استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العراق بين التحرير والتدمير

الأحد 12 يونيو 2016 09:06 ص

عندما أرادت أمريكا تعرية العراق من عقاله وجلبابه وإعادة تشكيل هيئته وتحويله إلى هياكل وكانتونات خدمة لمشروعها العولمي الجديد.

المشروع الذي يسعى للقطبية الواحدة، من خلال تعميق المأزق السوفييتي في أفغانستان، والاستثمار غير المباشر بتداعيات الثورة الإيرانية، التي اختطفها تيار الملالي بالتوازي مع السعي المبرمج لتقزيم كل الدول العربية المؤثرة في المنطقة لصالح عملقة الكيان الصهيوني، وجعله القوة المستقرة الوحيدة في الشرق الأوسط الجديد، ذي الملامح الكيسنجرية، التي لا ترسم حدودا الا بحسابات النسبة والتناسب مع حدود اسرائيل غير المعلنة، التي تعتبر خرائط سايكس بيكو إرثا ثقيلا لا يحتمل تجاهله لوجودها وحدودها غير الموجدين أصلا، استثمرت استثمارا تراتبيا متعدد الأوجه والأجناس والدرجات بحرب الخليج الاولى وفق سياسة الاحتواء المزدوج لايران والعراق. 

وفي حرب الخليج الثانية وفق سياسة الكمين المفتوح، والخليج الثالثة بسياسة التكتيف والانقضاض، التي سمتها الادارة الامريكية بحرب «تحرير العراق»، أقر الكونغرس الامريكي قانون تحرير العراق عام 1998 بفترة إقراره لقانون محاسبة سوريا، والقانونان يعتبران سابقة خطيرة في السياسة الدولية، لأنهما يعدان اعلانا صريحا بالتدخل السافر من قبل دولة تدعي التزامها بقانون الأمم المتحدة، الذي يمنع أي شكل من أشكال التدخلات القهرية بشؤون الدول الاخرى. 

وبالنسبة للعراق يعد صدور هذا القانون بداية معلنة لحرب احتلالية تدميرية مع سبق الاصرار والترصد، وتحت عنوان مستهلك يجتر مقولة سنجيئكم محررين لا فاتحين. 

لم تنته حتى الان حرب التحرير الامريكية وتوابعها، التي انطلقت رسميا في 19 اذار 2003 وانتهت رسميا 1 مايو العام نفسه، ولم نر العراق قد تحرر من شيء سوى من رسوخ دولته وكيانه المستقل ومن جيشه ومن سيطرته على ثرواته ومن خيرة كوادره السياسية والعلمية والعسكرية والاقتصادية ومن صناعته الوطنية وزراعته ومن تنميته، لقد حرروا الناس من الحياة إلى الموت ومن العيش في بلادهم إلى النزوح عنها، ويكفي أن نعيد هنا أرقام الأمم المتحدة بوجود أكثر من مليون قتيل وضعف هذا العدد من المفقودين والمصابين والمعوقين وبوجود أكثر من 5 ملايين مهاجرولاجئ ونازح، وملايين الأيتام والأرامل والمشردين والعاطلين عن العمل، كل هذا الذي جرى ويجري، ومازال هناك من يقاوم هذا الاحتلال التدميري، ولأن تلك المـقــــاومة العراقية الوطنيــــة قادرة على قلــــب السحر على الساحر، ولأنها مؤهلة لإعادة العراق إلى وضعه الطبيعي، أي إلى تحريره فعليا من المحتلين واعوانهم الفسدة، فإن الامريكان اضطروا لتغيير تكتيكهم، لقد انسحبوا من الواجهة ليلعبوا من وراء الكواليس تاركين لإيران حصة الاسد لاستنزافها بالحرب الطائفية التي تريدها هي ايضا جسرا للعبور نحو دور اقليمي امبراطوري يمتد من صنعاء حتى بغداد مرورا ببيروت ودمشق، دور يتعايش مع الأدوار المرسومة لإسرائيل، وبضمانات الردع النووي المشابهة لثنائية باكستان والهند، الامريكان لم ينسحبوا من الأبواب الا عندما تأكدوا بانه ليس للعراق ابواب يمكن بواسطتها منعهم من العودة ثانية، لدعم وسقاية البذرة الشيطانية التي بذروها في ارض السواد بالتحاصص مع حكام طهران، وبعد ان استخلفوا من يكمل ما تبقى من بنود التحرير الامريكي، حيث تحرير العراق من نفسه ليموت تماما وتقام على اطلاله ثلاث دويلات، واحدة كردية واخرى شيعية واخرى سنية، وبهذا الاتجاه يجري الاستثمار الامريكي الايراني المزدوج.

