«ميدل إيست آي»: كيف أصبح الرئيس الفلسطيني عدوا لدولة الإمارات؟

الثلاثاء 19 يوليو 2016 11:07 ص

تصاعد الخلاف المستمر منذ 5 سنوات بين دولة الإمارات العربية والرئيس الفلسطيني «محمود عباس» يقف وراء قرار الدولة الخليجية مؤخرا حجب ملايين الدولارات عن السلطة الفلسطينية، وفقا لما كشفته صحيفة «ميدل إيست آي».

نشر الكاتب اللبناني «جهاد الخازن» مقابلة في يونيو/حزيران مع مسؤول خليجي مجهول وصف السلطة الفلسطينية بأنها «خليط من الفشل والفساد» ودعا إلى استقالتها.

وقال مصدر مقرب من «الخازن» لموقع «ميدل يست آي»، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن المسؤول الخليجي المقصود هو ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد آل نهيان»، وهو أيضا ما زعمته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

وأخبر «بن زايد» الخازن أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعطت السلطة 500 مليون دولار سنويا لمدة أربع سنوات وأنه شخصيا «كان يرتدى الكوفية الفلسطينية كرمز للتضامن».

لكن هذا التمويل توقف في الآونة الأخيرة بسبب تصاعد الخلاف بين «بن زايد» و«عباس»، بسبب التحقيق مع رئيس الوزراء السابق «سلام فياض» بتهمة غسيل الأموال بسبب ارتباطات مالية مزعومة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

في يونيو/حزيران الماضي، أمر النائب العام الفلسطيني «عبد الغني العويوي»، بمصادرة تبرعات بقيمة 700 مليون دولار قادمة من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مؤسسة فلسطين الغد للتنمية الاجتماعية وهي منظمة تنموية أسسها «فياض» تسعى إلى التخفيف من حدة الفقر في الضفة الغربية.

وقد تم اتهام «فياض» بتهم غسيل الأموال واستغلال المال الإماراتي لأغراض سياسية كجزء من انقلاب ناعم للإطاحة بقيادة السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، بعد شهر من مصادرة التبرع، أمرت المحكمة العليا بإعادته إلى رئيس الوزراء السابق.

وعلى الرغم من أن الأموال تمت إعادتها، فإن «بن زايد» لم يغفر الأمر لـ«عباس» وفقا للخازن. وهو يطالب الرئيس الفلسطيني بالاعتذار علنا ن الادعاءات الموجهة ضد «فياض» والإمارات العربية المتحدة. وأخبر ولي عهد أبوظبي «الخازن» بالقول: «هل تعتقد أن دولة الإمارات العربية المتحدة سوف تختار أن تغسل أموالها عبر فلسطين. وهل تعتقد أن المبلغ سوف يكون 700 مليون دولار فقط». وبدا أن الزعيم الإماراتي يتحدث بغضب واضح للعيان.

جذور الخلاف بين الإمارات و«عباس»

تعود جذور الخلاف بين «بن زايد» و«عباس» إلى واقعة نفي المسؤول السابق في حرجة فتح «محمد دحلان» والذي تم استبعاده من الحركة في يونيو/حزيران عام 2011 بعد اتهامه بالتورط في قتل رئيس السلطة الفلسطينية السابق «ياسر عرفات». انتقل «دحلان» بعد طرده إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث عمل هناك كمستشار لـ«بن زايد». ونجح في بناء علاقة شخصية ومهنية وثيقة معه.

قال مصدر مقرب من «دحلان» لـ«ميدل إيست آي» أنه قد نجح في إبهار «بن زايد» بذكائه وحيلته. وكذا علاقاته الجيدة مع الإسرائيليين. ومع ذلك، وقبل انتقال «دحلان» إلى الإمارات، حاول «بن زايد» منع «عباس» من طرده والتدخل لرأب الصدع بدلا من ذلك. وقال المصدر إن «عباس» أثناء رحلته إلى أبوظبي في عام 2011 وعد «بن زايد» بأنه سوف يحل الخلاف مع «دحلان» وأنه لن يطرده. ولكن عندما عاد «عباس» إلى الضفة الغربية فإنه قام بالتراجع عن كلمته وقام باستبعاد «دحلان» من حركة فتح.

كان رد فعل «بن زايد» غاضبا، وفقا للمصدر الفلسطيني. وعقب بالقول إن «عباس» ليس رجلا وهو لا يمتلك أي قدر من الكرامة أو الاحترام. وأخبر «دحلان» أن الإمارات العربية المتحدة صارت بلاده.

وفي محاولة لتجنب صناعة عدم قوي، حاول «عباس» التوسط لدى «بن زايد» من خلال ابنه «ياسر»، الذي أرسله إلى أبوظبي في محاولة لإقناع الإماراتيين بأن عليهم ألا يمنحوا «دحلان» ملجئا. وقال أخبر «بن زايد» نجل عباس أن يذهب ليخبر والده أن هذه المحاولات أثبتت عدم جدواها، قائلا له: «منزل زايد هو بيت كل العرب. اذهب وأخبر والدك هذا».

وفي أعقاب ذلك قدم «دحلان» إلى أبوظبي. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية سمح له باستغلال الخزائن المالية الكبيرة للبلاد من أجل عاد بناء نفوذه في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال مصدر كبير في حركة حماس لـ«ميدل إيست آي» إنه في عامي 2014 و2015، أنفق «دحلان» 25 مليون دولار في غزة. وقال المصدر، إن تلك الأموال تم استخدامها في دعم العائلات التي فقدت أقارب لها في الهجوم الإسرائيلي على غزة 2014، وكذلك لتمويل حفلات الزفاف الجماعية.

