البحرين تحذر قطر من استمرار "التجنيس" والدوحة تؤكد حرصها على علاقة الأخوة مع المنامة

الخميس 18 سبتمبر 2014 12:09 م

حذر وزير الداخلية البحريني أنه في حالة استمرار قطر بتحريض المواطنين على ترك الجنسية البحرينية سوف تتخذ ‏ البحرين إجراءات ما كانت تتطلع للجوء إليها؛ بينما أعربت دولة قطر عن استغرابها من اتهامات البحرين، مؤكدة حرصها على علاقات الأخوة الراسخة مع مملكة البحرين.

وأشار «سعد الخليفي» مدير عام الأمن العام بوزارة الداخلية القطرية، في تصريح نشرته وكالة الأنباء القطرية صباح اليوم، إلى أن «ما يزيد التصريح غرابة أنه يصدر رغم جسامة ما تمر به المنطقة من تحديات تستوجب الوقوف صفا واحدا لمواجهتها لأجل الحفاظ على أمن واستقرار كافة الشعوب الخليجية».

ويأتي التصريح القطري ردا على تصريح «راشد بن عبدالله آل خليفة» وزير الداخلية البحريني، مساء أمس الأربعاء، عن «استياء» بلاده من استمرار قطر في تجنيس مواطنيها.

وحذر «آل خليفة»، في تصريح نشرته وكالة الأنباء البحرينية، من أن استمرار قطر فيما أسماه «ممارسة التحريض على ترك الجنسية البحرينية سوف يضطرنا لاتخاذ إجراءات معاكسة لما كنا نتطلع للجوء إليها»، في إشارة إلى عدم إعادة السفير البحريني الذي سحبته المنامة من قطر في 5 مارس/ آذار الماضي.

وأعرب «الخليفي» عن أسفه بشأن التصريح الصادر عن وزير الداخلية بمملكة البحرين، واصفا ما تضمنه التصريح بأنه «يفتقر إلى الدقة ويخالف ما تم الاتفاق عليه بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، مشددا على أن التصريح يثير الاستغراب «فمن غير المعقول – بل ومن المستحيل – أن تقوم دولة قطر بإغراء مواطني البحرين الشقيقة بالتجنيس، فدولة قطر تلتزم تطبيق قوانينها مع من هم من ذوي الأصول القطرية أسوة بما تتبعه كافة دول مجلس التعاون في هذا الشأن».

وسبق أن اتهمت وزارة الداخلية البحرينية، قبل بضعة أيام، قطر بتجنيس مواطنيها، وأنها «لم تلتزم بإيقاف ذلك وفقا لما تعهدت به سابقا».

وقال البيان إنه تم توقيف مواطن يدعى «صلاح محمد الجلاهمة» والتحقيق معه من قبل النيابة العامة بسبب «اكتسابه الجنسية القطرية وتنازله عن جنسيته البحرينية بطريقة مخالفة للقانون»، وبين أنه تم «إخلاء سبيله بعد تقديمه لاعتذار مكتوب عما صدر منه وتعهده بتصحيح أوضاعه القانونية بموجب قانون الجنسية البحريني». 

وفي 6 أغسطس/ آب الماضي، اتهمت البحرين، قطر، بتجنيس أفراد بعض العوائل البحرينية «من دون الفئات الأخرى وذلك من غير مراعاة القوانين المنظمة لذلك في مملكة البحرين»، وأعربت في الوقت ذاته «عن ثقتها في أن قطر ستعمل على مراجعة موقفها في هذا الشأن ، حيث أن «تجنيسها لمواطنين بحرينيين ينعكس سلبا على أمن المملكة ومصالحها الوطنية العليا».

وكان عاهل البحرين الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» قد أصدر في 7 يوليو/تموز الماضي القانون رقم 21 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية لعام 1963، ونص التعديل على أنه «يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار (نحو 8 آلاف دولار) ولا تجاوز عشرة آلاف دينار (نحو 26 ألف دولار)، البحريني الذي يكتسب مختارًا جنسية إحدى الدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية دون إذن سابق من وزير الداخلية».

