استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الرقص على حبل خفض التصعيد المشدود

السبت 13 يناير 2024 06:48 ص

الرقص على حبل خفض التصعيد المشدود

تحوّل وقف إطلاق النار إلى استحقاق لا يمكن الهروب منه إلا نحو حرب إقليمية تترقبها روسيا والصين؛ للانتقام من أمريكا لإنهاء زعامتها الدولية.

تواجه أمريكا معضلة استراتيجية لن تستطيع إدارتها بالرقص على حبل سياسة خفض التصعيد والاحتواء المشدود التي يتبناها بلينكن، ويكاد ينقطع دون وقف إطلاق النار.

العدوان على غزة يهدد بمضاعفة الخسائر الاستراتيجية الأمريكية مع عجز إسرائيلي عن الحسم، وهي مسألة تضغط على أعصاب صانعي القرار والمخططين الاستراتيجيين في أمريكا.

المكانة الاستراتيجية الأمريكية مهددة فالكيان الصهيونيي ليس مجرد خزان انتخابي أو لوبي يمكن تجاوزه؛ بل نقطة ارتكاز أساسية في الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة العربية.

التصعيد وصمود المقاومة في غزة وعجز الاحتلال عن تحقيق نصر وانقسام نخبته، حال دون تمكين أمريكا من إدارة الصراع وضبط مدخلاته ومخرجاته، وهدد بمضاعفة خسائر أمريكا الاستراتيجية عربيا وودوليا.

انكشاف أمريكي يتجاوز الجانب العسكري، بعد أن عجزت عن ردع جنوب أفريقيا عن التوجه لمحكمة العدل الدولية، لإدانة الكيان الصهيوني بالإبادة الجماعية في الحرب على قطاع غزة مما استقطب اهتمام دول عديدة.

* * *

لا يُتصور ألا يكون هناك قتلى في الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، بعد أن تجاوزت العشرات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلا إذا كانت تلقي على القوات الأمريكية البسكويت والورود، كما لا يُتخيل ألا تتسبب 18 مسيّرة وصاروخان مجنّحان وثالث بالستي بأي أضرار للمجموعة القتالية البحرية الأمريكية يوم الأربعاء في البحر الأحمر، إلا إذا كانت مصنوعة من ورق، وشظاياها تحترق في السماء قبل أن ترتطم بالقطع البحرية.

لذلك يمكن القول؛ إن بلينكن لم يذهب للبحرين لمهمة دبلوماسية، بل لتفقد الأسطول الخامس الأمريكي ومقره دولة البحرين، بعد استهداف مجموعة حاملة الطائرات داويت أيزينهاور في البحر الأحمر، فيما وُصف في بيان القيادة المركزية بالعملية المعقدة.

الهجوم يعد الأول من نوعه بعد 25 هجوما مسلحا على سفن الشحن وناقلات النفط المرتبطة بالكيان الإسرائيلي المحتل، فالهجوم المباشر على القوات الأمريكية يؤكد فشل السياسة الأمريكية التي يقودها بلينكن لخفض التصعيد واحتواء آثار الحرب المعلنة إسرائيليا على قطاع غزة.

عملية حركة أنصار الله الحوثية في اليمن أحرجت الدبلوماسية الأمريكية؛ وتحدت استراتيجيتها، فالتصعيد في الإقليم واقع قائم، لم تفلح الجهود الأمريكية الدبلوماسية والتحركات العسكرية في منعه، فالتصعيد منحنى صاعد في العراق وسوريا ضد المصالح والقواعد الأمريكية، والمعارك تتوسع في جنوب لبنان بين المقاومة التي يقودها حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

التصعيد تحوّل إلى حالة انكشاف استراتيجي للولايات المتحدة؛ إذ لا يُتخيل أن تعلن أمريكا عن قتلى وجرحى وإصابات في قطعها البحرية؛ إلا إذا كانت لديها نية لرد عسكري واسع، وتصعيد كبير يقود إلى حرب إقليمية، الأمر الذي لا ترغب فيه، وتسعى لاحتوائه بالدبلوماسية والتكتم وإشراك الحلفاء والأصدقاء.

