جنوب أفريقيا.. هكذا شكَّل الفصل العنصري قضية الإبادة ضد إسرائيل

الثلاثاء 9 يناير 2024 09:51 ص

اتهمت الجماعات اليهودية في جنوب أفريقيا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم بمعاداة السامية، ردا على تحرك بريتوريا في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين، وهي تهمة شكّلها تاريخ "الفصل العنصري" (1948-1991) في الدولة الأفريقية.

تلك القراءة طرحها كريس ماكجريل، في مقال بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد"، في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شن حرب مدمرة على قطاع غزة، قتل خلالها أكثر من 23 ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء.

كما نددت إسرائيل بتقدم جنوب أفريقيا طلب إلى المحكمة (مقرها في مدينة لاهاي بهولندا) للتحقيق في قتل الاحتلال مدنيين فلسطينيين عمدا، ومن المتوقع أن تبدأ المحكمة نظر الطلب الخميس المقبل.

واتهم كبير حاخامات جنوب أفريقيا، وارن جولدستين، حكومة حزب المؤتمر بالعمل "كحليف ووكيل لإيران في خططها لتدمير الدولة اليهودية"، وبدعم حركة "حماس"، التي شنت هجوما على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي.

كما اتهم مجلس النواب اليهودي في جنوب أفريقيا الحكومة بمواصلة "إذلال نفسها على الساحة الدولية"، فيما رد منتقدو المجلس باتهامه بالعمل كوكيل لإسرائيل.

احتلال وحشي

وبحسب أندرو فينشتاين، عضو يهودي سابق في البرلمان عن حزب المؤتمر، فإن "الحاخام الأكبر ومجلس النواب اليهودي لم ينتقدا أبدا أي شيء فعلته إسرائيل".

وتابع: "لم ينتقد المجتمع اليهودي المنظم في جنوب أفريقيا نظام الفصل العنصري في البلاد حتى منتصف الثمانينيات؛ لذلك هؤلاء لا يتحدثون من موقع النزاهة الأخلاقية".

وأردف: "بينما ظهر اليهود في جنوب أفريقيا بشكل بارز في النضال ضد الفصل العنصري، إلا أن مجلس النواب، الذي ادعى أنه يتحدث باسم غالبية المجتمع اليهودي، تعاون مع النظام الأبيض (العنصري)، واختار تكريم شخصيات مثل بيرسي يوتار، المدعي العام الذي أرسل نيلسون مانديلا إلى السجن".

فينشتاين شدد على أن "أساس انتقادات جنوب أفريقيا لإسرائيل هو دعم حزب المؤتمر منذ فترة طويلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وممارسة إسرائيل الفصل العنصري في الأراضي المحتلة.. يوجد تقارب مع النضال الفلسطيني، الذي يُنظر إليه على أنه قريب جدا من نضال جنوب أفريقيا".

كما قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في ديسمبر/ كانون الماضي، إن حكومته ستواصل دعم الفلسطينيين "الذين عانوا على مدى سبعة عقود من نوع الفصل العنصري من الاحتلال الوحشي".

تحالف عسكري

و"في عهد الفصل العنصري، طورت إسرائيل وجنوب أفريقيا تحالفا عسكريا وثيقا شمل التعاون في مجال الأسلحة النووية"، كما أردف ماكجريل.

وزاد بأنه "في عام 1976، كرّمت إسرائيل رئيس وزراء جنوب أفريقيا آنذاك جون فورستر خلال زيارة للقدس، على الرغم من اعتقاله خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بسبب تعاطفه مع النازيين وعضويته في ميليشيا فاشية أحرقت ممتلكات يهود".

ولفت إلى أنه "بعد وصول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى السلطة في عام 1994، أقام علاقات دبلوماسية كاملة مع فلسطين، بينما تدهورت العلاقات مع إسرائيل بمرور الوقت".

وفي عام 2019، خفَّضت جنوب أفريقيا تمثيل سفارتها في تل أبيب إلى مكتب اتصال؛ بعد أن قتل جيش الاحتلال أكثر من 220  فلسطينيا في غزة، معظمهم من المدنيين العزل.

ومع تصاعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استدعت جنوب أفريقيا دبلوماسييها من إسرائيل، وأصدر البرلمان قرارا يدعو الحكومة إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية وتعليق العلاقات الدبلوماسية بالكامل، حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتزام إسرائيل بالتفاوض على "سلام عادل ومستدام ودائم" مع الفلسطينيين.

كما دعت جنوب أفريقيا المحكمة الجنائية الدولية (مقرها في لاهاي أيضا) إلى إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة إسرائيليين آخرين؛ بتهمة إصدار "تصريحات بنية الإبادة الجماعية". وسحبت إسرائيل سفيرها من بريتوريا وسط تصاعد النزاع الدبلوماسي.

واختارت جنوب أفريقيا جون دوجارد لرئاسة فريقها القانوني في محكمة العدل الدولية، وقد شغل منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

واتهمت تقارير دوجارد إسرائيل ببناء نظام للهيمنة اليهودية على الفلسطينيين، وانتهاك الاتفاقية الدولية لعام 1973 ضد الفصل العنصري، وارتكاب جرائم حرب، كما اتهم جيش الاحتلال بالتعاون في "إرهاب المستوطنين" ضد الفلسطينيين.

المصدر | كريس ماكجريل/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جنوب أفريقيا فصل عنصري إسرائيل إبادة جماعية غزة محكمة العدل الدولية