بعد ما يقرب من ربع قرن من الوحدة الاندماجية.. هل ينفصل جنوب اليمن عن شماله

السبت 18 أكتوبر 2014 01:10 ص

بعد ما يقرب من ربع قرن من إعلان الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه، يبدو بأن عوامل الانفصال باتت وشيكة لتتحقق على الأرض في ظل عوامل عدة يعيشها هذا البلد المستمر في صراعاته الداخلية.

وتوحدت الجمهورية العربية اليمنية «في الشمال» وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية «في الجنوب» في 22 مايو/أيار العام 1990، على أسس القومية اليمنية، إلا أن هذه الوحدة أصبحت مهددة بالتفكك اليوم أكثر من أي يوم مضى.

وبعد توقيع الوحدة رسميا بين «علي عبدالله صالح» رئيس البلاد و«علي سالم البيض» نائب الرئيس ومباركة دول العالم، إلا إن تلك الوحدة التي كانت ملهمة لعدد من دول العالم، سادها الخلافات، وصلت إلى قيام حرب في صيف 94 بين الجانبين تمكنت حينها القوات الشمالية من تثبيت الوحدة.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت المحافظات الجنوبية حراكا كبيرا من قبل أبناء الجنوب للمطالبة بالانفصال، عقب تغلغل قيادات بارزة من الشمال في السطو على الأراضي وممتلكات الجنوبيين، وكذا شعور أبناء الجنوب بأنهم محتلون.

وخلال الأيام والأسابيع الماضية، شهدت اليمن تحولات غريبة حيث تمكن مسلحو جماعة «الحوثي»، أكبر جماعة يمنية مسلحة تتخذ من أقصى الشمال اليمن مقرا لها، من السيطرة على العاصمة «صنعاء» ومدن رئيسة أخرى في الشمال وهو ما دفع بالقيادات في الجنوب من رفع وتيرة التحركات المطالبة بفك الارتباط.

واحتشد مئات الآلاف من المتظاهرين بالمحافظات الجنوبية الإثنين الماضي، في ساحة العروض بـ«عدن»، للمطالبة بالانفصال، وذلك في إطار الاحتفالات بإحياء الذكرى الـ51 لثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول ضد الاحتلال البريطاني.

وطالب المتظاهرون بفك الارتباط مع شمال اليمن، ورفعوا «أعلام دولة الجنوب العربي»، وتم إنزال «علم الجمهورية اليمنية» من عدة مناطق في «عدن».

كما رفع المشاركون لافتات تطالب بالاستقلال، ورددوا هتافات معادية للوحدة، وأخرى تطالب بطرد أي تواجد شمالي.

وقال رئيس «المجلس الأعلى للحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال «حسن أحمد باعوم» في كلمة خلال التظاهرة، «إن هذه الحشود المليونية المرابطة في ساحة الحرية (العروض) في عدن قد عقدت العزم على الحسم للنضال السلمي المتواصل من سنوات لتفرض الفعل الثوري الثابت على الأرض».

وتابع «أن الحق الشرعي لشعب الجنوب بموجب جميع الأعراف والمواثيق الدولية يوجب اليوم اهتمام المجتمع الدولي لا سيما وسط انحراف أقطاب شمال اليمن إلى الصراعات والانفلات الأمني الذي ينذر بالخطر على حالة السلم والاستقرار العام بالمنطقة الإقليمية والعالم أجمع».

ودعا «باعوم» أبناء الجنوب في الخارج إلى العودة إلى أرض الوطن للعمل جنبا إلى جنب حتى يستوعبوا إرادة شعب الجنوب في الداخل ويستطيعوا التعبير عن إرادته بمصداقية.

وقال سكان محليون الأربعاء الماضي إن المتظاهرين نصبوا مساء الثلاثاء مخيمات اعتصام في ساحة العروض بـ«عدن»، وإنهم مستمرون اليوم في المخيمات وبأعداد كبيرة.

وأكدوا أن المعتصمين شددوا على أنهم لن يغادروا الساحة إلا بعد فك الارتباط وإعلان استقلال الدولة.

ويرى «الحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال، الحامل السياسي لهذه التحركات بأنهم مستمرون في فعاليتهم حتى فك الارتباط خلال الأيام القادمة.

وقال الدكتور «عبده المعطري»، المتحدث الرسمي باسم الحراك، إن الترتيبات تجرى بشكل كبير لإعلان الاستقلال في الأيام القادمة، وذلك عقب استكمال العوامل الذاتية والموضوعية لذلك.

