استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انشغال العرب بالآخر والارتهان له!

الاثنين 27 يونيو 2016 09:06 ص

معظم العرب منشغلون بالآخر بطريقة تكاد تشكل ظاهرة تستدعي التوقف عندها وتحليلها ودراستها من جوانبها جميعها، سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وحتى نفسياً.

السياسيون مشغولون بما سيحدث في العالم كله إلا بسياسات بلادهم. الاقتصاديون منهمكون بمتابعة أسواق المال العالمية، المثقفون عيونهم على ما تنتجه المطابع ودور النشر العالمية، الأجيال الصاعدة تتابع ما تقدمه شركات الإنتاج السينمائية والفنية، جمهورنا الرياضي حائر بين الأندية العالمية، صحافتنا تتابع بدقة ما يجري في عواصم العالم، والقنوات التلفزيونية تنقل على الهواء مباشرة ما يحدث في شوارع فرنسا وبريطانيا ونيويورك، وحتى في أبعد جزيرة في المحيط الأطلسي. 

أليس غريباً أن يتابع العرب الانتخابات الأمريكية ويجتهدون في التنبؤ بمن سيجلس في البيت الأبيض، هيلاري كلنتون أم ترامب؟ ويشعلون جلساتهم وحواراتهم في إبداء الأسباب حول تأييدهم أو تفضيلهم لأحد المرشحين؟ أليس غريباً أن يقف الإعلام العربي على ساقيه المرتجفتين ليتابع استفتاء البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي أو البقاء فيه، وكتابة عشرات المقالات حول فضيلة البقاء أو رذيلة المغادرة؟ بينما لم تصمد أي وحدة سوى اتحاد دولة الإمارات.

أليس غريباً أن ينتشر الإعلام العربي في شوارع فرنسا والنرويج وألمانيا والدانمارك والنمسا وسويسرا أكثر مما ينتشر في العراق وليبيا والسودان وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن؟

أليس غريباً أن تمتلئ صفحات الإعلام العربي بأخبار النجوم غير العرب، وتخصّص لهم القنوات الفضائية والبرامج واللقاءات وأغلفة المجلات كدعاية مجانية؟

أليس من التفاهة متابعة أنفاس بعض (النجوم) مثل «كيم كرديشيان» التي تحولت إلى مثل أعلى للنساء العربيات؟ أليس من حق المثقفين والقراء التساؤل عن سيادة المادة الأجنبية وسيطرتها على صفحات الملاحق الثقافية؟ 

أليس من المؤسف هذا الانبهار بمجموعة من لاعبي كرة القدم العالميين إلى درجة (التقديس)؟ أليس من السذاجة إصرار النوادي العربية الرياضية على تطعيم فرقها باللاعب الأجنبي، والمدرّب الأجنبي، (حتى «رامز يلعب بالنار» فريقه أجنبي بالكامل!!).

أليس من المؤسف والعيب أن نرى المراهقين العرب وقد وحّدوا تسريحات شعورهم، وانزّلوا سراويلهم حتى كادت تظهر ملابسهم الداخلية تقليدا ل(dirty boys)؟ 

أليس من اللافت للنظر أن تصبح ملامح النساء نسخة واحدة متشابهة حد التطابق (شفاه غليظة وأنوف رفيعة وخدود منفوخة)؟

أليس من الغرابة أن تزدحم محال الملابس بالموديلات العجيبة الغريبة التي لا يمكن ارتداؤها إلا في الحفلات التنكرية؟ ونسأل حين نمر بها: (من يرتدي هذه الترهات؟). هل إلى هذه الدرجة نحن مسحورون مأخوذون فارغون كأننا قادمون من كوكب آخر يختلف عن سكان هذه الأرض أو من خارج التاريخ، أو كأننا لا ننتج شيئاً ولا نكتب شيئاً ولا نصنع شيئاً؟

لماذا نبدو سياسياً كأن مصيرنا معلق بنتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية والفرنسية والبريطانية والروسية، وكأن سياساتنا مجرد ردود أفعال تحددها السياسات الدولية العامة؟