ولم يتم إيضاح طبيعة الإجراءات التي ستأخذها البحرين، التي سحبت سفيرها من قطر في شهر مارس الماضي ‏مع سفير السعودية والإمارات احتجاجا على التوجهات السياسية لقطر.‏ ودعا الوزير في بيان صحفي قطر إلى وقف إجراءات تجنيس البحرينيين ووصفها بغير المبررة. وأتهم ‏الوزير قطر بإغراء المواطنين البحرينيين بالجنسية القطرية، والطلب منهم التخلي عن جنسيتهم ‏الأصلية.

‏و تسمح القوانين البحرينية بأزدواج الجنسية لمواطنيها بحسب شروط معينة في قانون الجنسية ‏وتعديلاته الأخيرة، منها أن يكون المواطن حامل لجنسية أحد دول مجلس التعاون الخليجي.‏ وأنتقد الوزير هذا السلوك وبين بأنه يتنافى مع روح الإخوة ويتعارض مع روح التعاون ‏للإتحاد الخليجي ‏الذي دعى له العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. ‏

 

تسييس التجنيس

والمعلوم تاريخيا أن قطر والبحرين ترتبطان بعلاقات سياسية واجتماعية وعشائرية وحدوية قديمة. ولا زالت هناك عشرات العائلات والعشائر التي تعيش بكلا البلدين، مثل فخرو والمحمود والمهندي والجلاهمة والمسلم والمناعي والكواري وغيرها، وكثيرا ما ينتقل أفرادها من أحد البلدين إلى الآخر لأسباب اجتماعية واقتصادية عديدة. 

والحقيقة أن البحرين أكثر تورطا في عملية تسييس التجنيس، في محاولة من حكامها آل خليفة لتغيير التشكيل السكاني طائفيا، أي إضافة عشائر عربية سنية إلى التشكيل السكاني البحريني لموازنة ثقل الأغلبية الشيعية العربية في البحرين. وهذا المسألة تمثل إحدى أهم الإشكالات بين السلطة والمعارضة في البلاد.

بل لجأت البحرين في الثمانينات والتسعينات الماضية إلى جلب عشائر سنية غير خليجية من شمال شرق سوريا، من منطقة دير الزور والبوكمال، وجندوا أفرادها في الجهاز الأمني، وأنيط بهم قمع الأغلبية الشيعية كقوات أمن وفي السجون ومراكز التحقيق والاعتقال، واثبتوا أنهم غلاظ قساة القلوب في تعاملهم مع المعارضة السياسية. 

بل إن دول الخليج (باستثناء عمان) ترحب تقليديا بتجنيس أبناء القبائل العربية ذات الأصول النجدية. وبعضها يقيم في العراق أو سوريا أو الأردن ويستطيع التجنس (بالإضافة إلى الجنسية العراقية أو السورية أو الأردنية) بالجنسية السعودية والكويتية والقطرية والإماراتية، وغالبا لا يرغبون بالجنسية البحرينية بسبب أزمات البحرين السياسية واضطراباتها الأمنية ومحدودية الفرص الاجتماعية الاقتصادية هناك.  

وكانت السعودية والكويت مؤخرا قد تبادلتا مؤخرا كشوفات بأسماء الأفراد الحاصلين على أكثر من جنسية، وشرعت الحكومة الكويتية في تخيير آلاف منهم بين الجنسية السعودية والجنسية الكويتية في خطوة تعكس قلق حكام الكويت من الحراك السياسي الاجتماعي الذي تشهده البلاد باتجاه الحكم الدستوري والشفافية، ومحاولتهم تطويقه وحصاره. 

لكن تسييس التجنيس اتخذ منعطفا سلبيا مؤخرا، عندما قررت السلطات الكويتية سحب الجنسيات انتقائيا وانتقاميا من المعارضين الكويتيين بذريعة عدم ثبوت أصولهم الكويتية، ثم تبعتها السلطات البحرينية متخذة نفس الإجراءات التعسفية بحق المعارضين، وهو ما يفتح بابا سيئا للانقسام الاجتماعي والتفتت الإثني والعصبيات الجاهلية. وتمثل مشكلة "البدون" اسوأ تجليات التمييز العنصري لتسييس التجنيس وتلغي مبدأ وفكرة وحقوق المواطنة القائمة على الميلاد والعيش المشترك والوشائج الثقافية والقرابة الاجتماعية.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

قطر البحرين

ما وراء الهجرة السنية من البحرين إلى قطر