رغم مساعي ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.. لماذا يدرس جيش الاحتلال توسيع الحرب البرية؟

الجمعة 29 ديسمبر 2023 05:33 م

قررت قيادة الجبهة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، دمج العمليات العسكرية وتوثيق التعاون بين سلاح الجو والقوات البرية والبحرية، بغية التحسب للسيناريو الأكثر تطرفًا، الذي يمكنه أن يشمل أيضًا اقتحام الحدود اللبنانية.

يأتي ذلك وسط مساعي أمريكية، للقيام بوساطة بين لبنان وإسرائيل لتحديد الحدود البرية بين البلدين.

هكذا كشف تقرير لموقع "واللا" العبري، الذي قال إن الجيش الإسرائيلي بدأ في تنفيذ خطط جديدة ضد أهداف لجماعة "حزب الله" في جنوب لبنان، تقوم على تنفيذ عمليات عسكرية مزدوجة ومتزامنة عبر سلاح الجو والمدفعية والدبابات، بالتعاون مع سلاح البحرية.

وأشار التقرير إلى أن الهدف من هذا التصعيد هو زيادة التأثير في هذه الساحة، دون أن يستبعد أن يقود إلى حرب كاملة، مع أن المرحلة الحالية تشهد التركيز على العمليات الدبلوماسية، على أمل إبعاد عناصر الميليشيات عن الحدود، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1071 الصادر العام 2006.

وذكر أنه في "حال فشل العمليات الدبلوماسية، سيعمل الجيش الإسرائيلي على تبديد الخطر الذي تشكله المناطق الحدودية بطرق أخرى، لا يُستثنَى منها الحرب التي قد تتضمن اقتحام الحدود".

وتقوم الخطة الجديدة التي بدأ الجيش الإسرائيلي تطبيقها على دمج العمليات المشار إليها، بالتزامن مع عمليات تقوم بها الاستخبارات الإسرائيلية لتحديد مواقع البنى التحتية للميليشيات في قلب قرى وبلدات جنوب لبنان، على أن تُوزَّع عمليات ضرب الأهداف في الجنوب بين أسلحة الطيران والمدفعية وقذائف الدبابات.

ويأتي تزامن القصف الإسرائيلي جوًا وبرًا، وفق الموقع، من أجل خلق صورة تظهر تأثيرًا كبيرًا للعمليات بتلك المنطقة، لا سيما أنها تستهدف ضرب مراكز قيادة ومخازن سلاح وحصون ميليشيات حزب الله في الجنوب اللبناني.

وتابع تقرير "واللا"، أنه منذ بدء الحرب، قُتل أكثر من 140 من عناصر الميليشيات اللبنانية، بخلاف عناصر لا تُصنَّف على أنها ذات صلة بالميليشيات، وقرابة 20 من الناشطين الفلسطينيين ممن دربهم "حزب الله" في السنوات الأخيرة، وانتشروا على امتداد الحدود مع إسرائيل.

وتسود تقديرات لدى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أنه في ضوء الوضع الذي يواجهه الأمين العام لميليشيات "حزب الله" حسن نصرالله، والتزامه تجاه ما تصفه بـ"محور الشر" بقيادة إيران، تدفع الأخيرة "حزب الله" لمواصلة استنزاف الجيش الإسرائيلي لحين صدور إشعار آخر.

وحسب الموقع، فقد تحول لبنان إلى ساحة لعب بين الدول الكبرى، حيث يقف من خلف الكواليس دول مثل الولايات المتحدة وروسيا ودول أوروبية، لا سيما فرنسا، ناقلًا عن مصدر عسكري، لم يكشف هويته، أن التوتر العسكري "يثير قلق الدول التي كانت قد أرسلت جنودًا للعمل في لبنان ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)".

ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية "تأمل أن يأتي الحل عبر المسارات الدبلوماسية، لكن لو فشل هذا الحل ستعمل إسرائيل عسكريًا لإبعاد تهديد ميليشيات حزب الله عن الحدود بطرق متنوعة، تشمل توسيع نطاق العمليات العسكرية، وصولًا إلى حرب كاملة في أكثر السيناريوهات تطرفًا".

وفي أعقاب استخدام "حزب الله" لمُسيَّرات هجومية وصواريخ "كورنيت" الروسية بمدى 5 كيلومترات وقذائف متنوعة، ومحاولات التسلل لإسرائيل، يقول الموقع إن "ثمة مخاوف في إسرائيل من محاولة ميليشيات حزب الله جذب الأنظار إليه عبر زيادة وتيرة الهجمات".

