هل انتصرت حماس في حربها ضد إسرائيل بغزة؟.. ميدل إيست آي: ربما ذلك

الجمعة 5 يناير 2024 06:57 م

الواقع في إسرائيل يقول إن حركة "حماس"، التي تقدم نفسها كحركة مرادفة للنضال الفلسطيني، انتصرت في الجولة الأخيرة في الصراع، بعدما دفعت تل أبيب ثمناً باهظاً في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وما تبعه من خسائر في جنودها واقتصادها وغضب شعبها المتصاعد ضد حكومة بنيامين نتنياهو التي بدأت في الانهيار.

هكذا يخلص تحليل لموقع "ميدل إيست آي"، وترجمه "الخليج الجديد"، الذي يؤكد أن "حماس" ليست مجرد كيان عسكري، بل إنها حركة نضال الفلسطيني، لا يمكن أبدا قتلها.

ففي 7 أكتوبر/تشرين الأول، شنت "حماس" عملية جريئة غزت فيها جنوب إسرائيل واحتلت عدداً من البلدات والكيبوتسات، مما أسفر عن مقتل 1140 شخصاً، وهو الهجوم الجوي والبري والبحري الذي يوصف بأنه كان "منسقا بعناية"، وأذهل إسرائيل والعالم.

ويشير إلى أن الهجوم جاء بعد أكثر من عام من التخطيط والتدريب، وتمكن فيه ألف مقاتل من اختراق الدرع الدفاعي الذي تبلغ قيمته مليار دولار، والذي أقامته إسرائيل بشق الأنفس حول غزة على مدى عقد من الزمن أو أكثر.

وأظهر الهجوم للجميع أن كل التكنولوجيا المتطورة في العالم يمكن هزيمتها بواسطة قوة حرب عصابات صغيرة تستخدم تكتيكات المراقبة والتخطيط والاحتشاد في ساحة المعركة، وفق التحليل، الذي يقول إن "حماس" نجحت من خلاله في انتهاك الإجراءات الأمنية التي اعتقد الإسرائيليون أنها غير قابلة للاختراق، وحطم كل الافتراضات التي قدمتها المخابرات العسكرية الإسرائيلية بشأن الحركة الفلسطينية.

ويلفت إلى أن جهاز "الشاباك" والجيش الإسرائيلي اعتقدا بشكل "متعجرف"، أن "حماس" لديها الكثير لتخسره حتى تتمكن من شن عملية كبرى ضد إسرائيل؛ أنها كانت مهتمة بالحفاظ على حكمها لغزة أكثر من خوض الحرب، مضيفا: "لقد كانوا مخطئين تمامًا في ذلك".

لقد أدت إسرائيل وحصارها المستمر منذ 17 عاماً لغزة إلى وصول اليأس إلى سكان القطاع، ولا يرى معظمهم أي أفق للأمل في حياة أفضل ومستقبل أفضل، فهم يعيشون، ولكن في معاناة الآخرين.

ويتابع: "لقد كانت تلك الهجمات بمثابة تمرد ضد القدر، وإعلان بأن الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن التكاليف الباهظة، سوف يحارب مضطهديه، رغم أن العالم فقد الاهتمام بفلسطين، خاصة بعد اتفاقيات أبراهام، مع 4 دول عربية أعلنت في السابق ولاءها للقضية الفلسطينية".

وحتى هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتودد إلى السعودية للانضمام إلى الاتفاقيات، "لكن حماس حطمت أحد الإنجازات الإقليمية القليلة التي حققها بايدن".

ويقول التحليل إن الهجوم جعل الفلسطينيون يحتلون مركز الصدارة مرة أخرى، وأجبروا العالم على مواجهة محنتهم، بل والمطالبة بحقوقهم، وذكر الجميع بأن الفلسطينيين صامدون ولن يرحلوا بهدوء.

ويتابع: "كما لقد أدى الغزو الإسرائيلي الدموي، الذي كلف حياة أكثر من 22 ألف فلسطيني (وأكثر من ذلك كل يوم)، إلى تدمير التصورات العالمية عن إسرائيل، فبدلاً من أن يُنظر إليها على أنها دولة ديمقراطية ومبتكرة تكنولوجية، أصبح العالم الآن ينظر إليها باعتبارها نظاماً متعطشاً للدماء ويمارس الإبادة الجماعية".

ويزيد التحليل: "لقد تغلبت حماس مرة أخرى على السلطة الفلسطينية باعتبارها حاملة لواء القومية الفلسطينية، ففتح الآن ليست أكثر من مجرد متعاون فاسد مع العدو الإسرائيلي، ونجحت حماس في تذكير الفلسطينيين بأن المقاومة المسلحة، مهما كانت التكلفة، هي كل ما يفهمه العالم".

