تكليف الجيش المصري بالمشاركة في حملة لجمع القمامة يثير خلافا في الإعلام

الخميس 18 أغسطس 2016 02:08 ص

نشب خلاف حاد بين الإعلاميين الموالين للنظام الحاكم في مصر الداعمين للرئيس «عبدالفتاح السيسي»، وذلك إثر اجتماع عقده كبار قادة الجيش المصري، ورؤساء أفرعه المختلفة، قبل أيام، واستمر زهاء أربع ساعات، لبحث كيفية تدعيم دور الجيش في جمع القمامة من الشوارع.

وعقد كبار القيادات العسكرية اجتماعا رفيع المستوى، لبحث مشكلة جمع القمامة، ضم كلا من اللواءات «محمد أمين»، رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، و«يحيى الحميلي» قائد المنطقة الجنوبية العسكرية، و«محمد عبداللاه» قائد الجيش الثالث، و«محمد الزملوط» قائد المنطقة الشمالية، و«أيمن عامر» قائد المنطقة المركزية، و«وحيد خفاجي» قائد المنطقة الغربية، و«ناصر عاصي قائد الجيش الثاني، و«عاطف طاهر» نائب رئيس هيئة الشؤون المالية، و«هشام حمدان» رئيس شركة «كوين سرفيس»، المملوكة للقوات المسلحة.

ووفقا لصحيفة «أخبار اليوم» الحكومية أصدر وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول «صدقي صبحي»، توجيهاته لأجهزة القوات المسلحة للمشاركة في مبادرة «حلوة يا بلدي»، من أجل إظهار صورة مصر الحضارية، والتي تزعمها الصحفي المقرب من «السيسي»، «ياسر رزق» رئيس مجلس إدارة «دار أخبار اليوم» رئيس تحرير صحيفة «الأخبار».

وتقرر أن تبدأ القوات المسلحة من خلال الجيشين الثاني والثالث والمناطق العسكرية إسهامها في الحملة، اعتبارا من الاثنين الماضي 15 أغسطس/آب الجاري، حتى 10 سبتمبر/أيلول المقبل، على أن يعقد اجتماع في ختام هذه الفترة لتقويم النتائج.

من جهته، وجه «رزق» الشكر إلى وزير الدفاع على استجابته السريعة وتفهمه لأهمية مشاركة القوات المسلحة في المبادرة، موجها الشكر والتحية أيضا لقادة الجيوش والمناطق العسكرية، لحرصهم على المشاركة في المبادرة.

وقال «رزق» (المعروف بمسؤوليته عن تسريب السيسي الأول قبل ترشحه للرئاسة) إن الاستعانة بالقوات المسلحة ورجالها في هذا التوقيت تأتي لأن أزمة النظافة كبيرة جدا، ولأن الجيش يعد خلاصة شعب مصر، وفق تعبيره.

وتساءل «رزق»: «هل يمكن تحويل شركة كوين سرفيس التابعة للقوات المسلحة إلى شركة قابضة كبيرة وتطبق طرق ومنظومة العمل فيها، وبدلا من التعاقد مع شركات خاصة تكون هي المسؤولة عن التعاون مع الشباب لمنح فرص عمل في إدارة القمامة؟».

وقال «رزق» إن الهدف من الحملة ليس أن تستمر أسبوعا أو شهرا، ولكن الاستدامة وتطويرها لن يكون إلا بمشاركة القوات المسلحة.

في المقابل، رفض الكاتب الصحفي «سليمان جودة»، في مقاله بصحيفة «المصري اليوم»، مشاركة الجيش في هذه الحملة.

وقال «جودة»: «أغار جدا على جيش بلدي، وأعتقد أن بيادة أي جندي فيه أشرف من أي متطاول عليه، ويملؤني فخر بلا حدود في كل لحظة أتأمل فيها تاريخه، وعقيدته الوطنية».

وأضاف «جودة»: «أظن أن الصديق ياسر رزق يشاركني ما سبق، ولكني في الوقت نفسه لا أشاركه أبدا الرأي في أن يشارك الجيش، من خلال أفراد فيه، في حملة النظافة التي تتبناها مؤسسة «أخبار اليوم».

وتابع: «لا أشاركه ذلك على الإطلاق، وأرفض، من منطلق الغيرة على الجيش، وعلى مكانته، أن يشارك في أعمال النظافة، بامتداد المحافظات، وأن ينهمك جنود وضباط فيه في رفع أكوام القمامة من أماكنها».

واستطرد: «أرفض ذلك تماما، ليس لأن الشخص الذي يرفع القمامة أقل شأنا من غيره، فلكل مواطن مهمته التي عليه أن يؤديها في بلده، ولكن الجيش له مهمة أخرى، على حدود بلدي، وفي داخله، في أوقات الطوارئ، والأزمات الكبرى»، على حد قوله.

وقال «جودة»: «لقد وجدت صعوبة بالغة في ابتلاع مشهد الضباط والجنود وهم ينظفون الشوارع والميادين مما فيها، وجدت صعوبة -ولا أزال- لأن مقام جيش بلدي أعظم، وأكبر، وأعلى».

