خطة دينيس روس للسلام الفلسطيني الإسرائيلي.. مرحلتان برعاية سعودية إماراتية

الثلاثاء 13 فبراير 2024 11:02 ص

طرح الزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، المفاوض السابق في إدارات أمريكية ديمقراطية وجمهورية، دينس روس، خطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة وتحقيق السلام عبر مرحلتين، الأولى تستهدف الانتقال إلى "اليوم التالي" للحرب والثانية تستهدف توفير مقومات إقامة دولة فلسطينية.

وذكر روس، في تحليل نشره موقع المعهد، أن طرحه يستند إلى خبرة أكثر من 30 عاماً، عمل فيها لتحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين، في عهد 5 رؤساء أمريكيين مختلفين، ومحادثاته مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وأوضح المسؤول الأمريكي السابق أن المسؤولين السعوديين والإماراتيين قالوا إنهم مستعدون للاضطلاع بدور في غزة، بل وحتى في الضفة الغربية التي لم يكونوا مستعدين للاضطلاع بدور فيها على الإطلاق من قبل، بشرط أن يرتبط ذلك بأفق سياسي أو غاية نهائية سياسية، هي حل الدولتين. وأضاف أن المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يقومون بزيارات مكثفة عبر الشرق الأوسط، ويشاركون المسؤولين السعوديين والإماراتيين هذا البصيص من الأمل.

وإذا كان من الممكن إقناع القوى الخليجية بوجود خطة تضمن هذه النتيجة، فإنها ستساعد في بناء الجسر في غزة والضفة الغربية للوصول إلى ذلك المستقبل، وفي حالة السعودية، تحقيق السلام مع إسرائيل، حسبما يرى روس، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات لا تريدان الاستثمار في عملية جزئية أخرى لا تؤدي إلى أي نتيجة أو تكرر الأحداث التي وقعت منذ انهيار عملية "أوسلو" في تسعينيات القرن الماضي.

جسران للسلام

وعن المرحلة الأولى لخطته، يشير روس إلى ضرورة تغيير الواقع في غزة، حتى قبل انتهاء الحرب من دون التخلي عن هدف إنقاذ الأسرى، والذي يجب التوصل إلى اتفاق بشأنه، بحيث "تحوّل إسرائيل تركيزها من القضاء على حركة حماس، التي تعكس فكرة إسلامية متجذرة بعمق في أذهان الكثير من الفلسطينيين، إلى نزع السلاح في غزة. ويعني ذلك تفكيك بنية حماس التحتية وقدراتها العسكرية".

ووفق رؤية روس لهذه المرحلة، يمكن المجتمع الدولي أن يلتزم بضمان بقاء غزة منزوعة السلاح، ويتطلب ذلك آلية لمراقبة تسليم جميع المواد التي تدخل إلى غزة وتحديد الأماكن التي يتم تخزينها فيها والتأكد من أنه يتم استخدامها للغرض المناسب وليس لبناء الأنفاق أو التسلح الحربي.

وبعبارة أخرى، تستند تلك المرحلة على توافق الولايات المتحدة مع السعوديين والإماراتيين والمصريين والأوروبيين واليابانيين على ضرورة أن تضمن أي مقاربة لإعادة الإعمار عدم إعادة تسليح غزة، على أن توضع اللبنات الأساسية لهذا المستقبل على مدى 12 إلى 18 شهراً المقبلة. ويزعم روس أن حماس ستواجه صعوبة في السيطرة على غزة بعد أن فقدت تشكيلاتها العسكرية وقيادتها وسيطرتها وصناعة الأسلحة الخاصة بها، لا سيما إن لم يتم تنفيذ أي استثمار كبير في غزة، وبما أنه لا يجوز ترك فراغ، من الضروري قيام إدارة مؤقتة، وقبل أن يتم إصلاح "السلطة الفلسطينية" وتصبح قادرة على ممارسة الحكم الرشيد بقيادة رئيس وزراء متمكن وغير ملطخ بتهم الفساد، فلن تتمكن أن تحكم في غزة.

ومع ذلك، يرى روس ضرورة أن يكون الهدف هو إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات، وعودتها إلى غزة وإعادة توحيدها سياسياً مع الضفة الغربية.

ولإدارة القضايا الملحة مثل المياه والكهرباء والصحة، يقترح روس إنشاء آلية إنسانية دولية للعمل مع رجال الأعمال الفلسطينيين والهيكلية البيروقراطية القائمة في غزة منذ عهد "السلطة الفلسطينية"، والتي عملت حتى في ظل حكم حماس.

ويمكن لهذه الآلية أن تعالج الاحتياجات الملحة، والتي تشمل توفير المأوى (كرفانات ومساكن جاهزة) لأكثر من مليون فلسطيني تم إجلاؤهم من شمال غزة إلى جنوبها وينبغي السماح لهم بالعودة.

والهدف من ذلك هو استعادة بعض وظائف الحياة اليومية في أجزاء من غزة حيث فقدت حماس السيطرة، حسب زعم روس، و"من خلال القيام بذلك يمكن إثبات أن الحياة يمكن أن تتحسن مع خروج حماس من السلطة"، حسب تعبيره.

وتتمثل العقبة الرئيسية أمام أي حل دائم بالقناعة السائدة لدى الكثير من الإسرائيليين بأن حماس أو حركة مشابهة لها هي التي ستقوم بإدارة أي دولة فلسطينية، ولذا يرى روس من الضروري ألا يوفر الحديث عن سلطة فلسطينية جديدة خاضعة للإصلاحات طريقة ملتوية لعودة حماس سياسياً إلى السلطة، إذ لو دخلت الحركة إلى السلطة فستوجه نزعتها العسكرية للاستيلاء عليها.

