ستراتفور: استمرار الحكم بعدم أهلية ترامب لانتخابات الرئاسة قد يشعل حملات عنف ومحاولات اغتيال

الخميس 21 ديسمبر 2023 12:14 م

سلط مركز "ستراتفور" للدراسات الاستراتيجية والأمنية الضوء على تداعيات حكم المحكمة العليا في كولورادو بعدم أهلية، دونالد ترامب، للترشح في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، واصفا إياه بأنه يرسخ التصور العالمي بأن القوة المؤسسية والديمقراطية للولايات المتحدة آخذة في الضعف، وقد يشعل حملات عنف في الولايات المتحدة.

 

وذكر المركز، في تحليل نشره بموقعه الإلكتروني وترجمه "الخليج الجديد"، أن الحكم القضائي يدفع شركاء واشنطن العالميين على تعزيز الاعتماد على ذواتهم، ويدعم قمع الدول الاستبدادية للمعارضين، كما يزيد من خطر العنف السياسي في الولايات المتحدة العام المقبل.

 

وأشار المركز إلى أن حكم المحكمة العليا في كولورادو استند إلى أن تصرفات ترامب المتعلقة بأعمال الشغب التي قام بها أنصاره في مبنى الكونجرس الأمريكي، في 6 يناير/كانون الثاني 2021، ترقى إلى مستوى الانخراط في "تمرد".

وعلقت المحكمة العليا في كولورادو تنفيذ قرارها حتى 4 يناير/كانون الثاني 2024، أي قبل يوم واحد من الموعد النهائي المحدد للتصديق على المرشحين للانتخابات التمهيدية بالحزب الجمهوري في 5 مارس/آذار المقبل، ما يعطي الوقت للمحكمة العليا الأمريكية للنظر بسرعة في الأمر.

ورغم أن قرار المحكمة العليا في كولورادو يتعلق على وجه التحديد بالاقتراع الأولي، أي الانتخابات التمهيدية، إلا أنه، حال استمراره، سيؤدي أيضًا إلى إقصاء ترامب من الاقتراع في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وبُذلت جهود مماثلة لشطب اسم ترامب من بطاقة الاقتراع في ولايات أخرى، حيث اتخذت المحاكم أحكاما متعارضة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفضت المحكمة العليا في ولاية مينيسوتا الطعن القانوني الذي حاول إزالة اسم ترامب من بطاقة الاقتراع باستخدام بند التمرد، وفي 18 ديسمبر/كانون الأول، استأنفت مجموعة ليبرالية بميشيغان حكمًا لصالح ترشح ترامب أمام المحكمة العليا في الولاية.

وإذا ظل الأمر كذلك، فإن حكم ولاية كولورادو سيفتح الباب أمام تحركات مماثلة في ولايات أخرى، ما سيؤدي إلى تفاقم الاستقطاب السياسي الأمريكي وزيادة خطر العنف الانتخابي الذي يستهدف النظام السياسي والقانوني، العام المقبل.

وتتصاعد احتمالات هذا العنف بعدما احتشد العديد من الجمهوريين حول ترامب، وانتقدوا الحكم باعتباره "ذو دوافع سياسية".

استقطاب متزايد

 وبحسب تقدير "ستراتفور"، فإن الاستقطاب السياسي المتزايد لن يؤدي إلا إلى إعاقة الجهود التشريعية بالكونجرس الأمريكي المنقسم في عام 2024، على الرغم من أن التأثير الوظيفي على صنع السياسات الأمريكية قد يكون محدودا نظرا لأن الهيئة التشريعية منقسمة بالفعل.

إذا سمحت المحكمة العليا الأمريكية باستمرار حكم محكمة كولورادو، فسيفتح ذلك الباب أيضًا أمام طعون قانونية مماثلة وناجحة ضد أهلية ترامب في ولايات أخرى، وإذا تم استبعاد ترامب من الاقتراع في أي ولاية، فإن تلك الولايات، ستواجه تهديدًا متزايدًا بالعنف في العام المقبل، بما في ذلك "محاولات اغتيال محتملة، ومحاولة استهداف مراكز الاقتراع ومسؤولي الانتخابات، إضافة إلى المظاهرات التخريبية"، حسب تقدير "ستراتفور".

ورغم التهديد المتزايد بالعنف، إلا أن المركز الأمريكي يتوقع أن يكون عدد الحوادث وتواترها منخفضًا "لأن سلطات إنفاذ القانون تدرك جيدًا المخاطر ومن غير المرجح أن تظهر أي تهاون، وهو ما اتهمها به العديد من المنتقدين بعد أعمال الشغب في 6 يناير/كانون الثاني 2021.

وهناك بالفعل أمثلة متعددة على قيام جهات إنفاذ القانون الأمريكية باعتقال أفراد بسبب التهديدات أطلقوها، ومنها تهديدات موجهة ضد القضاة وموظفيهم الذين يشرفون على قضايا ترامب القانونية.

ورغم أن أصوات المجمع الانتخابي العشرة في كولورادو لا يُنظر إليها على أنها ساحة معركة حاسمة، إلا أن ميشيغان وأصوات المجمع الانتخابي الخمسة عشر قد تكون حيوية لإعادة انتخاب ترامب أو بايدن، وحكم الولايات المتحدة.

