حرب غزة.. فايننشال تايمز تسلط الضوء عن معاناة نقص الغذاء في القطاع

الأحد 21 يناير 2024 10:03 م

"اعتادت أمل محمد (قبل حرب غزة) أن تلاحق أطفالها الصغار حول منزلهم في غزة؛ لكي تجعلهم ينهون وجبة العشاء، لكنهم الآن في حاجة ماسة للحصول على الطعام وهي بالكاد تستطيع إطعامهم"

هكذا عبرت الأم الفلسطينية في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن جانب من المعاناة اليومية لسكان القطاع الذي يتعرضون لعدوان متواصل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم، أودى بحياة 25 ألف فلسطيني حتى الآن.

وهروبا من العدوان الإسرائيلي الوحشي، نزحت أمل وعائلتها من شمال قطاع غزة المحاصر إلى رفح في الجنوب، حيث يتقاسمون خيمة مكتظة بأقاربهم.

وقالت أمل "نتظاهر أمام الأطفال بأننا لسنا جائعين، أو مشغولون للغاية، بحيث لا نستطيع تناول الطعام"

وأضافت "ارتفعت أسعار المواد الغذائية والحطب الذي يستخدم للطهي بشكل كبير، وأصبح تناول اللحوم حلما وقلص الكبار تناولهم للطعام حتى يأكله الأطفال.."، معقبة "لقد فقدنا جميعًا من أوزاننا".

ووفق الصحيفة فإن عائلة أمل هي واحدة من بين أكثر من مليوني شخص يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الرابع على التوالي.

وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن المجاعة تلوح بالأفق في غزة. والأسبوع الماضي قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن شبح المجاعة يطارد سكان غزة، إلى جانب مخاطر تفشى الأمراض وسوء التغذية وغيرها من التهديدات الصحية".

وأصبح سكان غزة يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية التي يتم جلبها عبر نقطتي الدخول الوحيدتين، رفح على الحدود مع مصر، وكرم أبو سالم على الحدود الإسرائيلية.

وتضررت المزارع التجارية في القطاع الفلسطيني خلال الحرب، فيما يتم تسليم المساعدات، التي تشمل الدقيق والزيت والأرز والبقوليات والأغذية المعلبة، بشكل أساسي إلى مستودعات الأمم المتحدة لتوزيعها على النازحين، الذين يضطرون إلى الوقوف في طوابير، أحيانًا لساعات، للحصول على الطعام.

وقال سكوت أندرسون نائب مدير العمليات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين للأمم (أونروا) بغزة، إن إسرائيل بدأت السماح ببعض الشحنات التجارية إلى غزة، لكن ذلك لم يكن كافيًا.

ومع دخول الحد الأدنى من الغذاء إلى القطاع المحاصر، حذرت وكالات الأمم المتحدة من كارثة متفاقمة، ودعت إسرائيل إلى فتح المزيد من المعابر وتسهيل عملية تفتيش الشاحنات، وقالت إن القصف الإسرائيلي المستمر يعرقل توزيع الغذاء.

والأسبوع الماضي، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين "إن الناس في غزة يواجهون خطر الموت جوعا على بعد أميال قليلة من الشاحنات المملوءة بالأغذية".

وأضافت أن "كل ساعة ضائعة تعرض حياة عدد لا يحصى من الناس للخطر. يمكننا أن نُبِعد المجاعة إذا تمكنا من توفير الإمدادات الكافية، وضمان إمكانية الوصول الآمن إلى جميع المحتاجين أينما كانوا".

وبحسب تقييم برنامج الأغذية العالمي، فإن جميع سكان غزة يواجهون أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين يواجه أكثر من 500 ألف شخص كارثة، تُعرف بأنها نقص حاد في الغذاء.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام التجويع "كوسيلة للحرب" في غزة.

وقالت إن إسرائيل تمنع عمدًا توصيل المياه والغذاء والوقود، في حين ينكر المسؤولون الإسرائيليون الاتهامات، ويشيرون إلى وجود عمليات تسليم غذاء يومية تسهل إسرائيل تسليمها للقطاع.

وتقول السلطات في غزة إن العدوان الإسرائيلي المتوصل على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم أدى إلى استشهاد أكثر من 24 ألف فلسطيني وتشريد 85% من السكان. فيما تخشى الأمم المتحدة سقوط المزيد من الوفيات بسبب الجوع والمرض.