ومن تداعيات الهجوم كذلك، وفق التحليل، تعزيز حماس يد إيران ومحور المقاومة التابع لها، والذي شن هجمات ضد المصالح العسكرية والتجارية الأمريكية والإسرائيلية، من العراق إلى اليمن.

وتواجه إسرائيل الآن حروباً على جبهتين، في غزة ضد حماس وفصائل المقاومة، وفي الشمال ضد "حزب الله"، وإذا كان ثمة شيء، فهو أن الأخيرة عدو أشد شراسة من "حماس".

ووقعت مناوشات وهجمات إسرائيلية ليس فقط ضد حزب الله، بل ضد مواقع الجيش اللبناني، مما أثار انتقادات الولايات المتحدة.

لقد هاجم الجيش الإسرائيلي عمدا الصحفيين الذين كانوا يغطون الصراع، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص - كجزء من جهد منهجي للقضاء على الصحفيين الذين يوثقون الجرائم الإسرائيلية.

كما شن الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن سلسلة من الهجمات الصاروخية على السفن المتجهة إلى إسرائيل في الممرات البحرية للبحر الأحمر، قبل أن تهاجم السفن الحربية الأمريكية زوارق الحوثيين، لتواجه هي الأخرى (يقصد واشنطن) هجمات في سوريا والعراق.

ورغم أن الولايات المتحدة لا ترغب في الانجرار إلى صراع إقليمي طويل الأمد، فإن دعمها الثابت لإسرائيل أدى حتماً إلى جرها إلى ما تسعى إلى تجنبه، وإذا كنت لا تريد أن ينجر إليك حليف يسعى وراء اهتمامات لا تشاركه فيها، فيجب أن تجعله على دراية بحدود العلاقة، مضيفا: "رفض بايدن ذلك بتكلفة سياسية".

ويشير التحليل إلى إن دعم بايدن للإبادة الجماعية الإسرائيلية، يقدم احتمالا حقيقيا للغاية بإمكانية إخراجه من البيت الأبيض في عام 2024، واستبداله برئيس لن يدافع عن إسرائيل فحسب، بل سيشجع أخطر مغامراتها العسكرية، في إشارة إلى الرئيس السابق دونالد ترامب.

ويتابع: "كان الهجوم على إسرائيل بمثابة إشعار بأن لا حماس، ولا الفلسطينيين بشكل عام، يؤمنون بوهم حل الدولتين، الذي طالما استمر العالم في دعمه كحل سحري، ولكن حماس كشفت كذبها".

كما أن الفلسطينيين لا يتوقعون الكثير من الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية، وهم يعلمون أن لا أحد على استعداد لإنفاق رأس المال السياسي اللازم للتغلب على المقاومة الإسرائيلية.

وبكل المقاييس القياسية للصراع المسلح، فإن إسرائيل تكسب حربها ضد غزة، بعدما قتلت ما يقدر بنحو 8 آلاف من مقاتلي "حماس" من أصل 30 ألفا، والقضاء خلال ما يقرب من 3 أشهر، على أقل من 25% من قوات "حماس" العسكرية.

لقد دمر الجيش الإسرائيلي أميالاً من أنفاق حماس، لكنه لم يقترب من القضاء على 300 ميل من هذه المعاقل تحت الأرض، وهو يرفض إرسال جنوده إليها لأن التكاليف ستكون باهظة.

وفرضت إسرائيل الحصار لمعاقبة الفلسطينيين في غزة وللضغط على "حماس"، لجعل الحياة صعبة، إن لم تكن مستحيلة، وهي تتمتع بالسيطرة الفعلية على الأرض والبحر والجو المحيط بالجيب، وهي تعمل في كل مكان بحرية نسبية.

ورغم هذه المكاسب العسكرية، فهي لا تزال تخسر الحرب، وبتكلفة باهظة، وهو مقتل 500 جندي إسرائيلي وإصابة أكثر من 5000 آخرين، والعديد منهم يعانون من بتر الأطراف وغير ذلك من الإعاقات الخطيرة.

كما أنه قد يكون من غير البديهي أن نقول هذا، لكن لا توجد طريقة تستطيع بها إسرائيل أن تفوز بالحرب التي بدأتها، وكل ما على "حماس" أن تفعله لكي تفوز هو البقاء.

