الحركة الجهادية في اليمن: تاريخ طويل .. ومستقبل أطول

السبت 12 مارس 2016 03:03 ص

توقعات

(1) سوف يستمر نشاط الجهاديين في اليمن، كما هو الحال منذ عقود.

(2) تشكل الدولة الإسلامية تهديدا إرهابيا مستمرا ، ولكنه منخفض المستوى في البلاد.

(3) سيبقى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مشكلة كبيرة وأكثر تعقيدا. حيث يعمل في إطار مجموعة من الأسماء المستعارة. وقد اكتسبت الحركة زخما من العلاقة غير المباشرة مع قوات التحالف التي تقودها السعودية.

تحليل

لدى الجهاديين تاريخ طويل في اليمن. ومنذ تأسيس تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في 2009 وهو يحظى بالصدارة بين الجهاديين في البلاد. وفي الواقع، فقد وقعت أول هجمات تنظيم القاعدة ضد مصالح الولايات المتحدة مع عام 1992 من خلال تفجير فنادق «جولد ميهور» و«موفنبيك» في عدن.

 وقد أثبت الجهاديون اليمنيون عنادهم بعد تقلص قدراتهم وصولا إلى تشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب) في يناير/كانون الثاني من عام 2009.

وتحت قيادة «ناصر الوحيشي»، وحدت القاعدة في جزيرة العرب عددا من الفصائل الجهادية من اليمن والمملكة العربية السعودية ، وحولتها إلى منظمة متماسكة وفعالة.

وحتى بعد تشكيل القاعدة في جزيرة العرب، أوجدت الخلافات الداخلية تناقضات في الجبهة الموحدة للجهاديين اليمنيين. جاء ذلك بسبب العداوات الشخصية، الخصومات القبلية والخلافات حول التكتيكات والاستراتيجيات وتجييش الأيديولوجيات، والتي قد تحولت إلى استخدام العنف في بعض المناسبات .

وقد أدت الخسائر الفادحة التي لحقت بالتنظيم في هجوم للحكومة في 2012 بعد أن سيطر التنظيم على جزء كبير من جنوب اليمن، إلى الجفوة بين عناصره وتبادل الاتهامات. وقد جادل بعض الجهاديين أن قيادة الجماعة كانت طائشة لقيامها بالاستيلاء والسيطرة على الارأضي، بينما زعم آخرون أنه لم يكن من المناسب التعامل مع القرار بهذا القدر من العدوانية.

ظهور «الدولة الإسلامية»

في ضوء هذا التاريخ الخلافي، فإن الأمر لم يكن مستغربا عندما أعلنت مجموعة من الجهاديين اليمنيين الولاء لزعيم «الدولة الإسلامية»، «أبو بكر البغدادي» في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2014. وسرعان ما تمايزوا عن القاعدة في جزيرة العرب: وقامت وحدات «الدولة الإسلامية» في اليمن بضرب عدد من الأهداف أبعد من توجهات تنظيم القاعدة في الاستهداف، بما في ذلك المساجد في صنعاء.

في الواقع، ندد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية و بصوت عال بممارسات «الدولة الإسلامية» ضد مثل هذه الهجمات، والتي كان آخرها الهجوم في 4 مارس/أذار الحالي على المبشرين ودار للمسنين الخيرية في عدن، والذي قتل فيه 16 شخصا، بينهم أربع راهبات هنديات.

منذ أوائل عام 2015، أعلنت «الدولة الإسلامية» مسؤوليتها عن هجمات في عدة محافظات مختلفة، وذلك باستخدام تسميات «ولاية» لوحداتها. لكنها كانت أكثر نشاطا كان في محافظات أو ولايات صنعاء وعدن وحضرموت.

نفذت «الدولة الإسلامية ولاية صنعاء» عدد من الهجمات في اليمن منذ إنشائها. ومع ذلك، فقد كانت هذه العمليات في الغالب تفجيرات ضد أهداف سهلة مثل المساجد والمواكب الجنائزية. وعلى الرغم من أن بعضها كان متعدد الانتحاريين، وحتى مع استخدام السيارات المفخخة فقد كانت نتائج هذه الهجمات ضعيفة. ومع ذلك، فإن بعض هذه الهجمات قد أحدثت مجزرة كبيرة، مثل أول هجوم في مارس/أذار 2015 والذي أرسلت فيه أربعة انتحاريين إلى ثلاثة مساجد في صنعاء.

وقعت معظم هجمات ولاية صنعاء في العاصمة ما بين مارس/أذار وسبتمبر/أيلول 2015 ولكن منذ ذلك الحين، فإن وتيرة الهجمات قد خفت بشكل كبير . آخر هجمة للدولة الإسلامية كانت عبر التفجير المزدوج في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على منزل «أحمد علي صالح»، نجل الرئيس اليمني السابق. في البداية، تم تفجير عبوة ناسفة أمام منزله، تلتها قنبلة ثانية استهدفت قوات الأمن الحوثية.. وحتى الآن هذا العام، لم تكن هناك أي تفجيرات للدولة الإسلامية في صنعاء. وبدلا من ذلك، فقد تحول مركز أنشطة «الدولة الإسلامية» في اليمن إلى عدن. ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، كان هناك عدد قليل من الهجمات في حضرموت ومناطق أخرى في اليمن، ولكن معظما وقع في عدن.

وقد رافق هذا التحول الجغرافي تغيير تكتيكي أيضا .

