«ناشيونال إنترست»: إيران تتصارع في أربع جهات.. وربما تواجه الخامسة قريبا

الخميس 30 يونيو 2016 06:06 ص

بعد حوالي 12 شهرا من النصر الدبلوماسي لإيران بخصوص خطة العمل الشاملة المشتركة، لا تزال طهران متورطة في أربع جبهات للصراع في المنطقة، وربما يندلع الصراع الخامس قريبا. وتعد اثنتان من مناطق الصراع، والتي يقود القتال فيها الحرس الثوري الإيراني، مناطق ساخنة، الأولى ضد المعارضة والجماعات الإسلامية في سوريا والأخرى ضد تنظيم الدولة في العراق. والصراعان الآخران أكثر برودة، الأول الخلاف الإقليمي مع المملكة العربية السعودية، والثاني الجهود ضد (إسرائيل) في جنوب لبنان وهضبة الجولان، والتي تتشكل على نحو متزايد بسبب الحرب الأهلية في سوريا. وأيضاً هناك منطقة صراع تنشأ الآن بسبب القلق من التهديد الجديد لتنظيم الدولة في أفغانستان. كيف تواجه إيران كل هذه الجبهات؟ الإجابة القصيرة: يبدو الوضع صعبا على المدى القصير، لكن ربما يكون هناك بصيص ضوء يلوح في الأفق.

توسعت إيران كثيرا في سوريا، لكن بالرغم من ذلك فإنّ لديها القليل لتظهره. فهناك أعداد متزايدة من ضباط الحرس الثوري الإيراني الذين يقودون القوات السورية والمليشيات في المنطقة يموتون، أغلبهم في القتال بجنوب حلب حول مدينة خان طومان، التي قتل بها 16 ضابطا من الحرس الثوري في يوم السادس من مايو/أيار إضافة إلى اثنين وعشرين آخرين منذ ذلك الحين.

ونظرا للنكسات المتتابعة للقوات الموالية للنظام، تنظر إيران وحلفاؤها إلى القوة المتزايدة وهيمنة الجماعات الإسلامية مثل جبهة النصرة على شرق سوريا وتلاشي قبضة تنظيم الدولة. ويبدو أن روسيا في طريقها لإعادة التدخل العسكري المباشر، لكن حتى مع هذه المساعدة، سيتم الدفع بطهران للنظر في أكثر الاستثمارات تكلفة للحفاظ على «الأسد».

تعدّ الفائدة الوحيدة التي عادت على إيران من تضحيتها في سوريا هو ذلك التوسع للجيش الشيعي والميليشيات المحلية امتدادا من لبنان إلى العراق وفي جنوب آسيا، بجانب القدرات الحربية الهجينة المتزايدة التي من الممكن أن تتيح دمج الطائرات بدون طيار والقدرات المألوفة الأخرى داخل الحرس الثوري. هذه القوة المتنوعة في سوريا إضافة إلى حزب الله في لبنان ستكون أداة مناسبة لبسط النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. يقع حزب الله تحت ضغط غير مسبوق بقتاله لصالح الرئيس «بشار الأسد» في سوريا، لكنه سيخرج من هذا الصراع بقدرات وخبرات ستجعله أقوى مما كان عليه.

وفي العراق، تحرز المليشيات الشيعية التي تقاتل عن إيران بالوكالة تقدما ضد تنظيم الدولة، لكنها لا تستطيع هزيمته وحدها. وفي سوريا، يعتمد الجيش الإيراني على القوة الجوية الروسية. وبالرجوع إلى العراق، يجب أن تعتمد المليشيات أكثر على وحدات الجيش النظامي العراقي المدعومة بالقوات الجوية الأمريكية للتفوق على معسكرات تنظيم الدولة. لا يغذي علو كعب إيران في الصراع الحالي قط الخوف العميق والاضطراب بين صفوف السنة في العراق بطول خط المواجهات في الفلوجة وأماكن أخرى، ولكنه أيضا يزيد من المنافسات الداخلية بين المليشيات الشيعية التي تتوافق عقائديا مع إيران، مثل عصائب الحق، وتلك المجموعات الأكثر قومية، مثل قوات الحشد الشعبي وجيش المهدي بقيادة «مقتدى الصدر».

 تظل النقطة العمياء لدى طهران هي عدم معرفة ما إذا كانت قادرة على تجنب زيادة «التطرف» السني والحرب الأهلية الشيعية الداخلية والانقسام المحتمل للبلد، لكن بالرغم من ذلك، يبدو أن إيران حتى الآن في وضع جيد للإستمرار في السيطرة على الهيكل الأمني والسياسي في العراق.