وكثيرا ما ردد نتنياهو إن هدف بلاده هو القضاء على "حماس"، وقد أضاف بايدن دعمه الخاص لهذا الهدف، ولكنه لن يتحقق على المدى المنظور على الأقل.

ويضيف التحليل: "يدرك القادة الإسرائيليون أن هناك طريقة واحدة فقط للقيام بذلك، وهو القضاء على سكان غزة بالكامل أو طردهم".

ولم تقم وزارة الاستخبارات بإصدار خطة للقيام بذلك من خلال طرد الفلسطينيين إلى صحراء سيناء فحسب، بل سافر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أيضًا إلى الشرق الأوسط لعرض الخطة التي أعدتها إسرائيل على مصر والأردن، وهم بدورهم رفضوا ذلك رفضا قاطعا.

ونشر اثنان من أعضاء الكنيست الإسرائيليين في صحيفة "وول ستريت جورنال"، خطة لطرد جميع الفلسطينيين في غزة إلى الدول العربية والإسلامية في المنطقة، لم يتم تلقي ذلك بشكل أفضل أيضا.

ويعلق التحليل على هذه الخطط بالقول: "لن تقضي إسرائيل على الفلسطينيين من غزة مثلما لن تستطيع أن تقضي على حماس، فكل الأحاديث التي يجريها نتنياهو وبايدن هي مجرد ثرثرة ووعود لا يمكن الوفاء بها".

ويضيف: "هذا جزء من مأساة هذا الصراع، فلا أحد يتحدث بوضوح وصدق، ولدى الجميع أوهام مفادها بأن حماس سوف ترضخ بطريقة أو بأخرى، لأنه لا بد من ذلك".

ويتابع: "لكن حماس لا ترضخ، وهي مستمرة في المقاومة، ولا شيء يمكن أن يوقف هذا بغض النظر عن الأكاذيب التي قيلت، التي كلما زادت، كلما قلت ثقة العالم في أي شيء تقوله إدارة بايدن أو إسرائيل".

ويزيد: "حتى لو نجحت إسرائيل في التطهير العرقي لغزة، فإنها لن تنهي الصراع، فحماس ليست مجرد كيان سياسي أو عسكري، بل هي حركة تهدف إلى تعزيز حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، ولا يمكن قتل مثل هذه الحركة، وإنما محاربتها فقط".

ويستطرد: "الحركة لا تزال قادرة على البقاء، وهذا يعني فشل إسرائيل وتآكل رادعها العسكري في مواجهة منافسيها الإقليميين، وهذا من شأنه أن يشجع أعداءها على تكثيف المقاومة المسلحة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، داخل غزة أو خارجها".

ويتابع: "قد تتمكن من هزيمة حركة ما في ساحة المعركة، أو القضاء على مقاتليها وقتل أنصارها، لكن لا يمكنك القضاء عليها".

وأمام كل ذلك، يقول التحليل إن إسرائيل دفعت ثمناً باهظاً لهذا "النصر"، إذ تخسر ما معدله 10 جنود أسبوعياً، وفي الشهر الماضي، قُتل 10 جنود في معركة واحدة بعد تعرضهم لكمين نصبه مقاتلو "حماس".

كما قتل الجيش الإسرائيلي أسراه في معاركه ضد "حماس"، وفي إحدى الحالات أطلق النار عن طريق الخطأ على 3 أسرى فروا من خاطفيهم، وهو ما أثار ضجة بين عائلات الأسرى، وأجج الغضب في جميع أنحاء إسرائيل.

ويتظاهر الآلاف أمام مقر قيادة الجيش في تل أبيب، بشكل دوري، واتهم شقيق أحد الأسرى المقتولين الجيش الإسرائيلي بإعدامه.

ومن التداعيات كذلك، حسب التحليل، هو أن الجبهة الموحدة التي أقامها الإسرائيليون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، بدأت في الانهيار، وبات نتنياهو، الذي كان حكمه في حالة من التوتر بالفعل قبل هجوم حماس، في موقف أكثر خطورة.

وأمام ذلك، يفضل نتنياهو محاولة إطالة أمد الحرب لتجنب غضب الناخبين الإسرائيليين، الذين يريد معظمهم رحيله.

يشار إلى أن الحرب المدمرة التي يشنها جيش الاسرائيلي خلفت حتى الجمعة، 22 ألفا و600 شهيد و57 ألفا و910 مصابين معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، حسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

انتصار حماس حماس طوفان الأقصى إسرائيل المقاومة حرب غزة غزة

صحفي إسرائيلي: لم نُعد الأسرى ولم نهزم حماس وهذه هي نهاية الحرب