استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مشروع وحدوي تضامني.. أو الجحيم الراهن

الخميس 11 يناير 2024 05:13 ص

مشروع وحدوي تضامني.. أو الجحيم الراهن

لا تستطيع هذه الأمة، بالذات شبابها، أن تسمح لإخفاقات حدثت في الماضي أن تتحكم في مستقبلها.

المشروع التوحيدي التضامني سيدق مسماراً في نعش التدخلات الأجنبية وقوى المصالح الداخلية التي لا تستطيع العيش إلا في أجواء التجزئة والصراعات.

إما مشروع تاريخي، وحدوي تضامني، وإما خروج هذه الأمة، من ساحات الحضارة، والعيش في ذل التهميش والتبعية للكيان الصهيوني، أو الاستعمار الأمريكي.

نشهد سقوط مذهل للقيم والالتزامات العروبية والإسلامية، ولتفشي جهل مميت في مؤسسات الحكم، وعدم فهم هذا العالم، وفهم التعامل مع منجزاته ومع سلبياته.

غياب مأساوي لقيادات تاريخية بأنظمة الحكم العربية، تثور على الذل والهوان والضياع، الذي تعيشه الأمة وتقترح مشروع إنقاذي تقدمه لشعوب وجماهير الأمة وأنظمة الحكم.

* * *

يعجب الإنسان من قدرة أنظمة الحكم العربية على رؤية أهوال ما يحدث في الكثير من الأقطار العربية، مثل ما يحدث من جرائم صهيونية في غزة المستباحة، أو الصراع الدموي المجنون بين الجيش الوطني السوداني ومعارضيه من المغامرين المسلحين، أو بقاء ليبيا دولة مستباحة ومجزأة وعاجزة، أو السماح لأمريكا في فرض حصار اقتصادي خانق على سوريا، وتجويع شعبها، أو الخلاف العبثي بين الجزائر والمغرب حول موضوع الصحراء، الذي أنهك القُطرين العربيين، وغيرها من الأمثلة التي تتراكم وتتعقد وتسمم الأجواء العربية..

أن ترى أنظمة الحكم العربية كل ذلك، من دون أن يتقدم أحدها بمقترح مشروع عربي تضامني وحدوي لإخراج الجميع من جحيم الدمار والذل والانتكاسات والاستباحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي يكتوي بنيرانها الجميع من دون استثناء.

لا يمكن أن نصدق ادعاء البعض بأن هذا السقم مفروض على أنظمة الحكم العربية، سواء من قبل دول غربية استعمارية، أو ضغوط صهيونية استخباراتية ابتزازية، أو دول إقليمية لا تريد الخير للعرب، بل نؤمن إيماناً قاطعاً بأن ذلك نتيجة لسقوط مذهل للقيم والالتزامات العروبية والإسلامية، ولتفشي جهل مميت في مؤسسات الحكم، وعدم فهم هذا العالم، وفهم التعامل مع منجزاته ومع سلبياته.

نحن أمام غياب مأساوي لوجود قيادات تاريخية في مؤسسات أنظمة الحكم، قادرة على أن تثور على مشاعر الذل والهوان والضياع، التي تعيشها الأمة وتتبعها باقتراح مشروع إنقاذي تقدمه لشعوب وجماهير الأمة أولاً، ولأنظمة الحكم العربية ثانياً.

لا تستطيع هذه الأمة، بالذات شاباتها وشبابها، أن تسمح لإخفاقات حدثت في الماضي أن تتحكم في مستقبلها، فتعثر الوحدة المصرية السورية الملهمة الواعدة، بسبب مؤامرات الخارج، وأخطاء الداخل، وفاجعة عدم قيام وحدة اندماجية بين العراق وسوريا، عندما كان يحكمهما حزب واحد، بسبب وجود مماحكات طفولية، وتعثر وحدة أقطار مجلس التعاون الخليجي، بسبب خروج هذا القطر، أو ذاك عن الإجماع، باسم سيادات وطنية وهمية، وتعثر اتحاد أقطار المغرب العربي بسبب شعارات مفتعلة مضحكة عن حقوق الأقليات في الانفصال باسم الحق في الحكم الذاتي، وقيام جامعة عربية منزوعة القدرة، على المبادرة الذاتية واقتراح المشاريع وفرض حلول لمشاكل الخلافات بين أعضائها، بسبب السيادة الوطنية الوهمية إياها والمرفوعة دوماً كقميص عثمان..

كل تلك التجارب التي أضاعت الفرص التاريخية لبناء أمة عربية واحدة، متناغمة المكونات والأهداف والوسائل والنضالات، ضد هذا العدو الخارجي أو ذاك، وأصبحت ذكريات مؤلمة في ذاكرة الأمة الجمعية، بل أصبحت سلاحاً في يد الأعداء لتدمير هوية وأحلام هذه الأمة، يجب أن لا يسمح لها بأن تمنع قيام محاولات جديدة، المرة تلو المرة، التي ما إن تسقط على الأرض حتى تقف على رجليها بشموخ وعزم.

وهذا ما نعنيه بالأهمية القصوى لوجود قيادات تاريخية، حينما تتوفر الظروف لقيامها، من أجل معاودة طرح مشاريع حلول إنقاذية تضامنية عروبية موحدة، كخطوة أولى في مسيرة الألف ميل، لكنها كقفزة نفسية وروحية وذهنية في جسم الملايين من شعوب هذه الأمة، الذين لم يقصروا قط في تقديم التضحيات وخوض النضالات والمعارك من أجل كرامة وحرية الإنسان العربي، ومن أجل القيم الأخلاقية والإنسانية الكبرى التي حملتها هذه الجماهير عبر القرون.

لا نبالغ إن كررنا القول بأنه إما قيام مشروع تاريخي جديد، وحدوي تضامني صادق، وإما خروج هذه الأمة، قطراً بعد آخر، من قلب ساحات حضارة العصر، والاكتفاء بالعيش في ذل التهميش والتبعية لمثل الكيان الصهيوني، أو الاستعمار الأمريكي، أو هذه الدولة الإقليمية، أو تلك.

كل خطوة نحو ذلك المشروع التوحيدي التضامني سيدق مسماراً في نعش التدخلات الأجنبية وفي نعش التكفيريين الإرهابيين، وفي نعش قوى المصالح الداخلية التي لا تستطيع العيش إلا في أجواء مماثلة للحاضر، أجواء التجزئة العفنة والصراعات البليدة والخلافات الشخصانية السخيفة وصمت القبور المفجع.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العرب فلسطين غزة أنظمة الحكم العربية جرائم صهيونية مشروع وحدوي الاستعمار الأمريكي المشروع التوحيدي قيادات تاريخية سيادات وطنية وهمية