ولن يشكل ذلك نعمة لـ"محور المقاومة" الإيراني فحسب، بل سيتناقض مع هدف حل الدولتين، حسب زعم روس، مشيرا إلى أن حماس ترفض وجود إسرائيل وفكرة الدولتين، التي تمثل المرحلة الثانية في خطته لتحقيق السلام.

الاعتراف بفلسطين

ويشير روس، في هذا الصدد، إلى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل ترسيم حدودها سيساعد على تحقيق المرحلة الثانية من مقترحه، وهو ما أيدته وزارة الخارجية الأمريكية واللورد كاميرون أوف تشيبينغ نورتون، وزير الخارجية البريطاني.

لكن إشراك الإسرائيليين في هذه العملية لن يكون سهلاً، بحسب روس، مشيرا إلى أنه اقترح، في نهاية قمة "كامب ديفيد" في صيف عام 2000، على إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أن يعترف بالدولة الفلسطينية على أن يتم التفاوض على خصائصها (السيادة والحدود) في وقت لاحق، لكن باراك رفض الفكرة بحجة أن الفلسطينيين سيتبنون مواقف متطرفة.

وأشار باراك آنذاك إلى أن المجتمع الدولي سينجر حتماً إلى الموقف الافتراضي المتمثل بقبول العودة إلى خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، والذي من شأنه "تعريض إسرائيل لخطر استراتيجي كبير ولا ينص على إجراءات للتعامل مع الكتل الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية".

ويصف روس مخاوف باراك بأنها "مشروعة"، مضيفا: "إذا رأت الولايات المتحدة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمكن أن يشكل جسراً إلى مستقبل أفضل بحيث يُظهر لكل من السعودية والفلسطينيين أن تطلعاتهم الوطنية ستتم معالجتها بجدية يجب أن يقترن هذا الاعتراف بمعالجة المخاوف الإسرائيلية".

شروط مسبقة

ويرى المسؤول الأمريكي السابق أن معالجة هذه المشكلة المعقدة "قد لا تكون شاقة كما تبدو"؛ لأن مقترحه يقوم على أن تكون مؤهلات الدولة الفلسطينية أو شروط قيامها على النحو التالي:

• لا يجوز أن يقود الدولة الفلسطينية أولئك الذين يرفضون وجود إسرائيل وواقع حل الدولتين.

• يجب أن تكون خصائصها السيادية متسقة مع الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، التي تتطلب أن تكون الدولة منزوعة السلاح على الأقل، وأن لا يُسمح لها بتشكيل تحالفات مع الجهات المعادية لإسرائيل.

• يتعين على قادتها أن يتقبلوا شرعية إسرائيل (وليس مجرد وجودها الفعلي) كوسيلة لتقويض مصداقية أولئك الذين يستمرون في رفض إسرائيل.

• لا يجوز لها أن تستمر في التحريض على العنف ضد إسرائيل ونشر الكراهية ضدها، وهو الأمر الذي لطالما انطبق على "السلطة الفلسطينية" الحالية.

• تحتاج إلى مؤسسات ذات مصداقية وحوكمة متينة لضمان ألا تكون دولة فاشلة.

• أخيراً، يجب أن تكون قادرة على إدانة أفعال حماس بشكل صريح.

التزامات إسرائيل

وإزاء هكذا شروط، يرى روس أنه لا يجوز إلقاء عبء خطة العمل حصرياً على عاتق الفلسطينيين، إذ يتعين على إسرائيل الاعتراف بالتطلعات الوطنية الفلسطينية وقبول الدولة الفلسطينية مع توفّر الضمانات الصحيحة، وفي ظل المناخ الحالي سيتطلب ذلك بعض الإقناع.

وإضافة لذلك، ينبغي لإسرائيل أن تشجع على إصلاح السلطة الفلسطينية وتسمح للعمال الفلسطينيين بالدخول مجدداً إلى أراضيها وتسهل عبور الأشخاص والبضائع، بل حتى فتح السوق الإسرائيلية أمام المنتجات الفلسطينية، إذ من شأن كل ذلك أن يحسن الأداء الاقتصادي للسلطة الفلسطينية ويُظهر أن الإصلاح يمكن أن يأتي بثماره.

كما يتعين على إسرائيل وقف النشاط الاستيطاني خارج الكتل القائمة حاليا، بما أن هذا النشاط يهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية، بحسب روس، كما عليها اتخاذ إجراءات صارمة بحق المستوطنين المتطرفين الذين يهددون الفلسطينيين ويحرمونهم من الأمن.

لكن هل يمكن اتخاذ أي من هذه الخطوات في حكومة تضم الوزيرين المتشددين: إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش؟ يجب روس بشكل حاسم: "لا، لأنهما لن يبقيا في حكومة تتخذ مثل هذه الإجراءات".

وخلص روس إلى أن بناء أي من هذين الجسرين لتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي لن يكون سهلا، "لكن التصرف كما لو كان الوضع قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول يمكن أن يستمر سيضمن بالتأكيد استمرار النزاع".

المصدر | الخليج الجديد + معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

  كلمات مفتاحية

السلام غزة إسرائيل حماس إسحق رابين السعودية الإمارات إيتمار بن غفير بتسلئيل سموتريتش