وقال منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، مارتن جريفيث إن المجاعة على الأبواب وإن الأمراض المعدية تنتشر في أماكن النزوح المكتظة في حين يواجه الناس أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المسجلة على الإطلاق.

وتحدث مازن حويلة (55 عاما) وهو نازح من الشمال مع عائلته المكونة من 20 فردا ويسكن أيضا في خيمة برفح للصحيفة عن الأوضاع المأساوية التي يواجها الغزاويين.

وقالت الصحيفة أنه حويلة بكي وهو يقول: "لا يمكننا تحمل المزيد.. نحن نأكل فقط الخبز المغمس بالزعتر.. إلى متى ستصمد أجسادنا؟"

وأشارت الصحيفة إلى أن أرفف محلات البقالة في القطاع خالية من جميع السلع باستثناء القليل من السلع الأساسية مثل اللحوم المعلبة والفول والجبن.

وذكرت أنه في الوقت الحالي لا يوجد أي شخص تقريبًا لديه أي دخل، مما يجعل الأسعار أعلى من إمكانات السكان.

وأصبحت الأطعمة الطازجة مثل البيض والحليب نادرة وأسعارها مرتفعة، إذ بلغ سعر طبق البيض (30 بيضة) حوالي 24 دولارًا، قبل أن تتراجع إلى 13.36 دولارا، وهو ما يزال عند مستوى 3 أضعاف سعرها قبل الحرب، في حين أن سعر الحليب يبلغ حوالي3.21 دولار للتر، أي ضعف سعره قبل الحرب.

وقال أندرسون إن مستويات الجوع "تزداد سوءًا تدريجيًا كلما اتجهنا شمالا"، مع احتمال حدوث مجاعة قريبة في المناطق الشمالية المدمرة، حيث لا يزال نحو 300 ألف شخص لا تصلهم إغاثة إلى حد كبير.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إنه من الصعب الحصول على تصريح من إسرائيل لتوصيل المساعدات إلى الشمال.

وقال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني إن الكثير من النازحين يقتربون من شاحنات المساعدات لأخذ الطعام مباشرة من دون انتظار توزيعها، وعندما تسمح إسرائيل بالتوزيع تكون الشاحنات قد فرغت تقريبًا.

وقال أندرسون إن ما يزيد قليلا عن 100 شاحنة مساعدات تدخل إلى غزة يوميًا في المتوسط، لكن ثمة حاجة إلى 600 شاحنة.

وأضاف أن النصف سيكون من الناحية المثالية شركات خاصة تجلب البضائع للبيع، وهو ما من شأنه أن يستأنف التجارة ويسمح للمانحين بتقديم الأموال النقدية بدلا من المساعدات الغذائية.

وذكر أن هذا من شأنه أن يكون أكثر "كرامة" للمتلقين وأسهل بالنسبة للأمم المتحدة من نقل البضائع.

وقال أندرسون: "من الصعب جلب الدقيق لمليوني شخص على أي نطاق، لأنه ضخم للغاية".

وفي رفح، حيث يكتظ 1.2 مليون نازح في الشقق المكتظة وفي مرافق الأمم المتحدة وكذلك الخيام، خرج متطوعون إلى الشوارع لطهي الطعام على نار الحطب وإطعام الناس.

وقال بكر الناجي أحد الطهاة إن مجموعته المكونة من 25 متطوعا استخدموا المكونات المتبرع بها لإعداد 10 آلاف وجبة يوميًا.

وأضاف "أشعر بالحزن عندما ينفد ما لدينا وما زال أطفال ينتظرون، لكن ليس لدينا شيء لهم".

وقال باسل اللوحي (18 عاما) الذي فرت عائلته من مدينة خان يونس، إنه يأتي كل يوم للحصول على الطعام.

وأضاف "إذا لم أفعل ذلك، فإن أملنا الوحيد في تناول الطعام سيكون إذا تبرع شخص طيب بقطعة جبن أو شيء من هذا القبيل"

المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب غزة معاناة سكان غزة نقص الغذاء العدوان الإسرائيلي أطفال غزة

واشنطن بوست: قمة الاتحاد الأوروبي تضغط على إسرائيل للقبول بحل الدولتين

تحذير أممي من انعدام الأمن الغذائي في غزة: وصل إلى حالة حرجة للغاية