المسجد ومؤذنه..«قصة عشق» بغوطة دمشق تتحدى القصف والحصار

الأربعاء 17 أغسطس 2016 01:08 ص

لم يمنعه أزيز الطائرات التي تحوم فوق مدينته ولا أصوات القذائف التي تتهاوي بين الحين والآخر من رفع الأذان، ولم تشغله هموم الحياة عن خدمة بيت الله، غير عابئ بأسرة تشتاق إليه بعد أن كرس معظم وقته في مكان يعتبره «هو الأغلى من كل شيء وأي شيء في حياته».

هكذا ترتسم قصة «عشق» يعيشها «خليل حلاوة» مع مسجد مدينة «كفر بطنا»، في ريف دمشق، حيث أمضى في رفع الأذان به وخدمته أكثر من 20 عامًا.

«هذا المسجد أغلى من جسدي، وعندما تم قصفه قبل عامين (من قبل طائرات نظام بشار الأسد) سقط منه عمود أحسست أن جزء من جسدي انفصل عنه و لم تعد الدنيا تتسع لهمي».. كلمات قالها لوكالة «الأناضول» وعيناه تذرف دمعاً عبر بها عن مدى تعلقه بهذا المسجد التاريخي الذي حمل نفس اسم المدينة السورية المحاصرة من قبل النظام منذ أكثر من 3 أعوام.

ويقضي المؤذن البالغ من العمر 47 عاماً معظم وقته في المسجد ويصدح صوته في الآذان في أوقات الصلاة الخمسة، حتى بات صوته أحد أبرز معالم المدينة.

ويتنقل «حلاوة» الملقب أيضا بـ«أبو أحمد» في أرجاء المسجد طوال اليوم، ويهتم بكل تفاصيله، من تنظيف إلى ترتيب إلى سقاية النباتات، ويستمع بهذا العمل إلى أبعد حد، فوفق قوله: «خدمة هذا المسجد هو حلم اعتراه منذ الصغر».

ويتمتع «أبو أحمد» بصوت جميل فهو إلى جانب الآذان يقوم بالإنشاد الديني في المناسبات الدينية التي تقام في المسجد.

ويعد مسجد «كفربطنا»، أكبر مساجد المدينة التي تحمل نفس الاسم، كما أنه من أقدم المساجد في «الغوطة الشرقية»، ويعود تاريخه إلى ألف عام، ويتميز بطريقة بنائه بالهندسة المعمارية القديمة.

حلاوة يروي حكايته مع المسجد قائلا إنه يقضي فيه معظم وقته ومن أجل ذلك يتلقى انتقادات حتى من زوجته وأولاده إلا أنه في كل مرة يجيب عليهم مرددا: «هذا المسجد أغلى لدي منكم».  

وأكد «حلاوة على إصراره على مواصلة عمله في المسجد كمؤذن وخدمته حتى آخر نفس من حياته بالرغم من خطر القصف وحالة الحصار التي تعيشها مدينته».

وأشار إلى أن عمليات الترميم التي شهدها المسجد تمت كلها على نفقة الفقراء، الذي تبرع كل منهم بما يستطيع، ما أضفى عليه روحانية كبيرة، لافتًا إلى أن المصلين كثيراً ما يقولون له إنهم يشعرون براحة وطمأنينة كبيرة في هذا المسجد بالذات.

ويروي «حلاوة» تاريخ المسجد الذي سبق أن شهد معارك بين الثوار والاحتلال الفرنسي لسوريا، في عشرينيات القرن الماضي، ما أدى إلى احتراق أجزاء منه، لافتاً إلى أنهم وجدوا آثار للحريق متبقية حتى الآن خلال إحدى عمليات الترميم للمسجد التي قاموا فيها مؤخراً.

وأوضح «حلاوة» أن المسجد تعرض للقصف عام 2014 وسقطت أحد أعمدته كما أن محيطه كذلك تعرض للقصف بعدها بعام، أثناء صلاة العصر ما أدى إلى أضرار طفيفة فيه دون أن يصاب المصلين بأذى، معتبراً أن «ما من أحد يقصف المساجد إلا نظام همجي كالنظام السوري»، وفق قوله.

و«كفربطنا» أحد أهم مدن غوطة دمشق الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة والمحاصرة من قبل النظام منذ 3 سنوات، وتشهد المنطقة قصف متواصل من قوات النظام وطائراته، تسبب بمقتل وجرح عشرات الآلاف من سكانها، وتعتمد المنطقة في تأمين احتياجاتها بشكل أساسي على التهريب عبر الأنفاق.

  كلمات مفتاحية

المسسجد المؤذن عشق الغوطة قصف حصار

طائرات مروحية تقصف غوطة دمشق الغربية بـ20 برميلا متفجرا

في الذكرى الثالثة لمقتل 1400 سوري بالكيماوي في الغوطة .. القصف مستمر والجاني حر

جرائم «الكيماوي»: محاسبة بشار أم تسوية دولية أخرى؟

تونس تدرب مؤذنيها في معهد الموسيقى لأذان «مفرح وجميل»