استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تحت مظلة التضامن الإسلامي

السبت 23 يوليو 2016 04:07 ص

لم يسبق للعالم الإسلامي أن مرَّ بالأزمات والمعضلات والكوارث السياسية التي يمر بها اليوم. فحتى مرحلة الاستعمار الذي كان يطوق غالبية الدول العربية والإسلامية، لم تكن بهذه الكثافة من الضبابية وانسداد الآفاق، لأن الأمور عهدئذ كانت واضحة أمام الشعوب، والأهداف كانت محددة، والسبل كانت معبدة أمام الشرفاء الذين حملوا رايات المقاومة والتصدي للوجود الاستعماري فوق أراضيهم، رغم سطوة البطش التي كانوا يواجهونها.

فالمعركة التي خاضتها الشعوب كانت واضحة المعالم، والمواجهة مع المستعمر الدخيل كانت صريحة لا لبس فيها. وكان التمييز بين المعسكر الذي يقف فيه الوطنيون الرافضون الذل والانكسار، وبين المعسكر الذي يصطفّ فيه من هم مع أعداء الوطن، ممكناً وميسراً، فما كانت الأمور تختلط، وما كانت الحدود بين الحقيقة والوهم تتداخل، فكان الحق أبلج والباطل لجلج. فأمكن بذلك مواصلة السير على طريق الكفاح السياسي والنضال الفكري والمقاومة الوطنية والصمود المجتمعي المتراص الصفوف. 

وبذلك انتصرت إرادة الشعوب، واندحرت جحافل الاستعمار، وأشرقت شمس الحرية والاستقلال، واستعاد المواطنون في البلاد العربية والإسلامية كرامتهم وعزتهم، وإن بقيت آثار من ذلك الماضي الأسود في المجتمع يتفاوت خطرها من بلد إلى آخر، لكن في ظل أجواء من الأمل والثقة في الغد والتشبّث بالحقوق وعدم التفريط في المكاسب التي تحققت عبر مراحل المواجهة مع القوى الأجنبية التي كانت تهيمن على العالم الإسلامي.

لقد تغيرت الأوضاع اليوم بدرجة عالية من التفاوت، وصارت أحوال العرب والمسلمين خلال هذه المرحلة غيرها بالأمس، واختلطت الأوراق، وتداخلت المفاهيم حتى تعذر الفهم والتفاهم بين النخب المؤثرة في المجتمعات، وغامت الرؤية إلى الأمور، وغشيت النفوس سحابة من الشك المتبادل.

فافتقدت الثقة بين القيادات التي تصنع الرأي العام، وتصاعدت موجات العداوة حين تقطعت الأرحام بين أصحاب الفكر وذوي الرأي وحملة الأقلام من المنشغلين بالأمور العامة، وارتفعت الأصوات التي تدعو إلى القطيعة مع الماضي جملة وتفصيلاً، أو إلى تجاوز الثوابت وكسر الضوابط، والتمكين لما يسمونه بالقيم الكونية لتكون لها الغلبة والسيادة على القيم العربية والمبادئ الإسلامية، حتى سادت الفوضى في الأفكار التي تؤسّس للمواقف، وتَعَاظَمَ الخطر المحدق بالمجتمعات العربية والإسلامية.

فَتَفَاقَمَت الأزمات، ونشبت النزاعات، واحتدمت الصراعات الفكرية والسياسية، فأفضى بعضُها إلى معارك حقيقية ما لبثت أن حمي وطيسُها وامتدت آثارها فعظمت أخطارها، ولا تبدو في الأفق إشراقة أمل في الوصول إلى التغلب عليها وإنهائها. وهو الأمر الذي ينذر بما هو أعظم سوءاً وأشدّ خطراً على حاضر العالم الإسلامي ومستقبله.

