إذا كانت خسائر الاقتصاد التركي من محاولة الانقلاب الأخيرة الفاشلة تجاوزت 100 مليار دولار، كما قال وزير التجارة والجمارك التركي، أمس، فماذا عن خسائر انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 في مصر، وانقلاب جماعة الحوثيين وعلي صالح على الحكومة الشرعية في اليمن في سبتمبر/ أيلول 2015. 

وإذا كان انقلاب استمر ساعات كلف تركيا كل هذه المليارات والخسائر الفادحة، فماذا عن انقلابات استمرت أياما وشهورا وربما تستمر سنوات طويلة؟ 

وإذا كان انقلاب سهرة (سواريه)، وهو انقلاب تركيا الفاشل، قد أدى إلى إلغاء مليون من الحجوزات السياحية، كما نقلت الصحف التركية، أمس، عن الوزير التركي، فإن هناك انقلابات تسببت في إلغاء عشرت الملايين من الليالي السياحية وتشريد ملايين الموظفين العاملين في قطاع السياحة. 

وإذا كانت هناك تكاليف مختلفة للانقلابات على المدى القصير، منها الضغوط على العملة والبورصة وأسواق الدين وإلغاء بعض المشروعات الاستثمارية أو تأجيل تنفيذها وتعليق السياح الأجانب لرحلاتهم، وتنامي القلق بين المستثمرين لإعلان حالة الطوارئ، فإن هناك آثارا مدمرة للانقلابات على المدى البعيد، منها قتل القطاع الخاص ومعه مناخ الاستثمار والاعتماد على الخارج وزيادة الإنفاق على الأمن وتراجع معدل النمو وهروب الاستثمارات وانهيار العملة المحلية. 

في مصر مثلاً، تسبب الانقلاب في تهاوي إيرادات قطاع السياحة من 12 مليارا في عام 2012 إلى أقل من 5 مليارات دولار خلال العام الحالي، كما أعلن، أول من أمس، وزير المالية المصري عمرو الجارحي، حيث قال الوزير حرفيا "قطاع السياحة... بدلا من تحقيقه إيرادات بنحو 14 مليار دولار قبل 5 سنوات، نتوقع العام الحالي ألا تزيد الإيرادات عن 5 مليارات دولار فقط". 

وفي اليمن، تسبب انقلاب الحوثي في زيادة الفقراء لنحو 85% من عدد السكان، وتهاوي العملة بسبب انهيار الاحتياطي الأجنبي، ومعها انهارت الأنشطة الاقتصادية، وحدثت ارتفاعات قياسية في الأسعار، خاصة الأغذية والوقود، مع زيادة الديون المحلية. 

لا توجد أرقام محددة عن كلفة الانقلابات في المنطقة، ولا يوجد حصر دقيق بتأثيرات الانقلابات على الإنتاج الحقيقي للبلاد، خاصة على القطاعات المدرة للنقد الأجنبي، كالسياحة والصادرات والاستثمارات، لكن ما يمكن قوله هو إن الانقلابات تعيد اقتصادات الدول للوراء لسنوات، وبعد أن كانت شعوب المنطقة تحلم بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وببطالة وفساد أقل، بات الآن كل ما يشغلها هو رغيف خبر وكوب مياه، حتى ولو كان ملوثا، وأنبوبة غاز.

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحافي اقتصادي مصري.ب