تحركات تركية لكسر الجمود مع المستثمرين.. جيه بي مورجان يرعي اللقاء

الخميس 11 يناير 2024 07:59 م

يجتمع كبار صناع السياسة في تركيا، مع المستثمرين الأجانب في نيويورك، سعياً لإقناعهم بالعودة إلى شراء الأصول المحلية، وأن الاستراتيجية النقدية السائدة الجديدة موجودة لتبقى.

يعد هذا الحدث، وفق تقرير لوكالة "بلومبرج"، وترجمه "الخليج الجديد"، أول تجمع من نوعه ينظمه البنك المركزي التركي، منذ قيام الرئيس رجب طيب أردوغان بتعديل فريقه الاقتصادي، بعد إعادة انتخابه في مايو/أيار الماضي.

وكان تغيير المسار محاولة للحد من ارتفاع التضخم، وإحياء الاهتمام الأجنبي بأسواق بلاده.

وينضم وزير المالية محمد شيمشك، الذي تم تعيينه إلى جانب محافظ البنك المركزي حفيظة أركان، كجزء من هذا التغيير.

ويقتصر الحضور في اللقاء على عملاء بنك "جيه بي مورجان"، هو غرس لمزيد من الثقة في المستثمرين، الذين ما زالوا غير متأكدين من أن التحول في الاتجاه قد تم تحديده.

ويخشى مستثمرون من أن بعض اللوائح التي لا تزال سارية تعمل على تعقيد عملية المبيعات، كما أن القيود المفروضة على سوق مقايضات الليرة في الخارج، والتي تم تصميمها في الأصل لردع البائعين على المكشوف، تجعل المستثمرين غير قادرين على حماية تعرضهم للأصول التركية، وفق الوكالة.

يقول جرانت ويبستر، مدير المحفظة والرئيس المشارك للأسواق الناشئة في "ناينتي وان" بلندن: "التحدي الآن هو أن تكلفة التحوط من مخاطر العملة مرتفعة للغاية، حوالي 40%".

ويضيف: "يحتاج المستثمرون إلى تبني وجهة نظر طويلة المدى، وهو أمر ليس سهلا في تركيا نظرا للتاريخ الحديث من الأخطاء السياسية".

وتأتي هذه الاجتماعات في أعقاب دورة تشديد قوية، أدت إلى رفع سعر الفائدة القياسي إلى 42.5% من 8.5% في 7 أشهر فقط.

وكانت أركان قد قالت سابقًا إن هذا قد يكون الوقت الأمثل لدخول سوق الديون التركية، مشيرًا إلى خطط لبيئة سياسية أكثر "اعتدالًا" في المستقبل.

وتتمتع تركيا بأعلى عائدات من العملة المحلية بين الدول النامية الكبرى، وفقًا لمؤشر "بلومبرج" لحكومات العملة المحلية للأسواق الناشئة، والذي يتتبع 18 دولة بما في ذلك الصين والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا.

ولدى المستثمرين شكوك مزعجة حول المدة التي ستظل فيها الهدنة بين أردوغان والأسواق قائمة، حسب ويبستر.

واستمرت حادثة مماثلة في عام 2020، عندما عين أردوغان محافظًا تكنوقراطيًا للبنك المركزي بعد سنوات من السياسات غير التقليدية، لمدة 4 أشهر فقط.

ويقول ويبستر إن هناك ثقة "هائلة" في البنك المركزي ووزارة المالية بالشكل الحالي، مضيفا: "يظل التحدي هو المدة التي سيبقون فيها في مناصبهم.. لقد تعرض المستثمرون للاحتراق في الماضي".

ومن المعروف أن أردوغان يغذي النمو من خلال الائتمان الرخيص لتعزيز الدعم الشعبي في وقت قريب من الانتخابات، ومن المقرر إجراء تصويت محلي في مارس/آذار.

وقال أردوغان إن لديه "الثقة الكاملة" في الفريق الاقتصادي الجديد.

ومع ذلك، يقول الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة بريندان ماكينا، إن إظهار الدعم لأسعار الفائدة الأعلى قد يعزز الثقة.

ويضيف: "إن أسعار الفائدة الحقيقية لا تزال عميقة في المنطقة السلبية وليست مرتفعة بما يكفي لعكس اتجاه التضخم الحالي".

ويتابع: "إن عدم تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر يهدد أيضًا بالتراجع عن المصداقية، مما قد يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمة الليرة ودفع التضخم إلى أعلى".

وقفز التضخم في تركيا إلى مستوى 65 في المائة في نهاية عام 2023، مع توقعات باستمرار الاتجاه الصعودي للتضخم الأساسي، والوصول إلى ذروة 70% في مايو/أيار المقبل، بعد أن تنتهي فترة تخفيض على فواتير استهلاك الغاز الطبيعي استمرت عاماً، وأعلنتها الحكومة في مايو/أيار الماضي في ظل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتغطي فترة الانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس/آذار المقبل.

والإجماع العام بين الاقتصاديين هو أن البنك سيرفع أسعار الفائدة إلى 45% في يناير، وهو ما يمثل نهاية دورة تشديد السياسة النقدية.

