويشكك محللون في نوايا النظام المصري تجاه المصالحة الوطنية، خاصة مع اقتراب السيسي من ولاية ثالثة تمتد حتى 2030، وفقدان المعارضةلأي أوراق للضغط على الحكومة، ما يجعل من الصعب إبرام أي صفقة من هذا النوع. 

وفي غضون ذلك، طرحت منظمات حقوقية محلية ودولية في يوليو/ تموز عدة مبادرات تمثل خطوطاً عريضة لحل الأزمة، بدءاً بالإفراج الفوري عن المعتقلين المرضى والقاصرين وكبار السن كمرحلة أولى. 

ويعقب ذلك إطلاق سراح جميع المسجونين في قضايا إعلامية، ومن ثم إطلاق سراح كل من تجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي. 

وستكون الخطوة التالية هي العفو عن السجناء الذين صدرت بحقهم أحكام سياسية والذين قضوا بالفعل أكثر من نصف مدة العقوبة، يليه العفو عن جميع المدنيين الذين صدرت بحقهم أحكام من محكمة عسكرية. 

إلا أن هذا العرض فشل في تحريك النظام؛ وجاء رده بتنفيذ المزيد من الاعتقالات والتباطؤ الملحوظ في تنفيذ عمليات الإفراج عن المعتقلين. 

وبعد أشهر من ذلك، تراجعت الضغوط الدولية على السيسي، إذ كانت هناك حاجة إليه للعب دور في قضية غزة وتنفيذ المخططات الأمريكية لقص أجنحة حماس في غزة. 

ظروف غير مواتية   

وبحسب ميدل إيست مونيتور فإن المعارضة المصرية لا تزال تعول على دور وساطة إقليمية تلعبه قطر وتركيا، مما يمهد للمصالحة الوطنية في مصر، مقابل تنازلات سياسية من قبل المعارضة، وربما حوافز مالية واستثمارية تقدمها الدوحة وأنقرة للقاهرة. 

لكن تشابك القضية مع الوضع في ليبيا وغزة وشرق البحر الأبيض المتوسط بشكل عام يعيق جهود الوساطة، وكذلك غياب الضوء الأخضر من الإمارات والسعودية، الحليفين الإقليميين الرئيسيين للسيسي.  

فالانقسامات داخل المعارضة المصرية لا تساعد قضيتها، مما يعني أن السيسي قادر على المماطلة حتى وهو يعمل على التخلص من معارضته السياسية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. 

وينتظر الشعب المصري منذ عام 2013 التوصل إلى اتفاق لإحداث تحولات محلية وإقليمية تؤدي إلى إطلاق سراح عشرات الآلاف من الأبرياء من السجون. 

 ومع ذلك، يجب أن يستمر الانتظار، لأن الظروف ليست مناسبة في الوقت الحالي ومن غير المرجح أن تتغير في المستقبل القريب. 

المصدر | ميدل إيست مونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي السجناء السياسيين فى مصر المعتقلين في سجون السيسي تبادل أسرى حماس وإسرائيل