سوق عقارات إسرائيل يتجه لأسوأ أداء منذ 20 عاما.. ما علاقة طوفان الاقصى؟

الخميس 11 يناير 2024 02:56 م

تراجعت صناعة ومبيعات العقارات في السوق الإسرائيلية بحدة في 2023، بفعل الحرب على قطاع غزة، وتراجع آخر سبق عملية "طوفان الأقصى"، مرتبط بارتفاع الأسعار وضعف الطلب.

وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء ووزارة المالية في إسرائيل، جمعتها صحيفة "غلوبس" المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي، الخميس، أن تراجعا بنسبة تتجاوز 40% طرأ على صفقات شراء العقار في إسرائيل في 2023.

وقالت الصحيفة إن 2023 أصبح الأسوأ بسوق العقارات في إسرائيل، منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وذلك بعد إضافة بيانات ديسمبر/كانون الأول المنصرم.

وتضيف الصحيفة الإسرائيلية المتخصصة بالاقتصاد، أن البيانات تنفي مزاعم مطوري العقارات الإسرائيليين بأن ثمة انتعاشا بالسوق، رغم أن التقرير الأخير لكبير الاقتصاديين بالمالية يشير إلى تحسن ما في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة بأكتوبر/تشرين الأول السابق عليه، الذي شهد انطلاق العدوان على قطاع غزة.

وبعد ما أسمتها الصحيفة "موجة كبيرة من معاداة السامية" بالخارج، تشير تقارير إلى اهتمام مقيمين غير إسرائيليين (لم تحدد الصحيفة ديانتهم) بشراء منزل في إسرائيل، إلا أن هذا الاهتمام لم يترجم إلى صفقات.

وبناءً على القوانين، فإن الهجرة إلى إسرائيل متاحة لذوي الأصول اليهودية، ويمكنهم الاختيار بين عدد من التأشيرات المؤقتة للإقامة للأغراض المختلفة، حسبما تقول مكاتب محاماة إسرائيلية عبر مواقعها على الإنترنت.

وحسب البيانات الصادرة عن كبير الاقتصاديين بالمالية، بيعت 4133 شقة في نوفمبر/تشرين الثاني، ورغم أن ثمة ارتفاعا بنسبة 85% مما تم تسجيله في أكتوبر/تشرين الأول، عندما اندلعت الحرب، فإن المبيعات لا تزال أقل من نصف المتوسط الشهري المسجل لعدة سنوات، حسب رصد الصحيفة.

وأضافت "جلوبس" أن هذا التراجع في متوسط الصفقات يأتي نتيجة ارتفاع الفائدة، فضلا عن الصدمة "القومية" للحرب.

وبالتالي، من المرجح أن يتهاوى عدد الصفقات إلى 70 ألفًا فقط في ديسمبر/كانون الأول، وهو الأدنى منذ 20 عامًا.

وقال مطورو العقارات في إسرائيل إن ثمة زيادة كبيرة في اهتمام المقيمين الأجانب بشراء شقق بسبب ارتفاع "معاداة السامية" بجميع أنحاء العالم ومضايقة اليهود، في أعقاب الحرب في غزة، مع دلائل على أن المزيد من اليهود يبدون اهتماما بالهجرة إلى إسرائيل وربما شراء شقق، لكن الصحيفة تقول إن بين اليوم وشرائهم الفعلي الشقق وقتا طويلا.

واشترى المقيمون الأجانب 77 شقة فقط، في نوفمبر/تشرين الثاني بانخفاض 48% عن نفس الشهر من السنة الماضية.

وفي المقابل باعوا 39 شقة، وبذلك بلغ إجمالي صافي مشترياتهم 38 شقة فقط، وفق البيانات التي أفصح عنها كبير الاقتصاديين بالمالية، وهو ما لا يمكن إرجاعه إلى "تغير في الاتجاه" وفق الصحيفة.

فيما كشف تقرير لوزارة الإسكان الإسرائيلية، في الثلث الأخير من الشهر الماضي، تراجعا بنسبة 15% في عمليات البناء الجديدة، وهو ما يشير إلى ركود في سوق العقارات ضغط على كل من العرض والطلب.

وحسب البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، فإنه بينما يستمر بشكل مطرد الطلبُ على الشقق الجديدة والقائمة في الانخفاض، فإن جانب العرض كذلك في حالة توقف تام، مع انخفاض كبير بعمليات البناء.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هوى عدد تعاملات الشقق 54% مقارنة بالشهر نفسه من 2022، وهو ما عدّته صحيفة جيروزاليم بوست أمرا مثيرا للقلق.