إن هذه الأجواء الملبدة بالسحب الدكناء التي تسود المنطقة، وهذا الاحتقان السياسي والاحتدام المتصاعد الذي تعرفه دول عربية غارقة في الحروب الأهلية، وهذا الانسداد في الآفاق والانغلاق في المخارج، وهذه الأزمات التي لا تلبث أن تَتَصَاعَدَ وتيرتها وتَتَعَاظَمَ تداعياتها، إن ذلك كله لا يبعث على الاطمئنان، ويثير قدراً من الرعب والخشية من المستقبل الذي ينتظر شعوب المنطقة، بل ينتظر شعوب العالم أجمع، بحكم ما للأزمات الإقليمية من تأثيرات في أوضاع العالم وانعكاسات على السياسة الدولية.

ونظراً إلى أن القوى العظمى لا تضطلع بمسؤولياتها تجاه الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بل هي تقف وراء تأجيج هذه الصراعات والنفخ في نيران الأزمات حتى لا تخبو جذوتها وينطفئ أوارُها، على نحو مكشوف وبأساليب مفضوحة، ليظل العالم الإسلامي منزوع القدرة على التصدّي لها وفضحها وإجبارها على رفع وصايتها عليه.

إن خبرة التاريخ المعاصر، أثبتت لنا أن القوى العظمى في هذا العالم، على يقين تام بأن مصالحها هي في استمرار تدهور أوضاع العالم الإسلامي، وفي مواصلة الانهيار الذي تعاني منه بعض الدول العربية، وفي إدامة حالة القلق والارتباك التي تعيشها بعض الدول الإسلامية من خلال إثارة المشاكل فيها، وإضرام الفتنة بين شعوبها، وإيجاد بؤر التوتر الدائم، والزج بها في أتون الاضطرابات ذات الأشكال والألوان، حتى تفقد زمام مبادرتها، وتضعف قدراتها على الحفاظ على سيادتها وحماية استقلالها.

فتظل على الدوام خاضعة لهؤلاء اللاعبين الكبار الذين يمسكون بخيوط لعبة الأمم في نسختها الجديدة، والذين يبغونها عوجاً، ويريدونها فوضى دائمة الاشتعال تحرق الأخضر واليابس ولا تبقي ولا تذر، يسمونها فوضى خلاقة، وهي فوضى هدّامة للقيم والمبادئ وكرامة الشعوب وحقوق الأوطان.

ويبدو أن العالم الإسلامي لن يغادر الأزمات التي تفتك به، بل يمكن القول إن الأزمات تَتَوَالَدُ، والمشاكل تَتَكَاثَرُ، والتهديدات تَتَعَاظَمُ، والآفاق تزداد انسداداً، وليس من سبيل للخروج من هذه المهالك سوى تضامن إسلامي حقيقي، وتعزيز التحالف بين الدول العربية الإسلامية لمواجهة الأخطار كافة، ولتجاوز الخلافات على تعددها، وتغليب المصالح العليا للعالم الإسلامي على المصالح الخاصة والآنية.

ولعل الانقلاب العسكري الفاشل الذي دُبّر للجمهورية التركية بخبث كبير، هو أحد هذه الأخطار التي يجب أن تجعلنا نبصر حجم التآمر على أمن منطقتنا وسلامة بلداننا ومستقبل أجيالنا.

ستكشف الأيام المقبلة جوانب كثيرة لهذا التآمر وأهدافه ومراحله، ما يُلزمنا أن نتعامل مع الأمر بمنتهى الحزم والجدّية، والتضامن والتكاتف، والالتفاف حول ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، والاحتكام إليه والعمل بمقتضياته.

* د. عبد العزيز التويجري أكاديمي سعودي.

  كلمات مفتاحية

مظلة التضامن الإسلامي العالم الإسلامي الكوارث السياسية منظمة التعاون الإسلامي المنطقة العربية

بين «العلمانية هي الحل» و«الإسلام هو الحل»

أزمة الإسلام السني

الاستثناء الإسلامى

الدعوة التربوية والفكر الإسلامي التقدمي

الإسلاميون والعلمانيون العرب.. إشكالات حوار لم يبدأ