أين سافر الملك؟ الإعلام السعودي وضرورات التحول

السبت 16 يوليو 2016 08:07 ص

الملك «سلمان»غادر المملكة يوم الخميس متوجها إلى «الخارج» لقضاء اجازته السنوية، ونشرت الصحف ووسائل الإعلام السعودية خبر مغادرته إلى «الخارج» وانه كلف ولي العهد الأمير محمد بن نايف بأن ينوب عن الملك في ادارة شؤون الدولة ورعاية شؤون المواطنين، وفق ماجاء في نص الأمر الملكي.

ولم تذكر أي من وسائل الإعلام السعودية إلى أين سافر الملك ؟

الأمر الذي جعل وكالة الأنباء العالمية «رويترز» ومعها وكالة الأنباء الالمانية «د ب أ» تذكرا أن الملك غادر المملكة متوجها إلى بريطانيا لقضاء اجازته، في حين أنه توجه إلى المغرب.

وكانت العديد من وسائل الإعلام المغربية ـ بما فيها الرسمية ـ وأخرى عربية نشرت الأسبوع الماضي، أن العاهل السعودي قادم إلى طنجة لقضاء اجازته السنوية التي تعود ومنذ سنوات أن يقضيها صيفا ما بين «ماربيا» في اسبانيا، ومدينة «طنجة» المغربية التي تقابل ماربيا على الضفة الجنوبية من البحر لابيض المتوسط.

وقالت هذه الصحف ومنها جريدة «الموقع الإلكتروني» الرسمي لـ«طنجة» إن مساعدي الملك سلمان يعدون لحفل زفاف كبير سيقيمه الملك في طنجة لأحد ابنائه. قد يقول البعض إنه ليس مهما أن يعرف الرأي العام اين يسافر الملك في أجازاته الخاصة.

ولكن في هذا الزمن الذي لا يخفى فيه شيء على العالم بسبب ثورة الاتصالات والمعلومات من الطبيعي أن يعرف الناس الأخبار من مصادرها، حتى ولو كانت أخبارا خاصة، حتى لا يصير هناك لغط وتشويش وتنتشر الشائعات التي قد يخوض بها أو يروج لها «غير المحبين» للملك وللمملكة، والملك أهم شخصية في المملكة وأخباره ـحتى ولو كانت شخصيةـ موضع سؤال واهتمام كل مواطن وغير مواطن.

الأخبار الملكية الخاصة للأسرة السعودية الحاكمة لم يتعود أهل الحكم على نشرها ولايحبذون النشر عنها، وأولهم الملك «سلمان بن عبد العزيز»، الذي تعود أن يقضي إجازاته السنوية غالبا في «ماربيا» بعيدا عن الأضواء.

ولكنه في زياراته الرسمية التي شملت العديد من دول العالم كان يأخذ معه بعض الإعلاميين والصحافيين، ويسمح بأن ينشر عن هذه الزيارات. 

الإعلام السعودي ـكما تعودـ لا ينشر غير الخبر الرسمي الذي تبثه وكالة الانباء السعودية والذي يعده أحد سكرتيري الأمير.

حتى في الزيارات المهمة لأي ملك سعودي أو مسؤول آخر كبير لا أحد في الإعلام السعودي يستطيع ان ينشر أي خبر عن نشاطات الملك أو ولي عهده أو حتى عن أي وزير او مسؤول كبير آخر سوى ماترسله وكالة الانباء السعودية الرسمية.

وتوقعنا مع مجيئ العهد الملكي الجديد ومع هذه الثورة الإعلامية التي تجتاح العالم ان تتغير سياسة «واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، لاسيما ان الملك سلمان احدث ومنذ بداية عهده تغييرات كبيرة في اساليب ادارة شؤون الحكم وفي سياسة بلاده، وهو يعد لبناء الدولة السعودية الرابعة التي هي في الحقيقة تجديد لدماء الدولة السعودية الثالثة التي اقامها الملك المؤسس عبد العزيز.