وتبرز علامة استفهام كبيرة أخرى لدى قادة إيران حول مدى تصاعد حدة التوتر مع السعودية ودول الخليج العربية الأخرى. فحتى مع تطلع كل من طهران والرياض لتخفيف حدة الصراع في اليمن، فإن قيام البحرين بإسقاط الجنسية عن أكبر مرجعية شيعية في البحرين قد أسفر عن تهديدات من الحرس الثوري الإيراني وقادة إيرانيين بإثارة العصيان المسلح داخل الجزيرة ذات الأغلبية الشيعية. إن حدث هذا، فربما تتدخل السعودية عسكريا في البحرين كما حدث في عام 2011، وعندها فإن رد إيران سوف يكون غير متوقع.

وبالرجوع إلى ما حدث قبل ستة أشهر حين أعدمت السعودية أعلى قيادة دينية شيعية عندها، ثم فرضت قيودا تجارية على الشحن الإيراني، ومنعت الإيرانيين من الحج لمكة المكرمة، في أعقاب الهجوم على سفارة السعودية في طهران. وقد تم الكشف شحنات أسلحة إيرانية كانت متجهة إلى البحرين والكويت، سوى الهجمات الإلكترونية المتبادلة والحرب بالوكالة الجارية في سوريا. ورغم كل ذلك، يبدو أن الطرفين غير راغبين بتصعيد الصراع إلى حرب مفتوحة حتى الآن. والصداع الأكبر لدى إيران حاليا، هو عدم يقينها من سلوك القيادة المستقبلية في السعودية، حيث يقوم ولي ولي العهد السعودي الشاب الطموح بمحاولات لتثبيت وضعه لخلافة أبيه كملك مستقبلي. إلا أن استبدال الدبلوماسيين المتحفزين ضد السعودية بآخرين أكثر ودا، يدل على أن طهران تريد أن تبقي المواجهة مع الرياض في درجة غليان منخفضة.

وفي أفغانستان، دق جرس الإنذار ليحذر طهران بظهور خلايا «الدولة الإسلامية» قرب الحدود الشرقية لإيران. ومع القتال الدائر بين طالبان وتنظيم الدولة في هذه المناطق، يبدو أن على طهران إعادة إحياء علاقاتها مع الحركة كنوع من الاحتياط. تم قتل زعيم طالبان «الملا أختر منصور» عن طريق قذيفة طائرة أمريكية بدون طيار في باكستان الشهر الماضي بعد مغادرته إيران. إلى أي مدى يمكن لطهران التدخل عسكريا في أفغانستان، سيكون نابعا بالتأكيد من الشعور بالتهديد، لكن من غير المرجح أن تكون صورة التدخل بنفس حجم ما هو عليه في العراق وسوريا.

ربما خفف الاتفاق النووي من حجم التهديد بضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية لإيران، لكن «خامئني» يعلم أن العام القادم سيشهد تمددا للقوات العسكرية والجهاز الأمني للحرس الثوري في المنطقة. ويأمل المرشد الأعلى أن تتمكن إيران من تحقيق وضع متقدم في سوريا، والمساعدة على تراجع تنظيم الدولة في العراق، واحتواء الصراع الشيعي الداخلي، والحفاظ على الضغط على (إسرائيل)، وتجنب تصاعد الحرب الباردة مع السعودية لأكثر من اللازم، واحتواء التهديد المتزايد في أفغانستان. وهو يأمل أن هذا سوف يساعده في هدفه لوضع إيران في موضع قوي ومسيطر في المنطقة. ربما يكون الانتصار في إحدى الجبهات أو أكثر في متناول اليد، لكن ذلك سيكون صعبا. كما أن الإنتصار في كل الجبهات سيكون أمرا مستحيلا.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران العراق الدولة الإسلامية أفغانستان خامنئي

تمرد الأقليات في إيران: هل تتجرع طهران «كأس السم» الذي تسقيه لدول المنطقة؟

«فورين أفيرز»: هل تسيطر إيران حقا على الميليشيات الشيعية في العراق؟

«الغارديان»: السعودية وإيران تحتاجان إلى بعضهما البعض

«الحرس الثوري» يستعد لتحرك واسع داخل الأراضي السورية

التنظيم الدولي ورؤية 2025

إيران الكبرى!