انكشاف أمريكي لم يقتصر على الجانب العسكري، بعد أن عجزت عن ردع جنوب أفريقيا في التوجه إلى محكمة العدل الدولية بدعوى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لارتكاب الكيان الإسرائيلي المحتل جرائم إبادة جماعية في حربه المعلنة على قطاع غزة، في سابقة سرعان ما استقطبت اهتمام العديد من دول العالم، ومن ضمنها العربية والإسلامية التي انضمت إلى جنوب أفريقيا في دعم توجهها، والترافع معها في محكمة العدل يوم الخميس (11 كانون الثاني/ يناير).

التحذيرات الأمريكية والتهديدات والتحالفات التي أنشأتها في المنطقة، واستصدرها قرار في مجلس الأمن، يدعو لوقف هجمات الحوثيين على السفن التي تنقل بضائع للكيان، لم تفلح في خفض التصعيد أو ردع القوى المنخرطة في المواجهة، كما لم تفلح في احتواء الصراع وتداعياته على مكانتها ونفوذها وفاعلية تأثيرها في الساحة الإقليمية والدولية.

والسبب تمثل بانخراطها في الحرب والعدوان على قطاع غزة، وفشل الاحتلال في حسم المعركة وهزيمة المقاومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس؛ ما أطال أمد الأزمة وهدد مكانة أمريكا واستراتيجيتها في المنطقة.

فأمريكا تواجه صعوبات متزايدة في جمع حلفائها قبل شركائها في عملية حارس الازدهار في البحر الأحمر، وفي جمعهم في الجمعية العامة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرهما من المحافل الدولية، في حين تجتمع دول العالم حول جنوب أفريقيا، ويتعاظم التعاطف العربي والإسلامي مع حركة أنصار الله وحكومتها في اليمن.

المكانة الاستراتيجية الأمريكية مهددة أكثر من أي وقت مضى، ذلك أن الكيان الإسرائيلي لا يعد مجرد خزانا انتخابيا أو لوبيا ضاغطا يمكن تجاوزه؛ بل نقطة ارتكاز أساسية في رسم معالم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية وغرب آسيا، والضرر الاستراتيجي الناجم عن عملية طوفان الأقصى وقع، والجهود لتداركه واحتوائه فشلت ولن تفلح المناورات الأمريكية والدبلوماسية في إصلاحه، لكنها تستطيع وقف التدهور بوقف الحرب.

فالحرب على غزة يتهدد بمضاعفة الخسائر الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في ظل العجز الإسرائيلي عن الحسم، وهي مسألة تضغط على أعصاب صانعي القرار والمخططين الاستراتيجيين في أمريكا، وهو قلق عكسته تسريبات القناة 13 العبرية مساء الأربعاء

بالقول؛ إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أبلغ المسؤولين الإسرائيليين خلال زيارته الأخيرة لـ"تل أبيب"، بأنه "من المستحيل القضاء على حماس بشكل كامل"؛ وهي نقطة تحول ستبني عليها أمريكا سياساتها خلال الأسابيع المقبلة؛ بحثا عن مخرج يحد من الخسائر ويمنع تفاقم الأضرار الاستراتيجية.

ختاما، التصعيد وصمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعجز الاحتلال عن تحقيق نصر وانقسام نخبته السياسية والعسكرية، حال دون تمكين أمريكا من إدارة الصراع والتحكم في مدخلاته ومخرجاته، وهدد بمضاعفة خسائر أمريكا الاستراتيجية في المنطقة العربية وغرب آسيا ليمتد أثرها إلى الساحة الدولية.

وهي معضلة استراتيجية لن تتمكن أمريكا من إدارتها من خلال الرقص على الحبل المشدود لسياسة خفض التصعيد والاحتواء التي يتبناها بلينكن، وتكاد تنقطع دون وقف إطلاق النار، الذي تحول إلى استحقاق لا يمكن الهروب منه إلا نحو حرب إقليمية تترقبها روسيا والصين؛ للانتقام من أمريكا لإنهاء زعامتها الدولية.

*حازم عياد كاتب صحفي من الأردن

المصدر | عربي21

  كلمات مفتاحية

إسرائيل أمريكا الاحتلال غزة خفض التصعيد الإبادة الجماعية معضلة استراتيجية وقف إطلاق النار الحرب على غزة المكانة الاستراتيجية