وقد مثل الهجوم الذي وقع في 6 أكتوبر/تشرين الأول ضد فندق ومنتجع القصر في محافظة عدن، الذي يقدم خدماته ويستخدم كمقر مؤقت للحكومة اليمنية ولإسكان لكبار الضباط العسكريين من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، نقطة تحول بالنسبة للدولة الإسلامية في اليمن.

فخلافا لاعتداءاتهم السابقة، فقد كان هذا الهجوم معقدا و على هدف صعب، وقد شمل الاعتداء المسلح على مركبات كبيرة متعددة القنابل. وفي هذا الهجوم، أثبتت «الدولة الإسلامية» قدرات إرهابية متطورة تحاكي القاعدة في جزيرة العرب.

ومنذ ذلك الحين، قامت «الدولة الإسلامية» بتنفيذ عدد من التفجيرات الانتحارية والاغتيالات في عدن، تحت مسمى ولاية عدن، وولاية أبين. وإحدى هذه التفجيرات، عملية 28 يناير/كانون الثاني التي استهدفت محافظ عدن، قد تم تنفيذها من قبل ناشط هولندي.

تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية

وحتى مع ما تقدم، يواجه نمو «الدولة الإسلامية» في اليمن قيودا خطيرة. ولعل أكبر هذه القيود هو القاعدة في شبه الجزيرة العربية. فبالإضافة إلى جذوره العميقة في اليمن، بما في ذلك الصلات مع قبائل محلية قوية، وقد أصبحت تلك العلاقات قوية جدا منذ أن غزت قوات التحالف التي تقودها السعودية، اليمن، حيث إن التنظيم يسيطر على جزء كبير من البلاد.

كما أن التنظيم قد قلل من استخدامه لمسمى تنظيم القاعدة، وأطلق على نفسه اسم أنصار الشريعة ويدعو الوحدات المحلية التابعة له «أبناء» مقاطعة أو منطقة معينة، على سبيل المثال، «أبناء حضرموت».

حاليا، يسيطر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، تحت أي من مسمياته المختلفة، على مساحة من الأراضي أكثر من التي تسيطر عليها قوات الحوثي و«صالح» أو الحكومة التي تدعمها السعودية. وهذه الميزة الإقليمية تعطيه القدرة على الوصول إلى موارد ضخمة، والتي يمكن استخدامها ليس فقط للتجنيد والدفع للمقاتلين الجدد ولكن أيضا لمواصلة ترسيخ نفوذ القاعدة في اليمن.

وقد أشارت عدة تقارير أن مقاتلي القاعدة في جزيرة العرب يساعدون في معركة التحالف الذي تقوده السعودية لتحرير مدينة تعز من قوات «الحوثي». هذه ليست سوى أحدث علامة على وجود علاقة ضمنية بين قوات التحالف التي تقودها السعودية وتنظيم القاعدة، والذي استهدفت السعوديين مرارا في الماضي. وقد كانت هذه العلاقة عاملا مهما في زيادة قوة الجماعة على مدى العام الماضي، على الرغم من عدة أمور منها الضربات الجوية الأمريكية التي قتلت «الوحيشي».

الخلاف داخل «الدولة الإسلامية» هو عامل رئيسي آخر يحد من التقدم الذي أحرزته في اليمن. ففي ديسمبر/كانون الأول، ثار عدد كبير من أعضاء الدولة ضد أمير الجماعة في عدن على الرغم من أنهم كانوا لا يزالون يدينون بالولاء للبغدادي في ذلك الوقت، والعديد منهم انشق وذهب إلى القاعدة في جزيرة العرب.

استشراف

لا يوجد مؤشر يذكر أن الحكومة وقوات التحالف التي تقودها السعودية أو حتى الجهاديين الآخرين سوف يكونون قادرين على القضاء على «الدولة الإسلامية» في اليمن. وفي حين أن المنظمة سوف يكون لديها القدرة على شن هجمات إرهابية داخل اليمن، فإنه من المرجح أن تكون قادرة على القيام بأي عمليات تمرد على نطاق واسع أو للاستيلاء والسيطرة على مناطق واسعة من البلاد كما فعل تنظيم القاعدة. وسوف يظل هذا التهديد محدودا ولكنه مستمر.

وفي الوقت نفسه، فإن القاعدة في جزيرة العرب، تقوم بالعمل على تعميق علاقاتها الإقليمية والقبلية، مع الحرص على عدم ارتكاب أي من أنواع الهجمات التي تؤدي للانقسام والتي أصبحت بطاقة أو علامة للدولة الإسلامية. وهي تركز بدلا من ذلك على حملة «كسب القلوب والعقول» للترويج العالمي. وسيجعل هذا طرد تنظيم القاعدة من المناطق التي تسيطر عليها في اليمن أصعب بكثير مما كان عليه في عام 2012. وستبقى المجموعة لاعبا وتهديدا خطيرا هناك في المستقبل المنظور.

  كلمات مفتاحية

اليمن السعودية عاصفة الحزم تنظيم القاعدة الدولة الإسلامية

«ذي إيكونوميست»: اليمن .. بين السعوديين والحوثيين والجهاديين

القاعدة في اليمن: استراتيجيات جديدة وقدرات متزايدة

تجديد النسخة الجهادية: «القاعدة» يعيد طرح نفسه بهوية جديدة

«الجارديان»: الجهاديون هم المستفيدون من الحرب العبثية الدائرة في اليمن

إعادة إحياء اليمن: استعادة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية

«ستراتفور»: الجهاديون يقتنصون فرصة عدم استقرار اليمن