وعندما سئل المصدر عن سر سماح حماس لـ«دحلان»، الخصم التاريخي للحركة، بالعمل في قطاع غزة، أجاب بالقول إن هناك سببان لذلك. «الأول هو أننا فقراء والثاني نكاية في محمود عباس».

ودخل «عباس» في صراع مفتوح مع حماس منذ عام 2007، بعد هزيمة حركة فتح في الانتخابات العامة التي عقدت قبل ذلك بعام، مما أدى إلى أعمال عنف بين الحركتين تسببت في انقسام سياسي لا يزال قائما إلى الآن.

نفوذ «دحلان»

أنفق «دحلان» أيضا مبالغ مالية كبيرة في الضفة الغربية لاسيما في مخيمات اللاجئين، من أجل بناء دعم شعبي في طار طموحه لخلافة «عباس». وقال مصدر مقرب من« دحلان» إنه أسس قيادة موازية لفتح في الضفة الغربية تضاهي الهيكل التنظيمي للحركة.

يدير «دحلان» نظاما داخل النظام. وهو يشرف على مجلس ثوري مكون من 18 شخصا. تعمل الأفرع المحلية في مخيمات اللاجئين تحت إطار المجلس، ويقومون بانتخاب قادتهم ويحصلون على ميزانياتهم من «دحلان».

مكنت تلك القدرة على إنفاق مبالغ كبيرة من المال في المجتمعات الفلسطينية الفقيرة «دحلان» من بناء دعم شعبي كبير. وقال مصدر مقرب من «دحلان» أنه عندما تم طرده في عام 2011، لم يكن يتمتع بموقف قوي. وأن «عباس» أسهم عبر طرده في جعل عدوه أكثر قوة من أي وقت مضى.

منذ عام 2011، أصبح «دحلان» واحدا من أكثر الوسطاء قوة وتأثيرا في المنطقة. وشرع في تقديم الدعم إلى دولة العربية المتحدة حول كيفية تقوية نفوذها وزيادة حصيلتها المالية. ولدت قوة «دحلان» المتزايدة شعورا بجنون العظمة لدى «عباس» الذي صار أكثر هوسا بخصمه. وصار يعتقد بأنه يرى المال الإماراتي في أي مكان يرى فيه بصمات «دحلان» ومؤامراته.

ولم تكن الاتهامات الموجهة ضد «فياض» مستغربة بالنسبة إلى أولئك الذين كانوا علم بالعلاقة الجيدة بين رئيس الوزراء الأسبق وبين «دحلان». على الرغم من تأكيد عدم من المصادر لـ«ميدل إيست آي» أن «فياض» ليس جزءا من أي مؤامرة مزعومة ضد السلطة الفلسطينية.

ووفقا للمصدر فإن «عباس» يرى «فياض» على أنه رجل «دحلان». ويعقب بالقول: «مشكلة عباس مع دولة الإمارات العربية المتحدة صارت شخصية. يرى عباس أي شخص له علاقة بالإمارات العربية المتحدة على أنه عدو له».

مسؤول فلسطيني بارز آخر من وقع ضحية لخلاف «عباس» مع دولة الإمارات العربية المتحدة هو الأمين العام الأسبق لمنظمة التحرير الفلسطينية «ياسر عبد ربه».

أقيل «عبد ربه» من منصبه في يونيو/حزيران من العام الماضي بعد أن وجهت له اتهامات خاصة من عباس بقضاء شهر في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يعتقد أنه كان يتآمر مع «بن زايد» ضد السلطة الفلسطينية. ولكن مصدرا مقربا من الأمين العام السابق للمنظمة أكد أنه لم يكن في دولة الإمارات العربية المتحدة وأنه كان يقضي وقتا برفقة عائلته على جزيرة يونانية.

وفي يونيو/حزيران، طالبت حركة فتح ولي عهد أبوظبي باتخاذ موقف تجاه مقال «جهاد الخازن» إلا أن القائد الإماراتي لم يعلق عل ذلك. ورفض كل من «دحلان» و«سلام فياض» و«عبد ربه» التعليق على هذا المقال. وقال عدد من مساعدي «عباس» أنهم لن يعلقوا على الحلاف محتجين بأن أي شيء يمكن أن يقولوه ربما يؤدي إلى تفاقم الوضع.

ومع ذلك صرح المسؤول في حركة فتح «موفق مطر» مؤخرا لصحيفة «المونيتور» بأن «دحلان» يسعى ليسبب مشاكل بين السلطة الفلسطينية ودولة الإمارات العربية المتحدة منذ انتقاله إلى أبو ظبي.

وأكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن الحركة لا ترغب في الدخول في أي نزاع مع أي دولة عربية. ولكنه عقب بالقول: «ومع ذلك، فإن دحلان، الذي يشغل منصب مستشار شؤون الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ساهمت في تعزيز علاقاته مع مصر أيضا، ظل يسعى، منذ أن لجأ إلى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إثارة الفتنة بين قيادة السلطة الفلسطينية والدول العربية، وبخاصة الإمارات العربية المتحدة».

  كلمات مفتاحية

الإمارات السلطة الفلسطينية محمود عباس سلام فياض محمد دحلان

«الخازن» يكشف أسباب غضب ولي عهد أبوظبي من «أبومازن» .. والسلطة تصعّد إعلاميا

الإمارات و(إسرائيل) تخططان لتتويج «دحلان» وتليفزيون الاحتلال يصفه بـ«صديق ليبرمان»

«ميدل إيست آي»: خطة ثلاثية إماراتية مصرية أردنية لإسقاط «عباس» وتنصيب «دحلان»

«دحلان» يسعى لتشكيل حزب فلسطيني جديد بدعم إماراتي