ونبدأ بتحليل آثار فوز كلينتون على الحرب على داعش، والاستقرار في سوريا وليبيا والعراق، وأثر فوز ترامب على القضية الفلسطينية والمسلمين، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأثره على الاقتصاد العربي، ولماذا نبدو اقتصادياً كأننا تابعون لأسواق المال العالمية، وأننا عبيد الدولار والجنيه الاسترليني واليورو الأوروبي والين الياباني، وأن مصير أسواقنا مرهون بمصير أسواقهم؟ على الرغم من أن أموالنا هي التي تحرك المصارف العالمية والمصانع والشركات؟ 

المسألة ليس فيها أي تمييز عنصري ولا كراهية للآخر، ولا تناقش الغزو الثقافي، ولا نتحدث عن الشعور بالنقص، ولا نجادل في الاستراتيجيات والعمل السياسي الدولي، ولا في جذور مجتمع الإنتاج وعملية الاكتفاء الذاتي، ولا نناقش ضياع الأجيال بين الانتماءات والهويات والاتجاهات، المسألة في معظم كل ذلك، ونطرح قضية الارتهان للسياسات الخارجية والاقتصادات الخارجية وأسواق المال الخارجية والعملات الخارجية.

هل تأمل العرب لحظة قد تأتي (وقد لا تأتي) يصادر فيها النظام المالي العالمي كل ودائعهم في البنوك العالمية، من دون تحديد عواصم وأسماء بلدان، أو أن يصدر حكما قضائيا يتهم دولاً وشعوباً بالإرهاب ويحملها مسؤولية موت مواطنيها وتحجر على أموالها؟ هل توقع العرب أن تتوقف مصانع الأسلحة العالمية عن بيع قطع الغيار للترسانة العربية الهائلة؟

هل فكّر العرب في اللحظة التي يتوقف فيها التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة والتحالف الشرقي بقيادة روسيا عن التوقف في توفير الغطاء للمتحاربين في ليبيا وسوريا والعراق واليمن؟ هل نستبعد هذا الأمر ونقول: (إنهم يدافعون عن أمنهم أيضا!!). والسؤال الأكثر غرابة: ماذا لو توقف الغرب عن قبول اللاجئين، والتوقف عن تقديم الدعم للنازحين في البلدان العربية؟ هل يموت الملايين جوعاً؟

والسؤال الذي يطمئن إليه العرب ولا يطرحونه: ماذا لو أقدمت «إسرائيل» على احتلال وضم الأراضي الفلسطينية المتبقية في فلسطين وسعت للتوسع في دول الجوار؟

هذا الاطمئنان للآخر والركون إليه والاعتماد عليه أمر مثير حقاً، قد يحدث فعلا أن تعود الجيوش الأمريكية إلى أراضيها، هذا مثال واحد فقط. 

الانشغال بالآخر ليس لعبة إعلامية فقط، وإنما حقيقة تُبنى عليها مواقف وسياسات ومشاريع، ويترتب عليها تغييرات في نسيج المجتمعات وعناصر الهويات والثقافات، والاستناد إلى الآخر في تعزيز (الأنا) أمر لا يؤمن جانبه، فالتحالفات ليست دائمة، والأحضان ليست دائما دافئة. 

السؤال الأخير: أما آن الأوان أن نفك ارتباطنا بالعملات والسياسات والإستراتيجيات والتحالفات، ونبني سياساتنا وتحالفاتنا وإستراتيجياتنا ومخزوننا الغذائي ومصانعنا الحربية وتطوير تكنولوجيا خاصة بنا، وأن يكون لنا خوادم حاسوبية لنا، بما فيها شبكاتنا ومواقعنا التي نتحكم بها ؟ إن الضغط على زر واحد مثلا، يلغي مئات الملايين من الحسابات الإلكترونية والمواقع الفردية والرسمية.. 

هل فكرنا في كل ذلك؟

* د. عبد الله السويجي كاتب من الإمارات

  كلمات مفتاحية

العرب السياسيون الاقتصاديون أسواق المال الربيع العربي الانتخابات الأمريكية الخروج البريطاني

العلاقات العربية الإيرانية .. المأزق المشترك

الدولة الوطنية العربية... اندماج ناقص وهويات متنافرة

هل السنة العرب مستهدفون؟

استدامة النكسات والنكبات والهزائم العربية..!

العرب بين حلم التغيير وواقع الانهيار

ماذا يريد العرب؟

المكارثية العربية.. تقويض حاضر ومستقبل