ولاية رئاسية ثالثة محسومة.. هكذا استفاد السيسي من حرب غزة

الأحد 10 ديسمبر 2023 09:54 م

غطت الحرب الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على المشاكل الاقتصادية والسياسية في مصر، ومنحت الرئيس عبد الفتاح السيسي دورا حيويا على الساحتين الإقليمية والدولية، وهو ما استفاد منه بينما يخوض انتخابات، الأحد والإثنين والثلاثاء، من شبه المؤكد أن يفوز عبرها بولاية رئاسية ثالثة تستمر 6 سنوات.

ذلك ما خلصت إليه فيفيان يي، في تقرير بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفة أن السيسي "لا يحظى بشعبية كبيرة، ويفرض قبضته الاستبدادية على البلاد، وتضررت شعبيته بشدة بسبب الانهيار الاقتصادي".

واستدركت: "لكن الأسابيع التي تلت ذلك طغت على كل شئ، إذ حلت الحرب محل المخاوف المالية باعتبارها الموضوع الأهم في أذهان الكثير من المصريين".

وتابعت: "وبالنسبة للشركاء الغربيين والخليج العربي، سلطت الأزمة الضوء على دور مصر الحيوي كقناة للمساعدات الإنسانية لغزة (عبر معبر رفح البري) ووسيط بين إسرائيل و(حركة) حماس".

و"يبدو أن السيسي، وهو لواء (عسكري) سابق يتمتع بموهبة التعامل مع النكسات المستمرة، حصل على فرصة أخرى سمحت له بوضع نفسه كبطل للقضية الفلسطينية في الداخل وزعيم إقليمي لا غنى عنه في الخارج"، وفقا لفيفيان.

وأردفت أنه "من المتوقع أن تؤكد الانتخابات الرئاسية بقاء السيسي (الذي يحكم منذ عام 2014) في السلطة لفترة ولاية أخرى مدتها ست سنوات، إذ لا يملك أي من منافسيه الثلاثة فرصة للفوز".

وأضافت أن "حملة أحمد الطنطاوي، منافس السيسي الوحيد الذي ولّد بعض الزخم (لم يستوف شروط الترشح)، قالت إنه تم إبعاده من السباق الرئاسي بعد أن منع عملاء الحكومة بعنف أنصاره من تسجيل توكيلات تتيح له المشاركة في الانتخابات".

وزادات بأنه "أثناء محاكمة الطنطاوي (وآخرين) بما تصفه جماعات حقوق الإنسان بتهمة ملفقة (تداول أوراق خاصة بالانتخابات دون إذان السلطات)، قال إنه جرى اعتقال 137 من أعضاء حملته".

معاناة غزة

و"مع ارتفاع الدعم الشعبي للفلسطينيين، فإن المصريين يقظون لأي إشارة تفيد بأن حكومتهم قد تكون متواطئة في معاناة غزة، سواء بالموافقة على القيود الإسرائيلية على المساعدات المتدفقة من مصر إلى القطاع أو مقترحات لنقل سكان غزة إلى سيناء (المصرية) مقابل مساعدات (غربية للقاهرة)"، كما زادت فيفيان.

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب أوضاعا كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

وقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة حتى مساء الأحد 17 ألفا و997 فلسطينيا، وأصاب 49 ألفا و229 بجروح، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى دمار هائل  في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

وتابعت فيفيان أن "مصر تلقي باللوم على إسرائيل في الحد من دخول المساعدات إلى غزة، لكن الدعوات تزايدت في الأسابيع الأخيرة لإنهاء الحصار الإسرائيلي المصري المشترك المستمر منذ 16 عاما على غزة، ولتوقف القاهرة عن منح إسرائيل أي حق في السيطرة على المعبر الحدودي المصري مع غزة".

وأردفت: "ومع ذلك، لا تملك مصر ترف إغضاب إسرائيل، التي أقامت معها شراكة أمنية قوية أو إثارة الداعمين الغربيين، وخاصة عندما تحتاج القاهرة إلى كل الدعم المالي الذي يمكنها الحصول عليه".

ولفتت إلى أنه من المتوقع أن يتفاقم التضخم، الذي يتجاوز 35% سنويا، إذا خفضت الحكومة قيمة العملة مجددا كما هو متوقع بعد الانتخابات الراهنة، تلبيةً لأحد شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.

ملف الرشوة

و"في الخارج، نفد صبر صندوق النقد الدولي والممولين الخليجيين الأثرياء في انتظار أن تفي مصر بوعودها بالإصلاح الاقتصادي، وليس معروفا كيف يمكن أن تتجنب التخلف عن سداد ديونها الخارجية البالغة 165 مليار دولار"، بحسب فيفيان.

وبينما يقول محللون إن مصر تماطل في تلبية شروط صندوق النقد الدولي، أعلنت مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا أنه من "المحتمل جدا" تعزيز مبلغ القرض على ضوء الحرب.

وأضافت فيفيان: "وخوفا من أزمة هجرة أخرى (إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط)، يعمل الاتحاد الأوروبي على تسريع وتيرة تمويل مصر بنحو 10 مليارات دولار".

كما غطت الحرب على ملف آخر مثير للجدل تنفي القاهرة التورط فيه، إذ قالت إن "واشنطن كانت في حالة ضجة بسبب اتهامات بأن مصر قامت برشوة عضو كبير في مجلس الشيوخ الأمريكي (رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب مينينديز) مقابل خدمات رسمية ومعلومات حساسة؛ مما دفع الكونجرس إلى منع مساعدات عسكرية إضافية لحكومة السيسي بقيمة 235 مليون دولار".

وخلال حديث مع فيفيان بشأن الانتخابات، تساءل صلاح علي، وهو مهندس مصري من مدينة أسوان (جنوب)، مستنكرا: "ماذا تعنين بالانتخابات؟!"، مرددا اعتقادا واسع النطاق بأن نتيجتها محسومة مسبقا بفوز السيسي.

وشدد "علي"، وهو يعمل في أحد مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، على أنه "مع كل حرب تندلع، تكون هناك فرصة جيدة له (السيسي) لجعلها ذريعة للأزمة الاقتصادية".

المصدر | فيفيان يي/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ولاية رئاسية السيسي حرب غزة إسرائيل مصر

هاآرتس : غزة بدون حماس تخلط حسابات السيسي وتحرمه من مزايا اقتصادية وسياسية