وأضاف: «أرجو ألا يرد أحد، ويقول إن البلد يعاني أزمة في قضية النظافة، وإن الجيش جاهز دائما لإنجاز ما يراه في مصلحة وطنه.. لا.. لا يمكن التسليم بهذا المنطق تحت أي ظرف، وإلا كان علينا أولا أن نصرف المحافظين، ورؤساء الأحياء، ورؤساء هيئات النظافة من مكاتبهم، ما دام العجز هو عنوان أداء كل واحد فيهم هكذا»، على حد قوله.

وأكد أن إشراك الجيش في أعمال النظافة مسألة لا تليق، وفضلا عن عدم لياقتها، فإنها تغطية على عجز المحافظين، ورؤساء الأحياء، ورؤساء وعمال هيئات النظافة.

وقال: «هؤلاء كلهم تقع عليهم مسؤولية نظافة البلد، وليس على الجيش بأي حال، وإذا كانوا لا يستطيعون، فليس أقل من محاسبتهم أولا، ثم تسريحهم والمجيء بغيرهم ممن يستطيعون ثانيا».

وتابع: «هذا أقل ما يمكن عمله مع مسؤولين فاشلين يروحون ويجيؤون من مكاتبهم، كل يوم، بينما القمامة أكوام على يمينهم ويسارهم، وكأنها لا تعنيهم بالمرة، أو كأنها أكوام في بلد آخر».

وأضاف: «إذا كان الرئيس استدعى الجيش لإنجاز مشروعات كبيرة، فهي في النهاية مشروعات كبيرة، وأتصور أن الرئيس لا يلجأ إلى الجيش في مثل هذه المشروعات أو غيرها إلا مضطرا، ولو أنه وجد أحدا في الأجهزة المدنية يسعفه ما كان قد لجأ إلى الجيش في شيء، ولكان تركه يؤدي مهمته الأكبر على الحدود، وضد الإرهاب العابر للحدود»، وفقه تعبيره.

واختتم مقاله قائلا: «قد كنت -ولا أزال- أطالب الرئيس بأن يرغم الأجهزة المدنية في الدولة على العمل، وأن يضع أمامها ما يريد إنجازه، ثم يطلبه في حيز زمني محدد، فإذا عجزت حاسبها وكشفها أمام المواطنين، حتى لا نحمل الجيش فوق طاقته، وحتى لا نسحبه أو نستدرجه إلى غير ساحته، أو إلى خارج ميدانه، أعمال النظافة ليست من بين مهام الجيوش».

وكانت تصريحات سابقة في 2015، لوزير العدل الأسبق «محفوظ عادل» في حكومة «إبراهيم محلب»، قد أثارت موجة غضب عامة في الشارع حيث أكد رفضه تعيين أبناء عمال النظافة في القضاء، ما دفعه بعد ذلك لتقديم استقالته.

وأقحم الجيش نفسه في العديد من المشروعات في مجالات متنوعة بعضها يتعلق بإنتاج المواد الغذائية والإسكان والتعمير والكهرباء والحراسة، كما أسندت إليه مؤخرا مسؤولية منظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز، الأمر الذي لم يجد اعتراضا في الإعلام رغم أن هذه المشاريع من المفترض ن تخضع لمختلف الوزارات المدنية.

كما بدأت هيئات الجيش تنافس المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى في تنفيذ مشروعاتها الخاصة، وطالت سياسات العسكرة في الفترة الأخيرة، مشاريع حراسة المستشفيات والمؤسسات المدنية، عبر شركة «كير سيرفس».

وتحصل كل مصانع الجيش وشركاته على إعفاء كامل من الضرائب والجمارك، بما يتضمن إعفاء منشآت الجيش الاقتصادية من الضرائب العقارية المفروضة على سائر المنشآت؛ الأمر الذي يسمح لها بتقديم المنتجات والخدمات بأسعار أقل من نظيرتها.

وخلال عامين من حكم «السيسي»، حصل الجيش رسميا على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاما، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخرا دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للجامعات.

وفي أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تعالت الأصوات المطالبة بالحد من الأنشطة الاقتصادية للجيش، إلا أن هذه الأصوات بدأت تنخفض، ولا سيما مع سيطرة الدولة على الإعلام الذي يبرز الجيش في صورة المنقذ من الإسلاميين، دون أن ينتقد أحد سيطرته على كل هذه المشروعات أو يتحدث عن مهمته الأساسية في حماية البلاد وتأمين حدودها.

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الجيش الإعلام القمامة النظافة

طائرات «السيسي» الفارهة تثير استياء واسعا بالتزامن مع دعوته الشعب للتقشف

الحكومة المصرية تسند منظومة الخبز والتموين إلى وزارة الإنتاج الحربي

«بلومبيرغ»: فشل «السيسي» هو السبب الرئيسي لانهيار الاقتصاد المصري

«السيسي» يواصل سرقة الإنجازات ويفتتح مشروعا قام بتدشينه «مرسي»

«السيسي» يلوح بإجراءات صعبة لوقف تدهور الاقتصاد

«الجيش المصري» يتولى توريد الطعام وخدمات المطابخ إلى مدن جامعة القاهرة

أتدخل مصر عصر عسكرة الاقتصاد؟

عسكرة مصر.. وزارة سوبر