ويرجح "ستراتفور" أن تتعامل حملة ترامب مع حكم كولورادو باعتباره "فرصة" لجمع الأموال وحشد قاعدة الرئيس السابق، خاصة أن استبعاد ترامب من الاقتراع في كولورادو و/أو ولايات أخرى سيضر بفرصه الانتخابية بشكل عام، وسيجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لبعض المعتدلين من الجمهوريين، الذين سيضطرون إلى التصويت لصالحه بالمجمع الانتخابي رفضا للتدخل القضائي في توجيه الانتخابات.

وفي السياق، وصفت رئيسة اللجنة الوطنية الجمهورية، رونا مكدانيل، قرار محكمة كولورادو بأنه "تدخل في الانتخابات"، في حين وصفه رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، بأنه "هجوم حزبي مستتر".

وفي الوقت نفسه، وعد المرشح الرئاسي الجمهوري، فيفيك راماسوامي، بسحب اسمه من الانتخابات التمهيدية في كولورادو وحث الجمهوريين الآخرين على فعل الشيء نفسه، حال استمرار الحكم بعدم أهلية ترامب للترشح.

 وقال حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، وحاكمة كارولينا الجنوبية السابقة، نيكي هيلي، وهما المنافسان الرئيسيان لترامب في الانتخابات التمهيدية، إن "القضاة لا ينبغي لهم اتخاذ مثل هذه الأحكام".

على مدى الشهرين الماضيين، وجهت سلطات إنفاذ القانون الأمريكية مجموعة من التهم ضد أفراد يهددون المسؤولين الأمريكيين، وفي آخر حادثة ألقي القبض على رجل من ولاية أريزونا في 18 ديسمبر/كانون الأول لتهديده عملاء وموظفي إنفاذ القانون الفيدراليين.

وقبل ذلك بأسبوع، ألقي القبض على رجل من "نيوهامبشاير" لتهديده بقتل راماسوامي والناخبين الذين حضروا حملة انتخابية للمرشح الرئاسي الجمهوري.

ولم تنجح سوى القليل من الهجمات أو التهديدات في السنوات الأخيرة، لكن أحدث هجوم ناجح رفيع المستوى كان في أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما اقتحم يميني متطرف منزل رئيسة مجلس النواب آنذاك، نانسي بيلوسي، واعتدى على زوجها بمطرقة.

قوة مريضة

ولذا يعتبر تقدير "ستراتفور" أن حكم المحكمة العليا في كولورادو لن يؤدي إلا إلى تعزيز التصورات العالمية بأن "القوة المؤسسية والديمقراطية للولايات المتحدة مريضة"، مرجحا أن يكون العام المقبل ذا أهمية لهذه التصورات بين حلفاء الولايات المتحدة وخصومها، فالجدول القانوني لترامب مزدحم، وقد تؤدي إعادة انتخابه المحتملة إلى أزمة دستورية إذا رأت بعض الولايات أنه غير مؤهل لتولي منصبه و/أو إذا أدين بارتكاب جريمة جنائية.

كما يرجح المركز الأمريكي أن تتجه الدول الأوروبية إلى مضاعفة استراتيجية "الحكم الذاتي" الخاصة بها، باعتبار أن أي اعتماد استراتيجي على الولايات المتحدة يمثل عائقًا متزايدًا، مع توالي الاضطرابات السياسية في الولايات المتحدة، وهو ما سيُترجم إلى زيادة الدعم لسياسات الأمن القومي التي تتمحور حول أوروبا، سواء في إطار حلف شمال الأطلسي أو في ظل الاتحاد الأوروبي. وربما تبتعد بروكسل والعواصم الأوروبية أيضًا عن واشنطن بشأن بعض القضايا العالمية، بحسب تقدير "ستراتفور"، الذي نوه إلى أن البيئة السياسية قد تقيد الخيارات الأمريكية، بما في ذلك الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، إذ ستقيد الاعتبارات السياسية المحلية دعم الرئيس، جو بايدن، الوثيق لإسرائيل.

ولا تقدم البيئة السياسية الأمريكية المضطربة لدبلوماسييهما سوى المزيد من تعزيز إقناع الدول الأخرى بأن الولايات المتحدة "شريك غير موثوق به"، بحسب تقدير "ستراتفور"، ما سيضر بسمعة الولايات المتحدة في المناطق التي تكون فيها المنافسة بين واشنطن وبكين أو موسكو مرتفعة، كما هو الحال في جميع أنحاء القارة الأفريقية.

 ويخلص تقدير المركز إلى أن بعض الأمريكيين قد ينظرون إلى تصرفات ترامب على أنها "تمرد" وأن منعه من تولي الرئاسة الأمريكية هو شهادة على قوة الولايات المتحدة ومؤسساتها، إلا أن "أي جهد لإزاحة ترامب من الانتخابات، بغض النظر عن شرعية الحجج، سيكون له تأثير كبير، ويمكن استخدامه من قبل القادة الاستبداديين كمبرر لاستخدام الآليات القانونية أو غيرها من الآليات لاستبعاد خصم سياسي شعبي".

المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب كولورادو الانتخابات الرئاسية الولايات المتحدة جو بايدن الجمهوريون

ترامب يفوز بأول انتخابات تمهيدية وبايدن يعتبره الأوفر حظا لمنافسته

مسودة: ترامب المرشح المحتمل للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة 2024