كيف يمكن للحرب على غزة أن تشكل المشهد السياسي في 40 دولة؟

السبت 6 يناير 2024 03:26 م

يتوجه نحو 40% من سكان العالم إلى صناديق الاقتراع في العام الجاري في أكثر من 40 دولة، وفي العديد منها، تعمل الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" على خلق أو تفاقم خلافات سياسية قد تكون لها عواقب انتخابية حقيقية، بحسب إيمي ماكينون في مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية (Foreign Policy).

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت حتى السبت 22 ألفا و722 شهيدا، و58 ألفا و166 جريحا، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وفي ظل خصوصية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والتطورات الداخلية، تعد الولايات المتحدة والهند وألمانيا وتونس من أبرز الأمثلة على التأثيرات الانتخابية المحتملة.

ومنذ اندلاع الحرب، قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي من المرتقب أن يخوض انتخابات رئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، للاحتلال أقوى دعم عسكري ومخابراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون الولايات المتحدة شريكة لإسرائيل في "جرائم الحرب" بغزة.

وقالت ماكينون، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه "من المرجح أن تكون التداعيات السياسية للحرب محسوسة بشدة في الولايات المتحدة، حيث يشكل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قضية سياسية خارجية ذات أهمية خاصة بالنسبة للناخبين".

وأضافت أن "دعم بايدن لإسرائيل شخصي وعميق الجذور وقد وصف نفسه بأنه "صهيوني"، لكنه يرأس دولة وحزبا (الديمقراطي) منقسمين بشدة حول كيفية الرد على الحرب".

وأظهر استطلاع أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية "سيينا"، ونُشرت نتائجه   في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن 57% من المشاركين في الاستطلاع لا يوافقون على تعامل بايدن مع الصراع، ويرتفع الرقم إلى 72% بين الناخبين الشباب، وهم جمهور انتخابي رئيسي وراء فوزه عام 2020 على دونالد ترامب.

و"تحتل السياسة الخارجية مقعدا خلفيا في الانتخابات الأمريكية، حيث اعتبر ما يزيد قليلا عن 1% هذا الصراع (الفلسطيني- الإسرائيلي) القضية الأكثر إلحاحا. لكن في سباق رئاسي قد يصل إلى النهاية، فإن دعم بايدن القوي لإسرائيل قد يكلفه أصواتا ثمينة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان، التي تضم عددا كبيرا من السكان العرب والمسلمين"، بحسب ماكينون.

الهند ومودي

وقالت ماكينون إن "مئات الملايين من الهنود يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في الربيع في الانتخابات العامة في أكبر ديمقراطية في العالم. وأيضا، من غير المرجح أن تكون السياسة الخارجية هي العامل الأساسي في تحديد نتيجة التصويت، ولكن هذا لا يعني أنها لن تظهر على الإطلاق".

وأضافت أن "الهند أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في التسعينيات، ثم عمقتها في السنوات الأخيرة، خاصة منذ أن أصبح ناريندرا مودي رئيسا للوزراء في عام 2014 (...) وإسرائيل اليوم ثاني أكبر مورد للأسلحة للهند بعد روسيا".

وأوضحت أن "انجراف إسرائيل نحو القومية الدينية كان بمثابة مصدر إلهام لبعض أتباع مودي". وكتب دانييل ماركي من معهد الولايات المتحدة للسلام: "يرى الشوفينيون الهندوس في الهند إسرائيل مثلما يتخيلون الهند: كدولة أغلبية عرقية قومية تواجه التهديد الوجودي للإرهاب الإسلامي"، على حد زعمهم.

ولفتت إلى أن "حزب بهاراتيا جاناتا، بزعامة مودي، اتُهم منذ فترة طويلة بتأجيج نيران الإسلاموفوبيا في الهند".

في المقابل فإن حزب المعارضة الرئيس، حزب المؤتمر الوطني الهندي، يتعاطف منذ فترة طويلة مع النضال الفلسطيني من أجل إقامة دولة مستقلة، وفي حين أدان هجوم "حماس"، فقد انتقد امتناع الهند عن التصويت في الأمم المتحدة، في أكتوبر الماضي،  لصالح هدنة إنسانية فورية في غزة، كما زادت ماكينون.

وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بمحيط غزة، بعد أن اخترقت الجدار العازل المزود بتكنولوجيا دفاعية متقدمة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه نحو 8600 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

"ألمانيا أولا"

في عام 2008، بحسب ماكينون، عندما زارت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل إسرائيل، أعلنت أن أمن إسرائيل أولوية أساسية للدولة الألمانية، وهذا "جزء من التزام ألمانيا العميق في ظل تاريخها النازي (المحرقة بحق يهود)".

واستدركت: "لكن في السنوات الأخيرة، نشأ جدل هادئ حول ما إذا كان دعم ألمانيا القوي لإسرائيل قد بدأ يقمع حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالانتقادات المشروعة للحكومة الإسرائيلية".

ولفتت إلى أنه من المقرر أن تطلب ولاية ساكسونيا (شرق) من المتقدمين الجدد للحصول على الجنسية الألمانية الإقرار كتابيا بحق إسرائيل في الوجود وإدانة أي جهود موجهة ضد وجود إسرائيل. كما أن القانون الألماني الأساسي يحظر معاداة السامية وإنكار حق إسرائيل في الوجود".

"غير أن المثقفين الألمان تبادلوا رسائل مفتوحة حول أسلوب تعامل البلاد مع الحرب، وشهد المشهد الفني موجة من الفعاليات تم إلغاؤها (...) بسبب انتقادات الفنانين لإسرائيل أو استخدام كلمة "إبادة جماعية" لوصف ما تفعله في غزة"، كما استدركت ماكينون.

ورأت أن هذا الواقع "يصب في صالح رواية "ألمانيا أولا"، التي يتبناها حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، والذي من المتوقع أن يحقق فوزا كبيرا في الانتخابات الإقليمية".

تونس وسعيد

"في أواخر أكتوبر (الماضي)، طرح النواب في البرلمان التونسي تشريعا يجرم أي جهود لتطبيع العلاقات مع إسرائيل (...) والتعاطف مع الفلسطينيين عميق وطويل الأمد في تونس، التي استضافت منظمة التحرير الفلسطينية في الثمانينيات"، كما زادت ماكينون.

وأردفت: "وفي تحول مفاجئ، عارض رئيس البلاد قيس سعيد مشروع القانون، معتبرا أنه لا توجد حاجة لتجريم العلاقات مع دولة لا تعترف بها تونس".

ومن أصل 22 دولة عربية تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.

ماكينون تابعت: "وبحسب نائب تونسي فإن الولايات المتحدة هددت بفرض عقوبات على تونس إذا تم إقرار مشروع القانون".

وأضافن أن "يعيد اتُهم بتفكيك المؤسسات الديمقراطية في تونس؛ لذا فمن غير المرجح أن يؤثر توبيخه المفاجئ للبرلمان بشأن مشروع القانون على نتائج الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق من العام الجاري".

المصدر | إيمي ماكينون/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب غزة إسرائيل أمريكا الهند ألمانيا تونس حماس