هذه التغييرات ستكون مستقبلية لبناء الدولة السعودية المعاصرة وفق «رؤية السعودية 2030»، وأي دولة قوية كبيرة معاصرة يجب أن يكون عمادها اقتصادا قويا، وإعلاما قويا، بالاضافة إلى قيادة قوية.

ولكن كل شيء يتغير في السعودية تمهيدا لتحولها، عدا إعلامها، رغم تغير وزرائها، والمسألة ليست مسالة تغيير وزير وإحلال وزير مكانه، المسألة هي مسألة مفاهيم وعقلية متطورة.

ولا زالت العقلية الإعلامية التي تدير الإعلام السعودي هي العقلية نفسها، رغم ان المملكة اصبحت تمتلك احدث وسائل الإعلام واقواها ماديا من قنوات فضائية وصحف ومواقع إخبارية، وهذه الوسائل اصبح يقود أغلبها جيل شاب جديد من الإعلاميين.

الإعلام السعودي تغيرت قياداته ولكن لم تتغير العقلية التي تديره، فلازال الإعلاميون يلتزمون ـ كما هو معمول به منذ عشرات السنوات ـ بالخبر الرسمي الذي تبثه وكالة الأنباء السعودية، والدليل ان ولي ولي العهد السعودي وصاحب مشروع تطوير الدولة الأمير محمد بن سلمان، قام بواحدة من أهم الزيارات السعودية للولايات المتحدة، زيارة حملت الكثير من الأهداف، وبها الكثير من الأخبار والأحداث، وأخذ الأمير محمد بن سلمان معه وفدا إعلاميا كبيرا ضم ممثلين عن جميع وسائل الإعلام السعودي التي تحدثت عن «النجاحات العظيمة» لزيارة ولي ولي العهد.

ولكن ماذا جرى وماذا تحقق لم يفهم أحد شيئا، رغم أنه للمرة الأولى يلتقي الوزراء والمسؤولون المرافقون للأمير مع الإعلاميين المرافقين ويحدثونهم عن المحادثات بكلام عام يريد ان يؤكد ان الزيارة نجحت بكل المقاييس.

والذي قرأ او استمع لما قيل في الإعلام السعودي عن هذه الزيارة سيخرج بانطباع ان الولايات المتحدة أصبحت تناصر مواقف المملكة في سوريا وضد إيران، وان واشنطن سترسل جيوشها للدفاع عن مصالح السعودية في سوريا واليمن والعراق.

ومن أجل ان يكون لدى السعودية إعلام قوي يعكس قوة المملكة ويعبر عن نفوذها السياسي، يرى مراقبون أنه يجب ان تغير العقلية الإعلامية التي تدير شؤون الإعلام وتغيير العقلية ليس بتغيير الاشخاص فقط، ولكن بتغيير السياسات، وكل شيئ يتغير نحو الأفضل في المملكة إلا إعلامها والدليل ان المواطن السعودي يلجأ إلى الإعلام الخارجي لمعرفة ماذا يدور في مملكته، ويعرف من الإعلام الخارجي اين سافر الملك؟ وبماذا يفكر ولي العهد وولي ولي العهد.

الإعلام السعودي تغيرت قياداته –لاسيما الرسمي منه– ولكن لم تتغير عقليته وسياساته، والدليل ان وزارة الإعلام مازالت تفرض حظرا على بعض المواقع الإخبارية الالكترونية لصحف عربية هامة، بل وحتى تحظر مواقع إخبارية سعودية محسوبة على المملكة. ويتم ذلك رغم انهم يعرفون انه بإمكان أي قارئ مهتم أن يتصفحها، ولكنهم يقولون إن هذا تعبير عن موقف رسمي.

المصدر | سليمان نمر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السعودية الإعلام السعودي الملك سلمان ولي العهد السعودي وكالة الأنباء السعودية

وكالة الأنباء السعودية: الملك «سلمان» يصل إلى المغرب في زيارة خاصة

الملك «سلمان» يغادر السعودية وأنباء عن توجهه لحفل زفاف نجله في المغرب