ويظهر التقرير أنه تم الشروع في بناء 61 ألفا و620 شقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 إلى سبتمبر/أيلول 2023، بانخفاض نسبته 14.4% على أساس سنوي.

لكن إجمالي أعمال البناء، بعد شطب الشقق المهدمة، يبلغ نحو 57 ألف و650 وحدة.

وذكرت الصحيفة، أن هذه الأرقام لا تعكس بشكل كامل تأثير عملية طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة، والتي أدت إلى تباطؤ أكبر في قطاع البناء والتشييد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

لكن مصادر أخرى ترجع الركود في القطاع العقاري إلى هروب نحو نصف مليون مواطن إسرائيلي إلى الخارج عقب اندلاع الحرب، وهو ما أدى الى انهيار الطلب العقاري سواء للتملك أو الإيجار.

ووفق بيانات رسمية، بلغ عدد الصفقات في الأشهر التسعة الأولى 2023، نحو 58 ألف صفقة، بانخفاض 36% عن الفترة المقابلة من 2022، وبتراجع 46% عن نفس الفترة من عام 2021.

ولم تصدر بعد بيانات الربع الأخير 2023، والتي ستظهر بيانات السوق خلال فترة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وذكرت "جلوبس"، أن أداء الشهور التسعة الأولى 2023، كان يتجه لدفع السوق لتسجيل أسوأ أداء منذ 20 عاما.. وقالت: "اندلاع الحرب سيجعل أرقام الربع الأخير أسوأ من الأرباع الثلاثة السابقة لعام 2023، ما يعني تسجيل هذا التدهور".

وعانت سوق العقارات في المدن أكثر من غيرها من الحرب، خاصة تل أبيب وعسقلان، "حتى المدن البعيدة عن الحرب مثل الخضيرة ونتانيا سجلت تراجعات متباينة".

وفي تل أبيب على سبيل المثال، وصل تراجع عدد الصفقات إلى 42%، من 4363 صفقة في الأشهر التسعة الأولى من 2022 إلى 2539 فقط في الفترة المقابلة من 2023.

وحسب الصحيفة، "لم يكن من المستغرب أن تشهد عسقلان انخفاضا في عدد صفقات الإسكان في أكتوبر/تشرين الأول، بنسبة 90% إلى 37% من متوسط شهري قدره 300 صفقة".

وشهدت أسعار العقارات في إسرائيل زيادات حادة خلال العام الماضي، بفعل ارتفاع أسعار الفائدة، إذ بلغ متوسط الزيادة على أسعار العقارات في الربع الثالث من العام الماضي، نحو 10% على أساس سنوي.

وتعاني العقارات الإسرائيلية الفاخرة في تل أبيب، خلال العام الجاري من هجرة موظفي شركات التقنية الأجنبية الذين كانوا يحصلون على مرتبات مرتفعة، تمكنهم من دفع معدل إيجارات عالية والإنفاق على شراء الشقق الفخمة في تل أبيب.

في المقابل، تعمل حكومة بنيامين نتنياهو على إنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي من الركود والشركات من الإفلاس، عبر خفض الفائدة المصرفية وتقديم الإعانات المباشرة وغير المباشرة، ولكنها تواجه فجوة عميقة في الإنفاق وسط تراجع الدخل الضريبي.

وكانت اللجنة النقدية في بنك إسرائيل المركزي، برئاسة المحافظ البروفيسور أمير يارون، قد أعلنت في بداية العام عن خفض سعر الفائدة بنسبة 0.25% إلى 4.5%. وهو أول خفض لسعر الفائدة في إسرائيل منذ مارس/آذار العام 2020 الذي شهد جائحة كوفيد.

ويأتي خفض سعر الفائدة بعد سلسلة من 10 زيادات في أسعار الفائدة بين أبريل/نيسان 2022 ومايو/أيار 2023، والتي شهدت ارتفاع سعر الفائدة من أدنى مستوى تاريخي عند 0.1% إلى 4.75%، حيث سعى بنك إسرائيل إلى مكافحة التضخم المتزايد.

وكانت السياسة النقدية قد أدت إلى خفض معدل التضخم في عام 2023، من ذروته عند 5.3% في يناير/كانون الثاني، قبل أن يتراجع إلى 3.3% في نوفمبر/تشرين الثاني.

ويتوقع البنك المركزي الإسرائيلي أن ينخفض معدل التضخم أكثر إلى 3% في الشهر المقبل، وهو الحد الأعلى للنطاق المستهدف السنوي الذي يتراوح بين 1% و3%.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الخميس 23 ألفا و357 شهيدا، و59 ألفا و410 جرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اقتصاد إسرئايل عقارات إسرائيل حرب غزة طوفان الأقصى أزمة اقتصادية