أما ويبستر فيقول: "لكي يعود الأجانب، يجب عليهم التحلي بالصبر، لأن هذا سيستغرق وقتًا طويلاً للاسترخاء، ولن يكون الأمر غير مؤلم".

يشار إلى أن الدولار كسر حاجز 30 ليرة في تعاملات الخميس، مسجلاً أعلى رقم قياسي في التاريخ أمام العملة التركية.

وهبطت الليرة التركية إلى أدنى قاع تاريخي لها عند 30.0072 ليرة، فيما لامس اليورو مستوى 33 ليرة، إذ جرى التداول عند مستوى 32.95 ليرة لليورو.

ويرجع خبراء تراجع الليرة إلى ترقب الأسواق العالمية بيانات التضخم الأمريكية، واستمرار حالة عدم اليقين بشأن الموعد الذي ستبدأ فيه المصارف المركزية الكبرى في خفض أسعار الفائدة هذا العام.

بدوره، توقع بنك الاستثمار الأمريكي "جي بي مورغان" مزيداً من التراجع لليرة التركية.

وذكر في تقرير نُشر في تركيا، الخميس، أن "العوائد الحقيقية الإيجابية والتقييمات تدعم إمكانية الارتفاع الحقيقي لليرة، لكنّ هذا يعتمد على استمرار عملية تباطؤ التضخم".

ولفت التقرير إلى أن الإجراءات المتخَذة على صعيد السياسة النقدية في تركيا تبدو مشجعة، حتى الآن، لكنه أوضح مع ذلك أنه من أجل تعزيز وتثبيت أساس هذه البيانات الأولى، يجب على المستثمرين أن يروا أن التضخم يتجه نحو الانخفاض باستمرار.

وأوضح أن الانخفاض الكبير في قيمة الليرة التركية في الأشهر الأخيرة أدى إلى توقف التدفقات المرغوبة إلى العملة المحلية، وشكَّل صعوبة في عملية تباطؤ التضخم.

وذكر التقرير: "ومع ذلك، ما دام هذا الانخفاض بالنسبة إلى المستثمرين أقل مما يجري تسعيره في المعاملات الآجلة، وهو ما نعتقد أنه سيكون هو الحال في الأشهر المقبلة، فإن الليرة التركية لا تزال توفر فرصة عائد إجمالي معقول".

ورفع "جي بي مورغان"، توقعاته لسعر صرف الليرة في نهاية العام الحالي من 34 إلى 36 ليرة للدولار.

بالتوازي، أكد وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، مواصلة توفير تدفقات الموارد من مؤسسات التمويل الخارجية ضمن نطاق تمويل المشاريع، والتوسط أيضاً في إعادة إعمار المناطق المنكوبة بزلزال 6 فبراير/شباط 2023، من أجل إزالة الأضرار الناجمة عن الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة جنوب البلاد.

((5))

وقال شيمشك، الخميس، إنه جرى توفير ما يقرب من 640 مليون دولار لدعم الشركات العاملة في مناطق الزلزال في الفترة ما بين 19 و22 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأضاف أن التمويل البالغ 100 مليون دولار المقدم من البنك الإسلامي للتنمية لبنك التنمية الصناعية التركي سيُستخدم لتمويل الاستثمارات التي تركز على تنشيط وتعزيز الأنشطة الاقتصادية في الولايات الإحدى عشرة المتضررة من الزلزال.

وتابع شيمشك أن التمويل البالغ 20 مليار ين ياباني، المقدم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، ستستخدمه إدارة تنمية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المناطق المتضررة.

ولفت إلى أن بنك اليابان للتعاون الدولي قدم أيضاً تمويلاً بقيمة 400 مليون دولار من بنك اليابان للتعاون الدولي لبنك التنمية الصناعية وبنك التنمية والاستثمار التركيين، بواقع 200 مليون دولار لكل منهما لتنشيط وتعزيز الأنشطة الاقتصادية في ولاياتنا المتضررة من الزلزال.

وقال إن هذا المورد سيُستخدم لتمويل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة واستثمارات إدارة المياه والنفايات واستثمارات كفاءة الطاقة المدعومة بالتكنولوجيا المتقدمة.

وأضاف شيمشك أن الموارد المقدَّمة لمختلف القطاعات في البلاد، العام الماضي، من المنظمات الدولية والحكومية ووكالات ائتمان التصدير والدائنين التجاريين، بلغت 8.8 مليار دولار، خُصص 2.8 مليار دولار منها لمناطق الزلزال.

وعدَّ الوزير التركي هذه التدفقات مؤشراً على الثقة في كلٍّ من تركيا والبرنامج الاقتصادي متوسط الأجل للحكومة، المعلن في سبتمبر/أيلول الماضي، ويستمر حتى عام 2026، والذي يقوم على مبادئ الشفافية والاتساق والمساءلة والقدرة على التنبؤ.

المصدر | بلومبرج - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا استثمارات مستثمرون جيه بي مورجان سياسات نقدية