أما ظهور ما يسمى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) الذي لم يبرز بهذا الشكل القوي إلا بعد الانسحاب الامريكي، وبعد تزايد التمدد الايراني داخل العراق، سياسيا وأمنيا. لا يخدم ظهور «داعش» سوى المشروع التقسيمي، بل إن دعوته لتجاوز الحدود تفتح الطريق واسعا لاعادة رسم حدود الدول القائمة واقامة دول جديدة ليس في العراق وحسب، وانما في سوريا وعموم الشرق الاوسط الجديد، انظر لتصريحات بارزاني قبل وبعد سيطرة «داعش» على الموصل، وكذا الحركة الكردية السورية، وانظر لتفاصيل حملات التغيير الديموغرافي في ديالى وفي سامراء وبلد وجرف الصخر والنخيب، وانظر إلى التغييرات الادارية والامنية والسكانية الجارية في مناطق حزام بغداد، الموالون لايران من الطائفيين الشيعة وميليشياتهم يرسمون حدود دولتهم الشيعية، التي لا يعلنون عنها لان الاعلان عنها سيحرمهم من حق التمدد على حساب الاطراف السنية، ومن حق الوصاية عليها تحت ذريعة كونهم حكام البلاد بمجملها وهو الدافع الكردي نفسه لعدم اعلان اقامة الدولة الكردية لان الاعلان حاليا لا يخدم تطلعاتهم بضم اراض جديدة وبالتغانم مع الاخرين، حصص المكونات مع الاحتفاظ بموارد الاقليم، الخاسر الاكبر من كل الذي يجري هم اهل السنة او سكان المناطق الغربية، لانهم بوضعهم الحالي لا يستطيعون حكم مناطقهم بدون وصاية الاحزاب الشيعية وميليشياتها القابضة على بغداد، وهم غير جاهزين ومؤهلين للانفصال إضافة إلى كونهم محرومين من المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار العام. 

القضاء على «داعش» لن يحل مشاكل العراق بل سيجعله وجها لوجه امام استحقاقاتها، فاما دولة وطنية ديمقراطية حقيقية لا مكان فيها لاستبداد وفساد طائفي او اثني. وإما ثلاث دويلات تتنازع على مغانم التفكك وبحماية ورعاية امريكية ايرانية، كل القوى المتصدية اليوم هي من النوع الثاني، لكنها تمسك العصا من المنتصف حتى لا تفقد ما في حوزتها، لاسيما وانها خائفة لوثوقها من قدرة المقاومة الوطنية على التصدي لها واسقاط مشروعها. 

مقارعة «داعش» كلام حق يراد به باطل، لأن القضاء عليه لا يتم بتدمير المدن وقتل وتهجير سكانها، وانما بقتل الروح الطائفية التي تقود البلاد، وباشاعة الروح الوطنية، بمحاربة الفساد والاقصاء والتهميش والاجتـــثاث، ورفض كل اشكال الوصاية الاجنبية على القرار الوطني، مقارعة «داعش» وما يخلفه يتطلب القصاص من الارهابيين بمختلف مذاهبــهم، من يريد طرد «داعش» عليه تكريم الفلوجة وتعظيم مكانتها وتبجيلها لانها قلعة المقاومة الاولى ورمز للبسالة والاباء العراقي، الفلوجة التي اذلت الامريكان ستذل سليماني وذيوله من الطائفيين الجبناء، الفلوجه ليست حجرا ولا شجرا ولا نهرا ولا مجرد بشر، الفلوجة سماء فيها العبر، كن شجاعا كن فلوجيا، هي لا تدعيها وتمارس الجبن كما يفعل المحررون.

٭ جمال محمد تقي كاتب عراقي. 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق الدولة الإسلامية القتل التهجير الطائفية الوطنية محاربة الفساد إيران الميليشيات الشيعية

الحرس الثوري العراقي.. حلم النظام الإيراني بتصدير ثورته

محاربة «داعش» وتوظيفه في تسويات سوريا والعراق

دولة العراق أم دولة داعش؟

الطبقة السياسية الرثّة في العراق!

العراق: الطائفة تعلن الحرب على الطائفية!

هل يبقى العراق موحدا؟

مسيحيو العراق يصومون غدا الجمعة تضامنا مع المسلمين

من أجل حل سلمي ودستوري للمسألة العراقية

العراق .. البحث عن الفساد بعد كل مقتلة