وأوضح «المعطري» لـ«وكالة الأنباء الصينية» أن الشعب الجنوبي مصمم على استكمال مسيرة نضاله السلمي التي بدأت في 2007 للمطالبة بفك الارتباط واستقلال الدولة، وأن هناك ترتيبات كبيرة تجرى حاليا في هذا الاتجاه.

وأضاف «خرجت يوم أمس تظاهرة مليونية طالبت وبشكل واضح بأهمية الاستقلال وتتويج مسيرة النضال السلمي المستمر لسنوات بالانفصال، وان الظروف حاليا مواتية أكثر من أي وقت مضى لتحقق هذا المطلب الشعبي».

وأكد المتحدث أن الاستقلال حاليا بحاجة إلى عاملين موضوعي وذاتي، وأن العامل الذاتي يتمثل في استكمال باقي التدابير وتوحيد القيادة ووضع خطة شاملة لما بعد فك الارتباط، في حين يتمثل العامل الموضوعي في بعث رسالة للعالم بان استقلال الدولة يعني الاستقرار وان أيدينا ممدودة للشراكة مع جميع دول العالم بما في ذلك اليمن، وسنحترم جميع الاتفاقيات والمعاهدات.

وحسب المتحدث، فان الاعتصامات ستظل مفتوحة في «عدن»، وأن الأيام القادمة ستشهد التئام القيادة الموحدة، وسيتم الإعلان عن استقلال دولة الجنوب العربي، بمباركة العالم، مشيرا إلى أن هناك تعاطفا دوليا كبيرا في هذا الاتجاه.

ويرى محلل سياسي أن القيادات الجنوبية لديها فقط بعض الترتيبات، ويمكن أن نشهد إعلان الاستقلال قريبا.

وقال المحلل السياسي «ياسر اليافعي» إن استقلال دولة الجنوب أصبح أمر ملحا وواقعيا، فقط يبدو بان هناك بعض الترتيبات اللازمة تجري حاليا بين قيادات الحراك الجنوبي لترتيب المرحلة القادمة وإعلان الاستقلال بشكل رسمي.

وأوضح «اليافعي» لـ«وكالة الأنباء الصينية» أن هناك انطباعا لدى الشعب الجنوبي بأن الوحدة انتهت خاصة بعد سيطرة «الحوثيين» على معظم محافظات الشمال، وأن على الجنوب أن يفك الارتباط ويعلن استقلال دولته، وهو ما يمكن أن نراه خلال الأيام أو الأسابيع القادمة.

وأضاف «تهالك الدولة في صنعاء، وسيطرة الميلشيات المسلحة على العاصمة وعلى معظم المحافظات الشمالية ، حطم كل الآمال ببقاء الوحدة وأعطى دافع للشارع الجنوبي بأهمية الاستقلال واستعادة دولته» .

وأكد أن الاعتصامات السلمية المفتوحة في «عدن»، تأتي في سياق إعادة ترتيب استقلال الدولة، إذ تجري في الأثناء مفاوضات مكثفة بين القيادات الجنوبية لإنهاء الخلافات الداخلية وإيجاد حامل سياسي موحد للوصول إلى المرحلة القادمة، مرحلة فك الارتباط وإدارة الدولة.

ونوه المحلل السياسي بأن هناك عدة ملامح من الاستقلال على الأرض، إذ يسيطر «الحراك الجنوبي» على نحو 60% من المساحة الكلية لدولة الجنوب، وهذا يشير إلى أن عملية الانفصال باتت جادة أكثر من أي وقت مضى.

وعن الموقف الخارجي تجاه مطالب الانفصال، أشار «اليافعي» إلى أن الموقف الخارجي حاليا ليس واضحا - غير موافق ولا معارض - لكنه استدرك بالقول إن استمرار سيطرة «الحوثيين» على صنعاء ومحافظات الشمال سيدفع عدد من دول العالم إلى تأييد فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب العربي.

وتمتاز المحافظات الجنوبية في اليمن بالثروات النفطية وتضم اكبر موانئ البلاد «ميناء عدن» وموانئ أخرى برية وبحرية مع دول الجوار، وتمثل منطقة استراتيجية عالمية.

وطالب «الحراك الجنوبي» في بيان له أمس الشركات التي تستخرج الثروات الطبيعية إن تتوقف فورا عن التصدير.

المصدر | وكالة الأنباء الصينية

  كلمات مفتاحية

اليمن علي عبد الله صالح الحراك الجنوبي صنعاء