في غزة.. أن تكون طفلا فلسطينيا فهي نقمة وليست نعمة

الأربعاء 3 يناير 2024 01:51 م

إن كونك طفلاً فهو أحد أعظم النعم في الحياة، فالطفولة هي المكان الذي نبدأ فيه في حب هذا العالم، لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للجميع، وخاصة بالنسبة لأطفال غزة، حيث أن العكس هو الواقع.

هكذا يرصد مقال كتبه الطبيب فلسطيني والباحث في السياسة الصحية بهزاد الأخرس، لموقع "ميدل إيست آي"، وترجمه "الخليج الجديد"، يقول فيه إن تولد طفلا فلسطينا فهي "نقمة وليست نعمة"، معلقا على 3 قصص، تكشف صدمة الأطفال في غزة، التي تتجاوز أسوأ كوابيس لأي شخص.

ويرسم الأخرس صورة لإحساس الطفل في غزة تحت القصف الإسرائيلي، في قصة الطفلة فاطمة، عندما لا تستيقظ على الابتسامات المألوفة واحتضان أمها وأبيها في المنزل، بل تستيقظ وحدها في ممر إحدى المستشفيات مرتبكة وخائفة ومصدومة، والغبار يغطي عينيها الصغيرتين والدم على خديها، والألم الشديد في ساقها المكسورة.

وتتساءل فاطمة عن الخطأ الذي ارتكبته حتى تعيش هذا الكابوس، ولماذا لم توقظها أمها؟، ولماذا والدها ليس موجودا ليواسيها ويعانقها ويطمئنها كما يفعل دائما عندما تكون خائفة؟.

وتقول فاطمة في نفسها: "أعلم أني شقية أحيانا، لكن هذا ليس عذرا لمعاقبتي بهذه الطريقة".

وتنتظر الطفلة، ويمضي الوقت متثاقلا، وببطء تبدأ في التعرف على واقعها الجديد.

فوالدها مفقود تحت الأنقاض، ووالدتها راقدة في الممر باردة وبلا حياة، وإخوتها بين من هو في العناية المركزة أو في غرفة العمليات أو في ثلاجة المشرحة.

وتبدأ الصغيرة، وفق المقال، بملاحظة ملامح الوجوه من حولها، إنهم بشر، لكن ماذا حدث لهم ليبدوا هكذا كالأشباح؟، ولماذا وجوههم بلا دم ولا حياة؟.

وفي تلك الأثناء تسمع صوتا يعلن وصول شقيقتها الكبرى بيسان، التي تتدرب لتكون طبيبة الأسرة.

وأخيرا سترى فاطمة أختها الحبيبة لتمنحها حنينها وبعض المواساة، وتسمع شخصا يقول مرة أخرى "وصلت بيسان"، لكنها كانت جثة متفحمة.

وتحدق فاطمة ذاهلة معتقدة أن بيسان وصلت لعلاج وتضميد جراح جسمها المكسور، لكنها تفيق من ذهولها وتبدأ في البكاء والصراخ لتملأ هذا العالم بالضجيج، في محاولة أخيرة للاستيقاظ من هذا الكابوس بطريقة تتجاوز أسوأ خيالاتها.

ويبدأ أحد المسعفين تنظيف وجه فاطمة ويمسح الغبار والدم عن وجهها، بينما يقوم طبيب آخر بفحص كسورها وممرضة تهدئها خلال هذا الجنون المستمر.

وينتقل الكاتب إلى مشهد آخر على بعد مئات الأمتار فقط، حيث يرقد ابن عم فاطمة، أحمد، وهو في عمرها، في ظلام دامس، يصرخ طلبا للمساعدة، ولكن لا مجيب. وبينما هو عالق ومضطرب ومذعور، لا يدرك بعد أنه مدفون تحت أنقاض المبنى المكون من 6 طوابق.

ويحاول تهدئة نفسه ويواسيها ظانا أن والده، بطله الخارق الحقيقي، الذي كان يحميه دائما ويؤمنه من الخوف سيجده في النهاية وينقذه. وبينما هو ينتظر بدأ يشعر بملامح جثة الشخص الذي تحته.

وبدأ ببطء يتذكر ما حدث عندما وقع القصف. وتنبه أنها جثة والده الذي حماه بجسده من الانفجارات والانهيارات ومات في هذه الأثناء منقذا طفله.

وفي مكان قريب، ربما كانت حنان، ابنة الـ11 شهرا، أول رضيعة في العالم تختبر رحلة طيران مجانية من مبنى من 4 طوابق.

فبعد أن كانت مع أمها على سطح المنزل الذي يفترض أنه كان آمنا، حملها صدى انفجارات القصف في الهواء، مثل طائرة ورقية، إلى مزرعة قريبة، حيث هبطت بسلام بين أغصان شجرة كانت بمثابة أمها.

ويعلق الأخرس على المشهد بأنه كان "معجزة حقيقية في زمن ولت فيه المعجزات، لكنها كانت المعجزة الوحيدة التي حلت بالعائلة".

أما الباقون فقد قضوا نحبهم جراء الغارة الجوية، وتحطمت أجسادهم ودُفنت تحت الأنقاض، تاركين ملاكهم الصغير الناجي الوحيد بمعجزة ومن مذبحة في الوقت نفسه.

ويلفت إلى أن هذه القصص ليست ملفقة أو كوابيس أو قصصا خيالية للأطفال، ولكنها أحداث حقيقية وفعلية من ليلة واحدة في حي واحد في غزة

ويختتم الأخرس مقاله بالقول: "هذه هي الحقائق الحية لحياة الأطفال في القطاع، والقارئ لها لديه خيار قراءتها كقصص أو كوارث حقيقية".

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أطفال غزة فلسطين إسرائيل قصف شهداء طفل طفل فلسطيني