استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن دفن حلّ الدولتَين

الاثنين 8 يناير 2024 06:14 ص

عن دفن حلّ الدولتَين

في كل النضالات التحررية، كانت هناك مجموعات تناضل لتحرير الأرض، وأخرى تنساق مع المحتل.

حل الدولتين ليس واقعياً، وكذلك الإجماع الفلسطيني، ولا المصالحة بين طرفين بنهجين متناقضين إزاء الصراع مع الكيان الصهيوني فكرة واقعية.

طرح الليبراليين الصهاينة في الغرب لحل الدولتين، في أكثر صورة مثالية، يفضي إلى دولة فلسطينية في كامل الضفة الغربية وقطاع غزة تحت رحمة إسرائيل

بات الإطار الوطني الفلسطيني البديل من منظمة التحرير بات ضرورياً، بما يعنيه من تطوير خطاب سياسي يدفن حل الدولتين فلسطينياً، ويؤكد على نضال وطني تحرري.

لم يعد التطهير العرقي ممكناً كما في 1948، وتالياً كان عزل السكّان الأصليين بمنطقة معينة من الضفة، والاستيطان بمنطقة أساسية منها، هو الحل الاستراتيجي لهذه المعضلة

جذور حل الدولتين تعود لقراراتٍ اتخذت في اجتماع الحكومة الإسرائيلية في حزيران 1967 وهو الحكومة الأكثر تمثيلاً لمختلف أطياف المجتمع اليهودي في الكيان طوال تاريخه.

إذا كان مسار أوسلو نتيجة طبيعية للضعف والتخلّي العربي وسطوة إسرائيل والغرب كما قال عرّابوها، فالانفكاك عنه اليوم نتيجة طبيعية لصمود الفلسطينيين وضعف إسرائيل وتراجع الهيمنة الأميركية.

* * *

يصرّ الليبراليون الصهاينة في الغرب على إعادة الحديث عن حل الدولتين، بوصفه الحل الأمثل للصراع التاريخي على أرض فلسطين. يشير المؤرخ إيلان بابيه إلى أن جذور حل الدولتين تعود إلى قراراتٍ اتخذت في اجتماع الحكومة الإسرائيلية في حزيران 1967 (وهو يرى أنها الحكومة الأكثر تمثيلاً لمختلف أطياف المجتمع اليهودي في الكيان طوال تاريخه).

كانت القرارات التي يشير إليها متعلقة بمصير الضفة الغربية، فقد قرّرت تلك الحكومة ضرورة السيطرة على الضفة الغربية، وإدامة هذه السيطرة لأسباب استراتيجية وأيديولوجية دينية.

لم يكن التطهير العرقي ممكناً كما كان عام 1948، وتالياً كان عزل السكّان الأصليين في منطقة معينة من الضفة، والاستيطان في منطقة أساسية منها، هو الحل الاستراتيجي لهذه المعضلة، والذي تم تطبيقه طوال العقود الماضية. حل الدولتين هو الضمانة:

- أولاً لاعتراف عربي وفلسطيني بحق إسرائيل في الوجود، وبروايتها التاريخية، وبزوال صفة الاحتلال عن إسرائيل.

- وثانياً هو الحل الممكن لاحتواء مشكلة السكان الأصليين في الضفة، وإدامة السيطرة عليها دون دمجهم، عبر إنشاء سلطة أمنية تقيم الدولة/الغيتو المفتقرة إلى كل عناصر السيادة.

والتي تدير شؤون المعزولين في منطقةٍ من الضفة، وتسلّم بواقع الاستيطان في باقي الضفة، وبالسيطرة الإسرائيلية العملية على كامل التراب الفلسطيني. تحصل اختلافات بين الفرقاء الإسرائيليين حول مناطق الاستيطان في الضفة، وليس على أصل وجوده.

عرقل الانزياح نحو اليمين داخل الكيان نشوء الدولة/ الغيتو الفلسطينية، وهو ما يجعل الليبراليين الصهاينة في الغرب قلقين على مستقبل الكيان في حال رفض هذا الحل، إذ يخشى هؤلاء من أن يؤدي التعنت الإسرائيلي إلى القبول لاحقاً بحلول أكثر إيلاماً، وربما تكون مهددة لأسس الصهيونية.