يأتي ذلك في وقت يستعد مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين، للعودة إلى بيروت في النصف الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، للقيام بوساطة بين لبنان وإسرائيل لتحديد الحدود البرية بين البلدين.

وكشفت مصادر سياسية لبنانية رفيعة، أن السفيرة الأمريكية لدى لبنان دوروثي شيا، أبلغت القيادات التي التقتها في سياق جولتها الوداعية بموعد عودة الموفد الأمريكي إلى بيروت، في محاولة جديدة لإنعاش الوساطة الأمريكية لتحديد الحدود البرية اللبنانية - الإسرائيلية.

وأكدت المصادر السياسية أن شيا شددت على ضرورة تبريد الأجواء لمنع تمدد الحرب من غزة إلى جنوب لبنان من دون أن تخفي مخاوفها حيال تصاعد وتيرة المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل في جنوب لبنان، رغم أن واشنطن تضغط لقطع الطريق على توسعتها التي قد تعوق مهمة الوسيط الأمريكي، لئلا يضطر للتحرك بين بيروت وتل أبيب لخفض منسوب التوتر، كي لا تصبح وساطته أسيرة الدبلوماسية الساخنة بتبادل الرسائل الصاروخية بين الطرفين.

ولفتت المصادر، إلى أن شيا ركّزت في لقاءاتها الوداعية على ضرورة التعاون لتهيئة الظروف السياسية المواتية لتطبيق القرار الدولي 1701، وقالت إنها لا ترى وجود مشكلة، على الأقل من وجهة نظرها، لتحديد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل بدءاً بالنقاط الـ13 التي سبق للحكومة اللبنانية أن تحفّظت عليها بذريعة أن إسرائيل ما زالت تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية، رافضة الاعتراف بالخط الأزرق على أنه خط الانسحاب الشامل ما لم تنسحب من هذه النقاط.

ونقلت المصادر نفسها عن شيا قولها إن الاجتماعات التي عُقدت في مقر قيادة القوات الدولية "يونيفيل" في بلدة الناقورة في جنوب لبنان، وبرعايتها، بين الوفدين العسكريين اللبناني والإسرائيلي، كانت توصلت إلى إنهاء النزاع حول 7 نقاط من أصل 13 نقطة سبق للحكومة اللبنانية أن تحفّظت عليها، ولم يبق منها سوى 6 نقاط على طول الحدود اللبنانية الممتدة من رأس الناقورة إلى مشارف مزارع شبعا المحتلة.

وأكدت أن تبريد الأجواء على طول الجبهة يمكن أن يؤدي إلى تسوية النزاع حول النقاط المتبقية.

وقالت شيا، كما نُقل عنها، إن توصُّل هوكشتاين إلى تحقيق وقف إطلاق النار الذي بقي عالقاً ولم ينفّذ، كما نص عليه القرار (1701) من شأنه أن يسهم، مع إنهاء الأعمال العسكرية، في خلق المناخات الأمنية والسياسية للبحث عن حل لمزارع شبعا.

وأضافت أن واشنطن لم تقل ولو لمرة واحدة إن مزارع شبعا هي أراضٍ تخضع للسيادة الإسرائيلية وتتعامل معها على أنها أراضٍ لبنانية، شرط أن تعترف سوريا وتقر بها، ورأت أنه يمكن التوصل إلى تفاهم يتيح للبنان أن يستعيد سيادته عليها، ربما بتوسيع مهام القوات الدولية لتشمل إلحاقها بها، بخلاف الشق اللبناني من بلدة الغجر.

والمشكلة التي تمنع لبنان من أن يستعيد سيطرته عليها تكمن، كما تقول شيا، في أن سكانها هم من اللبنانيين، لكنهم يرفضون إلحاق بلدتهم بالسيادة اللبنانية كونهم يستفيدون من التقديمات الإسرائيلية لهم بعد حصولهم على جوازات سفر إسرائيلية مكّنت معظمهم من العمل، وأتاحت لبعضهم السفر إلى الخارج.

وفي هذا السياق، يقول مصدر دبلوماسي أوروبي، إن هناك ضرورة لإعادة الاعتبار للقرار (1701) بخلق الأجواء المواتية لتطبيقه لمنع انزلاق الوضع في الجنوب نحو توسعة الحرب.

ويؤكد المصدر أن التصعيد العسكري، وإن كان يوحي بأن الجبهة تقف على حافة الهاوية، لكن لا مصلحة للحزب بأن يبادر إلى تصعيد المواجهة بشكل تصعب السيطرة عليه.

و"تضامنا مع قطاع غزة"، يتبادل "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

لبنان إسرائيل جيش الاحتلال ترسيم حدود حزب الله اقتحام حدود أمريكا وساطة أمريكية