طرح الليبراليين الصهاينة في الغرب لحل الدولتين، في أكثر صورة مثالية، يفضي إلى دولة فلسطينية في كامل الضفة الغربية وقطاع غزة تحت رحمة إسرائيل، لذلك يبدو الخلاف على موضوع الاستيطان في الضفة بين الحكومات الغربية وإسرائيل معبّراً عن الاختلاف حول الطريقة المثلى لمعالجة أزمة فشل التطهير العرقي للفلسطينيين بشكل كامل، وما يجب فعله لتثبيت الكيان الصهيوني وضمان مستقبل له في ظل بقاء الفلسطينيين وصمودهم.

لكن حل الدولتين - وإن اختلفت تفاصيله بين داعميه - لم يعد ممكناً، وحتى بعض منظّري السياسة الواقعية في الغرب صاروا يعترفون باستحالة هذا الحل عملياً. ما حصل في السابع من أكتوبر عزّز اقتناع اليمين الإسرائيلي بصوابية رفض إقامة الدولة الفلسطينية، فحتى لو كانت هذه الدولة محاصرة ومفتقرة إلى عناصر السيادة، فإن وجود الفلسطينيين فيها سيظل يشكل بالنسبة إليهم هاجساً سياسياً وأمنياً.

في المقابل، ردّت فصائل المقاومة على محاولات قتل القضية الفلسطينية في السابع من أكتوبر، لكن السلطة الفلسطينية تتمسك بوهم حل الدولتين لأن أصل وجودها مرتبط بالإصرار على تعميم هذا الوهم في الخطاب الوطني الفلسطيني.

ليست المشكلة فقط في تفريط حل الدولتين بأبسط الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، بل أيضاً في عدم واقعيته. يمكن القول إن رافعي شعارات الواقعية السياسية من الليبراليين العرب يفتقرون إلى أي واقعية في طروحاتهم حول السلام اليوم، فيما خيار المقاومة يثبت واقعيته منذ أكثر من عقدين بنتائج عملية. تبدو هذه فرصة شديدة الواقعية لدفن حل الدولتين في الخطاب الوطني الفلسطيني.

يمكن للسابع من أكتوبر أن يكون نقطة انطلاق إيجاد إطار وطني فلسطيني يضم حركات المقاومة والراغبين في الالتحاق بخيارها الاستراتيجي من «فتح» أو بقايا منظمة التحرير، ليقوم هذا الإطار بإيجاد خطاب سياسي معبّر عن نضال الشعب الفلسطيني، ومتجاوزٍ لأوسلو.

كما أن حل الدولتين ليس واقعياً، فإن فكرة الإجماع الفلسطيني ليست واقعية، ولا المصالحة بين طرفين يحملان نهجين متناقضين إزاء الصراع مع الكيان الصهيوني فكرة واقعية. في كل النضالات التحررية، كانت هناك مجموعات تناضل لتحرر الأرض، وأخرى تنساق مع المحتل.

ليس المطلوب أن يتفق الفلسطينيون كلهم على نهج واحد، لكن المطلوب من فصائل المقاومة أن توجد أرضية وطنية ترحب بكل فلسطيني، في أرض فلسطين التاريخية أو في الشتات، يريد الالتحاق بنهج مقاومة المحتل بأشكالها المختلفة، وصولاً إلى قيام دولة واحدة على كامل أرض فلسطين التاريخية، تعيد الحق للسكان الأصليين، وتتسع للجميع على اختلاف دياناتهم.

الإطار الوطني الفلسطيني البديل من منظمة التحرير بات ضرورياً، بما يعنيه من تطوير خطاب سياسي يدفن حل الدولتين فلسطينياً، ويؤكد على نضال وطني تحرري ببعدٍ عربي وعالم ثالثي يعزز الصمود الفلسطيني وعمل المقاومة، ويوجّههما في الاتجاه الصحيح.

إذا كان الانخراط في مسار أوسلو نتيجة طبيعية للضعف والتخلّي العربي وسطوة إسرائيل والغرب كما قال عرّابوها، فإن الانفكاك عن هذا المسار هو النتيجة الطبيعية اليوم لصمود الفلسطينيين وضعف إسرائيل وتراجع الهيمنة الأميركية في المنطقة والعالم.

*بدر الإبراهيم كاتب عربي

المصدر | الأخبار

  كلمات مفتاحية

فلسطين مقاومة الغرب إسرائيل الاستيطان 7 أكتوبر حل الدولتين مسار أوسلو منظمة التحرير الهيمنة الأميركية التطهير العرقي